أزمة جديدة أشعلتها وزيرة الثقافة والرياضة الإسرائيلية، ميري ريغيف، تضاف إلى قائمة أزماتها التي لفتت إليها أنظار العالم كداعية للعنصرية. ريغيف أثارت ضجة كبيرة بعد أن افتعلت أزمة في حفل اتحاد الموسيقيين "إيمي" في تل أبيب. كان من المفترض أن تختار المطربة العربية ميرا عوض، الفائزة بجائزة "إيمي" لهذا العام، أغنية لتقدمها خلال الحفل الذي ستتسلم فيه الجائزة من وزيرة الثقافة، والذي أقيم الإثنين الماضي، غير أن الأخيرة غضبت حين علمت أن عوض اختارت قصيدة "فكر بغيرك" للشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش لتغنيها. "وأنت تعود إلى البيت، بيتك، فكر بغيرك لا تنس شعب الخيام وأنت تنام وتحصي الكواكب، فكر بغيرك ثم من لم يجد حيزًا للمنام وأنت تحرر نفسك بالاستعارات فكر بغيرك من فقدوا حقهم بالكلمات" هكذا يقول درويش في أحد مقاطع قصيدته الشهيرة، التي دعت ميرا عوض لوصفه بأنه "شاعر صاحب رسالة إنسانية جميلة، وقصيدة فكر بغيرك بالذات هي الدليل على ما أقول عنه"، مضيفة أنها تنصح وزيرة الثقافة ب"معالجة نفسها من عقدة درويش"، وذلك حسب تصريحات نقلتها وكالة أنباء الشرق الأوسط. فيما يبدو أن اعتراض ريغيف ليس موجهًا ضد القصيدة، وإنما ضد درويش نفسه الذي وصفته بأنه "شاعر الأعداء"، إلى الحد الذي دفعها للقول، بحسب تصريحات نقلتها صحيفة القدس العربي، "غناء عربي أهلًا وسهلًا، أما درويش فلا". أزمة ريغيف مع ميرا عوض ليست الأولى من نوعها؛ فوزيرة الثقافة والرياضة الإسرائيلية ذات الأصول المغربية أثارت الانتباه خلال العام الماضي عدة مرات بتصرفات وتصريحات وصفها البعض بالعنصرية، فيما أثارت إعجاب البعض الآخر. في سبتمبر من العام الماضي لفتت ريغيف الأنظار بعد أن غادرت حفل جوائز "الأوسكار الإسرائيلي" وذلك بعد أن قدم مغني الراب العربي تامر نفار مقطعًا من قصيدة "بطاقة هوية" لدرويش المعروفة شعبيًا ب"سجل أنا عربي". وبعد مفاوضات عادت الوزيرة إلى القاعة معترضة على اللجنة، قائلة في غضب إنه "في نهاية القصيدة يقول درويش (آكل لحم الشعب اليهودي) - لا أنا ولا أنتم يمكننا أن نوافق على ذلك". وذلك بحسب تصريحات نقلتها صحيفة "المصدر" الإسرائيلية، التي أوضحت أن الوزيرة تشير إلى البيت الذي يقول فيه درويش: "ولكني إذا ما جعت آكل لحم مغتصبي". الطريف في الأمر أن الوزيرة الإسرائيلية لم تلحظ أن استشهادها بهذا البيت وتفسيره بأنه تهديد بأكل لحم الشعب اليهودي هو اعتراف ضمني، وربما صريح، بأن الشعب اليهودي مغتصب. لم تتوقف حملة ريغيف ضد نفار، حيث انتقدت الوزيرة الإسرائيلية بلدية حيفا التي وافقت على إقامة حفل لمغني الراب العربي الذي يقدم قصائد درويش "غير الإسرائيلي" كما وصفته الوزيرة اليمينة أكثر من مرة. وفي رسالة إلى رئيس بلدية حيفا، قالت الوزيرة: "يؤسفني أنّ مهرجانا مثل مهرجان السينما في حيفا، الذي أصبح رمزًا للجودة وتقارب الشعوب والبلدان يختار إعطاء منصّة لفنان مثل تامر نفار، الذي يختار في كل فرصة ومن فوق كل منصة ممكنة الخروج ضد فكرة دولة إسرائيل ووجودها كدولة للشعب اليهودي". وفي رد فعل أعلنت البلدية أن نفار من الممكن أن يقلص وقت حفلته، أو يلغيه، فيما أعلن المطرب العربي عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك أنه لا ينوي أنه يلغي حفله. وأشارت "المصدر" إلى أن بعض أعضاء حزب الليكود (حزب رئيس الحكومة نتانياهو)، هددوا بأنه لو أقامت البلدية الحفل فإنهم سوف "يفجرونه"، بحسب تعبير الصحيفة، وهو الأمر الذي ترجح الصحيفة أنه دعا البلدية لإعلان احتمالية الإلغاء. بعد ذلك بأسبوع واحد، وفي 23 أكتوبر 2016 نشرت الصحيفة نفسها تقريرًا يشير إلى زيادة مبيعات كتابات درويش بين القراء الإسرائيليين. وأشارت الصحيفة نقلًا عن تقارير نشرها موقع "والاه" الإسرائيلي، إلى أنه بعد الحملة التي شنتها الوزيرة ضد الشاعر الفلسطيني طرأت زيادة في مبيعات كتاب "خمسون عامًا من الإبداع" الذي يضم قصائده مجمعة، بل وصدر ملف جديد لترجمات قصائده من العربية إلى العبرية تحت عنوان "لا تعتذر عما فعلت" ترجمة إيهود هورفيتش. وفي مايو الماضي خرجت الوزيرة الإسرائيلية بأكثر إطلالاتها إثارة للجدل، حيث ظهرت على السجادة الحمراء لمهرجان "كان" السينمائي الفرنسي مرتدية فستانًا مرسومًا عليه صورة لمدينة القدس، الأمر الذي رآه البعض سواء من العرب أو حتى من غير العرب المؤيدين لحق الشعب الفلسطيني، بأنه استفزاز. وقالت الوزيرة مبررة ارتداءها ذلك الفستان في تصريحات نقلتها صحيفة "الجارديان" البريطانية: "نحتفل هذا العام بمرور 50 عامًا على تحرير مدينة القدس وتوحيدها.. وأنا فخورة بأننا نحتفل بهذا اليوم التاريخي بالفن". هذه الصورة التي تداولها مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي عبر العالم أثارت حالة من الغضب سواء خارج فلسطينالمحتلة، أو حتى داخلها، لينشر هؤلاء المستخدمون صورًا تنوعت بين السخرية من الفستان، حيث صوره أحدهم وعليه قطع من البيتزا، فيما أخذت الأخرى طابعًا منددًا بالجرائم الإسرائيلية بشكل واضح، حيث نشر البعض صورة للفستان مرسومًا عليه الجدار العازل، أو صورة تفجيرات. داخل فلسطينالمحتلة تنوعت ردود الأفعال تجاه سلوكيات ريغيف العنصرية. فريغيف، صاحبة ال52 عامًا، الصهيونية المتطرفة، تحظى بتأييد واضح من الحكومة اليمينية. كان بينيامين نتانياهو رئيس الوزراء قد أعلن تأييده لموقف الوزيرة قائلًا: "محمود درويش الذي يعتبر قيام إسرائيل نكبة من غير المعقول استحضار أشعاره في طقوس إسرائيلية". الموقف نفسه أخذه وزير الأمن في الحكومة الذي شبه كتابات درويش ب"كفاحي" للزعيم النازي الألماني أدولف هتلر. والأمر نفسه بالنسبة للصحافة؛ حيث تحظى ريغيف بتأييد كبير من الصحفيين والكتاب اليمينيين، الذين رأوا في سلوكياتها تأكيدًا على الهوية اليهودية للقدس، التي يرى قطاع كبير من العالم حتى الآن أن القسم الشرقي منه عربي ويخضغ للاحتلال الإسرائيلي. "وزيرة الثقافة اليمينية استطاعت أن تتجاوز نتانياهو كرأس للأيقنة السياسية. . ماري ريغيف، دون جدل.. نجحت في خلق الأيقونة أو الصورة النموذجية لما تريده إسرائيل من العالم: وهو أن يعترف بملكيتها للقدس". هكذا يقول الكاتب الإسرائيلي عمر بنجاكوب في مقال نشرته صحيفة هآرتس في نسختها الإنجليزية مايو الماضي. فيما تواجه ريغيف معارضة يسارية قوية ترى فيما تقدمه خطابا عنصريا، خاصة أن الأمر لا يتوقف على الدعوات العنصرية ضد العرب فحسب، وإنما تقدم خطابًا محافظًا أقلق الجانب العلماني في البلاد. في مطلع يوليو الجاري أثارت الوزيرة ضجة داخل فلسطينالمحتلة بعد أن هددت بقطع التمويل عن مشروع فني يقدم نوعًا من التعري، الأمر الذي رآه الجانب العلماني تصديرًا لمحافظة دينية متشددة، ليبلغ الأمر أن نشرت صحيفة هآرتس كاريكاتورًا تسخر فيه من الوزيرة، والحكومة برمتها، مصورة إياهم عرايا. ربما تقدم موجة تصاعد اليمين في عدد من دول العالم، وتصاعد الخطاب القومي والشعبوي، ربما يفسر ذلك هذا الاتجاه الذي تسير فيه ريغيف، خاصة بعد سيطرة اليمين سواء على الولاياتالمتحدة، التي وعد رئيسها قبل وصوله للحكم بأن ينقل السفارة إلى القدس، وهو ما تأجل حتى الآن، أو في بريطانيا التي نجح التيار اليميني في اتخاذ الخطوة الأولى في طريق عزلها عن الاتحاد الأوروبي. عنصرية ميري ريغيف وزيرة ثقافة إسرائيل عنصرية ميري ريغيف وزيرة ثقافة إسرائيل عنصرية ميري ريغيف وزيرة ثقافة إسرائيل عنصرية ميري ريغيف وزيرة ثقافة إسرائيل عنصرية ميري ريغيف وزيرة ثقافة إسرائيل