يقدم الثنائي إنجيلا ميركل وإيمانويل ماكرون نفسهما على أنهما المدافع الأول عن أوروبا بمواجهة التيارات الشعبوية، ومحاولات الخروج من الاتحاد الأوروبي، إلا أن أي تغيير في بنية الاتحاد لن يحصل بأي حال قبل انتخابات البلدين التشريعية، حسب ما يرى محللون. وقالت جودي دمبسي الباحثة في مؤسسة كارنيغي أوروبا إن "الرئيس الفرنسي لم يدع الاثنين إلى إقرار إصلاحات اساسية وطموحة للاتحاد الأوروبي، لأنه يدرك أن المستشارة الألمانية غير قادرة بأي حال على الالتزام بأي شيء قبل الانتخابات التشريعية الألمانية المقبلة في الرابع والعشرين من سبتمبر". وبناءً عليه، ما يهم برلين في الوقت الحاضر هو قيام فرنسا بجهود في الداخل عبر إصلاح سوق العمل والعجز في الميزانية. وهذا الموقف الألماني رددته ميركل خلال السنوات القليلة الماضية أمام نيكولا ساركوزي وفرنسوا هولاند، مع العلم أنها استفادت بعيد وصولها الى السلطة من إصلاحات قام بها سلفها الاشتراكي الديمقراطي غيرهارد شرودر. ومن المتوقع أن تصل نسبة البطالة في ألمانيا للعام 2017 الى 4%، وهي النسبة الأدنى في منطقة اليورو، مقابل نسبة تصل إلى 9،9% في فرنسا، حسب توقعات حديثة للمفوضية الأوروبية. وقال شارل دي مارسيلي من مؤسسة روبير شومان "قبل أن تعمل على إدخال إصلاحات على الاتحاد الأوروبي، على فرنسا أن تعيد الثقة إلى شركائها بها وتقدم ضمانات على مستوى الموازنة". وأضافت دمبسي التي نشرت سيرة عن ميركل "إذا تكلمتم مع البرتغاليين والإسبان والإيرلنديين فهم يعتقدون أيضًا أن على فرنسا أولاً أن تبذل جهودًا، لأنهم هم قاموا أصلًا بجهود". وحسب الإحصاءات الأخيرة للمفوضية، فإن فرنسا قد تكون البلد الأوروبي الوحيد بين دول منطقة اليورو ال19 التي يتجاوز عجز موازنتها للعام 2018 3% من إجمالي الناتج المحلي، وهي النسبة التي يجب عدم تجاوزها. إذ تتوقع المفوضية الأوروبية عجزًا في الموازنة العامة الفرنسية بنسبة 3،2% مقابل فائض بقيمة 0،5% لألمانيا. من جهتها قالت المحللة كلير ديمسماي من المؤسسة الألمانية للسياسة الخارجية في برلين "هناك رغبة واضحة بمساعدة ماكرون، خصوصًا بعد تجاوز الاسوأ، أي فوز مارين لوبن" مرشحة اليمين المتطرف. وهكذا لم تستبعد ميركل في مؤتمرها الصحافي المشترك الاثنين مع ماكرون في برلين إمكانية تعديل المعاهدات الاوروبية، لتبدي بذلك نوعًا من الانفتاح، مقابل تحفظ عرفت به على الدوام بهذا الموضوع. وقالت دمبسي "إنه موقف معروف لميركل، فهي لم تلتزم واكتفت بالقول بأنها ستفكر بالأمر". مع العلم بأنه لن يكون من السهل تعديل المعاهدات الأوروبية لأن هذا الامر يحتاج إلى إجماع كل دول الاتحاد التي تبلغ 28 مع بريطانيا التي تستعد للخروج. وقال دي مارسيلي ايضًا "لا بد من التنبه إلى أنه إضافة الى الانتخابات التشريعية في كل من فرنساوألمانيا، هناك انتخابات أخرى متوقعة في إيطاليا وتشيكيا والنمسا". واستقبلت المانيا بتحفظ شديد اقتراح ماكرون بتعيين وزير أوروبي موحد للمالية وإقرار موازنة مشتركة لمنطقة اليورو، والسبب قلق برلين من أن تكون مضطرة إلى دفع المزيد لتغطية عجز الكثير من الدول الاوروبية الأخرى. ويؤكد محللون أن مفاوضات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي لا ينبغى بأي حال من الأحوال أن تعرقل محاولات إصلاح الاتحاد الأوروبي. وقالت ديمسماي بهذا الصدد "بريكست سيستهلك الكثير من الجهد والوقت" مضيفة "أن ألمانيا تعلق أهمية كبيرة على ضرورة الحفاظ على موقف موحد". وخلصت إلى القول "إن العمل على منطقة اليورو يمكن أن يسير بموازاة المفاوضات حول بريكست".