تحولت مشكلة الباعة الجائلين لأزمة مزمنة، تعجز محافظة القاهرة عن إيجاد حل حقيقي يرضي أصحابها من ناحية، ويحمي شوارع العاصمة من الفوضى والعشوائية والزحام من ناحية أخرى. ورغم طرح حلول عديدة من جانب المحافظين السابقين وحتى المحافظ الحالى الدكتور عبدالقوى خليفة، إلا أن جذور المشكلة تأبى قبول تلك الحلول، وتتجدد الاشتباكات من حين لآخر بين هؤلاء الباعة، وغيرهم من أصحاب المحلات. وخلال هذا الشهر وقعت مصادمات عنيفة بين الطرفين فى مناطق مختلفة من القاهرة، كان آخرها ليلة أمس بحى السيدة زينب، وفى الأسبوع نفسه حدثت أيضا مشاجرات بينهم فى منطقة وسط البلد وحى الموسكى والعتبة، وتنتهى المشاجرات بتفريق قوات الجيش والشرطة لها، ولكنها تعود للنشوب مرة أخرى، وزاد من تكرارها غياب قوات الأمن عن الشارع عقب ثورة 25 يناير. يقول محمد الديك أحد سكان حي السيدة زينب إن الغياب الأمنى يشجع أطراف المشاجرات للعودة مرة أخرى، لعدم وجود قوة رادعة لهم، وغياب شرطة المرافق عن الشارع يجعل أيضا الباعة الجائلين ينتشرون فى شوارع العاصمة بصورة مزعجة لجميع الأطراف حتى المارة. كان الدكتور عبدالقوى خليفة محافظ القاهرة قد أصدر الشهر الماضى تعليمات صارمة لنوابه فى المناطق الأربعة(الشمالية والجنوبية والشرقية والغربية) بضرورة توفير ساحات لإقامة سويقات عليها لتجميع الباعة الجائلين فيها، حفاظًا على الوجه الحضارى لشوارع القاهرة، لافتا النظر إلى أن السبب الرئيسى للمشكلة هو توافد معدومى الدخل من المحافظات الأخرى للقاهرة بحثا عن الرزق. وشدد المحافظ كذلك بعدم السماح لأى بائع متجول بممارسة هذه المهنة، ولن يدخل فى تلك السويقات إلا من له سجل تجارى يؤكد أنه بائع جائل. إلا أن عددًا كبيرًا من الباعة الجائلين بمناطق وسط البلد وروكسى والزيتون رفضوا هذا الحل، وقال عبدالغفار الصعيدي "بائع متجول" ل"بوابة الأهرام" إن السويقات التى تنوى المحافظة إنشاؤها لن تجلب لهم مصدرا ثابتا للرزق، كما أن بضاعتهم لا تناسب هذه السويقات، فهى قائمة فى الأساس على بيع المنتجات البسيطة(كالإبر والخيوط ولعب الأطفال وغيرها) مما يجذب المارة، أما فكرة السويقات فلن تجذب الزبائن، وستجعلهم يلجأون للشراء من المحلات. يذكر أن منطقة الدرب الجديد بحى السيدة زينب قد شهدت ليلة أمس اشتباكات عنيفة بين الباعة الجائلين وأصحاب المحلات، وأسفرت الاشتباكات عن وقوع إصابات تم نقلها لمستشفى المنيرة العام، واكتفى الحى بتأمين منشأته من أعمال التخريب، وترك مسؤولية فض الاشتباك للقوات المسلحة والشرطة.