ارتفاع تكلفة جذب العملاء والاحتفاظ بهم فى ظل المنافسة الشرسة .. أبرز التحديات تعد شركات من نوعية «أمازون برايم»، «نتفليكس» و»سبوتيفاى» أحدث صيحة فى عالم البيزنس، وهى شركات لا تعتمد كغيرها على مبيعات سلع أو خدمات للمستهلكين فى معاملة واحدة، وإنما على «اشتراكات» تربط العملاء بها لفترة من الزمن وتضمن لها إيرادات دورية. يعززه تدفق ملايين ومليارات الدولارات على طروحات أسهم الشركات الصاعدة فى هذا المجال فى البورصات العالمية، ما بات يسمى ب «اقتصاد الاشتراكات» أثار اهتمام الكثيرين، فكيف نشأ؟ وما أبرز التحديات التى تواجه صعوده وسط توقعات من الخبراء لهذا الاتجاه بمستقبل واعد.
ابتداء من اشتراكات الصحف الإلكترونية إلى نظم ملاحة السيارات والشركات الصاعدة التى تبيع خدمات أمن رقمية للمنازل، فإن الولاياتالمتحدة والعالم يقفان على أعتاب موجة صعود قوية لبيزنس الاشتراكات، حيث سجلت شركات التجارة الإلكترونية على سبيل المثال، معدل نمو سنوى 100% خلال السنوات الخمس الماضية، بحسب إحصاءات شركة ماكينزى الاستشارية. النموذج الأكثر شيوعا فى «اقتصاد الاشتراكات» هو شركة «أمازون برايم»، فلدى الشركة نحو 80 مليون مشترك فى أمريكا وحدها، وفى مقابل 99 دولارا سنويا تقدم خدمات التوصيل لمنتجات متنوعة من الأجهزة والملابس إلى الأفلام وألبومات الموسيقى. ومن أبرز شركات «الاشتراكات»، بالإضافة إلى أمازون برايم، بلو أبرون، دروب بوكس، هولو، نتفليكس وسبوتيفاى. وتتعدد مجالات عمل شركات الاشتراكات، فمثلا «نتفليكس» توفر البث التلفزيونى مقابل اشتراك شهرى. أما «سبوتيفاى» فهى شركة رقمية لبث الأغانى، تم إدراجها فى البورصة يوم 3 إبريل ولديها 159 مليون مستخدم لخدماتها، من بينهم 71 مليون مشترك «ممتاز» يدفعون اشتراكا شهريا من أجل الاستماع إلى الأغانى التى تبثها الشركة بدون إعلانات، وقد بلغت قيمتها السوقية نحو 27 مليار دولار. كما بلغ متوسط العائد على الاشتراك الواحد فى « بلو ابرون» نحو 245 دولارا خلال الربع الثالث من 2017.
حاليا، لدى العائلات الأمريكية المقدر عددها بنحو 118 عائلة، نحو 200 مليون اشتراك فى شركات تتراوح بين التدفق الإعلامى، والتسوق الإلكترونى وخدمات رقمية أخرى، ويتوقع محللون ارتفاعها إلى 350 مليون اشتراك بحلول 2027. شركات أخرى عديدة تحت التأسيس هذه الأيام حيث يتدفق رأس المال المخاطر على شركات أون لاين التى تقوم بتوصيل أدوية ووجبات وغيرها ما يعزز آفاق اقتصاد «الاشتراكات».
وارتفاع تقييمات شركات الاشتراكات يعكس ثقة المستثمرين برواج أعمالها لفترة قادمة، فيشير محللون إلى نجاح طروحات شركات صاعدة فى هذا المجال خلال الفترة الأخيرة. وكان آخرها شركة الحوسبة السحابية « «Drop boxالتى تم إدراجها فى بورصة ناسداك يوم 23 مارس الماضى لتصل قيمتها بعد أسبوعين إلى 13 مليار دولار. الشركة لديها 11 مليون مشترك بالفعل وتتطلع إلى نصيب أكبر من بين 500 مليون مستخدم لخدمات الحوسبة السحابية، لتحويلهم إلى «مشتركين» فى خدماتها لقاء مقابل مادى. لكن رغم ما تحظى به شركات «الاشتراكات» من اهتمام كثيرين بها واعتقاد مستثمرين ومديرين تنفيذيين أن لها آفاقا واعدة، فإنها تواجه بعض التحديات الصعبة، مثل ارتفاع تكلفة جذب العملاء والاحتفاظ بهم فى ظل المنافسة الشديدة التى تزيد احتمالات انتقالهم من شركة إلى أخرى.
فبعض الشركات اكتشف منذ فترة طويلة كيف تغير عملية شراء لمرة واحدة إلى مبيعات دورية، على سبيل المثال، عملاء شركة جيليت يشترون أمواس حلاقة ثم يقومون بشحنها –الشفرات- مقابل اشتراك شهرى. شركات رولزرويس، جنرال إليكتريك وبرات آند ويتنى نادرا ما تبيع محركات طائرات ركاب من خلال معاملة واحدة، وإنما تقدم «شحنا بالساعة» من خلال عقود خدمية معقدة تربط شركات الطيران بها لعشرات السنين. وهكذا تصبح نماذج الاشتراك أكثر شيوعا بسبب انتشار التكنولوجيا التى تتيح عملية الإيجار عوضا عن تملك الأصول، ويمكن على سبيل المثال الاستعاضة عن شراء برامج حاسوبية بالنفاذ إلى خدمات الحوسبة السحابية.
ويرجح محللون استمرار صعود اقتصاد الاشتراكات، حيث يرى المستثمرون والمقرضون فيها فرصا واعدة للبيزنس دون الحاجة إلى إنتاج سلع معرضة للهلاك أو التلف، ويعدون أن قاعدة المشتركين ضمن «أصول» الشركة التى يمكن الاستثمار فيها. يقول خبراء إن ازدهار هذه النوعية من الشركات يتطلب جذب مشتركين جدد باستمرار، سواء كان عن طريق خفض أسعار الاشتراكات أو زيادة الإنفاق على التسوق.