تراهن الأسواق المالية على أن خفض مؤسسة ستاندرد آند بورز الواسع النطاق لتصنيف البلدان المنتجة للنفط أخيرا لن يكون الأخير وأنه قد يتم خفض تصنيف السعودية إلى مستوى أعلى بدرجة واحدة من التصنيف “عالي المخاطر” بعد فشل البلدان النفطية في الاتفاق على تخفيضات في الانتاج لتعزيز الأسعار. كانت المؤسسة خفضت تصنيف المملكة درجتين وجردت البحرين من تصنيف “درجة الاستثمار” كما خفضت تصنيفها لكل من البرازيل وقازاخستان وسلطنة عمان مع انخفاض أسعار النفط الذي دفعها لثاني موجة تخفيض واسع النطاق في التصنيفات خلال عام. ومن المتوقع أن تحذو مؤسسات تصنيف ائتماني أخرى مثل فيتش وموديز حذو ستاندرد آند بورز خلال الشهور القادمة. لكن مستويات مقايضة عجز الائتمان- التي تستخدم للتأمين على الديون أو للمراهنة على المشكلات الخاصة بها- تتوقع مزيدا من التخفيضات في التصنيفات حتى من جانب ستاندرد آند بورز. وتشير التوقعات إلى خفض تصنيف السعودية من A-حاليا إلى BBB-على بعد درجة واحدة من المستوى العالي المخاطر، بينما تعد كل من كولومبيا وقازاخستان حاليا كما لو كانتا “دون درجة الاستثمار” وفق اللغة التي استخدمتها وكالة التصنيف الائتماني. والنزول إلى درجة التصنيف “عالي المخاطر” يمكن أن يطلق موجة نزوح لرأس المال نظرا لأنه يستبعد تلقائيا سندات من مؤشرات معينة بارزة يجمعها كل من جيه.بي مورجان وباركليز. ويعني هذا أن بعض الصناديق المتحفظة- التي تقتفي أثر المؤشر- لن تتمكن بعد ذلك من شراء وبيع السندات وهو ما سيرفع بدوره تكلفة الاقتراض على الحكومات والشركات بما قد ينطوي عليه من نتائج قد تزعزع الاستقرار. وكمثال على ما قد يحدث إذا تم خفض التصنيف إلى “عالي المخاطر”, فقد خسرت روسيا استثمارات تقدر بمبلغ 140 مليار دولار عندما خرجت من مؤشر عالمي للسندات يعده باركليز العام الماضي. وألمح مسئولون في السعودية إلى أنهم قد يشرعون في طرق أبواب أسواق السندات العالمية لسد جزء من الفجوة في التمويل. من ناحية اخري حضت مديرة صندوق النقد الدولي كريستين لاجارد دول الخليج على فرض ضرائب، محذرة في تصريحاتها الأخيرة من ان أسعار النفط المنخفضة ستبقى على الأرجح “فترة طويلة”. وقالت لاجارد:إن على دول الخليج تقوية اطاراتها المالية واعادة هندسة انظمتها الضريبية عبر خفض اعتمادها الكبير على عائدات النفط، وتعزيز مصادر الدخل غير النفطي. ودعت لاجارد دول الخليج الى اعتماد الضريبة على القيمة المضافة، معتبرة ان الحل “المثالي” سيكون اعتماد ضريبة على القيمة المضافة منسقة اقليميا على مستوى الدول الست لمجلس التعاون الخليجي. واكدت انه يمكن حتى لضريبة منخفضة على القيمة المضافة (اقل من 10٪) ان تؤدي الى نمو الناتج المحلي باكثر من 2٪. واشارت الى ضرورة وجود تركيز اكبر على ضرائب الدخل للشركات، اضافة الى الضرائب على العقارات والسلع. واوضحت لاجارد ان الدول المصدرة للنفط في الشرق الاوسط وشمال إفريقيا، والتي تعتمد بشكل كبير على ايراداتها من النفط، خسرت اكثر من 340 مليار دولار من ايراداتها، اي حوالي 20٪ من الناتج المحلي لاقتصاداتها مجتمعة، بسبب الانخفاض الحاد في أسعار النفط. وقالت انه اضافة الى خسارة أسعار النفط ما يقارب ثلثي مستوياتها القياسية الحديثة، تشير العوامل المؤثرة بالعرض والطلب الى ان هذه الأسعار ستبقى على الارجح منخفضة لفترة طويلة. وتراجع سعر النفط بشكل حاد خلال الفترة الماضية، من حوالي 100 دولار للبرميل منتصف 2014، الى حدود 30 دولارا فقط في الوقت الراهن. وترجح وكالة الطاقة الدولية عدم ارتفاع الأسعار عن مستوياتها الحالية قبل سنة 2017، وان اي انتعاش سيكون بطيئا بسبب وفرة كميات النفط الموجودة في الاسواق. الجدير بالذكر هنا ان الدول الست لمجلس التعاون الخليجي تعتمد بشكل كبير على الايرادات النفطية. واضطرها لتراجع الأسعار الى اتخاذ اجراءات تقشف شملت خفض الدعم على مواد اساسية منها الوقود والكهرباء لخفض الانفاق، بعد تسجيل مستويات قياسية من العجز في موازناتها. ولا تفرض الدول الخليجية ضرائب تذكر على الأفراد، ما شكل عامل جذب لملايين الأجانب للمجيء اليها بغرض العمل والإقامة. الى ذلك، اعتبرت وكالة التصنيف الدولية “موديز” ان انخفاض أسعار النفط يفرض ضغوطا على سيولة البنوك الخليجية، مع ترجيح ان يؤدي تراجع الايرادات النفطية لخفض الودائع الحكومية او تلك المرتبطة بالحكومة، ما قد يتسبب بتقليص الدعم الحكومي للنظام المصرفي. وقالت الوكالة ان الفارق المتسع بين أسعار النفط المنخفضة وسياسات الإنفاق الحكومي المرتفع يمكن ان يتسبب بمضاعفات سلبية على قدرة البنوك على التسليف. وتوقعت ان البنوك ستكون تحت ضغط من تباطؤ اضافي في بيئة عملياتها، واحتمال انخفاض نية الحكومات او قدرتها على دعمها.