تتوالى الاحداث وتتشابك فى منطقتنا وفى العالم اجمع، ابتداء من جنون داعش الى هلوسة وضلالات التصورات الخاصة بالجماعات المتطرفة وأتباعها من ايتام الجزيرة، الى اللاجئين الجدد الباحثين عن السبوبة فى القنوات الفضائىة والاصدارات الصحفية المريبة، سواء فى قبرص او تركيا او لندن. ووسط هذا الكم الهائل من الاحداث المتلاحقة والضغوط المتزايدة التى تحيط بالوطن -مصر- والتى يتبارى فيها ادعياء الصحافة ومن يسمون انفسهم بالكتاب والمحللين الاقتصاديين، فى تقزيم وتسفيه اى اجراء تتخذه مصر، ابتداء من صفقة الطائرات مع فرنسا الى الاتفاق حول المحطة النووية بالضبعة مع روسيا، مع العويل ودموع التماسيح حول الدعم العربى لمصر واين ذهبت امواله؟.. نجد انه كلما اقترب موعد انعقاد المؤتمر الاقتصادى فى شهر مارس الحالى، ازدادت ضراوة الضغوط وتعاظمت الحملات العمياء العاجزة عن ملاحظة ما يجرى حولنا من احداث، والسبب فى ذلك بسيط جدا، الا وهو كسر محاولات مصر الخروج من ازمتها وتجاوز كبوتها، من خلال المؤتمر الاقتصادى. ونظرا لانشغالهم بهذه النظرة الاحادية دون سواها، غفلوا عما يجرى حولنا وممكن ان نستثمره لصالحنا فى اطار لعبة الامم، لقد غفلوا عن اسرائيل وصفقات الاسلحة التى تتعاقد عليها، غفلوا عن ان التنوع فى التكتيكات المصرية فى التعامل مع الادارة الامريكية ودور الدبلوماسية، يأخذ فى اعتباره الموقف الامريكى من زيارة رئيس الوزراء الاسرائيلى بنيامين نتنياهو، ومن تعنت اسرائيل فى صرف المستحقات المالية للسلطة الفلسطينية. من المقرر ان تتم زيارة رئيس الوزراء الاسرائيلى لامريكا فى الثالث من مارس الحالى، حيث يوجه خطابا الى الاجتماع المشترك للكونجرس الامريكى، وقد جاءت هذه الزيارة الثقيلة بناء على دعوة من جانب اعضاء من الحزب الجمهورى، وزادت حساسيتها، خاصة ان الاخير اندفع فى سلسلة من الانتقادات الحادة والهجوم على المفاوضات الامريكية الايرانية بشأن التوصل الى اتفاق نووى، مؤخرا. وقد عبرت عن ذلك - صراحة- مادلين اولبرايت وزيرة الخارجية الامريكية السابقة بقولها: لماذا يأتى للحديث امام الكونجرس؟ اولى به ان يتحدث الى جيرانه! اما البيت الابيض فقد اعلن عدم استقبال الرئيس اوباما له، نظرا لان الاخير سيخوض انتخابات عامة يوم 17 مارس مما قد يؤثر على الرأى العام الاسرائيلى، ولا يبدو الوضع افضل حالا بالنسبة لنائبه جو بايدن، حيث اعلن عدم وجوده فى البلاد خلال الزيارة، بل ان بعض اعضاء الحزب الديموقراطى فى الكونجرس، اعلنوا عدم حضورهم الجلسة المرتقبة. وقد كان للترتيبات الخاصة بهذه الزيارة بين اعضاء الكونجرس من الحزب الجمهورى والحكومة الاسرائيلية، مباشرة، دون اعلام البيت الابيض او الخارجية الامريكية، اثره فى اضفاء حساسية مضاعفة على هذه الزيارة باعتبارها خرقا للقواعد والاعراف الدبلوماسية. وجاء تحذير وزير الخارجية الامريكى- جون كيرى - من مخاطر انهيار السلطة الفلسطينية نتيجة تجميد مستحقاتها من حصيلة الضرائب شهريين متتالين-140 مليون دولار شهريا- نتيجة تعنت الحكومة الاسرائيلية، ليضيف مزيدا من حساسية العلاقات التى وصلت الى ذروتها، نتيجة التصريحات النارية التى هاجم فيها نتنياهو المفاوضات الامريكية الايرانية حول الاتفاق النووى. ومما زاد من وقع الثقل لهذه الزيارة من جانب رئيس الوزراء الاسرائيلى، ان عائدات الضرائب تمثل 70٪ من ميزانية السلطة الفلسطينية ولم تعد حكومة الوحدة الوطنية قادرة على سداد المرتبات للعاملين، مما زاد الضغوط عليها وخاصة من جانب حماس فى قطاع غزة، لدفعها باتجاه تجميد التنسيق الامنى مع اسرائيل، وهو امر لا ترغب فيه الولاياتالمتحدة ولا احد فى المنطقة، لانه يعنى ببساطة العودة الى المربع الاول . كل هذه الاوضاع تغافل عنها السادة الكتاب والخبراء عبر القنوات والصحف الطائرة والمارقة.. حتى انهم لم يعوا معنى تعاقد اسرائيل على شراء 14 طائرة من طراز اف-35، يتم تسليمها العام القادم مقابل اكثر من ثلاثة مليارات من الدولارات، وكان قد سبق حصولها على 19 طائرة مقاتلة فى عام 2010 . ترى لمن تجهز اسرائيل عدتها وتدعم ترسانتها.. هل هناك فى الافق من جيوش مجاورة؟! الاجابة متروكة للجهابذة الذين يولولون على الصفقة مع فرنسا، ويستثمرون بشيطنة تخصيص اموال لدعم جيش مصر.