هناك مثل مصرى قديم.. اصيل وصادق، يقول»فلان يصطاد فى المياه العكرة».. ومع التسليم بان هذا المثل اصبح شعارا يرفعه البعض على مستوى عام سياسيا واقتصاديا واجتماعيا.. الا ان بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الاسرائيلى تفوق على الجميع فى مجال الصيد خلال الازمات والكوارث. وابرز واحدث مثل فى هذا المجال ينصرف الى احداث العنف التى شهدتها فرنسا مؤخرا والناجمة عن سلسلة من التفجيرات الارهابية. فقد كانت البداية فى الهجوم على مقر صحيفة وسقوط عدد من القتلى والجرحى، ثم كان الهجوم على سوبر ماركت يهودى ومقتل اربعة يهود من عملائه خلال عملية الاقتحام التى قامت بها القوات الخاصة الفرنسية. وقد كانت الواقعة الاخيرة هى الخيط الرفيع الذى اطلق نتنياهو من عقاله واخذ فى السعى لصيد ضخم من قلب الاحداث الارهابية فى باريس، على الرغم من علم الجميع ان هذا السوبر ماركت يتردد عليه الكثير من المسلمين لبعد طعامه عن اللحوم المحرمة من جانب الطائفتين. إلا ان نتنياهو حول الامر الى قضية عداء للسامية فى فرنسا واروبا، وناشد يهود فرنسا الى العودة الى وطنهم ومخاطبا السلطات المعنية فى فرنسا واوروبا بتشديد الحراسة الامنية على المؤسسات اليهودية، وقد تبارى الساسة ورؤساء الاحزاب فى دعوة يهود اوروبا بالاشارة الى ان اسرائيل ليست مجرد مكان يتجهون اليه فى صلاتهم ولكنها وطنهم وبلدهم. وفى ظل هذه الدعوات المتتالية، اشارت توقعات المصادر الاسرائيلية الى زيادة عدد المهاجرين من فرنسا خلال العام الحالى، خاصة ان عدد المهاجرين منهم خلال عام 2014، تضاعف مقارنة بعام 2013، حيث بلغ سبعة آلاف مهاجر وبما يتجاوز نسبة 25٪ من اجمالى المهاجرين الى اسرائيل فى العام الماضى، وتبدو اهمية هذا الرقم بالنظر الى الاتجاه النزولى السابق فى اعداد الهجرة لاسرائيل. فبعد النزوح الضخم ليهود الاتحاد السوفيتى (سابقا) ثم الفلاشا من اثيوبيا، تقهقرت ارقام الهجرة لاسرائيل بل ظهرت الهجرة المضادة الى الولاياتالمتحدة، حيث اعتبرت محطة ترانزيت الى الوجهة الاخيرة . ولكن لماذا هذا التركيز الشديد على الهجرة الى اسرائيل، التى صورت على انها واحة الامان وسط عالم يموج باحداث العنف والارهاب، ليس فى الدول المحيطة بها فقط، بل فى عقر دار الدول المتقدمة التى يفترض ان تتلمس منها اسرائيل الدعم والامان؟!! الاجابة عن هذا التساؤل تكمن فى الجدل الصاخب والاتهامات التى تقاذفها الساسة فى مواجهة الخبراء واساتذة علم الديموغرافيا فى اسرائيل، حول تعداد السكان حاليا ومستقبل الزيادة السكانية بين الاسرائيلين والفلسطينيين. فنظرا لارتفاع معدل الخصوبة والمواليد بين الفلسطنيين داخل حدود عام 1948 التى احتلت من جانب اسرائيل وكذلك فى الحدود التى اعقبت 1967، وارتفاع المعدل فى الضفة الغربية وغزة، مقارنة باليهود داخل اسرائيل، حيث يقدر ب 3.4 ٪ و4.1٪ مقابل 3٪ ، على التوالى. وترتيبا عليه، تشير الاحصاءات الى عدد السكان العرب يقدر ب 6.08 مليون نسمة واليهود ب 6.10 مليون نسمة حاليا، الا ان الامر سيختلف تماما بحلول عام 2020، حيث يصبح عدد السكان العرب»الفلسطينيين» 7.14 مليون نسمة مقابل 6.87 مليون نسمة لليهود. وهنا تكمن الطامة الكبرى بالنسبة لاسرائيل التى تدعوها الى تشجيع الهجرة اليها لتعويض فرق الزيادة فى المواليد، كما انها اصابت الساسة وبعض انصارهم بجنون لعدم احتساب الفلسطينيين المقيميين داخل حدود 48 و67 او يحملون الجنسية الاسرائيلة داخل ارقام عرب فلسطيين وانما يقتصر التعداد على الضفة الغربية وقطاع غزة، بل انهم يستندون الى الادعاء بان اعدادا كبيرة هاجرت من الضفة والقطاع مع تزايد التوتر فى المنطقة، ومن ثم لا مجال للحديث عن التفوق الديموغرافى وان المساحات شاسعة امام التوسع والامتداد السكانى لليهود.. وهكذا فان الفوبيا التى اصابت الساسة فى اسرائيل وعلى رأسهم نتنياهو، هى سرقة شعب.. بعد ان سرقت وطنا !!!!! وقد تصدى العديد من الاساتذة والخبراء الاسرائيليين لهذا الاتجاه الشائن مؤكدين ان هذه القراءة الخاطئة تهدف الى تبرير التوسع الاستيطانى والاحتلال، ولكنها ستؤدى الى كارثة تحيق باسرائيل ذاتها. ألم اقل لكم ان بيبى يصطاد فى الكوارث ويسرق شعبا.. بعد ان احتل الارض وتوسع الاستيطان!!!!!!!!