يترقب رجال الاعمال والمستثمرون آلية تطبيق نظام »الشباك الواحد« مع المستثمرين على نحو حذر لانه طالما وعدت الدولة بتطبيق هذه الآلية ثم يفاجأ المستثمرون خلف هذا الشباك بعشرات الموظفين وعشرات الموافقات تصل الى 78 موافقة من جهة ادارية وحكومية لاتمام انشاء او انشاء نشاط جديد.وقد اجمع الخبراء على ان تطبيق الشباك الواحد بصوراته الحقيقية يغلق باب البيروقراطية والفساد من جهة ويفتح باب الاستثمار فى مصر على مصراعيه.. التحقيق التالى يرصد هذه الآلية وملاحظات المستثمرين على قانون الاستثمار ونظام الشباك الواحد. ------------ فى البداية اكد اشرف سلمان وزير الاستثمار فى تصريحات صحفية انه من المقرر الانتهاء من اعداد قانون الاستثمار من جانب هيئة الاستثمار فى خلال اسبوعين ثم يعرض بعد ذلك على مجلس الوزراء، فاللجنة التشريعية للقوانين لاقراره، ومن المنتظر ان يصدر هذا القانون فى نهاية يناير القادم. ويعد نظام الشباك الواحد احد الاعمدة الرئيسية لقانون الاستثمار الموحد وتعتمد الدولة فى تطبيقه على النموذج الايرلندى الذى يعد الاكثر تشابها للحالة المصرية حيث تم الاتفاق مع مجموعة من البنك الدولى تتولى تصميم دليل مبسط للاجراءات واتاحته للمستثمرين كأداة من ادوات الترويج للاستثمار فى مصر كما سيشارك البنك الدولى فى اعداد برامج لتدريب المتعاملين مع المستثمرين على استخدام التقنية التكنولوجية فى هذا المجال. واوضح الوزير ان التكنولوجيا المستخدمة فى هذا المجال تتم بناء على تصميم نظام الكترونى للربط بين الشباك الواحد بالهيئة العامة للاستثمار وثلاثة مستويات حكومية هى الوزارات والمحافظات والمحليات وذلك لتفعيل النظام بكفاءة وفاعلية تجعل المستثمر ينهى جميع معاملاته من خلال جهة واحدة ودون التعامل مباشرة مع الموظفين. واكد الوزير انه بعد صدور قانون الاستثمار فى يناير القادم من المنتظر ان تصدر اللائحة التنفيذية للقانون فى غضون عدة شهور تالية على ان توضع هذه الآلية »آلية الشباك الواحد« محل تنفيذ خلال 6 الى 9 شهور من صدور اللائحة التنفيذية للقانون وخلال تلك الفترة يكون تم الانتهاء من تدريب المتعاملين على هذه الآلية الى ان يتم تطبيقها على افضل وجه من جانب المتعاملين. وقال د. محمد حلمى هلال الامين العام لاتحاد المستثمرين اننا طالبنا المسئولين فى الدولة بان يتم التطبيق الفعلى لنظام الشباك الواحد فى التعامل مع المستثمرين فهناك شباك واحد فى هيئة الاستثمار للتعامل مع المستثمرين لكنه واجهة امام المستثمرين ولكى يحصل على التراخيص والموافقات لمشروعه يقوم هذا بالحصول على موافقة اكثر من 18 جهة اخرى وبالتالى تستمر نفس المعاناة مع المستثمرين وتستمر حالة البيروقراطية الموجودة لدى الدولة، وقد طالب اتحاد المستثمرين فى اجتماعه الاخير مع المسئولين بهيئة الاستثمار ووزارة الاستثمار بان يتم التطبيق العملى لنظام الشباك الواحد وان يكون قانون الاستثمار متضمنا نصا واضحا وصريحا لهذا الامر وانه لا يقبل اى تفسير غير ذلك بحيث يطمئن المستثمر بانه لن يتعامل مع اى جهة من الجهات الادارية الحكومية التى عادة ما تعرقل اجراءات المشروعات والاستثمار. وقال د. هلال اننا قمنا بابداء عدة ملاحظات اخرى على قانون الاستثمار التى من شأنها ايضا تحفيز المستثمرين وجذب استثمارات جديدة وهى ان يتضمن القانون اقامة نطاق او منطقة للتكنولوجيا المتطورة وهذه المنطقة مقامة فى كل دول العالم المتطورة وانشاء هذه المنطقة يحدث نقلة نوعية للدولة وهذه المنطقة تختص بانتاج البرمجيات والتصميمات الالكترونية، وطالب بان تقوم الدولة بتقديم حوافز اضافية للمستثمرين فى هذه المنطقة ولانها تعمل على جذب العقول النابغة فى هذا المجال التى بدورها تساهم فى تدريب وانشاء كوادر فى مصر، والصين لديها هذه المنطقة وتقدم حوافز ضخمة للمستثمرين فى هذا المجال من الاعتمادات الضريبية وتحمل 50٪ من التأمينات الاجتماعية فضلا عن تيسير الحصول على هذه الأراضى. ويؤكد د. هلال ان تقديم حوافز المستثمرين وتسهيلات لإقامة الاستثمار أكبر دعاية للاستثمار فى مصر وضمانة لنجاح المؤتمر الاقتصادى القادم. ويقول المهندس حسين صبور رئيس جمعية رجال الاعمال اننا طالما عانينا من بيروقراطية الجهاز الحكومى فى إقامة المشروعات والحصول على تراخيص لاستمرارها. وفى حقيقة الأمر أن إجراءات انشاء الشركة من هيئة الاستثمار تستغرق يومين فقط ويحصل المستثمرون على موافقة بانشاء الشركة لكن هذه الموافقة ليس لها أى أهمية ولا تعدو كونها ورقة فقط نظرا لأن باقى الاجراءات المرتبطة بإقامة النشاط واجراءات التأسيس التى ترتبط بموافقة 78 جهة تؤكد أن ما حصل عليه المستثمر لم يكن سوى ورقة لأن موافقة هذا العدد الضخم من الجهات والوزارات تستغرق سنوات وليس أياما. ووفقا للتقارير الدولية فإن هناك ارتفاعا كبيرا فى مؤشر تأسيس الشركات لكن من ناحية أخرى فإن استمرار هذه الشركات فى ممارسة النشاط لا يتجاوز العُشر للتعقيدات التى يواجهها المستثمر فى إقامة المشروع. ويرى المهندس صبور ان الدولة أمام اختبار صعب بقيامها من خلال قانون الاستثمار، بتطبيق آلية الشباك الواحد وهو ما يعنى إلغاء التعامل بين المستثمر وهذه الجهات والوزارات، نظرا لأنها سوف تحاول القضاء على بيروقراطية موجودة منذ عشرات السنوات. ومن ناحية أخرى فإنها سوف تقضى بذلك على فساد عدد كبير من الموظفين الذين يعتمدون على الرشاوى لاتمام مهماتهم المرتبطة بالمستثمرين وهذا اختبار صعب أيضا. ويؤكد المهندس صبور أن النظام الجديد يلغى أى تعامل بين المستثمرين والموظف، حيث إن جميع الاجراءات والموافقات سوف تتم بصورة مميكنة ولن يكون هناك وفقا للقانون الجديد أى اتصال مباشر بين الموظف والمستثمر، وأن الحكومة إذا كان لديها إصرار وعزيمة لإنهاء البيروقراطية والفساد فإن هذا النظام سوف يفتح باب الاستثمار على مصراعيه، وإن لم توجد تلك العزيمة فإن الاستثمار سوف يظل »محلك سر« . أما المهندس محمد فرج عامر رئيس جمعية مستثمرى برج العرب فيؤكد أن التعامل مع المستثمرين من جانب الحكومة يمر بإجراءات بالغة الصعوبة وانه على الرغم من الاعلان عن نظام الشباك الواحد من سنوات عديدة فإنه لا يوجد تطبيق فعلى لهذا التعامل لأن كل مسئول لديه مسئولية يبالغ فى تعقيدها وعدم تحقيق الهدف المرجو منها فهناك مثال مبسط لأحد اشكال التعقيد للتعامل مع المستثمرين، فالمستثمر الذى يرغب فى رفع رأسمال الشركة المقيدة بالبورصة ولكنها مغلقة ينتظر موافقة هيئة سوق المال والبورصة فإن هذه الموافقة تستغرق 9 شهور، علما بأن الزيادة فى رأس المال، محتفظ بها لدى البنك وأن هناك قرارا من الجمعية العمومية بهذه الزيادة وهذا الاجراء الذى يقوم به المستثمر هو إجراء روتينى جدا فهل يعقل هذا فى دولة تسعى لجذب الاستثمار والمستثمرين !! ويوضح المهندس عامر أن أى مستثمر فى مصر يقوم بتعيين عدد من الموظفين دورهم الأساسى فقط التعامل مع الجهات والوزارات الحكومية ويصل عدد هؤلاء الموظفين الى 20 موظفا دورهم فقط إنهاء التراخيص والحصول على الموافقات وقد يلجأ المستثمر بطبيعة الحال الى الرشوة لإتمام هذه الاجراءات فأصبحت هذه الموافقات بابا كبيرا للفساد . ويؤكد المهندس عامر أن أهم وسيلة لجذب الاستثمار الأجنبى هو تحسين وضع الاستثمار الداخلى لأن رأس المال دائما يبحث عن الربح دون الحاجة الى الترويج فإذا كان وضع المستثمرين المحليين جيدا ومبشرا فيعنى ذلك مزيدا من الاستثمارات الأجنبية الجديدة ونحن »لن نخترع العجلة« فعلينا أن نأخذ أمثلة من الدول الجاذبة للاستثمار ونقوم بتطبيقها وبطبيعة الحال نصبح دولة جاذبة للاستثمار. ويوضح المهندس عامر أن أى مستثمر فى حاجة الى الحصول على ما يعرف بورقة بيضاء للصناعة التى يوضح فيها التزاماته على مدى 10 سنوات قادمة فيما يتعلق بالضرائب والتأمينات والقوانين والطاقة كل هذه الأمور ترسم صورة واضحة أمام الاستثمار الذى يستغرق عشرات السنوات، فلابد من وجود آليات واضحة وقوانين شفافة للتعامل مع المستثمرين لضمان استمرارهم فى النشاط. ويضيف المهندس عامر قائلا: إن وعود الحكومة كانت وردية لفترات طويلة ونتمنى أن توضع محل التنفيذ لاسيما فى تنفيذ آلية الشباك الواحد التى توفر كثيرا من الوقت والجهد على المستثمرين.