من المعروف أن التجارة مهنة ذات نشاط يدور بين النفع والضرر وهي أهم المقومات الاساسية للاقتصاد القومي للبلاد, يستوجب علي من يمارسها توافر كامل عناصر الأهلية القانونية دون ثمة عارض, لذا تلتزم الدولة بحمايتها وتوفير المناخ الملائم لتنميتها من خلال عدة تشريعات أهمها القانون المسئول عن أعمال الغرف التجارية سواء علي المحاور السياسية والاقتصادية والاجتماعية, ذلك علي النحو التالي: من الحقائق الاقتصادية أن الغرف التجارية هي إحدي الهيئات والمؤسسات العامة التي تمثل في دوائر اختصاصاتها المصالح التجارية والصناعية الإقليمية لدي السلطات المصرية حيث تتمتع بشخصيتها الاعتبارية عملا بالقانون189 لسنة1951 الصادر منذ اكثر من ستين عاما الذي يقضي بأن الاختصاص نحو تنفيذ أحكامه من حيث إنشاء الغرف التجارية وتحديد مقارها بمحافظات الجمهورية وعدد أعضائها ينعقد علي وزير التجارة والصناعة فقط كما أنه المختص باصدار جميع القرارات المتعلقة بإجراءات انتخابات اعضاء مجالس إدارات الغرف التجارية بمحافظات الجمهورية من حيث دعوة الناخبين للانتخابات التي تجري كل اربع سنوات في الزمان والمكان المحدد لها وتشكيل اللجنة المنوط بها القيام بإجراءات تلك العملية فضلا عن اختصاصه في تعيين ربع عدد اعضاء مجالس ادارات الغرف التجارية ويتم اختيار باقي العدد بطريق الانتخاب بالقائمة, وقد أظهر التطبيق العملي للقانون189 لسنة1951 عدم مواكبته للمستجدات التي طرأت علي الساحة السياسية والاقتصادية والاجتماعية مما حدا بالمشرع المصري إلي تعديل بعض أحكام هذا القانون فأصدر القانون6 لسنة2002 المنشور بالجريدة الرسمية بعددها الصادر في31/1/2002 وهذه التعديلات اتسمت بالسماح للمرأة التاجرة بالادلاء بصوتها الانتخابي وكذلك الترشح لعضوية مجلس إدارة الغرف التجارية متي استوفت الشروط القانونية في جميع الاحوال, فضلا عن ذلك فقد حدد الاختصاص في تنفيذ قانون الغرف التجارية ينعقد علي الوزير المختص بشئون التجارة الداخلية دون غيره خاصة أن الهيكل الإداري التنظيمي لوزارة التموين والتجارة الداخلية يضم قطاع التجارة الداخلية الذي يشمل الإدارة العامة للغرف التجارية عقب الفوران الاجتماعي الذي حدث في25 يناير سنة2011 الذي أطاح بفساد النظام الاسبق, أصدر المجلس الأعلي للقوات المسلحة القرار29 لسنة2011 في22/3/2011 ثم أصدر القرار299 لسنة2011 في22/12/2011 وأحكام هذين القرارين تقضي بتبعية الغرف التجارية لوزير الصناعة والتجارة الخارجية وهذا مخالف لصحيح أعمال قانون الغرف التجارية6 لسنة2002 الذي يقضي بأن تبعية الغرف التجارية يجب أن تؤول للوزيز المختص بشئون التجارة الداخلية وليس بشئون التجارة الخارجية. ثم عقب قيام الشعب بثورته المجيدة في30 يونيو2014 لرسم خارطة مستقبل مصر صدر القرار الجمهوري484 لسنة2013 في16/7/2013 بتشكيل حكومة تضم33 وزيرا ثم تبعتها حكومة أخري تشكلت في1/3/2014 بالقرار الجمهوري72 لسنة2014 تضم31 وزيرا والغرف التجارية في هاتين الحكومتين تؤول تبعيتها لوزير التجارة والصناعة باعتباره المختص قانونا بشئون التجارة الداخلية والخارجية معا وهو أمر يتفق مع أحكام قانون الغرف التجارية كل الاتفاق. وفي16/5/2014 صدر القرار الجمهوري189 لسنة2014 بتشكيل حكومة المهندس ابراهيم محلب الحالية تضم34 وزيرا من بينهم الاستاذ الدكتور خالد حنفي وزير التموين والتجارة الداخلية ثم وزير التجارة والصناعة فخري عبد النور الذي تؤول إليه تبعية الغرف التجارية, وهنا تجدر الإشارة إلي أن هذه الحكومة أخفقت كل الاخفاق في المواءمة بين المسمي الوزاري لهاتين الوزارتين واختصاصاتهما من حيث التبعية القانونية للغرف التجارية باعتبار ان التجارة علي إطلاقها تضم كلا من التجارة الداخلية والخارجية معا, لذا فإنه يمكن القول إن نصف اختصاصات الدكتور خالد حنفي فيما يتعلق بالتجارة الداخلية تؤول تبعيتها لاختصاصات وزير التجارة والصناعة ومن ثم فإن هذا المشهد وإن كان مخالفا لصريح أعمال قانون الغرف التجارية إداريا وجنائيا إلا أن له عدة قرارات من أهمها: أن للتجارة الداخلية في مصر موقعين في الحكومة الحالية أحدهما تابع للوزير الدكتور خالد حنفي وزير التموين والتجارة الداخلية وفقا للمسمي الوزاري الصادر به القرار الجمهوري189 لسنة2014 والموقع الاخر تابع لوزير التجارة والصناعة باعتبار ان التجارة علي إطلاقها تعني التجارة الداخلية والخارجية معا.. لقد تاه عن هذه الحكومة ان اجراءات انتخابات اعضاء مجالس ادارات الغرف التجارية عن الدورة القادمة وفقا للقرار الجمهوري38 لسنة2014 التي سوف تبدأ أولي خطواتها اعتبارا من شهر مارس سنة2015, فإذا ظل الحال علي ما هو عليه فسوف تكون فرص الطعن ببطلان اجراءات هذه الانتخابات لعدم الاختصاص المنصوص عليه بالقانون6 لسنة2002 هي السند القانوني في ذلك, وهنا يمكن القول إن مصر الحديثة بشعبها العظيم ونظامها الحكيم لن يكون للفساد والاستبداد مكان في البلاد. ------------------------- رئيس مصلحة التسجيل التجاري وعضو مجلس إدارة جهاز المنافسة الأسبق