يلعب التمويل متناهى الصغر دور محرك النمو والتشغيل فى المجتمعات التى تعانى من ارتفاع معدلات الفقر والبطالة. هكذا تجمع تجارب دولية ناجحة بدءًا من امريكا اللاتينية مرورا بشمال افريقيا وحتى الوصول لمحطة شرق آسيا. ورغم حداثة عهد الاقتصاد المصرى نسبيا بالتمويل متناهى الصغر ولا سيما بعد تقنين أوضاع الجمعيات والشركات العاملة فى مجاله فإن الارقام تؤشر على نمو مطرد فى أحجام التمويل المتاح واعداد المستفيدين منه. ووفقا لأحدث الارقام الصادرة عن الهيئة العامة للرقابة المالية فقد بلغ اجمالى عدد المستفيدين من هذا التمويل 9.1 مليون مواطن باجمالى تمويل يتجاوز 3.4 مليار جنيه. لكن مسيرة التمويل متناهى الصغر فى مصر اصطدمت مؤخرا بالارتفاع الكبير فى تكلفة الحصول على الاموال بعد قرارات رفع اسعار الفائدة من جانب البنك المركزى والبنوك التجارية الأمر الذى يمثل تحديا كبيرا أمام الجمعيات والشركات العاملة فى هذا المجال. ذلك لأن ارتفاع تكلفة التمويل يعنى احتمال ارتفاع معدلات التعثر أو عدم القدرة على الحصول على التمويل أصلا. كيف تتعامل الشركات والجمعيات مع هذا التحدى الكبير؟ وما آثاره المستقبلية على صناعة التمويل متناهى الصغر؟ وإلى أى مدى يمكن أن يتحمل صاحب المشروع الصغير تكلفة التمويل؟ تساؤلات يجيب عنها هذا الملف. وكشف د. جمال خليفة المشرف على قطاع التمويل متناهى الصغر بهيئة الرقابة المالية ان البنك الدولى خصص مليار دولار للجمعيات والشركات التى رخصت لها الهيئة مزاولة نشاط التمويل متناهى الصغر من خلال خطوط للصندوق الاجتماعى للتنمية والبنوك فى ضوء انجاز البنية المؤسسية التى قامت بها مصر ونفذتها هيئة الرقابة منذ صدور قانون الخاص بالتمويل متناهى الصغر رقم »141«لسنة 2014 مشددا على ان البنية المؤسسية ذاتها تجذب جهات مانحة فى مجال التمويل متناهى الصغر المصرى. يكشف ايضا ان اجتماعا عقد مؤخرا ضم تنفيذيين من البنك الدولى و6جمعيات من الفئات أ،ب،ج، وفق تصنيف هيئة الرقابة المالية والاتحاد المصرى للتمويل متناهى الصغر بهدف رفع مشاكل الجمعيات واحتياجاتها التمويلية. يوضح ل «الاقتصادى» ان الفترة من شهر نوفمبر - التى تسجل 2014 صدور القانون وحتى سبتمبر - 2016 قد شهدت من 30 إلى40 فعالية بين دورة تدريس وجولات ميدانية للجمعيات والشركات التى تقدم تمويلا متناهى الصغر بهدف التعريف بالقانون ومتطلبات المرحلتين: الاولى مدتها 6 شهور للحصول على ترخيص مؤقت ومن نتائجها الترخيص ل640 جمعية والثانية مدتها 6 شهور ايضا للفوز بالترخيص النهائى وضمن متطلباتها تشكيل مجلس إدارة للجمعية وتعيين مدير للنشاط ومراجع حسابات منفصل. حتى نهاية عام 2015 واصل عدد الجمعيات والشركات التزايد حتى وصل الى 728 جمعية وشركة حاليا -تقوم 10 الى 15 جمعية باستكمال متطلبات الترخيص النهائى- إجمالى تمويلاتها 822 مليون جنيه. قال ان الجمعيات والشركات المرخص لها بمزاولة نشاط التمويل متناهى الصغر تمتلك 1400منفذ على مستوى الجمهورية. وشدد على ان البنية المؤسسة التى شيدتها مصر للتمويل متناهى الصغر وضعتها على خريطة التمويل متناهى الصغر المنظم وعلى “رادار” المؤسسات المالية والجهات المانحة ذات الاهتمام يالشمول المالى. بحسب تصنيف هيئة الرقابة المالية تتوزع الجمعيات التى تزاول نشاط التمويل متناهى الصغر على ثلاث فئات حسب محفظة القروض هى: أ- من 50 مليون حتى 60 مليون جنيه وتدخل تحت هذه الفئة 30 جمعية. ب- من 10 ملايين جنيه الى 50 مليون جنيه. ج- عشرة ملايين فأقل. ليس بالقانون رقم »141«لسنة 2014 تبدأ تجربة مصر فى التمويل متناهى الصغر، فهو القانون الذى تقوم فلسفته على تنظيم تمويل يمثل منصة لحزمة اغراض اقتصادية انتاجية أو خدمية او تجارية، والقيمة التى يحددها مجلس إدارة هيئة الرقابة المالية بما لا يجاوز 100 الف جنيه مع جواز رفع التمويل بنسبة 5٪ عن سقف ال 100الف جنيه بقرار استثنائى من رئيس الوزراء. فى هذا الاتجاه اصدرت هيئة الرقابة اربعة قرارت تكميلية لتنظيم نشاط التمويل متناهى الصغر هى: قرار مجلس إدارة الهيئة رقم »173« لسنة 2014 بشأن قواعد وضوابط ممارسة الشركات لنشاط التمويل متناهى الصغر. قرار مجلس إدارة الهيئة رقم »31« لسنة 2015 بشأن قواعد ومعايير ممارسة نشاط التمويل متناهى الصغر للجمعيات والمؤسسات الأهلية. قرار مجلس إدارة الهيئة رقم»161« لسنة 2014 بشأن ضوابط القيد واستمرر القيد والشطب فى سجل مراقبى الحسابات لشركات التمويل متناهى الصغر والجمعيات والمؤسسات الأهلية المرخص لها لمزاولة هذا النشاط لدى الهيئة. قرار رئيس الهيئة رقم»489« لسنة 2015 بشأن قواعد إعداد وعرض القوائم المالية للجمعيات والمؤسسات الأهلية المرخص لها بمزاولة نشاط متناهى الصغر. ووضعت الهيئة دليلا موجها لمقدم الخدمة الذى يزاول نشاط التمويل متناهى الصغر، حيث يعمل هذا الدليل كمساند رئيسى للشركات أو الجمعيات التى تمارس نشاط التمويل متناهى الصغر فى توفير الحماية اللازمة لعملائهم من خلال الالتزام بمبادئ أساسية هى: الأول: موضوعية الإعلان والتسويق عن الخدمة المقدمة. الثانى: الإفصاح والشفافية. الثالث: اتفاقيات وافية لتقديم التمويل. الرابع: سياسات متكاملة لمنح التمويل تراعى الاوضاع المالية للعملاء. الخامس: مراعاة الاعتبارات المهنية والأخلاقية فى التعامل مع العملاء. السادس: تيسير سداد الأقساط. السابع: المعالجة الفعالة لشكاوى العملاء. بهدف تيسير سداد الأقساط ألزمت هيئة الرقابة الشركة أو الجمعية التي تزاول التمويل متناهي الصغر عند تحصيل أي مبالغ من العملاء إعطاء العميل إيصالا موقعا ومختوما يفيد السداد ورقم العقد موضوع التمويل، وأجازت أن يتم السداد بالإيداع في حساب مقدم الخدمة لدي أحد البنوك أو أحد مكاتب الهيئة القومية للبريد أو مسئول التحصيل أو من خلال نظم الدفع الإلكترونى أو الهاتفية التي تقرها الهيئة. تحذر هيئة الرقابة المالية المبدأ الرابع من دليل حماية عملاء الشركات والجمعيات الأهلية من إغراق طالبى التمويل متناهى الصغر من خلال محددات صارمة هي: تجنب تحمل العميل تمويلا يفوق طاقته على السداد. تناسب قيمة التمويل مع طبيعة المشروع وحجمه ومتطلباته التموينية مع الوضع في الاعتبار مساهمة العميل بتمويل المشروع أو النشاط. تناسب قيمة التمويل وشروط السداد مع التدفقات النقدية المتوقعة للعميل وتوقيتاتها مع مراعاة احتياجاته المعيشية. التدرج في التمويل مع نمو حجم النشاط وسابقة تعامل العميل. التأمين علي العميل أو على أصول مموله - في حالة توافره - ومدى وجود أي ضمانات مقدمة. قيمة القروض والتمويل الحاصل عليه العميل من جهات أخرى. عدم فرض التعامل مع شركة تأمين بعينها في حال استطاع العميل تقديم وثيقة تأمين من شركة أخري تتضمن التغطية التأمينية التي تتطلبها الشركة أو مقدم الخدمة. في حالات التمويل النقدي للعميل مباشرة يجب استيفاء توقيع العميل علي إيصال بأي مبالغ تمويل تمنح له أو ربما يفيد التحويل لحسابه لدي أحد المصارف أو من خلال نظم المدفوعات الإلكترونية أو الهاتفية المرخصة. في حالات التمويل التي يتلقي بمقتضاها العميل التمويل عينيا أو أن يكون السداد نيابة عن العميل - مثل التأجير التمويلي والسداد للموردين وغيرهما علي الشركة أو مقدم الخدمة الحصول علي توقيع العميل علي ما يفيد قيامها بذلك. التأكد من قدرة العملاء علي السداد وفي المواعيد المقررة. دقة وحداثة المعلومات لدى سجل تمويل العملاء وقاعدة البيانات الداخلية.