عبر حيل وألاعيب كما في أفلام الجاسوسية يستدرج موظفو بنك كريدي سويس عملاء البنك من الامريكيين في اخفاء ثرواتهم في حسابات سرية في سويسرا, عملاء التهرب الضريبي يستخدمون مصاعد مشفرة تدار ب بالريموت كنترول للصعود الي فرع البنك ومقابلة المصرفيين في زيوريخ, فيما لقاءاتهم في امريكا تتم في منتجعات الجولف تحت ستار السياحة حتي ان كشف حساب العميل يتم تسلميه مخبأ داخل صفحات مجلة اثناء تناول الصعام في الفنادق الكبيرة. البنك لديه ايضا موظفATM يدخل الولاياتالمتحدة ويخرج منها بدون اموال, لكنه يتجول في انحاء امريكا حاملا معه حقائب الدولارات يستخدمها العملاء في سحب ما أودعه عملاء آخرون وكل ذلك في اطار نشاط غير قانوني للتهرب من الضرائب ليصبح شعار كريدي سويس وغيره من البنوك الجريمة تفيد احيانا. كريدي سويس و13بنكا سويسريا, من بينها فرع اتش اس بي سي في سويسرا, يخضعون حاليا هذه الايام لتحقيقيات السلطات الامريكية بشأن مساعدة مواطنين امريكيين في التهرب من دفع الضرائب في وطنهم الأم. وعلي مدار ثلاث ساعات استغرقتها عملية الاستجواب حاول الرئيسي التنفيذي لكريدي سويس برادي دوجان اقناع اعضاء مجلس الشيوخ الامريكي بأن ممارسات البنك لمساعدة المواطنين الامريكيين في التهرب من دفع الضرائب تاريخ قديم, مؤكدا ان القوانين السويسرية الحالية تجعل من الصعب علي البنك اخفاء اسماء أصحاب الحسابات المصرفية. غير ان السيناتور كارل ليفن رئيس اللجنة الفرعية للتحقيقات في مجلس الشيوخ لم يقتنع واتهمه بمساعدة امريكيين في اخفاء اموالهم عن السلطات الضريبية, قائلا ان ادعاء التعاون مع اللجنة مجرد مراوغة لأن قوانين السرية المصرفية السويسرية تمنعه. يشغل برادي درجان منصب الرئيس التنفيذي لثاني أكبر بنك في سويسرا, منذ عام2007, وقد مثل هو وثلاثة اخرون من كبار التنفيذيين في البنك أمام جلسة استماع في مجلس الشيوخ الامريكي الشهر الماضي لاستجوابهم حول مساعدة الأثرياء الامريكيين في اخفاء ما يصل الي3 مليارات دولار في حسابات سرية في سويسرا وعن طريق تأسيس شركات أوف شور. مسئولو كريدي سويس ويصل عددهم الي ثمانية يواجهون عقوبة بالسجن خمس سنوات وغرامة تصل الي250 الف دولار لكل منهم. بحسب السيناتور جون ماكين عضو اللجنة المعنية بالتحقيقات, فإن ممارسات كريدي سويس وبنوك أخري كبدت البلاد337.3 مليار دولار من الايرادات الضريبية المفقودة. ومن ناحية أخري حققت تلك البنوك مكاسب طائلة. خلال التحقيقات أبدي دوجان أسفه الشديد لانتهاك كريدي سويس لقوانين التهرب الضريبي الامريكية, لكنه قال ان تجاوزات البنك تقتصر علي مجموعة صغيرة من العاملين فيه. أفاد التقرير الصادر عن اللجنة الفرعية الدائمة للتحقيقات في مجلس الشيوخ, الذي صدر قبل يوم واحد من جلسة الاستماع, بأن سياسة بنك كريدي سويس تنص علي ان تتولي ادارة واحدة فقط ذات تدريب خاص في المتطلبات التنظيمية والضريبية الامريكية والمعروفة باسمSALN, جميع حسابات عملاء الولاياتالمتحدة, لكن الواقع ان البنك لم يختص تلك الادارة بجميع الحسابات الامريكية, حتي ان المدير الاقليمي للأمريكتين روبرت شافير لم يسمع قط بهذه الادارة حتي جلسة الاستماع. وقال التقرير ان وزارة العدل الامريكية اخطرت البنك في عام2011 بإجراء تحقيق خاص بهذه الاوضاع مما اثار خوف المسئولين التنفيذيين الكبار في البنك, ومن بينهم ايضا روميو سيروتي المستشار العام, من السفر الي الولاياتالمتحدة. التقرير أضاف ان البنك قد انشأ فرعا له في مطار زيوريخ خصيصا لمساعدة عملائه الامريكيين في التهرب من الضرائب, ولقائهم اثناء سفرهم من وإلي الولاياتالمتحدة عبر هذا المطار. قدم التقرير وصفا دقيقا لرحلات مصرفيين من بنك كريدي سويس الي الولاياتالمتحدة- حوالي150 رحلة- لتقديم خدمات التهرب الضريبي لعملاء حاليين والبحث عن عملاء جدد, كان يتم لقاء العملاء في فنادق ومنتجعات جولف. وخلال سفريات أحد المصرفيين, اندريه باتشمان, كان يتجول بين الولايات حاملا حقائب الدولارات. باتشمان56 عاما, الذي عمل كآلة صارف آلي للعملاء الامريكيين اعترف الاسبوع الماضي بأنه ساعد امريكيين في التهرب من الضرائب بعد إلقاء القبض عليه في مطار ريجان, وتم إطلاق سراحه مقابل كفالة200 الف دولار بعدما عقد محاميه اتفاقا مع الادعاء لمساعد السلطات الامريكية في تحقيقاتها. ووفقا لتقرير لجنة مجلس الشيوخ فإن مسئولي كريدي سويس استخدموا تأشيرات سياحية الي الولاياتالمتحدة كغطاء لعملياتهم التي وصفها البعض بأنها تشبه روايات التجسس, وقد استخدم البنك مجموعة من الوسطاء- البعض منهم تضمنته لائحه الاتهام- لتأسيس شركات وهمية في الخارج لاخفاء اصول العملاء الامريكيين. يذكر ان وزارة العدل الامريكية قد ابرمت اتفاقا مع الحكومة السويسرية للسماح لبعض البنوك السويسرية بدفع غرامات تجنبا لمحاكمة مصدرها تحقيق طويل الأمد متعلق بالتهرب الضريبي من قبل امريكيين استخدموا الحسابات المصرفية السويسرية, برنامج التسوية شمل100 بنك سويسري من الدرجة الثانية, لكن البنوك الاربعة عشر التي تخضع لتحقيقات حاليا تشمل, بالاضافة الي كريدي سويس فرع اتش اس بي سي في سويسرا وبنك جوليوس باير. وتتوقع صحيفة وول ستريت جورنال ان تتجاوز تسوية النزاع الضريبي مع بنك كريدي سويس قيمة التسوية التي اجراها بنك يو بي اس السويسري مع وزارة العدل الامريكية وكانت بنحو780 مليون دولار لانهاء النزاع الضريبي. التحقيقات مع البنك اسفرت عن استعادة6 مليارات دولار من الايرادات الضريبية. منذ بداية التحقيقات مع كريدي سويس في عام2011, سلم البنك الي وزارة العدل بيانات عن238 حسابا مصرفيا فقط لعملاء امريكيين من بين آلاف الحسابات الواجب عليه تقديمها. علي صعيد اخر وافق كريدي سويس علي دفع196 مليون دولار لتسوية نزاع آخر مع هيئة سوق الاوراق المالية الامريكية بعد إقرار البنك تقديمه خدمات غير مخول بتقديمها لعملاء في الولاياتالمتحدة. هذه التسوية تشمل مبلغ82 مليون دولار لإعادة الارباح التي حصل عليها البنك و64 مليون دولار كفوائد و50 مليون دولار كعقوبات.