116 مليون عوائد علي استثمار8 مليارات جنيه بنسبة1/4% ----- يعاني نظام الوقف في مصر من العديد من المشكلات أبرزها ضعف العائد المحقق وعدم كفاءة ادارة هذه الاصول وتدني قدرات القائمين علي هذه العلمية, الأمر الذي يتطلب ضرورة اعادة النظر في النظام بأكمله. في هذا الإطار تكشف دراسة أعدها الدكتور محمد عبد الحليم عمر, مدير مركز صالح كامل للاقتصاد الاسلامي بجامعة الأزهر حول تجربة ادارة الأوقاف في مصر العديد من أوجه القصور في هذا المجال. تؤكد الدراسة أن مصر كانت من أوائل الدول التي صدر فيها قانون الوقف, حيث صدر عام1946 وبعدها بدأت الدول العربية في إصدار قوانين للوقف متأثرة الي حد كبير بالقانون المصري, حيث صدر قانون الاردن في عام47 وسوريا عام49 والكويت عام1951. ولكن يلاحظ كثرة التعديلات واصدار القوانين المكملة اللاحقة للقانون المصري رقم48 لعام1946 فاصبحنا أمام غابة من القوانين وما يتبعها من لوائح تنفيذية يصعب معها الاحكام القانونية المنظمة للوقف مما يتطلب اعادة اصدار قانون يجمع شتات ما ورد في هذه الغابة من التشريعات ويتلافي السلبيات ويراعي التطورات والمتغيرات وظروف الحال. وذكرت الدراسة أنه اذا كانت مصر من اوائل الدول التي نظمت ادارة الوقف حتي انشاء أول وزارة له في العالم الاسلامي الا انه مضي وقت طويل تشتت فيه الادارة الوقفية بين القضاء الشرعي وديوان او وزارة الاوقاف ومجلس الاوقاف الاعلي والنظار ووكلائهم الي أن جاء عام1971 بصدور القانون رقم80 بانشاء هيئة الاوقاف المصرية التي اختصت وحدها بالادارة التنفيذية للأوقاف وهذا يعد اسلوبا مقبولا اجمالا. وأشارت الدراسة الي ان التجربة المصرية في ادارة الأوقاف مرت بمنعطفات خطيرة أضاعت الكثير من اموال الاوقاف مثل نقل الاعيان الوقفية من اراض زراعية وفضاء ومبان التي تمثل أغلب الاصول الموقوفة الي الهيئة العامة للاصلاح الزراعي والمحليات ثم تقرر عودتها بعد ذلك الي هيئة الاوقاف المصرية وما تم اكتشافه من صعوبة ذلك خاصة انه تم التصرف في كثير من هذه الممتلكات والامر يقتضي سرعة تسوية هذه المشكلة. وتطالب الدراسة بتنوع مجالات استثمار اموال الوقف في شتي قطاعات الاقتصاد القومي بما يسهم في التنمية الاقتصادية بشكل كبير وكذلك تنويع اساليب الاستثمار حسب الصيغ الممكنة من تأجير وأدوات مالية وتأسيس الشركات ولكن يؤخذ علي التجربة استثمار بعض الاموال في الايداع النقدي بفوائد في البنوك التقليدية هذا فضلا عما تم سابقا بالحصول علي سندات بفائدة3% مقابل اراضي الاصلاح الزراعي وتسليم قيمة ما استهلك منها للمؤسسة الاقتصادية مقابل فائدة3.5%. وأفادت الدراسة بأن قوانين انهاء حالة الحكر إجراء سليم ذلك ان الحكر ترتب عليه ضياع الكثير من اموال الاوقاف ولو أن الامر في الواقع لم يتم تنفيذه بعد كاملا ودخلت هيئة الاوقاف في نزاعات عديدة مع المحتكرين ويتطلب الامر وقفة جادة لانهاء الحكر تماما. وذكرت الدراسة أن الابدال والاستبدال الذي نظمه الفقه الاسلامي بأن يكون عند خراب الوقف او انخفاض طاقته الانتاجية او وجود مجال يحقق عائدا اعلي مما يحققه الوقف الحالي ولقد أخذت التجربة المصرية بموضوع الاستبدال ولكنها توسعت فيه دون داع من الامثلة علي ذلك ما تقرر باستبدال الاراضي الزراعية المسلمة للاصلاح الزراعي بموجب سندات بفائدة ثم ما تقرر في لائحة العمل بالهيئة من النص علي حالات الاستبدال العديدة التي منها بيع اراضي الاوقاف الفضاء للعديد من الجهات لبناء عقار او مشروعات عليها وقد قامت الهيئة فعلا ببيع الكثير من الاراضي الوقفية لبعض الجهات الحكومية وبثمن اقل من ثمن المثل بحجة ان ذلك للاسهام في التنمية والوقف يساهم في التنمية من خلال استثمار امواله وانفاق غلته ولكن ليس من خلال التصرف في أعيانه بثمن اقل من ثمن المثل وانتقدت الدراسة قلة انشاء اوقاف جديدة, حيث يلاحظ ان الاعيان الوقفية الموجودة الآن هي من تراث الأجداد بالوقف ولم تسهم الأجيال الحالية في أوقاف جديدة وذلك لقة الوعي بالوقف وأهميته فضلا عما استقر في الأذهان من ان الوقف مسئولية الحكومة, والامر يتطلب بجانب التوعية التوجه نحو الاساليب الحديثة في التمويل والقائمة علي ديمقراطية التمويل من خلال الوقف الجماعي باصدار صكوك وقفية وانشاء صناديق وقفية ومشاركة المنظمات الحكومية في منظومة الوقف الي جانب اتباع الوقف السلطاني بأن تخصص الوحدات الحكومية العاملة في خدمة المجتمع بعضا من الانشاءات في صورة مبان سكنية او اراض مستصلحة للوقف. وانتقدت الدراسة ضآلة العائد علي استثمار اموال الوقف فعلي سبيل المثال وبالنظر في الحساب الختامي لهيئة الاوقاف المصرية في إحدي السنوات الماضية وجد ان العائد الاجمالي وصل الي116.8 مليون جنيه وما آل منه لوزارة الأوقاف لصرفه علي وجوه الخير الموقوف عليها بعد خصم ما يخص الهيئة( أجر المناظر) والاحتياطي نحو80.4 مليون جنيه واذا عرفنا ان المال الوقفي الذي استمر واثمر هذه الايرادات, كما يظهر في الميزانية العمومية.( من غير الاراضي) حوالي8 مليارات جنيه اذن يكون معدل العائد علي الاستثمار نحو1.46% وصافي العائد المحول لوزارة الاوقاف نحو1% وبمقارنة هذا المعدل بنسبة الفائدة علي الودائع في البنوك او العائد علي الايداعات في البنوك الاسلامية الذي يمثل حوالي12% في نفس السنة تتضح مدي ضآلة العائد علي استثمارات الاوقاف وربما يرجع السبب في ذلك الي عدم كفاءة ادارة الاستثمار بالهيئة, حيث توجد ادارة للاستثمارات بها موظفون غير متخصصين وغير مؤهلين ويتصرفون بعقلية الادرة الحكومية والامر يتطلب التعاقد مع ادارات متخصصة مثلما يحدث في صناديق الاستثمار الخاصة التي يلزم القانون فيها بضرورة وجود شركة ادارة استثمارية مرخص لها مزاولة استثمار اموال هذه الصناديق, هذا فضلا عن ضرورة محاسبة الهيئة علي أساس كفاءة الأداء ممثلة في تحقيق عائد مناسب باعتبار ان هذا العائد المحقق الضئيل يمثل تقصيرا جسيما في الادارة. وذكرت الدراسة ضياع بعض اعيان الوقف لاعتداء الغير علي مدي سنوات طويلة وعدم وجود حصر دقيق لها وضياع وتلف الكثير من حجج الوقف الخاصة بها ولقد تم تشكيل لجان الحصر والاسترداد منذ زمن ولكنها لم تتوصل الي ذلك بعد بشكل كامل. واشارت الدراسة الي ان هناك خلطا محاسبيا بين مال الوقف وبين مال هيئة الاوقاف المصرية فبالاطلاع علي الحساب الختامي والميزانية للهيئة نجد ان مصروفات الهيئة مدمجة مع مصروفات الوقف وان ايرادات الاوقاف تنسب للهيئة وبالاطلاع علي قائمة المركز المالي نجد انها معنونة باسم الهيئة ويدرج فيها موجودات الاوقاف وموجودات الهيئة هذا فضلا عن عدم احتوائها علي موجودات الوقف من اراض زراعية او حقوق مال الوقف. وان عدم النشر الدوري المنظم لصرف غلة الاوقاف المحولة لوزارة الاوقاف من الهيئة علي مستحقيها وإدماج ذلك في حسابات الوزارة التي لا يطلع عليها ويتطلب الامر النشر الدوري لذلك مما يساهم في التوعية بأهمية الوقف, هذا فضلا عن ان بعض اوجه صرف الغلة لا تدخل في نطاق مصاريف الاوقاف. واشارت الدراسة الي بعض الممارسات غير المرغوبة, مثل قيام الحكومة بفرض وتحصيل ضرائب علي اموال الوقف ممثلة في الضرائب العقارية وعلي الغلة في صورة ضريبة دخل رغم ان هذه تعتبر اموالا عامة, حيث يتحقق فيها شرطا الاموال العامة علما وقانونا بانها توجه للخدمات العامة ونفع المجتمع وان تقوم عليها جهة عامة ووزارة الاوقاف هي التي تقوم عليها. وانه نظرا للنزاعات المتتالية والكثيرة بين هيئة الاوقاف والغير الخاصة بانهاء الحكر واسترداد الاعيان المغتصبة فإنه توجد قضايا عديدة مرفوعة أمام المحاكم المختصة وتلزم فيها الهيئة بسداد رسوم قضائية عالية تستنزف جزءا كبيرا من الغلة وبالرغم من ان وزير الاوقاف بصفته ناظرا علي الوقف هو الذي يرفع هذه القضايا وهو معفي من الرسوم القضائية قانونا وان الهيئة وكيل عنه في الادارة لذلك فإن الامر يقتضي إعفاء اموال الوقف من دفع هذه الرسوم. وتنتقد الدراسة إلغاء الوقف الاهلي بموجب القانون180 لعام1952 وللأسف حذت حذو مصر في هذا المجال دول عربية عديدة مع ان الوقف الاهلي علي الذرية مشروع والحاجة اليه قائمة ولا يعني وجود تجاوزات في ادارته واستغلاله إلغاءه بالكلية بل يتم تنظيم ذلك بصورة منضبطة. ويقترح د. عبد الحليم عمر في الدراسة عدة أساليب للنهوض بالوقف وانه بالنسبة لمشكلة ضآلة العائد من استثمار أموال الوقف نقترح ان يتم الاشتراط علي جهة ادارة واستثمار اموال الوقف, تحقيق حد أدني من العائد لا يقل مثلا عن5% من حجم مال الوقف وإذا قل عن ذلك بسبب ليس خارجا عن تحكم ناظر الوقف فإنه يحاسب علي الفرق من اجره علي اساس ان مال الوقف في يده مال أمانة يكون مسئولا عن ضمانه شرعا اذا قصر او أهمل في المحافظة عليه واستثماره بالشكل السليم. وبالنسبة لخراب اعيان الوقف فإنه يتم اتباع الاساليب الشرعية بالاستبدال عن طريق هدم الاعيان المخربة وانشاء اعيان او مبان جديدة تمثل استغلالا افضل لهذه العقارات ويجب ان تساند الدولة ذلك باجبار المستأجرين علي ترك المباني لتجديدها. مكافحة الاعتداء علي اموال الوقف يتم ذلك بداية باجراء حصر لهذه الاموال ثم تقوم الحكومة باصدار قرارات نافذة باعادة هذه الاعيان للوقف دون الدخول الي متاهات القضاء والمحاكم فإذا كان المعتدي قد تصرف في مال الوقف بالبناء علي الارض فعلا يدخل الوقف شريكا معه بالارض ويستحق نصيبا في العائد منذ واقعة الاعتداء, أما اذا كان قد تصرف بالبيع في مال الوقف او غيره يستحق الوقف ثمن البيع والعائد عليه وهذا أمر ليس بمتعذر فلقد صدر في دولة السودان في عام1990 باعادة ممتلكات الاوقاف المعتدي عليها الي حظيرة الوقف والقيام بتسويات علي الاراضي التي يصعب ردها عمليا, اما بالتعويض بالمثل او باقتسام العائد منها مع هيئة الأوقاف. وان يتم فض الاشتباك بين الادارة الحكومية والوقف ويأتي ذلك بداية بتعديل القوانين وفق ما ييقضي به الشرع بأن تكون النظارة علي الوقف وادارته للواقف او من يعينه من أو ورثته او غيرهم. وان يلزم تطوير الجهات الحكومية المسئولة عن ادارة واستثمار اموال الوقف القائمة بتعديل نظم العمل بها ومدها بالكفاءات او اتباع اسلوب التفويض منها لادارة خبيرة بالاستثمار لتكون قادرة علي ادارة واستثمار اموال الوقف سواء الموجودة لديها او التي يعهد اليها الواقفون الجدد بنظارتها بشكل مميز وان تشكل جمعية عمومية للوقف من الواقفين وغيرهم لتمثل الرقابة والاشراف الشعبي علي اعمال هيئة الاوقاف الحكومية. فصل اموال الوقف عن اموال الجهة الحكومية ويتم نشر نتيجة اعمالها في قوائم مالية محاسبية دوريا علي الجمهور تحقيقا للشفافية وان تشكل لجان شعبية للمشاركة في مراقبة صرف ريع الوقت علي الأوجه المحددة في وثيقة الوقف. ان يتم توسيع نطاق الصرف من ريع الوقف علي جميع وجوه الخير دون حصرها علي المساجد فهناك طلاب العلم الذين يمكن انشاء اوقاف للانفاق علي دفع مصروفات التعليم لهم وهناك رعاية المتفوقين والمخترعين بانشاء مدينة للتكنولوجيا او في علاج المرضي او استطلاح الاراضي لزيادة انتاج الغذاء وكذلك صرف الوقف علي تيسير الزواج لابناء المسلمين فأوجه صرف الوقف للقواعد الشرعية هي كل اوجه الخير بما يعود بالنفع علي المسلمين.