أكد خبراء ان استهلاك مصر من الزيوت ارتفع إلى 2 مليون طن حيث قفز متوسط استهلاك الفرد من الزيت إلى 17 لتر فى العام حاليا مقارنة ب 5 لترات فى فترة الستينيات نتيجة اختلاف نمط الغذاء والاقبال على الوجبات الجاهزة والسريعة. واقترحوا تبنى الدولة لسياسات زراعية وتسويقية وسعرية مستقرة مع الاهتمام بالزراعة التعاقدية وزيادة المساحات المنزرعة بالمحاصيل الزيتية. وكشف أحمد عبد الوهاب رئيس مجلس إدارة شركة الإسكندرية للزيوت عن أن استهلاك مصر من الزيوت وفقًا لمنظمة الفاو يقدر بنحو 1800 طن سنويًا وقد يزيد هذا العام إلى أكثر من 2 مليون طن، هذا الاستهلاك يتنوع بين الزيوت الثقيلة والخفيفة. الزيوت الثقيلة تستخدم فى صناعة السمن النباتى والمارجرين والصابون وهى تستخرج أساسًا من زيت النخيل وزيت الاستيرين، وهو أحد مشتقات زيت النخيل، وزيت النخيل لا يمكن إنتاجه فى مصر حيث لا تتوافر البيئة الملائمة لزراعته، فالمحصول يتطلب درجة حرارة عالية وأمطارا وفيرة طوال العام ويوجد فى ماليزيا واندونيسيا. ومصرتستهلك نحو 850 ألف طن سنويًا منه وتستورد الكمية بالكامل، أما الأولين فهو احد مشتقات زيت النخيل فيدخل فى صناعة الزيوت الخفيفة ويشكل نحو 400 ألف طن من ال 058 ألف طن، التى سبق أن أشرنا إليها. ويضيف عبدالوهاب ان انتاج زيت النخيل يبدو مستحيلا بمصر أما المليون و ال 200 ألف الأخرى فهى زيوت خفيفة معظمها يتكون من زيت الصويا وزيت عباد الشمس وزيت الذرة، ويصل متوسط الاستهلاك الشهرى منها إلى 100-120 ألف طن، فإذا أردنا زراعة الكمية كلها فسوف تتأثر المحاصيل الزراعية الأخرى، ولذلك فإن مصر تستورد نحو 90% إلى 29% من احتياجاتها من الزيوت. والأفضل أن تزرع مصر بعض الكمية التى تحتاجها فى الأراضى الجديدة مثل مشروع استصلاح وزراعة 1.5 مليون فدان التى أعلن عنها الرئيس وذلك بهدف تقليل الفجوة بين الاستيراد والاستهلاك وعدم الاعتماد الكامل على الاستيراد خاصة ان الزيت سلعة استراتيجية وتوافرها يؤثر على الأمن القومى للبلاد. ويؤكد عبد الوهاب أن وزارة التموين تستهدف قيام الشركة القابضة للصناعات الغذائية التى تتبعها 6 شركات لإنتاج الزيوت - هى الاسكندرية للزيوت والصابون، وشركة الزيوت المستخلصة وشركة ابو الهول وشركة النيل للزيوت وشركة طنطا للزيوت والصابون وشركة مصرللزيوت والصابون - بتغطية 57% من استهلاك البلاد وذلك عن طريق استيراد بذور الصويا وغيرها من البذور وتكريرها، أما الباقى فيقوم القطاع الخاص بالإنتاج والتكرير. ولتحقيق هذا الهدف وجه وزير التموين بضرورة رفع الطاقات الانتاجية لهذه الشركات إلى 3000 طن يوميًا، وذلك من الطاقة الانتاجية الحالية وهى 0061 طن يوميًا. أما شركة الاسكندرية للزيوت التى يرأسها، فيقول عبد الوهاب إن الشركة تنشد زيادة معدل انتاجها من 360 طن يوميًا لتسجل 600 طن يوميًا باستثمارات تقدر بنحو 15 إلى 02 مليون جنيه. وفيما يتعلق باستعدادات الوزارة لتوفير الزيوت لشهر رمضان الكريم فيقول عبد الوهاب إن هيئة السلع التموينية قد تعاقدت قبل رمضان على كميات من الزيوت تغطى استهلاك البلاد فى شهر مايو حتى اغسطس القادم وإن بعض الكميات قد وصلت وموجودة فى صوامع الشركة القابضة بطاقة تخزينية 72 ألف طن بجانب 50 أو 60 ألف طن موجودة بالتنكات الخاصة بالشركات المختلفة والمنتجة للزيوت، بالإضافة إلى كميات أخرى ومخزون كاف. وبالتالى فان احتياجات مصر مغطاة بالزيوت حتى شهر أغسطس والشركة القابضة متعاقدة على الكميات الخاصة بشهر سبتمبر بحيث تصل فى الأسبوع الثانى من شهر 8، وبذلك لن تعانى البلاد من اى مشكلة أو تناقص فى الكميات المعروضة. وعن متوسط استهلاك الفرد فى مصر يؤكد عبد الوهاب أنه فى معدلاته الطبيعية ويتوافق مع متوسط استهلاك الشعوب التى تتميز بنمط استهلاك مقارب لنمط استهلاك الشعب المصرى خاصة ان هناك شهورا يزيد فيها نمط الاستهلاك للزيت بخلاف رمضان والأعياد وهى الشهور التى يصوم فيها المسيحيون. ويرى عبد الوهاب أن أسعار المحاصيل الزيتية فى البورصات العالمية فى المنحنى الطبيعى ولم تتغير بسوى زيادة لا تتعدى 10% بسبب نهاية محصول الصويا، حيث يبدأ المحصول الجديد فى شهر 9، أما محصول عباد الشمس فيعانى من نقص الكميات المعروضة فى الوقت الحالى، ولكن هذه الظروف قابلها انخفاض فى اسعار النفط إلى دون 05 دولارًا للبرميل ما يجعل انتاج الوقود الحيوى من الذرة والصويا والقمح غير ذات جدوى ويؤدى فى النهاية إلى زيادة المعروض من المحاصيل الزيتية، ولذلك فالتأثير على الأسعار العالمية محدود وتتحكم فيه آليات العرض والطلب فى الأسواق، ولكننا فى مصر نواجه بارتفاع الدولار من 7.83 إلى 8.88 بزيادة %14، ناهيك بمشكلة عدم توافر العملة الصعبة أصلًا ما أثر على تكلفة شراء الزيت الخام من الخارج، وهنا تقوم الشركة القابضة بتوفير الزيوت الخاصة بمنظومة التموين ونقاط الخبز وتقوم بطرح المناقصات بالدولار أو بالجنيه المصرى، فتضيف إلى السعر العالمى سعر الشحن والتمويل ومصاريف التخليص ويتم التسليم فى محطة الماكس الخاصة بالشركة القابضة للصناعات الغذائية لتقوم الشركات التابعة بتكريرها وبيعها للمواطن بأسعار تناسب محدودى الدخل. - لا وجود لاحتكارات وينفى عبد الوهاب وجود احتكارات فى السوق حيث يوجد عدد لا بأس به من الشركات الخاصة مثل شركة أرما والمتحدة وصافولا وأفكو، التى تتنافس منافسة شرسة فيما بينها بتقديم أسعار تفاضلية تتناسب مع مقدرة المستهلك المصرى، كما أن الدولة تتدخل من خلال الشركة القابضة للصناعات الغذائية وشركات انتاج وتكرير الزيوت التابعة لها بشراء مخزون استراتيجى وتهدف إلى زيادة طاقاتها الإنتاجية كما أشرنا سلفًا حتى يكون المعروض وفيرا وبأسعار تفاضلية فتقضى على ظاهرة تخبئة وتخزين الزيوت بغرض تعطيش السوق التى يمارسها بعض التجار من ضعفاء النفوس. ويتفق أيمن قرة رئيس شركة القاهرة للزيوت والصابون ورئيس شعبة الزيوت باتحاد الصناعات أن استهلاك البلاد من زيت الصويا قد سجل نحو 005 ألف طن، ومليون طن من زيت النخيل بمشتقاته المختلفة واهمها الأولين والاستيرين، كما نستهلك نحو 800 ألف طن من زيت عباد الشمس، وهى آخر أرقام متاحة لديه، وهو يحبذ اتجاه وزارة التموين الأخير بدعم المواطن بدلًا من دعم الزيت حيث أعطت الدولة للمستهلك حق تحديد الكمية والجودة التى يريد شراءها والبقال الذى يريد التعامل معه، ويؤكد ان الزيت متاح وبوفرة، وتصل أسعار الأنواع المخلوطة منه من زيت صويا وعباد الشمس - زيت التموين - إلى 9 جنيهات للتر ، الذى يستفيد منه نحو 70 مليون مواطن مصرى مربوط على البطاقة التموينية، أما الزيت النقى من ذرة إلى عباد الشمس فتتراوح الأسعار بين 18 و13 جنيهًا للتر على التوالى لكل نوع وجميعها متوفرة بالأسواق. - زيادة استهلاك المصريين ويرى د. أيمن قرة أن متوسط استهلاك الفرد من الزيت فى مصر قد زاد بمقارنة نمطه فى الاستخدام فى ستينيات القرن الماضى حيث تراوح الاستهلاك بين 5 لترات أو أكثر قليلًا للفرد فى العام ولكن الأن قد يصل المتوسط إلى 71 لترا للفرد الواحد نتيجة اختلاف نمط الغذاء والإقبال على الوجبات الجاهزة والسريعة، ويرى أنه يجب على المواطن أن يعتمد على اساليب مختلفة للطهى بدلًا من التحمير الغزير الضار بالصحة. ويؤكد أن مصر لا بد لها من استيراد احتياجاتها الاستهلاكية من الزيوت كما تفعل الآن وهى تستورد كميات لا بأس بها من فول الصويا من أمريكا والأرجنتين أما زيت النخيل ومشتقاته فتستورده من ماليزيا وإندونيسيا، كما تستورد زيت عباد الشمس من روسيا وأوكرانيا، ولكن فى النهاية لا بد من تعديل الميزان التجارى لصالحنا وذلك عن طريق زيادة صادراتنا من الخضر والفاكهة سواء الطازجة أو المعلبة أو المجمدة، كما يجب أن تستهدف السياسة الزراعية أعلى عائد على المتر المكعب للمياه وأعلى عائد على الفدان ويدلل على ذلك بأنه تمكننا زيادة صادراتنا من الأرز وهو من النوع الذى يسمى باليابانى ويمثل هذا النوع عمومًا 5% من السوق العالمى للأرز بما فى ذلك حصة مصر الإنتاجية وغيرها من الدول المنتجة له وهو محصول مرتفع الثمن فى البورصات العالمية ويصل إلى نحو800 دولار للطن عكس الأرز البسماتى الذى يصل إلى 500 دولار فقط للطن الواحد، ما يجعلنا نصدر جزءا من الأرز الذى نزرعه ونستورد جزءا ولكن ليس كل الكمية مراعاة لمذاق الشعب المصرى والأكلات التى تعود عليها. - سياسة زراعية وتسويق مستقرة ويلفت قرة إلى وجوب تبنى الدولة لسياسة زراعية وتسويقية وسعرية مستقرة وواضحة تحقق صالح جميع الأطراف، تراعى ميزانية الدولة ومقدرة المستهلك وتعود بالخير والربح على المزارع وتضمن الحد من جشع التجار الذين يفرضون أسعارا مرتفعة للسلع الغذائية بما فى ذلك الزيوت وأن تعمل الحكومة على ضمان وفرة المعروض من الزيوت والسلع الغذائية. ويرى د. سعد نصار محافظ الفيوم الأسبق أن أسعار الزيوت فى مصر لم ولن تعكس أسعار السوق العالمية فى سوى حالة ارتفاع الأسعار فقط أما عند ما تنخفض الأسعار، فالتاجر لا يستجيب وتظل الأسعار كما هى ولذلك يجب على الحكومة فى هذه الحالة التدخل بالشراء لبناء مخزون استراتيجى تلجأ إليه الدولة عند زيادة الأسعار العالمية مرة أخرى. ويشير إلى أن بعض التجار يبيعون السلع بأسعار مرتفعة حتى فى حالة شرائها بأسعار منخفضة، كما يقومون بحجب بعض الكميات، ولذلك يجب على الدولة تفعيل جهاز حق المنافسة وحماية المستهلك وجهاز منع الاحتكار وجهاز مكافحة الإغراق وجهاز التجارة الداخلية فى وزارة التموين وجميعها أجهزة تحمى حقوق المستهلك وتحافظ على أسعار عادلة فى السوق المصرى، ويشدد على وجوب التزام الحكومة بطرح كميات وفيرة من السلع الغذائية والزيوت فى المجمعات الاستهلاكية. - الزراعة التعاقدية كما يلفت إلى أهمية توجيه المزارع إلى زراعة بعض المحاصيل الزيتية خاصة الزيتون الذى تصلح زراعته فى الأراضى الضعيفة ويتحمل الملوحة وقلة الأمطار ويوجد فى محافظتى سيناء ومطروح، ولكن بشرط ان تتعاقد المصانع أو الحكومة على شراء المحصول من المزارع حتى نجنبه الخسائر، ويلفت إلى التجربة السابقة فى التسعينيات التى تم تنفيذها فى محافظة الفيوم حيث فضل التجار استيراد الزيوت بدلًا من شراء المحاصيل الزيتية من الفلاح المصرى بسبب رخص الأسعار العالمية ما جعل الفلاح يحجم عن زراعة هذه النوعية من المحاصيل، بل إن المصانع التى تم إنشاؤها بغرض عصر البذور وتكرير الزيوت قد أغلقت وبعضها خسر والبعض الآخر يحتاج إلى الإصلاح حتى يعود للإنتاج مرة أخرى.