يأتى هذا بينما وزير التموين يصرح بأن الوزارة ليس لديها عصا سحرية لخفض الأسعار ويأخذ العامة بعيدا عن المشكلة بالحديث عن منظومة إلكترونية لربط الشركات التابعة للشركة القابضة للصناعات الغذائية التى لا تمثل مبيعاتها هى والمجمعات إلا أقل من 1% فقط، ثم يأخذنا إلى تجارب تسلم الصوامع التى من الواضح أن تجارب التشغيل تعثرت وبشدة وكادت تؤدى إلى كارثة فى موسم تسلم القمح من الفلاحين هذا العام، ولولا استدعاء رئيس الوزراء لقيادات الفلاحين والاستماع إليهم وتشكيل غرفة عمليات خاصة تتبع رئيس الوزراء مباشرة وفتح كل الشون الترابية وأراضى الفضاء لتسلم المحصول من الفلاحين بعد تقديرات غير دقيقة من وزارة التموين عن جاهزية الصوامع الرأسية والأفقية الجديدة للعمل، لولا تصرفات رئيس الوزراء بعقل وحكمة لحدث ما لا تحمد عقباه فى موسم التوريد. تصريحات وزير التموين عن العصا السحرية لضبط الأسواق تدفعنا إلى مهام الدولة فى ضبط وحوكمة الأسواق وهل يكون دور الدولة مجرد رد فعل فقط كما هو حادث الآن أم ينبغى على الدولة أن تقود الأسعار وهى تمتلك 52 ألف بقال تموينى منتشرين فى جميع القرى والنجوع ونحو 3500 مجمع تعاونى و43 شركة تابعة للشركة القابضة للصناعات الغذائية بالإضافة إلى 355 منفذا تابعا لوزارة الزراعة ومثلها للقوات المسلحة ومع ذلك تدعى وزارة التموين أنها لا ينبغى لها أن تتدخل فى الأسواق وأن تترك الأسعار حرة تتفاعل صعودا وهبوطا كما تشاء بدون تدخل من الدولة إلا بعد أن تتعالى صرخات الفقراء واشتعال الأسعار وحرق الفقراء انتظارا لتوجيهات الرئيس وتعليمات رئيس الوزراء. الرأى الصواب أنه ينبغى أن تكون للدولة قبضة قوية لحوكمة الأسواق والسيطرة عليها وأن تقود الدولة الأسعار لا أن تنقاد إليها وأن الدولة تمتلك فعلا العصا السحرية ممثلة فى هيئة السلع التموينية التى نص قرار إنشائها على توفيرها لاحتياجات الشعب المصرى من جميع السلع الإستراتيجية من الأسواق المحلية أو بالاستيراد، ويضاف إليها كما سبق شركات الشركة القابضة للصناعات الغذائية والبقالة التموينية ومنافذ وزراتى الزراعة والدفاع، وكان ينبغى على الدولة أن تستغل هذه الأجهزة لمواجهة الانهيار الكبير الحادث فى أسعار السلع الغذائية فى البورصات العالمية واستيرادها جميعا قبل شهر رمضان بثلاثة أشهر وصرف مستحقات البطاقات التموينية وبدعة نقاط الخبز فى الأشهر التى تسبق الشهر الفضيل فقط بالزيت والأرز والسكر والمكرونة والفول والعدس والفاصوليا واللوبيا الجافة والمسلى النباتى والصلصلة فقط دون غيرها، وبعيدا عن السلع الهامشية التى تغرى المحرومين مثل التونة المفتتة والسلمون والبلوبيف ومساحيق الغسيل والمربى، فمثل هذه السلع التى تستغل حرمان الفقراء تشعل أسعار السلع الأساسية بعد أن يذهب إليها 73 مليون مواطن مقيدون على البطاقات التموينية لشراء الأرز والزيت والبقول وغيرها لأنها كتلة شرائية تفوق فى عددها عدة دول عربية مجتمعة. فإذا تخيلنا أن أسعار أرز الدرجة الأولى القصير الحبة والمماثل للأرز المصرى فى البورصات العالمية يتراوح بين 300-325 دولارا للطن أى بنحو 3-3.5 جنيه بسعر الدولار فى السوق الموازية وليس الرسمى فيكون الاستغراب بأن يصل سعر الأرز فى مصر بلد الأرز إلى 01جنيهات، وأن أسعار زيوت الطعام فى البورصات العالمية نحو 007 دولار للطن أى نحو سبعة جنيهات مصرية فيكون السؤال كيف تصل فى مصر إلى 17 جنيها للتر؟! وبالمثل الزبدة البقرى الخالصة التى يتلاعب بمسمياتها التجار الجشعون فيستوردون زبدة بقرى مخلوطة بالمارجرين أى السمن النباتى وبدرجات عالية ثم يبيعونها تحت مسمى زبدة صفراء وكأن الزبدة تباع بالألوان ومنها الصفراء والبيضاء والخضراء، ولكنها ملامح انحلال السوق وينبغى أن تعلن المحلات عن بيع زبدة بقرى صافية أو زبدة بقرى مخلوطة. وللأسف حتى الإعلانات استغلت مساندة وزير التموين للتجار وبعد أن كانوا يعلنون عن سمن نباتى بطعم الزبدة الفلاحى ولا أدرى أى نوع منها فالفلاحون فى مصر ينتجون الزبدة البقرى والزبدة الجاموسى معا.. أصبحوا الآن يعلنون عن السمن الفلاحى فقط دون أدنى إشارة إلى كونه سمنا نباتيا للزيوت المهدرجة منعته وجرمته جميع دول العالم لتأثيره الأكيد على شرايين الإنسان وانسدادها والإصابة بالجلطات القلبية. حتى الأرز لم يسلم من غش التجار فى غياب متعمد لوزارة التموين، فتقسيم الحبوب بكل أصنافها هو تقسيم دولى ثابت فى جميع دول العالم ولا ينبغى أن يتم التلاعب به أبدا وهو حبوب (أرز وقمح وشعير وذرة وشوفان) الدرجة الأولى بنسبة كسر لا تزيد على 3٪، وأرز وحبوب الدرجة الثانية بنسبة كسر لا تزيد على 6%، ثم أرز وحبوب الدرجة الثالثة بنسبة كسر لا تزيد على %12، وبعد هذا الرقم تتحول جميع أصناف الحبوب إلى حبوب أعلاف وليس للاستهلاك البشرى. ولكن يبدو أن وزارتنا للتموين المنوط بها حماية الشعب المصرى من الغش والخداع قد سمحت للتجار بمخالفة هذه النسب فانتشر فى الأسواق المصرية أرز بنسبة كسر 5% ومدون عليه أنه أرز درجة أولى بينما الصحيح أنه أرز للدرجة الثانية!! والغريب والعجيب فى بلد الزراعة مصر وخامس أكبر منتج للطماطم فى العالم بمعدل 5.7 مليون طن، أن نجد فى الأسواق المصرية صلصلة طماطم إنتاج دولة الإمارات الشقيقة التى ليس لديها وفرة من إنتاج الطماطم بوزن 320 جراما وتباع فى الأسواق المصرية بسعر يتراوح بين 2.5 - 2.75 جنيه، بينما مثيلاتها المصرية تباع بضعف الثمن!، بل إن وزير التموين قد أصدر قرارا فى الأشهر الماضية برفع أسعار صلصلة إدفينا بنفس الوزن التى كان يقبل عليها الغلابة اعتمادا على شركات الدولة التى تراعيهم فرفعها إلى 4 جنيهات بدلا من 2 جنيه فى السابق ورفع أسعار علبة عصير تلاميذ مدارس الفقراء إلى 150 قرشا بعد أن كانت 50 قرشا فقط وملاذا للفقراء حتى يريح شركات القطاع الخاص والتجار من صداع منافسة شركات الدولة لهم فى الإنتاج بعد تساوى الأسعار بما سيؤدى إلى تراجع مبيعات هذه الشركات (كميا) اعتمادا على تعويض فارق السعر لدخل الشركة. دور وزارة التموين هو قيادة الأسعار فى الأسواق وأن تكون هى الفعل وليس رد الفعل وألا تترك الأسواق للتجار وحدهم يشعلونها كما يشاءون لأن البعد الاجتماعى والاستقرار المجتمعى يقومان على أسعار الغذاء والطاقة فقط دون غيرهما، ولأن ثورات الفقراء جامحة. فى جولة فى أسواق الغذاء بمناسبة حلول الشهر الفضيل ذروة استهلاك الغذاء فى مصر وبما يعادل استهلاك ثلاثة أشهر فى الأيام العادية، وجدنا صدور الفراخ قد اقتربت من 70 جنيها للكيلو جرام، وأرى أن سعرها العادل لا ينبغى أن يزيد على 40 جنيها بالربح للمربين، وسعر كيلو الدجاج الأبيض وصل إلى 26 جنيها والبلدى إلى 32 جنيها والبط والأوز قاربت 40 جنيها وزوج الحمام 50 جنيها وهى أسعار فلكية لم ترها مصر من قبل وجميعها تشكل ركنا أساسيا على مائدة الأسر المصرية فى رمضان. أيضا وجدنا أن أسعار اللحوم قد وصلت إلى 100 جنيه للكجم عند الجزار و120 عند السلاسل التجارية التى يدعى وزير التموين أنها تخفض الأسعار وينبغى التوسع فيها، ثم الأرز 10 جنيهات للدرجة الأولى و8 للثانية و7 للثالثة والمجمعات تطرح كميات قليلة من الأخيرة بسعر 4.5 جنيه تنتهى فى أقل من ساعة بسبب تعمد وزارة التموين تعطيش السوق وعدم صرفها للأرز وزيوت الطعام لأصحاب البطاقات التموينية لعدة أشهر متتالية دافعة بأمثال هؤلاء الغلابة إلى السوق الحر لشرائها ما أدى إلى زيادة كبير فى الطلب عليها أدت إلى تضاعف أسعارها، وأخيرا وصول زيت العباد إلى 17 جنيها وزيوت الخليط بين 11-12 جنيها للتر. الغريب أنه من شهرين فقط كان سعر أرز الدرجة الأولى أقل من الجنيهات الخمسة والآن أصبح هذا السعر هو الحد الأدنى لسعر الأرز من الدرجة الثالثة وما دونها.