إضافة كلية طب العريش إلى منصة «ادرس في مصر» بكافة تخصصاتها    يورتشيتش يمنح لاعبى بيراميدز إجازة 10 أيام بعد التأهل لمجموعات أبطال أفريقيا    مدرب مانشستر يونايتد يكشف أسباب التعادل مع كريستال بالاس    هل يُمكن استخدام السيارات الكهربائية في عمليات تفجير عن بُعد؟.. خبير سيبراني يوضح    وزير الخارجية: نرفض أي سياسات أحادية للمساس بوحدة أراضي الصومال    أحمد موسى: حزب الله معندوش قرار حتى الآن لضرب معسكرات الجيش الإسرائيلي    عبد العاطي يلتقي وكيلة السكرتير العام للأمم المتحدة لمنع الإبادة الجماعية    المحطات النووية تدعو أوائل كليات الهندسة لندوة تعريفية عن مشروع الضبعة النووي    نائب محافظ قنا: مبادرة «بداية جديدة لبناء الإنسان» تعزز مقومات التنمية الشاملة    هل تشهد مصر سيول خلال فصل الخريف؟.. خبير مناخ يوضح    التحريات تكشف ملابسات مصرع ابن المطرب إسماعيل الليثي في الجيزة: سقط من الطابق العاشر    مياه الأقصر تنفي انقطاع المياه أو تلوثها داخل المحافظة    انطلاق فعاليات المرحلة الخامسة لمسرح المواجهة والتجوال من قنا    حصلنا على التصريح من الرقابة.. منتج فيلم «التاروت» يكشف حقيقة مشهد خيانة رانيا يوسف لحبيبها مع كلب    تجديد الثقة في المخرج مسعد فودة رئيسا لاتحاد الفنانين العرب بالتزكية    أحمد سعد يعود لزوجته: صفحة جديدة مع علياء بسيونى    قناة «أغاني قرآنية».. عميد «أصول الدين» السابق يكشف حكم سماع القرآن مصحوبًا بالموسيقى    قرارات عاجلة من إدارة الأهلي بعد التأهل لمجموعات أفريقيا قبل مواجهة الزمالك    حزب المؤتمر: منتدى شباب العالم منصة دولية رائدة لتمكين الشباب    موسم شتوي كامل العدد بفنادق الغردقة.. «ألمانيا والتشيك» في المقدمة    "علم الأجنة وتقنيات الحقن المجهري" .. مؤتمر علمي بنقابة المعلمين بالدقهلية    فصائل فلسطينية: استهداف منزلين بداخلهما عدد من الجنود الإسرائيليين ب4 قذائف    تعرف على أهداف منتدى شباب العالم وأهم محاوره    الحكومة تكشف مفاجأة عن قيمة تصدير الأدوية وموعد انتهاء أزمة النقص (فيديو)    بلقاء ممثلي الكنائس الأرثوذكسية في العالم.. البابا تواضروس راعي الوحدة والاتحاد بين الكنائس    هل يمكن أن يصل سعر الدولار إلى 10 جنيهات؟.. رئيس البنك الأهلي يجيب    عبدالرحيم علي ينعى الشاعر أشرف أمين    بيكو للأجهزة المنزلية تفتتح المجمع الصناعي الأول في مصر باستثمارات 110 ملايين دولار    السجن 6 أشهر لعامل هتك عرض طالبة في الوايلي    تدشين أول مجلس استشاري تكنولوجي للصناعة والصحة    إيطاليا تعلن حالة الطوارئ في منطقتين بسبب الفيضانات    كاتبة لبنانية لإكسترا نيوز: 100 غارة إسرائيلية على جنوب لبنان وهناك حالة توتر    شروط التحويل بين الكليات بعد غلق باب تقليل الاغتراب    فتح باب التقديم بمسابقة بورسعيد الدولية لحفظ القرآن الكريم والابتهال الدينى    توتنهام يتخطى برينتفورد بثلاثية.. وأستون فيلا يعبر وولفرهامبتون بالبريميرليج    وكيل صحة شمال سيناء يتفقد مستشفى الشيخ زويد المركزى ووحدات الرعاية    وزيرة التنمية المحلية تعلن انتهاء استعدادات المحافظات لاستقبال العام الدراسي 2024-2025    بلد الوليد يتعادل مع سوسيداد في الدوري الإسباني    الاستخبارات الهنغارية تؤكد أنها لم تنتج أجهزة "البيجر" التي تم تفجيرها في لبنان    إصابة 3 أشخاص في حادث تصادم «توك توك» بدراجة نارية بالدقهلية    بالصور.. إصلاح كسر ماسورة مياه بكورنيش النيل أمام أبراج نايل سيتي    علاج ارتفاع السكر بدون أدوية.. تناول هذه الفاكهة باستمرار للوقاية من هذا المرض    اليوم العالمي للسلام.. 4 أبراج فلكية تدعو للهدوء والسعادة منها الميزان والسرطان    بطاقة 900 مليون قرص سنويًا.. رئيس الوزراء يتفقد مصنع "أسترازينيكا مصر"    بداية جديدة لبناء الإنسان.. فحص 475 من كبار السن وذوي الهمم بمنازلهم في الشرقية    حزب الله يعلن استهداف القاعدة الأساسية للدفاع الجوي الصاروخي التابع لقيادة المنطقة الشمالية في إسرائيل بصواريخ الكاتيوشا    هانسي فليك يفتح النار على الاتحاد الأوروبي    المشاط تبحث مع «الأمم المتحدة الإنمائي» خطة تطوير «شركات الدولة» وتحديد الفجوات التنموية    ضبط شركة إنتاج فني بدون ترخيص بالجيزة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 21-9-2024 في محافظة البحيرة    توجيهات عاجلة من مدبولي ورسائل طمأنة من الصحة.. ما قصة حالات التسمم في أسوان؟    اسكواش - نهائي مصري خالص في منافسات السيدات والرجال ببطولة فرنسا المفتوحة    حكاية بطولة استثنائية تجمع بين الأهلي والعين الإماراتي في «إنتركونتيننتال»    فيديو|بعد خسارة نهائي القرن.. هل يثأر الزمالك من الأهلي بالسوبر الأفريقي؟    مريم متسابقة ب«كاستنج»: زوجي دعمني للسفر إلى القاهرة لتحقيق حلمي في التمثيل    «الإفتاء» توضح كيفية التخلص من الوسواس أثناء أداء الصلاة    "ألا بذكر الله تطمئن القلوب".. أذكار تصفي الذهن وتحسن الحالة النفسية    ضحايا جدد.. النيابة تستمع لأقوال سيدتين يتهمن "التيجاني" بالتحرش بهن في "الزاوية"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل تشكل نقطة الانطلاق لتقسيم سوريا؟.. حلب تتحول إلى مدينة أشباح ومهددة بالاختفاء بعد شهرين

الفيتو الروسى ضد مشروع القرار الفرنسى يؤشرالى الإبقاء على حالة الاشتعال واستمرار منهجية القتل والعذابات اليومية
- دعوة مصرية لوقف الاقتتال والقصف العشوائي لحماية المدنيين ووقف تخريب البنية الإنسانية الأساسية
- بسبب أخطاء الأسد التى اعترف بوقوعها تحولت المدينة من شهباء إلى لون الدم منتشرا فى طرقاتها وبناياتها
أبو الغيط يحذر من عواقب تحييد الجامعة العربية والمندوبون الدائمون يصرخون: أنقذوا سوريا

ما جريمة حلب لكى يتم صلبها على هذا النحو الشديد الوطء، فتتحول إلى مدينة أشباح وينتظرها التلاشى بعد شهرين أو ثلاثة إن استمر معدل القتل والقصف بالوتيرة المتصاعدة - وفقا لقراءة شديدة الواقعية لاستيفان دى مستورا المبعوث الأممى الخاص- لاسيما أحياؤها الشرقية،التى تتلقى القتل والقصف اليومى، بكل ما يمتلكه النظام وحلفاؤه، بالذات روسيا التى تحولت إلى الرقم الأهم فى المعادلة السورية،سواء العسكرية أم السياسية، وأصبحت قواتها الجوية تشارك طيران بشار الأسد فى إلقاء البراميل المتفجرة، والصواريخ القاتلة والقنابل المحرمة الدولية، على المستفيات - التى توقف بعضها، برغم محدودية إمكاناته عن تقديم خدماته تماما -والمرافق والمنازل فتتساقط على قاطنيها، فيقضى بعضهم نحبه،بينما يتم بمعجزة آلهية إنقاذ البعض الآخر، فى حين يتحول البعض الثالث إلى جرحى أغلبهم بعاهات دائمة.
الفيتو الروسى عار
ولاشك أن لجوء روسيا إلى استخدام حق النقض الفيتو ضد مشروع القرار، الذى قدمته فرنسا إلى مجلس الأمن خلال التصويت عليه مساء السبت الماضى، يكرس بشكل سافر موقفها المنحاز بقوة وشراسة إن جاز القول إلى جانب استمرار المجازر والمذابح والمكابدات اليومية، التى يتعرض لها المدنيون فى حلب خصوصا أن مشروع القرار الفرنسى،كان يدعو إلى وقف إطلاق نار فورى، وتمهيد الأجواء لإدخال المساعدات الإنسانية للمحاصرين من سكان المدينة المنكوبة، بينما مشروع القرار البديل الذى قدمته موسكو،كان يدعو بشكل عام إلى وقف الأعمال العدائية فى المدينة وفى غيرها من المناطق، صحيح أن الفيتو الروسى كان متوقعا، بل إن سيرجى لافروف ذكر علنا وبحضور وزير الخارجية الفرنسي "جان مارك إيرولت بمقر الخارجية الروسية بموسكو :"لن نمنح مشروع القرار الذى تقدمت به بلاده، الموافقة إلا بعد إجراء تعديلات عليه تنسجم مع المنظور الروسى، وهو مالم يحدث فجاء لجوؤها - أى موسكو - إلى الفيتو بمثابة الضربة القاضية لإمكانية اعتماد المشروع، ما دفع المندوب البريطانى فى الأمم المتحدة الى وصف ما جرى بأنه يمثل "العار" الذي نعلمه بشأن أعمال روسيا وتوجه بكلامه للمندوب الروسي فى جلسة مجلس الأمن: ليس بوسعى أن أشكرك على هذا الفيتو".
لقد ألقت فرنسا بكل ثقلها وراء مشروع القرار، الذى أعدته لإنهاء الوضع المحتقن فى حلب، فزار وزير خارجيتها كل من موسكو وواشنطن فى أقل من 28 ساعة ثم شارك فى جلسة مجلس الأمن، وشدد فى كلمته قبيل التصويت على أن مصير حلب على المحك، وحذر قائلاً:"إذا لم نتدخل الآن سيخسر العالم حلب إلى الأبد‪"‬مضيفا: على مجلس الأمن أن يدعو لوقف القصف على حلب وإدخال المساعدات، فما يحدث في سوريا هو تكرار لعمليات التطهير العرقي‪"‬ فرئيس النظام السوري – على حد وصفه - وأنصاره لا يحاربون الإرهاب، وإنما يغذونه، ومن يقف مع النظام الذي يقتل شعبه عليه تحمل العواقب، يجب ألا يفلت مرتكبو الجرائم في سوريا من العقاب، وقبيل التصويت بساعات حذر الرئيس الفرنسى روسيا من عواقب استخدامها لحق النقض، دون أن يحدد ما الذى سوف تفعله بلاده بعد أن وقع ما حذر منه، وإن كانت بعض الدوائر الدبلوماسية الغربية، تشير إلى إمكانية حدوث توافق غربى لفرض عقوبات على روسيا، والتى لم تعد تعيرها كبير اهتمام،مثلما حدث بعد فرض العقوبات عليها عقب ضمها لجزيرة القرم وانحيازها إلى الانفصاليين فى أوكرانيا.
الحقيقة المؤلمة
وقد يتساءل البعض هل تلجأ الأطراف الغربية بالذات الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وربما ألمانيا، إلى تبنى بدائل عسكرية فى المواجهة مع روسيا على الأراضى السورية؟ والتى استعدت لها جيدا عبر إدخال منظومة الدفاع الجوى 400 إس إس وإدخال المزيد من السفن الحربية،القادمة من البحر الأسود إلى البحر الأبيض المتوسط وقبالة الشواطئ السورية، والمحملة بالصواريخ الحديثة القادرة على التصدى لأى ضربات صاروخية من قبل الولايات المتحدة، أو من حلفائها، وهو ما هددت به القيادة العسكرية الروسية بالفعل، فى رؤية الكثير من المراقبين، أن الأمر لن يتجاوز كونه تقديم مساعدات لوجستية للمعارضة المسلحة، تمكنها من التصدى للطيران السورى والغارات الروسية، لكنها لن تصل إلى حد تزويدها بالصواريخ المضادة للطائرات، خشية وقوعها فى أيدى الجهات الخطأ والمقصود بها تنظيم داعش والنصرة.
ويعكس هذا التطور السلبى فى مجلس الأمن بدون شك حقيقة مؤلمة تتمثل فى أن الأوضاع فى حلب وفى غيرها من مناطق سوريا، ستظل تراوح مكانها من حيث الاستمرار فى مشاهد القتل والقصف والعذابات اليومية، وأن الأمر بات فى حاجة إلى معجزة لوقف هذا التدهور وارتكاب الفظائع.
اعتراف بشار
واللافت للنظر أن بشار الأسد، اعترف أخيرا فى حديث تليفزيونى بوقوع أخطاء فى حلب، بيد أنه ينفى تماما عن قواته وحلفائه ارتكاب الفظائع ضد المدنيين، غير أن المشاهد التى خرجت - وما زالت تخرج - عن حلب التى كانت شهباء (أى بيضاء اللون فصارت حمراء اللون من فرط ما تراكم من دم فى شوارعها وطرقاتها وفضاءاتها) تنبئ أن ماجرى - وما زال يجرى - هو عملية ممنهجة، لإحداث أكبر قدر من الخسائر لدى سكان الأحياء الشرقية، التى يتهمها النظام بالموالاة للمعارضة، فى حين أنه فرض عليهم العيش فى هذه المناطق، فدفعوا كلفة وجودهم فضلا عن إجبارهم على الخروج القسرى، منها حتى تتهيأ الأحوال لاستيعاب سكان موالين سياسيا ومذهبيا للنظام، فى إطار مخطط - يبدو أن النظام برغم كل ادعاءاته قبل به لتقسيم سوريا، وهو ما بدت نذره واضحة تماما خلال المرحلة الراهنة، فى ضوء قناعة بأنها لن تعود إلى ماكانت عليه قبل 2011، متكئا فى طروحاته على تسويق حربه ضد التنظيمات الإرهابية، وهى حقيقة معترف بها فى المشهد السورى، لكنها لا تمثل كل القوى التى خرجت لمناهضة استبدادية النظام المتوغل فى السلطة منذ أكثر من أربعين عاما، فثمة قوى وطنية ومدنية وليبرالية وحتى إسلامية، غير منطوية تحت عباءة الفكر المتطرف والإقصائى مثل داعش والنصرة، تقاتل جنبا إلى جنب ضد النظام، سعيا لإعادة بناء سوريا على أسس مغايرة مختلفة، تقوم على مبدأ المواطنة وتأسيس حكم مدنى ديمقراطى تعددى، فى إطار من وحدة سوريا وشعبا مع احترام التمايزات العرقية، وهو الأمر الذى لم تنضج الإرادات الإقليمية والدولية الفاعلة فى المشهد السورى باتجاهه، فتركت المجال مفتوحا لحالة سيولة الدم تنتشر مثل الجراد، ليس فى حلب فحسب، وإنما فى مختلف أنحاء سوريا دون إتاحة لهذا الطرف أو ذاك لحسم الموقف لصالحه عسكريا، وإن كانت روسيا بوتين حققت على الأرض صدقية توجهها لحماية النظام، وتوفير كل أشكال الإسناد اللوجستى والعسكرى والمالى، إلى جانب ما تقدمه إيران وحلفاؤها وأذرعها الشيعية فى المنطقة العربية وخارجها، ما دفعه إلى تحقيق تحولات - وليس انتصارات - مكنته من استعادة بعض المناطق فى شرق حلب وفى محافظات، لكنها تحولات تتسم بطابع تكتيكى وليس إستراتيجيا، ويمكن إن حصلت قوات المعارضة المسلحة على أسلحة حديثة من قبيل مضادات الطيران أن يقع تغيير فى المعادلة على الأرض، أو على الأقل وقف تمدد قوات النظام فى أراض تسيطر عليها، وهو مالم يحدث حتى الآن من قبل حلفاء هذه الفصائل المسلحة التى توصف بالمعتدلة، والتى يناشد قادتها الولايات المتحدة والدول الإقليمية المسارعة بالإسراع فى تقديم هذه الأسلحة القادرة على مواجهة طيران الأسد وطيران الروس.
تحذير سعودى
وفى هذا السياق، فإن التحذير الذى أعلنه أحمد عبد العزيز قطان سفير المملكة بالقاهرة، ومندوبها الدائم لدى الجامعة العربية المملكة العربية السعودية خلال الاجتماع الطارئ لمجلس الجامعة – الأسبوع الماضى - على مستوى المندوبين الدائمين، والذى أكد فيه أن بلاده لن تقف مكتوفة الأيدى حيال ما تتعرض له مدينة حلب أعطى بعض الأمل فى هذا الاتجاه، وإن كان لم يوضح كيفية حدوث ذلك،مستنكرا المذابح التي تجري فيها ووصفها بأنها "فضيحة تحدث أمام أعين العالم‪"‬ مشددا على دعوة الدول العربية إلى الوقوف بجانب الشعب السوري وبذل قصارى جهده لإغاثته وبذل جميع الجهود الممكنة على المستوى الدولي وفي المجتمع الدولي لتوفير ممرات آمنة لتوصيل مواد الإغاثة إلى الشعب السوري.‪
‬وما لفت الانتباه أن قطان وجه انتقادات لما وصفه بالصمت العربي والدولي على جرائم النظام في سوريا، ما ساعد على مواصلة نهجه الدموي بحق أبناء الشعب السوري، وتساءل قائلا:"أين الحل السلمي للأزمة السورية وكيف نحققه؟"، مستنكرا لجوء النظام السوري إلى حلفائه لإبادة الشعب السوري بعد فشله في القضاء على الثورة السورية، وهو ما يؤكد أنهم يسعون إلى الحل العسكري، ويتحججون بوجود تنظيمات إرهابية، وكأن الشعب السوري أصبح بأكمله إرهابيا، داعيا إلى ضرورة إجبار جميع الأطراف على العودة إلى طاولة المفاوضات وتطبيق قرارات مؤتمري جنيف (1 و2 مضيفا:"لسنا دعاة حرب ولا نسعى لها والصراع المسلح لا يحسم الأمور بل سعينا للوصول إلى حل سلمي للأزمة، وسبق أن نصحت المملكة بشار بعدم استخدام السلاح مع الشعب مؤكدا حرص بلاده أن تبقى سوريا موحدة‪.‬
مذبحة بالمعنى الحرفى
وجاءت الرؤية التى طرحها أحمد أبو الغيط الأمين العام للجامعة العربية، الذى حرص على المشاركة فى الاجتماع الطارئ، قوية ومجسدة لتصور واضح للتعامل مع تداعيات ما يجرى في مدينة حلب العريقة، منذ انهيار ترتيبات الهدنة في التاسع عشر من شهر سبتمبر الماضي، والذى وصفه بأنه لايخرج عن كونه مذبحة بالمعنى الحرفي للكلمة، وينطوى على وضعٌ بالغ الخطورة، حتى بمعايير الحرب الأهلية السورية بكل ما شهدته من فظائع، ولم تتوقف على مجرد تشخيص الوضع الخطير فى حلب، وإنما دعا فيها إلى ضرورة العمل بصورة عاجلة، لإقرار وقف إطلاق النار في حلب وفي عموم سوريا، من أجل إدخال المساعدات الإنسانية والإغاثية للسُكان المُحاصرين، وذلك من أجل تفادي وقوع أزمة إنسانية مروعة تفوق في ضراوتها ما جرى من مجازر، مشيرا إلى أن هناك أطرافاً دولية وإقليمية متورطة في الهجوم الوحشي على المدينة، وطالبها بأن تتحمل مسئولياتها إزاء الخروقات الجسيمة للقانون الدولي الإنساني التي ارتُكبت ، من قصف مُتعمد وممهنج للمستشفيات، منها قصف المستشفى الرئيسي في حلب ثلاث مرات في أسبوع واحد إلى فرض للحصار على السُكان واستهداف المدنيين بشكل عشوائي وواسع النطاق.
أزمة عربية
وأعاد أبو الغيط إلى الأذهان ماألح عليه منذ توليه منصبه أمينا عاما للجامعة العربية فى مطلع يوليو الماضى، من أن الأزمة السورية – على الرغم من تأثير الفاعلين الدوليين والإقليميين - تظل أزمة عربية تقع تبعاتها على دول المنطقة وشعوبها، ومن ثم ليس مقبولاً أن يتم ترحيلها برمتها إلى الأطراف الدولية التي ظهر أنها عاجزةٌ عن الاتفاق أو التوصل إلى تسوية، يُمكن فرضها على الأرض، مشدداعلى أهمية أن يكون لجامعة الدول العربية رأيٌ ودورٌ في مُعالجة الأزمة السورية.. حيث تتعاظم الحاجة للدور العربي والوجود العربي والدعم العربي للسوريين اليوم أكثر من أي وقتٍ مضى.
ثم ينبه إلى قناعته القوية بأن ما يحدث في حلب تحت سمع وبصر العالم يُذكر الجميع بأن الحل العسكري لن يحسم هذا الصراع، وأن أي طرفٍ يتصور إمكانية تحقيق الحسم العسكري واهمٌ ومخطئ في قراءته للموقف، ويتعين عليه مراجعة هذا التصور الذي لن يقود سوى لمزيد من سفك دماء السوريين دون جدوى حقيقية.
ويتفق نجيب المنيف سفير تونس بالقاهرة ومندوبها الدائم لدى الجامعة العربية، والذى ترأس بلاده الدورة الحالية لمجلس الجامعة مع رؤية أبو الغيط، مشددا على ضرورة تعزيز دورها - أى الجامعة العربية- في الأزمة السورية وفي الجهود الرامية لتحقيق الحل السياسي، لاسيما فى ظل ما باتت تشهده سوريا فى مختلف أنحائها من تصعيد خطير للأعمال القتالية، وسقوط عدد كبير من القتلى والجرحى وتفاقم الأوضاع الإنسانية، لاسيما ما يتعرض له شرق مدينة حلب منذ من استهداف للمدنيين، وقصف للمستشفيات، وحصار للمواطنين، بالإضافة إلى الصعوبات في إدخال المساعدات‪.‬ ويؤكدفى الوقت ذاته أهمية الدفع باتجاه استئناف الحوار والتوصل لوقف إطلاق النار وتثبيت الهدنة، وإنهاء الأزمة الإنسانية للشعب السوري.
مصر حاضرة بقوة
وكانت مصر حاضرة بقوة فى المداخلات، فقد أعربت على لسان مندوبها الدائم الجديدة لدى الجامعة العربية السفير خالد جلال عن إدانتها الشديدة لاستمرار العمليات القتالية والعدائية، واستهداف المدنيين فى مدينة حلب السورية داعية جميع الأطراف للعمل الفوري من أجل وقف الاقتتال والقصف العشوائي الذي يمكن أن ينتج عن وجود ضحايا من المدنيين وتخريب البنية الإنسانية الأساسية اللازمة لمعيشتهم، مشددة على ضرورة تمهيد الطريق أمام الحل السياسي الشامل للأزمة السورية الذي يتطلع إليه الجميع‪.
‬ويلفت جلال النظر إلى حجم المأساة التي تعيشها سوريا نتيجة الثمن الإنساني الفادح لاستمرار الأعمال القتالية في سوريا، وانهيار ترتيبات وقف الأعمال العدائية التي تم الاتفاق عليها في اجتماعات المجموعة الدولية لدعم سوريا، مشيرا إلى أن التقارير التي تتحدث عن‏ ازدياد حدة المعاناة الإنسانية خلال في حلب وشرقها بصورة غير مسبوقة، تضرب بعرض الحائط الجهود العربية والدولية الحثيثة المبذولة لإيجاد صيغة عملية وفورية لوقف نزيف الدماء، والتوصل لتصور موحد لتسوية سياسية شاملة تنقذ الشعب السوري الشقيق من محنته، مشددا على دعوة مجموعات الدعم الدولية إلى تنحية خلافاتها جانبا والعمل على تنفيذ اتفاق وقف العدائيات الذي توصلت إليه، وإيلاء إنقاذ الشعب السوري من ويلات هذه الحرب الأولوية فوق كل اعتبار آخر داعيا إلى ضرورة إيصال المساعدات الطبية والإنسانية للمدنيين‏ في المناطق المتضررة والمحاصرة، مشيرا فى هذا السياق إلى نجاح مصر في تمرير المساعدات إلى مناطق منكوبة، وقال إن استمرار نزيف الدماء في سوريا والثمن الإنساني الفادح لاستمرار القتال فيها هو نتيجة حتمية، لعدم تعاملنا مع صلب الأزمة وغياب الحل السياسي الشامل الذي يلبي مطالب وتطلعات الشعب السوري الشقيق ويحافظ على وحدة سوريا الإقليمية، ويصون مؤسسات الدولة التي لن يستفيد من وهنها إلا التنظيمات الإرهابية‪.
‬وأكد أن طريق الحل واضح باستئناف وقف العدائيات ثم تطويره إلى وقف شامل لإطلاق النار من شأنه وقف نزيف الدم وإغاثة ومساعدة المدنيين المتضررين في المناطق المنكوبة والأشد احتياجا‪.
‬التعبير عن الألم
وفى مداخلة جمعة مبارك الجنيبى سفير الإمارات بالقاهرة تجسد التعبير عن الألم بقوة لوقائع ما جرى - وما زال يجرى - فى حلب قائلا: لقد بات الألم يزداد لدينا يومًا بعد يوم نتيجة لما يعاني منه الشعب السوري الشقيق من حالة مأسوية في داخل وخارج وطنه، وبات من الصعب أن تحل الأزمة السورية بالتصعيد العسكري الذي يستهدف المدنيين البسطاء، فالحل العسكري حسب منظوره لن يكون في مصلحة السوريين، والحل السياسي سيظل هو الحل الوحيد والمخرج المناسب لهذه الأزمة، والذي يجب أن يتضمن حوارا سياسيا جادا بين كل السوريين، يبنى على أسس تضمن الحفاظ على وحدة سوريا واستقلالها، ويدعم طموحات السوريين في العيش بدولة آمنة ومستقرة، وهو ما لن يتحقق بالحلول التصعيدية والعسكرية، التي تفضى على الدوام الى أزمات إنسانية تزيد من معاناة الشعب السوري، مطالبا بتحمل المجتمع الدولي لمسئولياته ضد هذه الأعمال غير الإنسانية،التي أصبحت تشكل مأساة إنسانية حقيقية،والعمل المتواصل لتأمين دخول المساعدات الإنسانية إلى جميع المناطق السورية.
وفى رأى أحمد البكر مندوب الكويت الدائم لدى جامعة الدول العربية والذى طلبت بلاده عقد الاجتماع الطارئ لبحث الأوضاع فى حلب، فإن المأساة التي يتعرض لها الشعب السوري خصوصا في مدينة حلب لم يشهد لها التاريخ مثيلا منذ الحرب العالمية الثانية، فهى تشهد أبشع ممارسات تمثلت في استخدام أنواع جديدة من الأسلحة الثقيلة المحرم استخدامها، ولم يسلم من هذا الاعتداء الهمجي لا المدارس ولا المستشفيات أو دور العبادة بل كل مقومات الحياة، ولم يميز هذا القصف بين المدنيين العزل والمسلحين، ووصل تفاقم الوضع لتعمد قصف قوافل الإغاثة الإنسانية ويتابع: إن ما يحدث من مجازر لا يمثل فقط جريمة ضد الإنسانية وانتهاكا صارخا للمعاهدات الدولية، والقانون الدولي الذي يعرض المشاركين للعدالة الدولية، بل يمثل أيضا انتهاكا لكل الأديان السماوية والمبادىء الإنسانية.‪
‬موقف جزائرى مغاير
ويقدم نذير العرباوى سفير الجزائر بالقاهرة ومندوبها الدائم لدى الجامعة العربية مداخلة مغايرة، إلى حدما يلفت فيها إلى أنه لا يمكن فصل أحداث حلب عما يجري في المدن السورية الأخرى من تقتيل وتدمير، وكذلك ما ترتكبه الجماعات الإرهابية من مجازر، مشيرا إلى أنه تتم الدعوة لاجتماع بالجامعة العربية، كلما تصاعدت أعمال العنف في المدن السورية دون أن يكون لها تأثير على أطراف الأزمة، ويقول إن بلاده حذرت منذ البداية من أن الأزمة مستعصية على الحل العسكري، وأن لغة السلاح والتدخل الأجنبي لن تؤدي إلى حل باعتبارها أزمة سورية سورية، الأمر الذي أدى إلى انتشار الجماعات الإرهابية، موضحا أنه ظل التسليح المتواصل أخفقت الأصوات القليلة التي تطالب بالحل السياسي، والإرهاب مستفيد مما يحدث، لاسيما أن الجماعات المسلحة خرقت الهدنة.‪
‬وحسب اعتقاد المندوب الجزائرى فإنه لم يعد ممكنا في المشهد السوري، التمييز بين المعتدلين والإرهابيين بعد انتشار الجماعات، مثل داعش الإرهابية، وجبهة النصرة وأحرار الشام،مشددا على ضرورة إدانة الأعمال الإرهابية التي ترتكبها التنظيمات في مدينة حلب.‪
‬إن خطورة ما يجرى فى حلب لاتتمثل فى النتائج المباشرة، من قتل وتدمير ووقف لكل مظاهر الحياة فحسب، ولكن فى تأثيره على مسار الأزمة السورية برمتها على المدى المنظور، وفى هذا السياق فإن الخبراء يبدون هواجسهم من الاندفاع بقوة، إلى هاوية التقسيم الذى أضحى قائما فعليا على الأرض فى المرحلة الراهنة، بحيث يتم الإقرار به علنا، سواء من مختلف الفرقاء الفاعلين الرئيسيين من داخل سوريا، أم من الإقليم أم على المستوى الدولى، والذى قد يأخذ أشكالا مذهبية وطائفية وعرقية حادة، قد تفضى إلى بناء المزيد من عوامل عدم الاستقرار الإقليمى، ومن ثم لم يعد أمام الجميع إلا العودة إلى الخيار السلمى، لتمرير حل سياسى يقوم على خارطة الطريق، التى أقرها مجلس الأمن فى شهر ديسمبر الماضى، تؤسس لمرحلة انتقالية مدتها 18 شهرا، وتنتج هيئة حكم انتقالية بالمشاركة، وليس بالمغالبة، بين الحكم والمعارضة تهيئ البيئة المناسبة، لإعداد دستور جديد وإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية، تحت رقابة دولية توفر كل مقومات النزاهة والشفافية لها، لتتشكل فى ضوء نتائجها النخبة الحاكمة الجديدة، وذلك يستوجب - فى منظور بعض المراقبين - أن يتحرك السوريون من تلقاء أنفسهم لإنقاذ وطنهم، بمنأى عن لعبة الرعاة الإقليميين والحرب بالوكالة التى تمارس على الأرض، لحساب قوى دولية معروفة بمصالحها وإستراتيجياتها، لا تضع فى حسبانها أبدا مصالح الشعب السورى على نحو يقود إلى تشكيل حركة سياسية واسعة تتخطى الاستقطاب المعتاد بين النظام والمعارضة، لتضم السوريين الراغبين فى إعادة بناء الوطن، على أسس ديمقراطية ومدنية، وتضم جميع الطوائف والأعراق والطوائف من دون إقصاء أو تهميش، وتقف على أرضية إنهاء الحرب، ولكن هل سيترك أصحاب المصالح والامتيازات من استمرار مربع النار والدم مثل هذه الحركة أن تنشأ ثم تبدأ عجلاتها فى الدوران؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.