سلوى سيد بدأت الحكومة المصرية في إعداد مشروع موازنة السنة المالية المقبلة «2016-2017» على أساس سعر صرف 8.25 جنيه للدولار انخفاضاً من 7.75 جنيه في السنة المالية الحالية، وقلل مصرفيون من أهمية خفض الجنيه لدعم الاقتصاد المصري، فمزيد من الانخفاض سيتسبب فى ارتفاع مباشر فى معدلات التضخم ما يعنى ارتفاع فى الأسعار وهو ما سيضطر المركزي لرفع سعر الفائدة على الايداع والاقراض لمواجهة تلك الارتفاعات، ولكن من ناحية أخرى سيقوض من فرص الاستثمار لارتفاع تكلفة الاقتراض ليضع الحكومة فى مأزق جديد. ولا يشير خفض الجنيه فى تقييم الموازنة العامة إلى ضرورة خفضه في خلال العام المالي القادم، ولكنه مؤشر عن توقعات بارتفاعه في تلك الفترة، ليبقى المتحكم الرئيسي في قيمة الجنيه عوامل أخرى بخلاف السياسة النقدية والموازنة العامة للدولة، فالبنك المركزي يسعى لإحداث توازن في السوق وسط المعطيات المتاحة، ولكن المؤثر الفعلي على قيمة العملة المحلية هو الاقتصاد الكلى من خلال الناتج المحلى والإيرادات والصادرات فضلاً عن معدلات الاستثمارات المباشرة وغير المباشرة والحوافز والسياسات الحكومية. يقول عمرو سيف، رئيس قطاع الخزانة بأحد البنوك الخليجية إن خفض الجنيه فى الموازنة الجديدة لن يفيد الاقتصاد فى شيئ، والدليل على ذلك أنه منذ رفع قيمة الدولار مقابل الجنيه منذ ثورة يناير 2011 في السوق الموازي من مستوى 5.75 جنيه إلى 8.75 جنيه لم ترتفع معدلات الصادرات التى يؤثر فيها بشكل أكبر جودة المنتج أو منافستها للمنتجات المشابهة فى الاسواق المستهدفة، وإذا نظرنا إلى معدل الاستيراد فإنه كذلك لم ينخفض زيادة سعر الدولار. أما على مستوى الميزان الخدمى وبالتحديد السياحة فأيضاً سعر الغرفة الفندقية فى مصر ليس هو العامل الأوحد لجذب السياح الأجانب فى حين تعتمد على الاوضاع السياسية والأمنية بشكل أكبر ،وفيما يتعلق بعائدات قناة السويس فالرسوم المحصلة من السفن الأجنبية العابرة للقناة تدفع بالدولار أى أنه لا يوجد تأثير لخفض أو رفع قيمة الجنيه مقابل الدولار، إذا فالحساب الجارى لميزان المدفوعات خارج قائمة المستفيدين من القرار. وأضاف سيف أن الحساب المالى هو الآخر لن يستفيد من تخفيض قيمة الجنيه فالاستثمارات الأجنبية لن تتواجد فى السوق المصرية فى ظل عدم وجود مناخ داعم للاستثمار حتى الآن ،ليصبح الملجأ الوحيد للحكومة هو رفع سعر الكوريدور لمواجهة موجات التضخم المتوقعة من جراء تراجع الجنيه وعندها تضطر الحكومة مواجهة كساد الاستثمار مع ارتفاع الفائدة على الاقراض. ومن المتوقع أن يزداد عبء خدمة الدين العام متأثراً بخفض الجنيه من خلال ارتفاع العائد على أذون وسندات الخزانة ومن جهته قال تامر عادل، مدير قطاع المعاملات الدولية بأحد البنوك الخاصة إن الهدف الاساسى من ذلك القرار هو خفض تقييم الجنيه فمن الواضح أن هناك ضغط قوى على الحكومة لتشجيع الصناعة المحلية ،مشيراً إلى أن الارتفاع سيكون تدريجياً على مدار العام المالى الجديد وليس دفعة واحدة ولكن بالطبع الارتفاع كبير من 7.83 جنيه للدولار حالياً إلى 8.25 جنيه فى الموازنة الجديدة بفارق 42 قرشاً. فنحن نسير خلف الصين فى تحديد سعر العملة وعندما تخفض عملتها يكون هدفها الأول هو تشجيع صادراتها وبالتالى إغراق للعالم كله بمنتجاتهم لذا لابد من أن يتخذ البنك المركزى إجراءات إضافية لوقف ذلك الإغراق ليس فقط من خلال قراراته بترشيد الاستيراد ورفع الجمارك وغيرها ولكن أيضاً على صعيد العملة المحلية. ولفت عادل إلى أن تصريح الحكومة بخفض قيمة الجنيه فى هذا الوقت بالتحديد ليس فى محله على الإطلاق ،فبذلك الحكومة تشجع أصحاب السيولة الدولارية على اكتناز مدخراتهم لحين الاستفادة منها وبيعها بأعلى سعر مما يدفع السوق الموازية للدولار لإستمرار نشاطها وحجم الطلب ،الأمر الذى سيتسبب مباشرة فى ارتفاع سعر الورقة الخضراء وتجاوزها حاجز ال 9 جنيهات وفق تقديرات مراقبين للأسواق. كما رفض الاستمرار فى خفض قيمة الجنيه لما له عواقب خطيرة على الاقتصاد فى حال عدم زيادة معدلات الاستثمار كما تتوقع الحكومة، الأمر الذى سيرفع معدلات التضخم وبالتالى ارتفاع الأسعار.