الدستور المصرى: ثورتا 25 يناير و30 يونيو فريدتان بين الثورات الكبرى فى تاريخ الإنسانية - الثورة ضحية جدل بين طرفين أولهما يتهمها بالمؤامرة والثانى ينتظر تحقيق الحلم
(احمدوا ربنا إن البلد ماشية)، هى رصاصة الرحمة التى يطلقها البعض فى وجه الغلابة إذا ما طالبوا بحياة كريمة - وفقا لمتطلبات الثورة - مستندين لحالة الفوضى وعدم الاستقرار التى خلفتها، وإذا كانت هذه هى الحقيقة المرة التى أخرت تحقيق الحلم، فهل نحن نسير فى الطريق الصحيح المؤدى إلى العيش والحرية والعدالة الاجتماعية؟ عندما نصل إلى هذه الحالة من الجدل، علينا جميعا أن نستسلم للآمر الناهى، الذى تعد كلمته سيفا على رقاب أكثر من 90 مليون نسمة، فبأمر الدستور المصرى لا بد أن ينعم الشعب بالعيش والحرية والعدالة الاجتماعية، وفقا لمادة ثورة يناير فى الدستور.
وبرغم مرور السنوات الخمس على ثورة 25 يناير، فإن البعض لا يزال يتعامل مع ثورة يناير على أنها (ابن الخطيئة)، وهناك من يطلق عليها (المؤامرة) أو (نكسة يناير)، ولا شك أن الثورة شهدت المتآمرين والمأجورين واللاهثين نحو المناصب، لكن الأجمل أنها قضت على البطالة، ووفرت للملايين فرص عمل افتراضية، فأصبحنا جميعا ناشطين سياسيين وحقوقيين وإعلاميين وعلماء نفس واجتماع. ليست ثورة يناير وحدها من صنعت تلك الحالة، بل إن الحالة نفسها عشناها عقب ثورة 30 يونيو، حيث يروق للغالبية العيش فى حالة من الفوضى، وما بين هذا وذاك تغيب متطلبات الثورة.
نعم هى ثورة، لا ذنب لها فى حالة جدل دائرة بين فريقين، أولهما يتخيل أن هجومه على الثورة بحجة أن (البلد بتضيع) يقربه من الجهات السيادية، والثانى لا يزال يبحث عن الحلم (عيش- حرية – عدالة اجتماعية)، لكن لمن نسى أو يتناسى، فالجهات السيادية نفسها اعترفت بأنها ثورة وفقا لنص تسليم السلطة.
ثورة يناير فى الدستور فى العصر الحديث، استنارت العقول، وبلغت الإنسانية رشدها، وتقدمت أمم وشعوب على طريق العلم، رافعة رايات الحرية والمساواة، وأسس محمد على الدولة المصرية الحديثة، وعمادها جيش وطني، ودعا ابن الأزهر رفاعة أن يكون الوطن محلا للسعادة المشتركة بين بنيه، وجاهدنا - نحن المصريين - للحاق بركب التقدم، وقدمنا الشهداء والتضحيات، فى العديد من الهبات والانتفاضات والثورات، حتى انتصر جيشنا الوطنى للإرادة الشعبية الجارفة فى ثورتى 25 يناير و30 يونيو اللتين دعتا إلى العيش بحرية وكرامة إنسانية تحت ظلال العدالة الاجتماعية، واستعادات للوطن إرادته المستقلة. هذه الثورة امتداد لمسيرة نضال وطنى كان من أبرز رموزه أحمد عرابي، ومصطفى كامل، ومحمد فريد، وتتويج لثورتين عظيمتين فى تاريخنا الحديث: ثورة 1919 التى أزاحت الحماية البريطانية عن كاهل مصر والمصريين، وأرست مبدأ المواطنة والمساواة بين أبناء الجماعة الوطنية، وسعى زعيمها سعد زغلول وخليفته مصطفى النحاس على طريق الديمقراطية، مؤكدين أن الحق فوق القوة، والأمة فوق الحكومة، ووضع طلعت حرب خلالها حجر الأساس للاقتصاد الوطني. وثورة 23 يوليو 1952 التى قادها الزعيم الخالد جمال عبد الناصر، واحتضنتها الإرادة الشعبية، فتحقق حلم الأجيال فى الجلاء والاستقلال، وأكدت مصر انتماءها العربى وانفتحت على قارتها الإفريقية، والعالم الإسلامي، وساندت حركات التحرر عبر القارات، وسارت بخطى ثابتة على طريق التنمية والعدالة الاجتماعية. هذه الثورة امتداد للمسيرة الثورية للوطنية المصرية، وتوكيد للعروة الوثقى بين الشعب المصرى وجيشه الوطني، الذى حمل أمانة ومسئولية حماية الوطن، التى حققنا بفضلها الانتصار فى معاركنا الكبرى، من دحر العدوان الثلاثى عام1956، إلى هزيمة الهزيمة بنصر أكتوبر المجيد، الذى منح الرئيس أنور السادات مكانة خاصة فى تاريخنا القريب. وثورتا 25 يناير - 30 يونيو، فريدتان بين الثورات الكبرى فى تاريخ الإنسانية، بكثافة المشاركة الشعبية التى قدرت بعشرات الملايين، وبدور بارز لشباب متطلع لمستقبل مشرق، وبتجاوز الجماهير للطبقات والأيديولوجيات نحو آفاق وطنية وإنسانية أكثر رحابة، وبحماية جيش الشعب للإرادة الشعبية، وبمباركة الأزهر الشريف والكنيسة الوطنية لهما، وهى أيضا فريدتان بسلميتهما وبطموحهما أن تحقق الحرية والعدالة الاجتماعية معا. هذه الثورة إشارة وبشارة، إشارة إلى ماض ما زال حاضرا، وبشارة بمستقبل تتطلع إليه الإنسانية كلها. مادة (16) تلتزم الدولة بتكريم شهداء الوطن، ورعاية مصابى الثورة والمحاربين القدماء والمصابين وأسر المفقودين فى الحرب، وما فى حكمها ومصابى العمليات الأمنية، وأزواجهم وأولادهم ووالديهم، وتعمل على توفير فرص العمل لهم، وذلك على النحو الذى ينظمه القانون. وتشجع الدولة مساهمة منظمات المجتمع المدنى فى تحقيق هذه الأهداف.
نص وثيقة تسليم وتسلم السلطة باسم الشعب صاحب السيادة ومصدر السلطات ومفجر الثورة ثورة 25 يناير لعام 2011، وما حملته من طموحات وآمال وتطلعات وثورة ال 30 من يونيو لعام 2013، المكملة التى صوبت المسار واستعادت الوطن، وتنفيذا للاستحقاق الثانى لخريطة مستقبل الشعب المصري، وبناء على قرار اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية رقم 36 لعام 2014، بإعلان فوز السيد عبد الفتاح خليل سعيد السيسى فى الانتخابات الرئاسية التى عقدت خارج البلاد خلال الفترة من 15 إلى 19 من شهر مايو لعام 2014، وداخل البلاد خلال الفترة من 26 إلى 28 من شهر مايو لعام 2014 ، وعقب أداء سيادته اليمين الدستورية أمام الجمعية العامة للمحكمة الدستورية العليا، تسلم السيد عبد الفتاح السيسى مقاليد السلطة فى البلاد من المستشار عدلى منصور رئيس الجمهورية المؤقت حررت هذه الوثيقة فى العاشر من شعبان 1435 من الهجرة الموافق الثامن من يونيو لعام 2014.