شاهيناز العقباوى ظلت مصر لسنوات طوال هى قائد مسيرة التنمية والحضارة فى قارة إفريقيا، بل وصانعة الحرية للعديد من دول القارة، ولكن لأسباب بعضها معلن وآخر خفى ابتعدت عن هذا الدور الريادى لسنوات، مما دفع بالعديد من الدول الخارجية بل وبعض دول القارة إلى أن تسعى جاهدة للسيطرة على هذه المكانة، مما سينعكس تأثيرة سلبا على العلاقات المصرية الإفريقية، لذا كان من الضرورى وفى ظل الظروف الحالية العودة وبقوة إلى أحضان القارة السمراء بالبحث عن وسائل استرجاع المكانة، وأهم مشاكل القارة والتهديد الذى تواجهه مصر من الخارج إذا تقاعست عن هذا الدور، حاولنا خلال حوارنا مع الدكتور حسن صبحى، عميد معهد الدراسات والبحوث الإفريقية أن نفتح خزائن أسرار ومستقبل العلاقات المصرية الإفريقية. كيف تعيد مصر دورها الريادى فى القارة خلال المرحلة المقبلة؟ لابد أن ينحصر دور مصر فى تنمية الفكر الثقافى فى القارة ناهيك عن الدور العلمى والبحثى الذى من الضرورى أن تلعبه، لاسيما أن الابتعاد خلق فجوة كبرى بيننا يجب القضاء عليها بالوسائل المتاحة والمتعارف عليها، وأذكر أن إذاعة وادى النيل خلال مرحلة من المراحل لعبت دورا كبيرا فى إعادة العلاقات بين مصر والسودان بعد توترها من خلال تدعيمها لفكرة التبادل الثقافى بين الدولتين. وما تقييمك لأسباب الابتعاد عن القارة ومشاكلها خلال المرحلة السابقة؟ الابتعاد حدث خلال فترة حكم مبارك وكان نتيجة لظروف سياسية، لاسيما بعد محاولة اغتياله، عقب ذلك تعمد الابتعاد عن القارة، مما أدى إلى إحداث فجوة كبرى بين مصر وجميع بلدنها بالاستثناء، وهو ما سمح للعدد من الدول للدخول إلى الساحة واحتلال دور مصر الريادى، ونحن حاليا نحاول إعادة هذا الدور، لاسيما فيما يتعلق بالجزء العلمى والبعثات وتبادل الباحثين العلميين، خصوصا بعد ما أصبح واضحا للجميع أن إسرائيل تتعمد السيطرة على جميع النواحى العلمية فى القارة، لاسيما إثيوبيا، فهى تقدم منحا سنوية للعديد من الإثيوبيين، هذا فضلا عن السماح لعدد كبير من طلبة إثيوبيا للدراسة فى الجامعات الإسرائيلية، خصوصا فى مجال الطب البيطرى، وكشفت وزارة الزراعة المصرية أن سيطرة إسرائيل على طلبة الزراعة والطب البيطرى فى إثيوبيا أثرت بشكل كبير على حجم استيراد الثروة الحيوانية من إثيوبيا، لاسيما أن أغلب الدراسين فى إسرائيل يتبوأون أفضل المناصب فى إثيوبيا بعد عودتهم. ماذا فقدت مصر من ابتعادها عن القارة؟ افتقادنا أشياء كثيرة الريادة ودورنا فى القارة، فلابد أن تكون مصر هى المركز الرئيسى لتوريد كل خيرات إفريقيا وثرواتها للعالم الخارجى، بل يجب أن نسعى جاهدين لتكون منار العلم والثقافة وهو ما نتمنى أن نعيدة خلال الفترة المقبلة، نظرا لخطورة وأهمية الوضع الحالى، لاسيما بعد سيطرة العديد من الدول الخارجية، مما أدى إلى سحب البساط من تحت أقدامنا. وفى المقابل ماذا فقدت الدول الإفريقية من ابتعاد مصر عن الساحة الدولية؟ إذا أردنا الحديث على أهمية مصر فهى بالتأكيد مهمة جدا، ولكن يلاحظ أن هناك تهميشاً متعمداً لدور مصر فى القارة عبر التاريخ، لاسيما من الدول الخارجية، لذا من الضرورى أن نعيد الوعى لإفريقيا مؤكدين أهمية مصر لها عبر التاريخ. وهل هناك دول محددة فى القارة يجب أن تسارع مصر فى تأكيد علاقتها بها لتعيد دورها الريادى؟ كل دول إفريقيا بلا جدال لابد أن نعيد التعاون معها، على المسئولين الآن أن يضعوا تصورا شاملا لكل دول القارة ويسعوا جاهدين إلى تحديد الوسائل والطرق التى تستطيع أن تنفذ مصر من خلالها لتعيد دورها المحورى، وجدير بالذكر أن دول حوض النيل تشكل أهمية كبرى يجب ألا يغفل عنها المسئولون. وماذا تشكل دول حوض النيل من أهمية لمصر؟ دول حوض النيل من أهم الدول الإفريقية لمصر، لاسيما أنها دول الجوار، هذا فضلا عن كونها امتداداً للأمن القومى المصرى، لذا من الضرورى الحرص على إعادة آفاق التعاون بين بلدان حوض النيل للاستفادة المتبادلة، لاسيما أن الجميع لهم حقهم فى الاستفادة من النهر بالوسيلة التى ترضى جميع الأطراف، لذا من الضرورى العمل على تفعيل دور وزارة الموارد المائية، لأن دورها مهم فى دعم أواصر هذا التعاون، خصوصا أن إسرائيل تسعى جاهدة إلى بسط سيطرتها على دول حوض النيل لتحكم سيطرتها على مصر بالاتفاق مع أمريكا. وماذا عن السودان؟ السودان امتداد لمصر لا يمكن فصل أحداهما عن الأخرى، لذا لابد من التعاون وتبادل الخبرات فيما بينهما للاستفادة من هذا الوحدة وجنوب السودان لا يقل أهمية عن شماله لا يمكن الانفصال عنها. ما تقييمك لسعى أمريكا الحثيث إلى السيطرة على مقاليد الأمور فى القارة؟ أمريكا تبحث عن مصلحتها، ولكنها فى الحقيقة تعانى من عجز عن بسط سيطرتها بشكل كامل على القارة، لاسيما أن تعدد القبائل، فضلا عن تعدد اللغات والثقافات لعبتا دورا كبيرا فى تأخير مخططاتها، لكنها تسعى بطريق غير مباشر من خلال صناعة الصراعات الداخلية ودعمها بمدهم بالأسلحة وفرض سيطرتهم من خلال فرض العديد من القواعد العسكرية المعلنة وغير المعلنة، فاللعبة السياسة كبيرة وأمريكا تدفع بإسرائيل ليكون لها دور فاعل فى القارة. وضع دول القارة الآن كيف تراه؟ من الملاحظ أنه خلال المرحلة الأخيرة حدثت نهضة كبرى فى العديد من الدول الإفريقية على عكس المعلن عنه والمتداول فى وسائل الإعلام، الخوف من النتائج المترتبة على هذا التقدم الملحوظ، وفى ظل غياب مصر عن الساحة الإفريقية من أن تحتل هذه الدول مكانة مصر مما يشكل خطورة حقيقية. وماذا عن أزمة سد النهضة؟ كثرة الحديث فى هذا الموضوع لعبت دورا كبيرا فى تأزمة، لذا يجب الانتظار لحين الانتهاء من الدراسات المتخصصة حتى نستطيع التوصل إلى الحكم الصحيح، هذا فضلا عن ضرورة الاتفاق والتواصل بين الدولتين للتوصل إلى حلول ترضى الطرفين.