جيهان محمود اكتشف فريق تنقيب تشيكي يضم الدكتورة سليمة إكرام، أستاذ ورئيس وحدة علم المصريات بالجامعة الأمريكيةبالقاهرة، مقبرة لملكة مصرية لم تكن معروفة الهوية سابقاً، في جبانة تقع في منطقة أبو صير الأثرية، جنوب غرب مدينة القاهرة مما سيكون له أثراً كبيراً في التعرف على تشكيل تاريخ الأسر المالكة بالمملكة القديمة وفهم دور المرأة في هذا الوقت. يعمل فريق خبراء الآثار التشيكي في منطقة أبو صير منذ 55 عام تقريباً وتربطه علاقة تعاون بالجامعة الأمريكيةبالقاهرة.. قاد عمليات الحفر والتنقيب "ميروسلاف بارتا" مدير المعهد التشيكي للآثار المصرية والأستاذ بجامعة تشارلز بمدينة براغ بالتشيك، كما شغل منصب أستاذ سيمبسون في علم المصريات بالجامعة الأمريكيةبالقاهرة خلال العام الأكاديمي 2013/2014. يقول "بارتا" إن "أكثر ما يميز هذا الاكتشاف هي النقوش المحفورة على جدران المقبرة، والتي توضح أن هذه الملكة هي عضو جديد تماماً أُضيف للأسرة المالكة الخامسة، والنقوش المحفورة داخل حجرة الدفن لقبين لهذه الملكة المصرية، وهما "زوجة الملك" و"أم الملك"، فقد حملت هذه النقوش بين سطورها الاسم "خنت كاوس"، والتي تعني "الملكة الأقرب مقاما لأرواحنا"" وهي الملكة المصرية الفرعونية الثالثة التي تُلقب بهذا الاسم. وقد أثار ذلك اللقب ،الملكة خنت كاوس الثالثة في سلالة الأسر الملكية المصرية، اهتماماً عالمياً. يقول عنها "بارتا" إنها زوجة ملكية، غالباً للملك "رع نفر إف" لأنها دُفنت على مقربة من مقبرته." يساعد الكشف عن مقبرة الملكة "خنت كاوس" الثالثة على فهم دور المرأة ومكانتها في دولة مصر القديمة بوجه عام. تقول "إكرام" "كانت المرأة تتمتع بسلطات هائلة وتحظى بمكانة رفيعة، وخاصة في المملكة المصرية القديمة. فقد تمتعت بسلطات واسعة كونها أماً لملك." يذكر "بارتا" ان هذا يعني، على سبيل المثال، قيام الملوك ببناء أفضل المقابر لأمهاتهم. وبالتالي، فإن المرأة التي تحظى بمثل هذه المكانة تلعب دوراً مهماً للغاية، وأنه عادة ما تشير معظم النقوش إلى رجل، ولا توجد أية أسماء أو نقوش تشير إلى أي امرأة، "وبالرغم من أن هؤلاء النساء هويتهن لا تزال مجهولة في العديد من الحالات، إلا أنه عند فحص الأدوات والأثاث الجنائزي الموجود داخل هذه المقابر، ستجد أن المتعلقات الخاصة بالنساء يبدو مظهرها أكثر غنىَ وثراءً، وذلك مقارنة بتلك الخاصة بالرجال، مما يشير إلى أن المكانة الكبيرة التي حظت بها النساء في البلاط الملكي. "خنت كاوس" كانت متزوجة من ملك، ولكن الأمر الأكثر أهمية من ذلك هو ولادتها للولد الذي أصبح ملكاً فيما بعد، والذي يُحتمل أن يكون من "كاو رع" ؛ ففي الأسرة الخامسة هناك دلائل قوية تشير إلى أنه فور وصول الرجل إلى سدة الحكم وتتويجه وتنصيبه ملكاً، فإنه يدعم أمه ويقوم ببناء مجموعة جنائزية تكون أكثر ملائمة لأم الملك، إذ تشير الأبحاث إلى أن تحول المرأة من الزوجة إلى الأم كان يصاحبه تعظيم وتوقير لشخصها ورفع لمنزلتها. اكتُشفت هذه المقبرة التي ترجع إلي الأسرة الخامسة الوسطى (حوالي 2450 قبل الميلاد) في أوائل العام الحالي وتقع هذه المقبرة داخل جبانة صغيرة خُصصت لدفن صفوة البلاط الملكي، وقد تعرض قديمًا الكثير من أجزاء المقبرة للتلف، مثل: المصطبة، والمذبح، والناووس أو التابوت الحجري؛ إلا أن البعثة قد تمكنت من العثور على 24 وعاء من الحجر الجيري، و4 أدوات نحاسية، والتي كانت جزءً من أدوات الدفن، بالإضافة إلى العثور على بعض الشظايا العظمية الصغيرة. كانت منطقة أبو صير موقعاً مثالياً للحفر والتنقيب عن الآثار في السنوات الأخيرة، من أهم القطع الأثرية التي تم الحصول عليها في منطقة أبو صير هي "بردية أبو صير"، والتي تعد من أقدم أوراق البردي التي تحتوي على معلومات تفصيلية حول المعتقدات الخاصة بالموت والدفن، والنظم الإدارية، وهناك أيضاً مجموعة من التماثيل المصنوعة من الخشب والحجر الجيري والتي تعتبر في حالة جيدة للغاية، وقد ساعدت على فهم ممارسات الدفن والبنية الاجتماعية داخل الأسرة الخامسة. يذكر أن الدكتورة سليمة إكرام تعمل كعضو دائم بالفريق في منطقة "أبو صير"، وهناك شراكة بين الفريق ودار نشر الجامعة الأمريكيةبالقاهرة، والتي نشرت مؤخراً كتاباً بعنوان "دواء المصريين القدماء" أو "The Medicine of the Ancient Egyptians" والذي اشترك في كتابته ثلاثة علماء تشيكيين، ويتحدث الكتاب عن العمليات الجراحية، وطب أمراض النساء والولادة، وطب الأطفال في مصر القديمة.