أ ف ب بدأت تتكشف تفاصيل عن ارتكاب الفظائع في جنوب السودان الذي يغرق في مستنقع الحرب، حيث تحدثت التقارير عن اغتصاب جماعي لنساء وبعد ذلك قتلهن وهن على سرير المرض في المستشفيات، وقتل مصلين في احدى الكنائس واعدام عدد من الأطفال. وطبقا لشهود عيان وعاملي اغاثة ومصادر مستقلة، فقد ارتكبت جرائم حرب فظيعة اثناء المعركة للسيطرة على مدينة ملكال النفطية الشمالية التي انتهت بسيطرة المتمردين عليها خلال الاسبوع الماضي رغم وقف إطلاق النار. وذكرت المصادر التي طلب معظمها عدم كشف هويته لاسباب امنية، ان العديد من الجثث تتناثر في ارجاء ملكال وأن الكلاب والطيور الجارحة تاكلها. والخميس وبعد يومين من سيطرة المتمردين الموالين لرياك مشار على المدينة بعد معركة محتدمة اسفرت عن طرد القوات الحكومية، اوردت منظمة "اطباء بلا حدود" العالمية للمساعدات الطبية اول التقارير حول ما حدث في مستشفى ملكال. وقالت المنظمة ان "العديد من سكان البلدة اضطروا الى اللجوء الى مجمع قوات حفظ السلام الدولية +يونيميس+ بسبب انعدام الامن في المنطقة". ويؤوي المجمع حاليا اكثر من 20 الف مدني. واضافت المنظمة ان "عددا من النازحين تحدثوا لفرقنا عن حالات قتل واغتصاب للمرضى واقاربهم في المستشفى الوحيد العامل في المدينة". كما صرحت اللجنة الدولية للصليب الاحمر بانها "صدمت" للانتهاكات التي ارتكبت في المدينة، واشارت الى تقارير عن "عمليات قتل متعمدة وعنف جنسي .. وتدمير المرافق الطبية ومهاجمة المرضى"، وكشف مصدر اخر طلب عدم كشف هويته مزيدا من التفاصيل. وقال "علقت العديد من النساء داخل مستشفى ملكال. ويبدو أنهن تعرضن للاغتصاب المتكرر والقتل" مضيفا ان "عددا من النساء" قتلن الا انه لم يتمكن من تحديد عددهن المؤكد. واضاف المصدر ان "الجثث ظهرت عليها مؤشرات العنف الجنسي الشديد الذي لا يمكن تصوره" بما في ذلك اثار عض وطعنات. والدافع وراء هذا العنف عرقي حيث استهدف المتمردون اعضاء من قبيلة الدنكا التي ينتمي اليها الرئيس سلفا كير، فيما اتهمت القوات الحكومية بارتكاب مجازر بحق قبيلة النوير التي ينتمي اليها مشار. وقد ارتكب الطرفان الفظائع سواء في الاشتباكات التي جرت في بداية النزاع في العاصمة جوبا في 15 كانون الاول/ديسمبر أو خلال المعارك المتكررة في مدينة بور شمالا أو في مدينتي بنتيو وملكال اللتين تعتبران مركزين للنفط. وفي حادث اخر في ملكال يعتقد ان مسلحين قتلوا اشخاصا كانوا يحتمون في الكنيسة الرئيسية في المدينة. وذكرت العديد من المصادر المستقلة انها سمعت "شهادات موثوقة لشهود عيان" بان مجموعة من الرجال ولانساء والاطفال قتلوا، الا انها اضافت انه بسبب القيود على الحركة لاسباب امنية فانه من المستحيل تاكيد عدد القتلى بالتحديد. وفي تصريح لوكالة فرانس برس قال جو كونتريراس المتحدث باسم قوة يونيميس ان موظفي الامم المتدة "لا يستطيعون الجزم" بما اذا كانت الجثث المتناثرة في شوارع ملكال هي لمدنيين ام لجنود "لانهم لم يتمكنوا من الخروج من عرباتهم" بسبب وجود متمردين يطلقون النار على اي شخص. ويقوم بعض المتمردين بدوريات في محيط قاعدة قوة حفظ السلام الدولية لمضايقة العائلات المتحدرة من الدينكا المحتمين داخل القاعدة، حسب احد موظفي الإغاثة. وذكرت تلك القوات كذلك ان موظفيها في ملكال شاهدوا الخميس "عملية اعدام تعسفي لاطفال خارج القاعدة .. بنيران شباب مسلحين يعتقد انهم من حلفاء قوات المعارضة المسلحة". وبلغ مدى الكراهية العرقية بين الجانبين درجة ان عددا من غير المنتمين الى الميليشيات شاركوا في عمليات القتل وهو ما تسبب بصدمة لدى المراقبين في الدولة الفتية. وقال مارتن بلوت الباحث البارز في معهد دراسات الكومنولث والذي يوثق الازمة ان مصدرا موثوقا اخبره ان عددا من "الموظفين المحليين في الاممالمتحدة اختبأوا في قبو في القاعدة التابعة للامم المتحدة لكي لا يقتلهم موظفون اخرون محليون يعملون لحساب الاممالمتحدة". واضاف أن هؤلاء "اشخاص عملوا معا على مدى سنوات وساندوا بعضهم البعض في مختلف الظروف". واتهمت حكومة جنوب السودان المتمردين بارتكاب الفظائع، الا انها ولاول مرة منذ بدء النزاع قالت الاثنين انه "يجري التحقيق مع 20 ضابطا في الجيش الحكومي بتهمة قتل مدنيين" في حوادث اخرى. الا ان مصدرا دبلوماسيا قال ان الرئيس كير غير مستعد لممارسة القمع الشديد "لانه يعاني من انشقاقات في كل الاتجاهات .. وربما يشعر بانه يتعين عليه ان لا يعادي مزيدا من كبار الضباط". اما بالنسبة للمتمردين فاكدوا ان مقاتليهم لم يرتبكوا فظائع رغم ان المحللين يعتقدون انهم لا يستطيعون ضبط المنشقين والميليشيات العرقية التي يتحالفون معها. وصرح لول رواي كوانغ المتحدث باسم قوات المتمردين ان "جميع المدنيين الذي قتلوا او جرحوا سقطوا على ايدي القوات الحكومية". واضاف "ان قواتنا تتصف بالانضباط الشديد وتعمل في اطار قواعد قتالية واضحة .. وهذا هو طابع تصرفنا على جميع الجبهات النشطة منذ بدء النزاع". والسبت اصدرت قوة حفظ السلام تقريرا اوليا لرفعه لمجلس الامن الدولي عن وضع حقوق الانسان في جنوب السودان حتى نهاية كانون الثاني/يناير. وجاء في التقرير ان تلك القوات وثقت حتى الان العديد من الشهادات عن "عمليات قتل غير قانونية من بينها عمليات قتل جماعي واختفاءات وعنف جنسي مثل الاغتصاب والاغتصاب الجماعي وامثلة على ارتكاب طرفي النزاع عمليات تعذيب". ووصف الامين العام بان كي مون في بيان اصدره الخميس الوضع في ملكال بانه "كارثي".