باريس صلاح غراب أبو الفضل الإسناوى إدراكا من شيوخ الطرق الصوفية ومفكريها للخطر الذى يهدد الأمة الإسلامية فى وجودها ومعتقداتها ومقدراتها، وشعورا من أهل الشريعة والحقيقة بضرورة المرابطة والمجاهدة، والصبر والمصابرة، من أجل تعبئة قوى الأمة واستنهاض هممها، وتحريضها، على تجاوز حالة الضعف والاستكانة، لمواجهة الخطر الداهم المتمثل فى وحشية النظام العالمى الجديد، الذى يتبنى الفوضى الخلاقة، وعدم الأمن والاستقرار للسيطرة على المجتمعات، وتأكيدا على أن العمل الجماعى هو القاعدة لاستعادة دور الأمة الإسلامية الحضارى، بحسبانها أمة وسطا شاهدة على الناس، تؤمن بأن تزكية النفس ومجاهدتها لبناء الشخصية الإسلامية الصالحة هى الطريق إلى الانتصار على الضعف، والكفيلة بتحريك طاقات الأمة فى مواجهة أعدائها، قامت مشيخة الطريقة العزمية بعقد مؤتمرها العالمى الأول «تفعيل الدور الصوفى فى أمن واستقرار المجتمعات» فى العاصمة الفرنسية باريس. الشيخ علاء الدين أبو العزايم، شيخ الطريق العزمية، أكد أن التاريخ يشهد بأن الطرق الصوفية لم تخرج من تحت عباءتها متطرفا أو إرهابيا أو قاتلا أو تكفيريا أو متآمرا ضد المسلمين وأئمتهم وحكامهم منذ نشأة التصوف فى القرن الثالث الهجرى، متهما تنظيم الإخوان بوصفه الفصيل الرئيسى الذى يتزعم الخوارج الجدد بأنهم يستحلون الأعراض والأموال والدماء لتحقيق مصالح جماعتهم على حساب الوطن والمجتمع. وطالب أبوالعزايم الدول العربية والإسلامية بمواجهة التطرف والتكفيريين بالتنسيق مع الطرق الصوفية، والعمل على نشر الفكر الصوفى الذى يستند على المنهج الوسطى، خصوصا أن الصوفية بدأت الخروج من عزلتها التى فرضتها على نفسها طوال التاريخ وبدأت اقتحام الساحة السياسية والاجتماعية وحتى الاقتصادية والخيرية حتى لا يتركون الفرصة لأصحاب الفكر المتطرف والتكفيرى فى بث سمومهم فى المجتمع. وأشار أبو العزايم أن مشايخ الطرق الصوفية اتفقوا على تأييد الفريق أول عبدالفتاح السيسى حال ترشحه للرئاسة، لأنه الشخصية الوحيدة حاليا التى يلتف حولها معظم المصريين لإعادة الاستقرار والأمن للبلاد وقيادة السفينة التى تتلاطمها الأمواج فى الوقت الحالى. وطالب الشيخ أحمد التيجانى شيخ الطريقة التيجانية، بحماية الشباب والمجتمع من فكر البغاة والخوارج لحماية المجتمع من القتل وسفك الدماء، فضلا عن تدريس المنهج الصوفى للطلاب لحماية المجتمع من أخطار العنف والتطرف الذى ينشره من سماهم «الخوارج». من جانبه، طالب الشيخ عبدالحليم العزمى، رئيس الوزراء التركى رجب طيب أردوغان، بأن يلتزم بالمنهج الصوفى الذى تأسست عليه الدولة العثمانية، خصوصا أن فاتح القسطنطينية السلطان محمد الفاتح كان منتميا للطرق الصوفية، وأسس دولة الخلافة على أسس من التسامح والعدل والإحسان وليس عن طريق العنف ونشر الحقد والكراهية كما يفعل أردوغان الآن. وقد اتفق المشاركون فى المؤتمر على إنشاء الاتحاد العالمى للطرق الصوفية برئاسة الشيخ علاء الدين أبو العزايم، شيخ الطريقة العزمية، للنهوض بالتصوف، وتقديمه بالصورة اللائقة والدفاع عنه ضد خصومة المتربصين به، وتبادل أخبار الصوفية فى جميع أنحاء العالم، وتوصية القيادة السياسية بإفساح المجال لهذا المنهج فى الانطلاق إعلاميا وثقافيا وتعليميا لعلاج التطرف والإرهاب فى المجتمعات، ذلك أنه لما كان المنهج الصوفى هو المنهج الوسط بين الغلاة والبغاة، فإن عنصر الأمن والاستقرار أصبح ضروريا فى المجتمعات، كما تم الاتفاق على تبنى أنشطة ثقافية واجتماعية إلى جانب النشاط الدينى يعتمدها الاتحاد العالمى للطرق الصوفية، تجوب جميع دول العالم، وجعل الموالد مؤتمرات شعبية لإجلاء حقيقة التصوف، والعمل على التنسيق بين شيوخ الطرق الصوفية بما يحقق تكاملا فى برامجها، وتبادلا للتجارب والخبرات بينها، واستقرارا وتقدما وأمنا للمجتمعات، وقيام الصوفية بدورهم المعروف فى توحيد الأمة فى ظل التعددية المذهبية بين الشيعة والسنة، والتوصية باستمرار هذه المؤتمرات، وتكثيف حضور السادة مشايخ الطرق، ونشر هذه المؤتمرات إعلاميا بكافة الطرق (صحافة - تليفزيون - إذاعة - إنترنت - أسطوانات). أهداف الاتحاد: تتمثل أهداف الاتحاد العالمى للطرق الصوفية - حسبما يقول الشيخ علاء الدين أبو العزايم، رئيس الاتحاد - فى تحقيق الترابط والتعاون بين الطرق الصوفية على مستوى العالم، ونشر الفكر الصوفى الذى لا يميل إلى الإفراط أو التفريط، وإقامة مجتمع يتحلى بأخلاق وآداب الإسلام، والتى تساعد على العمل والإنتاج، وبناء حضارة تفخر بها الأجيال المقبلة. وسائل تحقيق أهداف الاتحاد: وقد أوضح الشيخ أحمد الحافظ التيجانى، نائب رئيس الاتحاد، أن أهم وسائل تحقيق هذا الاتحاد لأهدافه تتمثل فى خروج الصوفية من الخلوات إلى الجلوات، وضرورة تحولهم من صالحين إلى مصلحين، وانتشارهم فى المجتمعات الإسلامية لقيادة عملية الإصلاح، ونشر أخلاق وآداب الإسلام، والاهتمام بالجانب الإعلامى الصوفى عن طريق إصدار مجلة دورية لخدمة الصوفية والتصوف عالميا باللغتين العربية والإنجليزية، وعقد مؤتمرات دورية لبحث أوجه العمل الإيجابى لمصلحة الصوفية والتصوف، وعمل موقع للاتحاد على الإنترنت لتسهيل تبادل المعلومات، والتواصل العلمى عن طريق تبادل المطبوعات بين الطرق الصوفية، والعمل على بث قناة فضائية صوفية تعمل على توحيد كلمة المسلمين، ومواجهة التحديات والمخاطر التى تهددهم، وإنشاء صندوق مالى تابع للاتحاد لتمكين الطرق الصوفية من تنفيذ برنامجها الإصلاحى الشامل، ونشر منارات وزوايا الصوفية فى جميع أقطار العالم، وجعلها مراكز إشعاع لنور الإيمان والإسلام والتقوى، وتقديم العون المادى والروحى للمسلمين المستضعفين فى جميع أنحاء العالم، وتحريض الصوفية على ممارسة حقوقهم الكاملة فى الحياة السياسية والاقتصادية والثقافية أينما كانوا، واستثمار ثقلهم الروحى والبشرى فى خدمة قضايا الإسلام والمسلمين. فى نهاية المؤتمر، طالب الشيخ علاء أبو العزائم أتباع ومريدى الصوفية فى أنحاء العالم بالتوحد لمواجهة خطر ومخططات الإخوان والوهابيين، وشدد على ضرورة تفعيل دور الصوفية فى توحيد صفوف المسلمين والأمة الإسلامية، ونبذ العنف والإرهاب، ونزع فتيل الفتن المذهبية التى تهدد بتفجير الحروب بين المسلمين خصوصا بين السنة والشيعة، وهو ما يصب فى مصلحة العدو الصهيونى وحليفهم الأمريكى، حسب تعبيره.