أشرف بدر نشر حزب الحرية والعدالة على صفحته ب «الفيسبوك» بياناً دعا فيه أنصاره إلى الاحتشاد يوم محاكمة الرئيس المعزول محمدمرسى 4 نوفمبر، واعتباره يوماً عالمياً لحرية مصر وكل المعتقلين، ووصف المحاكمة ب "الملفقة" وعلى المناصرين والمؤيدين للشرعية بالاعتصام فى الشوارع والميادين وأمام مقر محاكمة مرسى بمعهد أمناء الشرطة بطرة، ومنع دخول رئيس "السلطانية" بالقوة إلى المحاكمة . وتوعدت الجماعة "المحظورة "باستباق حكم المحكمة، وتنفيذ حكم تنظيمها الدولى بإعدام أكبر عدد من الشعب المصرى المؤيد لهذه المحاكمة "التاريخية العادلة"، ونشر الهلع والخوف بين المواطنين لا ستعادة حكمهم وكرسيهم ! ولا أدرى أى شيطان وسوس إليهم بأن تلك فرصتهم لاستعادة "شرعية" أصبحت "غير شرعية"، والاستمرار فى نهج تصفية الحسابات والمقامرة بخسارة كل شىء ومن أجل لا شىء، وإزهاق أرواح الأبرياء وتفتيت وحدة الدين والوطن والشعب، والاستعانة بالخارج للتدخل فى شئون الوطن، وفسح الطريق أمام العدو اللدود والدائم لهم من الماركسيين والعلمانيين والليبراليين للتحالف والسيطرة على أواصر الدولة واعتلاء المناصب، بعد أن خلا الجو بإزاحتهم من المشهد لأفعالهم الإرهابية والانتقامية والسادية .. من وسوس لهم بأن الشعب يريد عودة رئيس كانت أنظمته وبعض قضاته لديهم قوائم جاهزة لاتهامات الناس بالباطل، والتحريض على العنف واقتحام الميادين وتعطيل مؤسسات الدولة والاعتداء على الممتلكات العامة، وتدبير المؤامرات والتحالفات، والتعامل مع أجهزة خارجية بكل أطيافها السوداء والصفراء والرمادية لشيطنة خصومه. ولعل ما رصدته أجهزة الأمن لعدة مخططات إخوانية يؤكد هذا الاتجاه، وأن مصر مقبلة على أضخم عملية لنشر الفوضى بها بدءاً بإشعال المظاهرات وتعطيل الدراسة بالجامعات والمدارس، والاشتباك مع الجيش، والشرطة، وتسليح المشاركين فى المظاهرات بالأسلحة النارية، وإعطاء الضوء الأخضر ل "كتائب الردع" وقوامها 5 آلاف من شباب الإخوان المتدرب على القتال للاشتباك مع الجيش وقوات الأمن، فى معركة أقرب إلى "حرب الشوارع". لا شك أن محاكمة الرئيس المعزول ستكون منعطفاً جديداً فى المشهد السياسى المصرى ليست لكونها شيئاً نادراً، وإنما لما سيترتب عليها من تداعيات لن تخلو من مخاطر، لأنها أولاً: ستؤكد وضعا بات واقعاً للجميع، بأنه لا عودة للوراء، ودحضا للحيل الإخوانية والمخططات المدفوعة من الخارج برهن وقف العنف مقابل "الإفراج عن مرسى والسماح له بالسفر مع أسرته للخارج، أو إخضاعه للإقامة الجبرية واعتزاله العمل السياسى على غرار ما حدث مع سابقه "المخلوع "مبارك . ثانيا: إن وجود الرئيس المعزول فى قفص الاتهام ومواجهته بالتهم المنسوبة إليه وترحيله إلى محبسه سيقضى على أى أمل لدى جماعته والتنظيم الدولى الذى يحركها له بالمراهنة على أى مكتسبات حال إجراء أى مفاوضات أو مبادرات يقف وراءها العديد من الدول المناصرة للجماعة المحظورة، وعدم نشر عشرات الوثائق والأدلة والدفوع التى قدمتها النيابة وكلها تثبت تورط مرسى وجماعته فى قتل المتظاهرين، والخيانة العظمى والتخابر، وتقسيم الوطن .. إلخ. إن الشعب المصرى الذى حكم على مبارك ومرسى بالطرد من منصبيهما, قادر على فرض إرادته على أى نظام أو كيان ووأد أى مخططات تنال من أمنه واستقراره، وأنه لا أحد فوق القانون. ولنا المثل والعبرة فى وصية «جزار العهد الأموى» الحجاج بن يوسف الثقفى لطارق بن عمرو بقوله "لو ولاك أمير المؤمنين على مصر فعليك بالعدل فهم قتلة الظلمة، وهادمو الأمم، وما أتى عليهم قادم بخير إلا التقموه كما تلتقم الأم رضيعها، وما أتى عليهم قادم بسوء إلا أكلوه، كما تأكل النار أجف الحطب، وهم أهل قوة وصبر وجلد، وتحمل، ولا يغرنك صبرهم، ولا تستضعف قوتهم فهم إن قاموا لنصرة رجل ما تركوه إلا والتاج على رأسه، وإن قاموا على رجل ما تركوه إلا وقد قطعوا رأسه، فاتق غضبهم، ولا تشعل ناراً لا يطفئها إلا خالقهم، وانتصر بهم فهم خير أجناد الأرض، واتق فيهم ثلاثا: 1– نساءهم فلا تقربهن بسوء، وإلا أكلوك كما تأكل الأسود فرائسها, -2 أراضيهم وإلا حاربتك صخور جبالهم, -3 دينهم، وإلا أحرقوا عليك دنياك، وهم فى عمومهم صخرة فى جبل كبرياء الله, تتحطم عليها أحلام أعدائهم وأعداء الله". إن حالة الإخوان أشبه بمن ارتطم بجدار صلب، وأخذ يتحرك للوراء, أو بمن يصر على التحول من شريك فى الوطن والمصير إلى قاتل للوطن والمواطن، وإن العقلاء منهم من يطوون صفحة الماضى بأوهامها وخطاياها، ويفتحون صفحة المستقبل بالمشاركة فى إنجاز دستور، لا يستمد من عقيدة الأغلبية، حتى يحفظ حقوق الأقليات، ولا يعتمد على القهر، والبطش، وإنما على توسيع الحريات، وإشاعة السلام، ثم يفتح المنابر الحرة، حتى نتحاور فى جميع قضايا وطننا، الذى يعانى من تحديات واختلالات واختناقات سياسية واقتصادية وأمنية، تتطلب التضافر العاجل للخروج من هذه الدوامة المربكة التى ألقت بظلالها السالبة وأعبائها المتزايدة على المواطن الذى لا يحتاج إلى ميليشيات حزبية أو قيادات ساعية لمصالحها ومصالح من يقف وراءها للنيل من مصر ومكانتها وقدرتها، بقدر حاجته للفعل النافع الذى يستوجب الاتفاق القومى لمحاصرة الفقر ووقف نزيف الدم ومعالجة تداعيات الأزمة الاقتصادية المتصاعدة التى باتت تهدد حياة أجيال الحاضر والمستقبل، حتى ولو وصلت القروض والمساعدات العربية الكريمة أكثر من 10مليارات دولار، وعندئذ سيكون الغفران على قدر الخطأ .