قررت واشنطن تجنب القضية الشائكة التي يمثلها تعريف وقائع ازاحة الرئيس الاسلامي المصري محمد مرسي واعتباره انقلابا، لتفادي تجميد المساعدات التي تبلغ قيمتها 1,5 مليار دولار. وقالت الناطقة باسم وزارة الخارجية الاميركية جين بساكي الجمعة ان "القانون لا يطلب منا تقديم تعريف رسمي (...) مثل حدوث انقلاب وتحديد تعريف كهذا لا يخدم مصلحتنا القومية". واشارت الى ان واشنطن ستواصل منح ملايين الدولارات بشكل مساعدات اقتصادية وعسكرية الى مصر اكبر دولة عربية في عدد السكان والحليفة الاساسية للولايات المتحدة في المنطقة. وقالت بساكي للصحافيين ان "استمرار تقديم المساعدة الى مصر بما يتطابق مع قوانينا مهم لهدفنا تحقيق انتقال مسؤول الى حكم ديموقراطي ويتناسب مع مصالحنا القومية". ومنذ 1985 تنص قوانين المالية الاميركية على انه "لا يمكن لاي صندوق ان يستخدم في تقديم تمويل مباشر لمساعدة حكومة بلد اطيح برئيسه المنتخب شرعيا من خلال انقلاب عسكري". ويوضح بند اخر ان على مصر "دعم الانتقال الى حكومة مدنية". لكن منذ 2012 رفعت وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون وبعدها جون كيري هذا الشرط لصرف اعتمادات باسم مصلحة الامن القومي. وبعد ان عزل الجيش مرسي، المنتمي لجماعة الاخوان المسلمين، في الثالث من تموز/يوليو الماضي اكد الرئيس الاميركي باراك اوباما ان حكومته "ستبحث التبعات القانونية المتعلقة بمساعدتنا للحكومة المصرية". واطلق المسؤولون الاميركيون لاسابيع تصريحات متناقضة بشأن تعريف ما حدث في الثالث من تموز/يوليو. لكن بساكي نفت ان تكون ادارة اوباما تتجاوز قانون 1985 او اللجوء الى ثغرات فيه لتجنب وصف ازاحة مرسي بالانقلاب. وقالت ان "التزامنا بواجباتنا القانونية يشكل دائما اولوية للولايات المتحدة وامرا نحرص عليه". وشددت على ان هدف واشنطن هو ان تكون مصر "مستقرة ومنتجة"، مؤكدة ان "مصالحنا للامن القومي على المحك واصوات الشعب المصري على المحك وكل هذه العوامل تؤثر" على المسألة. وتقدم الولاياتالمتحدة مساعدات سنوية بقيمة 1,3 مليار دولار للجيش المصري اضافة الى 250 مليون دولار من المساعدات الاقتصادية. وتهدف هذه المساعدات التي تقررت بعد اتفاقيات كامب ديفيد عام 1978 الى ترسيخ عملية السلام بين مصر واسرائيل وجعل القاهرة دعامة لسياسة الولاياتالمتحدة العربية مع ضمان حق مرور سفن البحرية الاميركية في قناة السويس. ويغطي الدعم الاميركي نحو 80% من نفقات عتاد الجيش المصري ونحو ثلث ميزانيته وفقا لمركز ابحاث الكونغرس. وتأتي تصريحات بساكي بعدما قال مسؤول اميركي كبير في ادارة اوباما الجمعة ان الولاياتالمتحدة لن تتخذ موقفا بشان الاحداث في مصر وما اذا كان عزل الجيش للرئيس الاسلامي محمد مرسي يعد "انقلابا عسكريا" وذلك تجنبا لوقف مساعدتها العسكرية لهذا البلد. من جهته، صرح الموفد الاميركي الخاص السابق لعملية السلام في الشرق الاوسط دنيس روس لاعضاء الكونغرس ان هذه المسألة "تشكل معضلة رهيبة"، مشددا على ان المساعدات الاميركية تمنح واشنطن رافعة فريدة. وقال روس امام اعضاء لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ "اخشى ان قطعنا مساعدتنا في هذه المرحلة ان يكون نتيجة ذلك فقدان العلاقة التي نقيمها مع العسكريين وكذلك رد فعل من الجمهور المصري". اما ميشيل ديون الخبيرة في المجلس الاطلسي، فقالت انها "تتفهم مخاوف الولاياتالمتحدة من الضرر الذي قد يلحق بعلاقتها الطويلة مع الحكومة المصرية (...) لكن عليها ايضا تجنب سياسة تبدو قابلة للتشكيك وبعيدة عن المبادىء". واكدت ان المساعدات يجب ان تجمد "بموجب قانوننا" ومراجعة ذلك "بنية استئنافها عندما يبدو بشكل واضح ان هذا البلد عاد الى طريق الديموقراطية". وفي مقال للمجموعة الفكرية مجلس العلاقات الخارجية، كتب اليوت ابرامز ان الادارة الاميركي اصبحت في وضع صعب بقرارها "تجاهل القانون". واضاف انه بعد هذا القرار "كل واحد سيعرف ان تطبيق مثل هذه القوانين لا يتبع سوى الاهواء وهذا سيخفض قدرتنا على منع او وقف انتهاكات حقوق الانسان والاضرار بعلاقاتنا مع المسؤولين الاجانب". وقالت بساكي ان البيت الابيض سيواصل العمل مع الكونغرس "لتحديد افضل شكل لمواصلة مساعدة مصر بطريقة تشجع الحكومة الانتقالية المصرية على القيام بانتقال سريع ومسؤول من اجل العودة الى حكومة مستقرة وديموقراطية وشاملة بقيادة مدنيين". واخيرا قالت بساكي ان الولاياتالمتحدة "تشعر بقلق عميق" من المعلومات التي تحدثت عن توقيف مرسي، مؤكدة انه "من المهم العمل من اجل اطلاق سراحه".