دعا مؤيدو الرئيس المصري المعزول محمد مرسي الى تنظيم مظاهرات حاشدة اليوم الاربعاء في "يوم الصمود" احتجاجا على تشكيل حكومة انتقالية بدأت عملها اليوم (الأربعاء 17 يوليو/تموز). واتهم الجيش الذي عزل الرئيس الاسلامي في الثالث من يوليو/ تموز بعد نزول ملايين المصريين إلى الشوارع مطالبين بتنحيته مؤيدي مرسي بالتحريض على القيام بمظاهرات مسلحة قرب منشآت عسكرية وتحويل خلاف سياسي إلى خلاف ديني. وأدى 33 وزيرا معظمهم من الليبراليين والتكنوقراط اليمين القانونية في القصر الرئاسي أمس الثلاثاء أمام الرئيس المؤقت عدلي منصور الذي اختير لرئاسة البلاد في المرحلة الانتقالية لكونه رئيس المحكمة الدستورية العليا. ولم تتضمن الحكومة الجديدة وزيرا اسلاميا واحدا يمثل أيا من جماعة الاخوان المسلمين او حزب النور وهما أكبر الاحزاب الاسلامية في مصر واللذين فازا في خمس انتخابات متتالية منذ انتفاضة عام 2011. وقال عصام العريان القيادي البارز في جماعة الاخوان المسلمين على صفحته على فيسبوك عن الحكومة الجديدة "حكومة ا?نقلابيين تقسم اليمين. هل تصدق نفسها؟ وهل يصدقها أحد؟! وهل تملك قرارها وهى تعلم انهم جميعا بكلمة من العسكرى يذهبون إلى بيوتهم أو يتم اعتقالهم؟! إذا لم تكن الحكومة تستند إلى الشعب بعد انتخابات برلمانية فهى حكومة تسيير أعمال أو فى حالتنا تغتصب السلطة. وتصر جماعة الاخوان المسلمين التي ينتمي إليها مرسي على إعادته لمقعد الرئاسة قبل انضمامها للعملية السياسية. ورفضت جماعة الإخوان المسلمين الاعتراف بالحكومة الجديدة التي يرأسها الاقتصادي المخضرم حازم الببلاوي وقالت انها غير شرعية. وأدت الحكومة الجديدة اليمين القانونية بعد ساعات من سقوط سبعة قتلى وإصابة أكثر من 260 في اشتباكات وقعت الليلة السابقة واستمرت حتى الساعات الأولى من صباح أمس الثلاثاء بين مؤيدي مرسي من جهة ومعارضين له وقوات الأمن من جهة أخرى. وارتفع بذلك عدد القتلى في الاشتباكات التي اندلعت منذ عزل مرسي إلى 99 قتيلا على الأقل. وأثارت الازمة في مصر قلق حلفائها في المنطقة والغرب، والدعوة لمزيد من الاحتجاجات تعني عودة القلاقل الى شوارع القاهرة اليوم خلال زيارة تقوم بها كاثرين آشتون مسئولة السياسة الخارجية في الاتحاد الاوروبي. وقالت آشتون في بيان "سأذهب لمصر لأشدد على رسالتنا وهي ضرورة ان تكون العملية السياسية شاملة تماما تضم الاطياف التي تؤيد الديمقراطية. سأبرز ان مصر بحاجة ان تعود بأسرع وقت ممكن الى الانتقال الديمقراطي. والحكومة الانتقالية مكلفة بتنفيذ "خارطة طريق" يدعمها الجيش تعيد بخطى أسرع من المتوقع الحكم المدني للبلاد وتقضي باجراء انتخابات برلمانية خلال ستة أشهر. كما يتعين على الحكومة الانتقالية أن تخرج الاقتصاد المصري من حالة الركود التي يعاني منها منذ عامين ونصف من القلاقل التي استنفدت خزانة الدولة ومخزوناتها من مواد غذائية أساسية تدنت إلى مستويات خطيرة. ووعدت المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والكويت التي أسعدها سقوط جماعة الاخوان المسلمين بتقديم ما يصل إلى 12 مليار دولار في صورة منح وقروض وشحنات وقود. وعدد كبير من الوزراء المشاركين في الحكومة يؤيدون اصلاحات اقتصادية جذرية طلبها صندوق النقد الدولي مقابل تقديم قرض لانقاذ الاقتصاد. لكن المستثمرين يتشككون في امكانية تطبيق اصلاحات جذرية قبل تشكيل حكومة دائمة. وقال أشرف العربي الاقتصادي الذي شغل منصب وزير التخطيط وكان يشغل المنصب نفسه في عهد مرسي أيضا إن المساعدات العربية ستعين مصر على تجاوز المرحلة الانتقالية وان البلاد ليست بحاجة لاستئناف المفاوضات مع صندوق النقد الدولي حاليا. وتفاوضت مصر مع الصندوق على مدى أشهر العام الماضي من أجل الحصول على قرض قيمته 4.8 مليار دولار دون التوصل لاتفاق لكن المحادثات تعثرت بسبب عجز الحكومة عن الموافقة على خفض الدعم على السلع الغذائية. وقد تعرض آشتون ان يقوم الاتحاد الاوروبي بدور الوسيط. والاتحاد الذي يتخذ من بروكسل مقرا له لا يمنح مصر مساعدات كبيرة مثل الولاياتالمتحدة لكنه أقل مدعاة للانقسامات والاستقطاب وحاول من قبل التوسط بين مرسي ومعارضيه كوسيط نزيه. وخلال زيارة آشتون الاخيرة لمصر في ابريل نيسان حاولت اقناع مرسي بتوقيع اتفاق لاقتسام السلطة مع معارضيه توسط فيه مبعوث للاتحاد لكنه لم يرد. ومرسي محتجز في مكان غير معروف منذ أن عزله الجيش في الثالث من يوليو تموز ولم توجه له اتهامات بعد. لكن أمس الثلاثاء أحال النائب العام التحقيقات بشأن قضية هروب الرئيس المعزول وقياديين آخرين بارزين بجماعة الاخوان المسلمين من سجن أثناء انتفاضة 2011 إلى قاضي تحقيق. وذكرت وكالة أنباء الشرق الاوسط أن النائب العام المستشار هشام بركات قرر "إحالة التحقيقات في قضية اقتحام وهروب السجناء من سجن وادي النطرون خلال الأيام الأولى لثورة 25 يناير والمتهم فيها 19 من قيادات جماعة الإخوان المسلمين من بينهم الرئيس المعزول محمد مرسي وآخرين من شركائهم إلى قاضي التحقيق المنتدب من وزير العدل. ويقول مؤيدو مرسي انه "اختطف". لكن متحدثا عسكريا قال انه محتجز حفاظا على سلامته الشخصية. وقال المتحدث العسكري العقيد أحمد محمد علي لقناة العربية التلفزيونية ان مرسي "ليس محتجزا. القوات المسلحة اتخذت بعض الاجراءات لحمايته فهناك مؤيدون ومعارضون له وفي ظل حالة عدم الاستقرار في الشارع المصري كان تأمينه هو الهدف الرئيسي من الابقاء عليه. ونفى تدخل الجيش في السياسة وقال "القوات المسلحة ليس لها اي تواجد على الساحة السياسية. فهناك رئيس للدولة وهناك وزارة. نحن مهتمون بحماية الامن القومي المصري والدفاع عن مصر وأرضها وشعبها فقط." وأضاف ان الجيش خارج الصورة تماما ولا يطمع في السلطة. وأثار تعيين القائد العام للقوات المسلحة الفريق اول عبد الفتاح السيسي في منصب النائب الأول لرئيس الوزراء بجانب احتفاظه بمنصب وزير الدفاع والإنتاج الحربي دهشة البعض وفسرت الخطوة على أنها تعزيز لمكانة الجيش الكبيرة أصلا في المشهد السياسي. وتفادى جاي كارني المتحدث باسم البيت الابيض الامريكي أسئلة الصحفيين عن تعيين السيسي الذي من المرجح أن يزيد غضب الاخوان المسلمين. وقال للصحفيين في واشنطن "ليس لدي رد محدد...على أي منصب تم شغله. وصرح كارني أمس الثلاثاء بأن مصر تمر "بمرحلة حرجة." وقال "مصر في خطر. بالقطع فرصها في مستقبل ديمقراطي على المحك." واحتشد صباح اليوم (الأربعاء 17 يوليو/تموز) آلاف من أنصار الاخوان المسلمين عند مسجد رابعة العدوية في شمال شرق القاهرة حيث يعتصم مؤيدو مرسي منذ نحو ثلاثة أسابيع مطالبين بعودته إلى منصبه. وتدعو الجماعة كل بضعة أيام إلى تنظيم مسيرات يتضخم فيها الحشد إلى عشرات الالاف ولا توجد أي بادرة على أن المقاومة العنيفة لعزل مرسي بدأت تهدأ في القاهرة. وسقط أمس سبعة قتلى خلال الاشتباكات. وقال رئيس هيئة الإسعاف المصرية محمد سلطان إن اثنين قتلا فوق جسر السادس من أكتوبر بوسط القاهرة حين اشتبكت الشرطة وسكان المنطقة المعارضين لمرسي مع مؤيدين له قطعوا حركة المرور على الجسر كما قتل خمسة آخرون في محافظة الجيزة المتاخمة للقاهرة.