استهلت جامعة المعتمد بن عباد الصيفية برامجها في موسم أصيلة الثقافي الدولي يوم (الجمعة) الماضي بندوة "التغير المناخي والأمن الغذائي" وقرعت شخصيات سياسية وخبراء دوليون، ناقوس الخطر بخصوص المخاطر الكارثية المتوقع أن يسفر عنها التغير المناخي على القطاعات الحيوية في مختلف المجتمعات بشكل يهدد بقاء الحضارة الإنسانية عموما. وتقاطعت أصوات من الجنوب والشمال مطالبة بضرورة صياغة إجابات جماعية منسقة وبدائل اقتصادية جاذبة لوقف نزيف التدهور البيئي وتقليص انعكاسات التغير المناخي على الموارد التي ينهل منها الانسان استمرارية حياته على الكوكب. وفي كلمته أشار الرئيس الغاني السابق جون كوفور إلى انهيار حضارات بشرية سابقة نتيجة لتداعيات التغير المناخي والكوارث الطبيعية المرتبطة به من فيضانات وفترات جفاف، محذرا من تكرار التاريخ نتيجة تسارع ايقاعات التهديد المناخي بشكل يفوق التوقعات الأولية الذي يفرض ضغطا على الإنتاج الغذائي الذي تتعين زيادته بأكثر من 70 في المائة مع ما يطرح ذلك من تحديات على مستوى جودة الأراضي الزراعية والثروات البحرية. وطالب وزير الخارجية الاسباني السابق ميغيل أنخيل موراتينوس ببناء سياسة زراعية مشتركة في الحوض المتوسطي بدل السياسة الزراعية الأوروبية، وانتقد غياب إرادة سياسية حقيقية تضمن الغذاء للجميع متسائلا باستنكار "كيف نسمح باستمرار وجود قرابة ملياري جائع؟". أما يوسف وودراوغو، مستشار رئيس البنك الافريقي للتنمية وزير الخارجية البوركيني السابق، فكشف الانعكاسات الخطيرة للتغيرات المناخية في القارة الافريقية بوجه خاص، والأخطار الي تتعرض لها قطاعات حيوية مثل الزراعة والصحة والبنيات الاساسية جراء الظواهر المناخية، داعيا الى تبني مفهوم "النمو الأخضر" من خلال المراهنة على استدامة العملية التنموية وادماجها لمختلف الفئات الاجتماعية والمناطق الحضرية والقروية وتعزيز البعد البيئي والتضامني في السياسات العمومية، ومؤكدا أن القارة السمراء في حاجة الى بدائل اقتصادية واستثمارات ضخمة تعوض الاستغلال المفرط للموارد الطبيعية والبيئية. وتحدث فؤاد الدويري، وزير الطاقة والماء والمعادن المغربي عن الحالة المغربية، مشيرا إلى أن المغرب ضمن الدول الأكثر هشاشة تجاه المتغيرات المناخية، من حيث الاتجاه المطرد نحو ارتفاع درجات الحرارة وانخفاض حجم التساقطات، وقال في كلمة تليت نيابة عنه إن فترات الجفاف والفيضانات الناجمة عن التغيرات المناخية تشكل خطرا على التوازن البيئي والتنافسية الاقتصادية، خصوصا في قطاع الزراعة الأكثر تعرضا لهذه المخاطر. وحذر الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، في رسالة الى الندوة تلاها نيابة عنه أمين عام منتدى أصيلة محمد بن عيسى من كون التعهدات المالية الحالية للمنتظم الدولي غير كافية لمواجهة آثار التغيرات المناخية، وأوضح أنه ما فتئ يدعو الى اتخاذ اجراءات ملموسة بشأن "هذا التهديد المحدق بالعالم"، مسجلا تحقيق بعض التقدم"لكن لا يزال أمامنا الكثير مما ينبغي فعله". يذكر أن الموسم يستمر حتى يوم الجمعة 5 يولية وتعقد خلاله عدة ندوات مهمة أختيرت موضوعاتها بناء على أهميتها ومدى ارتباطها بحاضر البشرية ومستقبلها في ضوء المفاهيم الجديدة التي أفرزها التطور الحضاري وتداخل العلاقات الدولية، من أهمها: " فصول الربيع العربي من منظورنا ورؤية الآخر"، و"الهوية والتنوع والأمن الثقافي"، و"الملامح الجديدة للإستشراق في الفنون المعاصرة، فضلا عن عروض فنية وموسيقية وفلكورية، كما تستضيف خيمة الإبداع الروائي المغربي أحمد المديني مع روايته "وردة للوقت المغربي"، وتسلم جائزة محمد الزفزاف للرواية العربية في دورتها الخامسة للفائز بها. ومن المقرر أن تواصل الندوة أعمالها حتى اليوم "الأحد" لتصدر توصياتها في ختام اجتماعاتها.