تستعد القوات النظامية السورية لبدء معركة استعادة المناطق التي يسيطر عليها مقاتلو المعارضة في مدينة حلب وريفها (شمال)، بعد ايام من سيطرتها على مدينة القصير (وسط) بدعم من حزب الله اللبناني، في حين قتل شخص اليوم في اشكال بين مناصرين للحزب ومعارضين في بيروت على خلفية مشاركة الحزب في المعارك السورية. دوليا، اعتبرت لندن ان التقدم الذي تحققه القوات السورية على الارض يصعب عقد مؤتمر "جنيف 2"، في وقت شكل الملف السوري محور مباحثات هاتفية بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو. وافاد مصدر امني سوري وكالة فرانس برس انه "من المرجح ان تبدأ معركة حلب خلال ايام او ساعات لاستعادة القرى والمدن التي تم احتلالها (من المقاتلين) في محافظة حلب"، مؤكدا ان "الجيش العربي السوري بات مستعدا لتنفيذ مهامه في هذه المحافظة". واليوم، كتبت صحيفة "الوطن" السورية المقربة من السلطات ان القوات النظامية "بدأت في انتشار كبير في ريف حلب استعدادا لمعركة ستدور رحاها داخل المدينة وفي محيطها"، مشيرة الى ان الجيش السوري "سيوظف تجربة القصير ووهجها المعنوي، في الغوطتين (الشرقية والغربية قرب دمشق)، فضلاً عن تقدمه في ريف مدينة حماة (وسط) المتصل بريف حمص"، معتبرة ان "معركة القصير ترسم المستقبل السياسي لسوريا". ويتقاسم النظام ومعارضوه السيطرة على احياء حلب ثاني كبرى المدن السورية، والتي تشهد معارك يومية منذ صيف العام 2012، في حين يتمتع المقاتلون بتقدم ميداني في ريفها. ويشير محللون الى ان نظام الرئيس بشار الاسد سيحاول، مدفوعا باستعادة كامل منطقة القصير الاستراتيجية، استعادة مناطق اخرى خارجة عن سيطرته. وكان النظام مدعوما بحزب الله الشيعي سيطر على مدينة القصير الاربعاء، قبل ان يكمل سيطرته السبت على كامل ريفها بعد استعادته بلدة البويضة الشرقية الواقع شمال القصير. واثارت مشاركة الحزب في المعارك تصاعدا في الخطاب السياسي في لبنان المنقسم بين موالين لنظام الرئيس الاسد ومعارضين له. وفي حادث يعد الاخطر من نوعه في العاصمة اللبنانية على خلفية النزاع السوري، ويأتي بعد يومين من تحذير الجيش اللبناني من "مخططات" لنقل الحرب السورية، قتل شخص في اشكال بين مناصرين للحزب ومعارضين له حاولوا الاعتصام قرب السفارة الايرانية رفضا لمشاركة الحزب في القتال السوري. وافادت قيادة الجيش انه "وأثناء وصول موكب تابع لجهة سياسية إلى منطقة بئر حسن (على طرف الضاحية الجنوبية معقل حزب الله) للاعتصام أمام السفارة الإيرانية احتجاجاً على الأحداث الجارية في سوريا، حصل إشكال بين عناصر الموكب وبعض المواطنين". واشارت الى ان الاشكال تخلله اطلاق رصاص ادى الى اصابة شخص ما لبث ان فارق الحياة، مؤكدة ملاحقتها لمطلق النار. وافاد مصدر امني ان القتيل من المعارضين للحزب، وأصيب "برصاصة في الظهر". وافاد مصور في فرانس برس ان الاشكال استمر لدقائق، واندلع مع وصول الشبان المناهضين للحزب الى محيط السفارة. وفي لحظات، حضر مناصرون للحزب يحملون العصي، وبدأوا بالاعتداء على هؤلاء. وتزامنا، أقيم في وسط بيروت اعتصام مقرر مسبقا شارك فيه العشرات "رفضا لقتال حزب الله في سوريا". وهتف المشاركون وبينهم سوريون نازحون الى لبنان، عبارات مثل "يلا ارحل يا بشار"، ووقفوا دقيقة صمت حدادا على ضحايا النزاع الذين فاق عددهم 94 الف شخص. من جهة اخرى، افاد مسؤول العمليات في الصليب الاحمر اللبناني جورج كتانة عن نقل "87 جريحا سوريا خلال الفترة الممتدة بين بعد ظهر الجمعة وصباح الاحد الى مستشفيات في البقاع (شرق) والشمال"، وذلك بمواكبة من الجيش اللبناني. وكان عشرات الجرحى من المقاتلين المعارضين والمدنيين وصلوا الى لبنان في اليومين الماضيين، لا سيما الى بلدة عرسال (شرق) ذات الغالبية السنية المتعاطفة مع المعارضة. كما سجل اليوم وصول 32 رجلا مصابا الى احد مستشفيات بلدة المنية (شمال)، بحسب مصدر امني. وبعد اكثر من عامين على اندلاع الازمة، تتواصل الجهود الدولية سعيا للتوصل الى حل. وقال وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ في مقابلة مع هيئة الاذاعة البريطانية "بي بي سي" ان "النظام (السوري) حقق تقدما ميدانيا، والثمن مرة جديدة كان خسائر هائلة في الارواح واستخدام اعمى للعنف ضد المدنيين"، معتبرا ان "التطور الحالي للوضع على الارض لا يساعدنا على ابراز حل سياسي ودبلوماسي". واشار الى ان هذا الامر "يصعب تنظيم مؤتمر جنيف وانجاحه"، لافتا الى ان "هذا النظام سيكون على الارجح اقل استعدادا لتقديم تنازلات كافية خلال هذه المفاوضات وبات اقناع المعارضة بالمشاركة في المفاوضات امرا اكثر صعوبة". وكان مقررا عقد مؤتمر "جنيف 2" الذي تم التوافق عليه بين واشنطن وموسكو، خلال شهر حزيران/يونيو الجاري، لكن بسبب عدم التوافق على قائمة المشاركين في المؤتمر، فإنه لن يعقد قبل تموز/يوليو. ومن المقرر عقد اجتماع تحضيري جديد في 25 حزيران/يونيو. وابدى النظام استعداده المبدئي للمشاركة في المؤتمر، في حين اعتبر الائتلاف الوطني المعارض امس ان الوضع الراهن "يغلق الابواب نهائيا" امام اي مبادرات سياسية. وفي القدس، اعلن مكتب رئيس الوزراء الاسرائيلي ان بنيامين نتانياهو والرئيس الروسي فلاديمير بوتين "بحثا في مواضيع مرتبطة بسوريا حيث الوضع يزداد تعقيدا يوما بعد يوم". وقال نتانياهو "شاهدنا تماما الاسبوع الماضي ما حصل من مواجهات على مقربة من حدودنا في الجولان" في اشارة الى المواجهات ابين معارضين سوريين وقوات النظام للسيطرة على مدينة القنيطرة في المنطقة المنزوعة السلاح بين سوريا واسرائيل، وحيث يوجد معبر بين الجزء السوري من الجولان والقسم الذي تحتله اسرائيل. واضاف "ان تفتت قوة الاممالمتحدة في الجولان يؤكد ان اسرائيل لا تستطيع ان تعتمد على القوة الدولية للحفاظ على امنها". وكان جنديان من القوة الدولية اصيبا بجروح الخميس نتيجة قصف وقع في المنطقة المنزوعة السلاح. ودفعت هذه المواجهات النمسا الى اعلان عزمها على سحب كتيبتها العاملة في قوة فك الاشتباك التابعة للامم المتحدة في الجولان. وكان الرئيس الروسي حليف دمشق، عرض ارسال قوات روسية لتحل مكان الكتيبة النمسوية. الا ان الاممالمتحدة ذكرت ان اتفاق فك الاشتباك الموقع العام 1974 لا يسمح للدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الامن بالمشاركة في القوة.