قام الدكتور محمد الكومي، مدرس الاقتصاد بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، بتطوير ما يعرف بنظام "الجمعية" في المجتمع المصري (أو نظام الإقراض الدوار والجمعيات الائتمانية)، وذلك عن طريق بحث إدماج البنوك وإضفاء الطابع المؤسسي على تلك العملية. يعد نظام الإقراض الدوار والجمعيات الائتمانية بمثابة بنك الرجل الفقير، إذ يقوم مجموعة من الأفراد بالاتفاق على إدخار أموالهم سويًا والاقتراض عن طريق نظام الادخار الشهري الدوار، حيث يستثمر الأعضاء مجموعة محددة من الأموال، يقوم أحد المشاركين في نظام الاقتراض، كل شهر، باقتراض الأموال التي أدخرها الجميع. يعتبر "الكومي" هذه الطريقة هي الاختيار الأفضل بالمقارنة بالادخار بالمنزل، الأمر الذي قد يكمن أفراد الأسرة والأقارب من سهولة طلب الحصول على المدخرات، يهدف النظام الجديد إلى ابتكار طريقة جديدة للادخار والإقراض تكون متوافقة مع المعايير الإسلامية لمن يريد الاقتراض دون فوائد لأسباب دينية، ينوه "الكومي" إلى أن البنك سيكون بمثابة الضمان، وأن الجمعية ستضم كل أفراد القرية، فإذا لم يستطع شخص الدفع، ستستمر الجمعية بدون إعاقة، ويتعامل الشخص غير القادر على الدفع مع البنك شخصيا، بعيدا عن إطار الجمعية. يتميز نظام الإقراض الدوار والجمعيات الائتمانية بأنه خالي من المجازفة؛ لأنه يقوم على مجموعة من الأفراد وطيدي الصلة، كما أن هذا النظام لا يفرض فائدة، فبالتالي يقلل المجازفة التي يتعرض لها المشاركين، نظرا لقصر مدة الجمعية التي لا تتجاوز 6 أشهر في المتوسط، ويقوم كل شخص بالاقتراض على الأقل مرة عندما يتم جمع الأموال، مما يقلل من حجم الخسارة في حال حصول شخص على الأموال في الشهور الأولى وعدم الدفع لاحقا، ولكن عند التطبيق الواسع لهذا النظام تظهر أزمة الثقة فيما يتعلق باشتراك غرباء في نظام الجمعية، ولهذا يرى "الكومي" أن دخول بنك أو مؤسسة مالية في المجموعة يعد أمرًا هامًا. ولتقييم أهمية إدماج مؤسسة ذات سلطة في تلك النظم، قام "الكومي" بعمل تجارب ميدانية مع الريفيين عن طريق استخدام ألعاب تعتمد على عامل الثقة والسمعة الطيبة، هدفت تلك الألعاب إلى دراسة رد فعل الأفراد في حال عدم تطبيق عقوبة على من لم يقم بالدفع، وجد "الكومي" أن رد فعل معظم المشتركين تمثل في عدم الدفع بالمقابل، مما يؤكد الدور الهام الذي تلعبه المؤسسات في تلك المشروعات. اختار الكومي القيام بالتجارب بين الريفيين لأن القرى تعاني من الفقر، ولكنها تتسم بالعلاقات الوطيدة والثقة المتبادلة بين الأفراد، مما يوفر مناخًا مناسبًا لنظم الإقراض الدوار والجمعيات الائتمانية، وعدم توفر رأس المال الكافي لدي أهل القرى، يجعل المؤسسات المالية تتردد في منح قروض لغير القادرين ماديا، كما أن المدخرات البسيطة ثبت أنها غير عملية في قطاع البنوك الرسمي لما تتضمنه من تكاليف بنكية. وفي تقرير للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء لعام 2012، اتضح أن ربع المصريين يعيشون تحت خط الفقر، مما يؤكد عدم تلبية الاحتياجات الشعبية للمواطنين، لذا يؤكد "الكومي" أن الهدف هو تقديم خطة مبنية على الأنظمة التي حازت على موافقة واسعة من الفقراء. يذكر أن الكثير من المصريين يتجهون لنظام الجمعية لمحدودية الخيارات المتاحة للتمويل المتناهي الصغر لمحدودي الدخل، وقام "الكومي" كاقتصادي تجريبي، بعمل أبحاث لتحويل تلك النظم إلى اتحادات ائتمانية كاملة بين الريفيين من خلال إدماج بنك أو مؤسسة مالية في الخطة لضمان توافر المحاسبة والموارد المالية للمقترضين طوال الوقت.