شراكة وتنمية، تعاون وتنسيق، استيراد و تصدير، تبادل وتكامل، تجارة و استثمار، صناعة وتعدين، وتواصل وخبرات، تفاهم وتآخ، تلك هى أبرز ملامح مجلس الأعمال العربى - التركى الذى عقد اجتماعه أخيرا بالقاهرة بدعوة من السيد محمد بن يوسف، المدير العام للمنظمة العربية للتنمية الصناعية والتعدين وبالتنسيق مع الجانب التركى. الاجتماع الذى جاء فى إطار توصيات البيان الختامى لمؤتمر التعاون العربى التركى المنعقد عام 2011 فى اسطنبول دعا إلى أهمية تأسيس مجلس أعمال عربى - تركى كآلية عملية لتعزيز التعاون والتواصل وتبادل الخبرات والمعلومات بين الجهات الصناعية والاستثمارية فى الدول العربية وتركيا وتحقيق أقصى استفادة مما تشهده العلاقات بين الجهات الصناعية والاستثمارية فى الدول العربية وتركيا وتحقيق أقصى استفادة مما تشهده العلاقات بين الجانبين من تطورات تدفع باتجاه المزيد من التقارب والتوافق والاستفادة المتبادلة. هكذا يؤكد محمد بن يوسف، ويصف أنه نظرا لأهمية مصر على الصعيد العربى والإقليمى والدولى، فقد تم اختيار القاهرة مقرا دائما للاتحاد، ويجوز فتح مكاتب فرعية للمجلس بالدول العربية وتركيا، ويضم الاتحاد فى عضويته الجهات العربية والتركية ذات العلاقة بدعم وتطوير وتمويل الصناعة وتنمية الصادرات وتعزيز الاستثمارات الصناعية من وزارات وهيئات ومنظمات وجمعيات أعمال وصناديق وبنوك ومراكز تنمية صادرات واتحاد غرف صناعية وتجارية ومؤسسات وشركات و أفراد وغيرهم..وأشار بن يوسف إلى أن هناك مؤتمرا دوليا بين الجانبين ينعقد فى سبتمبر المقبل فى اسطنبول يهدف إلى الارتقاء بمستوى التعاون والشراكة العربية - التركية فى مجال الصناعة والتجارة والاستثمار، ويضع الحلول الناجعة لإزالة العراقيل التى تواجه نمو الاقتصاد العربى، ويذلل الصعوبات التى تعترض نمو الصادرات العربية للأسواق الخارجية وحول النقطة الأخيرة تحديدا، أوضح بن يوسف أن الصعوبات التى تواجه الصادرات العربية أهمها غياب ثقافة التصدير لدى المصانع الصغيرة المتوسطة الحجم وعدم تطبيق أغلب الدول العربية للاتفاقيات الثنائية وعدم الاستثمار فى الخدمات المساندة، وبالتالى عدم القدرة على تقديم خدمات وتسهيلات للمصنعين والمستوردين والمصدرين، إلى جانب صعوبة التعاملات البنكية فى الأسواق المستهدفة، وكذلك الرسوم الجمركية العالية والضرائب ورسوم الترانزيت، وأيضا سياسات الإغراق والمشاكل والعراقيل الإدارية والبيروقراطية. الحديث عن الصادرات العربية دفعنا لطرح تساؤل إلى محمد بن يوسف عن أهم التحديات أمام الاقتصاد المصرى حاليا حيث أكد أن القنبلة الموقوتة الآن هى ارتفاع معدل البطالة والهبوط الحاد فى قطاع السياحة..وأوضح أنه لابد من إعادة الثقة فى المؤسسات المصرية الوطنية لجذب الاستثمار الأجنبى وتنويع أسواق التصدير وإعادة التعاون مع دول الجنوب وحتمية تغيير مناهج التعليم لصالح الابتكار والإبداع والتجويد، وكذلك لابد من التركيز على الإنتاج الحقيقى والاستثمار الصناعى ومشاركة الشباب فعليا فى صنع القرار السياسى والاقتصادى وتطبيق الحوكمة الرشيدة ومشاركة المجتمع المدنى فيها، إلى جانب الشفافية وتحجيم كل أشكال الاحتكار والنفوذ وتطبيق مبدأ سيادة القانون لأنه فوق الجميع..وحول أهمية وجود المجلس لتطوير العلاقات بين الجانبين أوضح بن يوسف أن هناك مصانع حقيقية متبادلة للتواصل العربى - التركى فى ظل التحولات السياسية الداخلية فى تركيا، وبروز نخب سياسية جديدة تمتلك مقاربة ذات رؤية ثاقبة لتركيا ووضعها الإقليمى والدولى، وتحديدا الجانب الاقتصادى..وأوضح بن يوسف أن الاقتصاد التركى فى عام 2002 كان فى المرتبة السادسة والعشرين، وقفز الآن إلى المرتبة السابعة عشرة على المستوى العالمى، وهو سادس أكبر اقتصاد فى أوروبا ويقع ضمن مجموعة العشرين، ويهدف فى عام 2023 ليصبح و احدا من أكبر عشرة اقتصاديات فى العالم..ويكفى أن نعرف أن الناتج القومى عام 2003 كان 230 مليار دولار، وفى نهاية عام 2010 قفز إلى أكثر من 740 مليار دولار، وكان حجم الصادرات التركية 34 مليار دولار، وأصبح 114 مليار دولار، وحجم التضخم كان 30% انخفض إلى أقل من 7%، و ارتفع دخل الفرد من 3.5 آلاف دولار إلى أكثر من 9 آلاف دولار، كما كانت ديون تركيا لصندوق النقد الدولى عام 2002، 23.5 مليار دولار انخفضت إلى 6.8 مليار دولار..وتضاعفت أيضا أجور الموظفين وتضاعفت أيضا ميزانية وزارة الصحة، وكذلك وزارة التعليم والتى تفوق ميزانية وزارة الدفاع..كما تضاعفت أيضا المناطق الصناعية ومعدلات الاستثمارات الأجنبية، خصوصا بعد إنشاء هيئة للاستثمار عام 2006، وأصبح السوق التركى من الأسواق الواعدة، خصوصا أنه قريب من الجانب الأوروبى والآسيوى، وكذلك الإفريقى، وتمت زيادة الأراضى الزراعية، خصوصا بعد بناء سدود وخزانات مياه عملاقة، مما يتيح إقامة مشاريع زراعية كبرى. وأوضح بن يوسف أن شركات المقاولات التركية تأتى حاليا فى المرتبة الثانية على المستوى العالمى بعد الشركات الصينية. الكلام لايزال لمدير المنظمة العربية الصناعية، حيث يؤكد أن كل هذه المؤشرات والمعطيات والشواهد تجعلنا نسعى إلى مزيد من التواصل والتعاون وتطوير العلاقات العربية - التركية على جميع الصعد، خصوصا أن هناك اتفاقات للتجارة الحرة بين تركيا والعديد من الدول العربية، وهناك نقاط مشتركة عديدة بين الجانبين إذا تم استثمارها جيدا سوف تعود بالنفع للجميع..وحول ضعف الصناعة العربية وعدم قدرتها على إقامة تعاون وتكامل مع أى كيانات اقتصادية إقليمية، يقول بن يوسف: تعتبر التنمية الصناعية من أهم ركائز التنمية الاقتصادية الشاملة، حيث تلعب الصناعة دورا مهما فى الاقتصاد العربى كغيره من الاقتصاديات الأخرى، باعتبار أن الصناعة هى قاطرة التنمية الاقتصادية، لذلك يجب دعم هذا القطاع والارتقاء بمستواه، ويعد إجمالى قيمة الناتج المحلى لقطاع الصناعة بشقيه الاستخراجى والتحويلى للعام 2010، حسب بيانات التقرير الاقتصادى الموصل بلغ نحو 906.5 مليار دولار مقارنة ب 713.8 مليار دولار عام 2009 ليرتفع بنسبة 27%، كما أن نسبة مساهمة القطاع الصناعى للدول العربية فى الناتج المحلى الإجمالى لعام 2010 بنسبة تقدر بنحو 44.7%، وهو ما يوضح أهمية هذا القطاع فى التأثير على الناتج الإجمالى للدول العربية، غير أن القيمة المضافة للصناعات التحويلية بلغت 187.7 مليار بنسبة مساهمة فى الناتج المحلى العربى الإجمالى بلغت 9.3%، وهى تعد نسبة ضعيفة بالمقارنة بالاتحاد الأوروبى، حيث تقدر هذه النسبة بنحو 15%، وتصل فى الصين إلى 28% وفى كوريا الجنوبية نحو 34% ،كما يلاحظ أن إسهام قطاع الصناعة التحويلية فى الناتج المحلى الإجمالى منخفضة، حيث وصلت 9.3 % عام 2010، وهو ما يوضح واقع الصناعة العربية وما يتطلبه من دعم وتنمية، ويشير بن يوسف إلى أن الصناعة العربية تتسم بضعف تشابكها مع بعض القطاعات الاقتصادية فى نطاق الاقتصاد الوطنى لكل قطر عربى سواء كانت صناعة إحلالية أم تصديرية، لأن السياسات الاقتصادية والقطاعية التى نفذت فى الدول العربية طيلة العقود الأربعة الماضية لم تصل بعد إلى إقامة علاقات تبادلية قوية بين الصناعات القائمة من ناحية، وبينها وبين القطاعات الاقتصادية الأخرى من ناحية أخرى، مما أثر سلبيا على الهيكل الإنتاجى للاقتصاد العربى. بن يوسف يتفق على أن هناك تحديات تواجه الصناعة العربية بشكل عام يتمثل فى تدنى الوضع التنافسى فى مواجهة الإقليميات الأخرى، كون الصناعات العربية غير متطورة فى العديد من قطاعاتها أو فروعها إذا ما قورنت بالدول الصناعية المتقدمة، لذلك يدعو إلى مزيد من الخطوات للنهوض بالابتكارات العلمية والتكنولوجية وتنمية قدرة الحكومات على تنفيذ السياسات الصناعية واتساقها مع السياسات الاقتصادية من أجل تحقيق نتائج إنمائية أفضل، وضرورة التكامل الاقتصادى العربى، وأيضا الاستقرار السياسى، حيث إن تكرار التغيير فى الإستراتيجيات والسياسات يمكن أن تخل بالنهج الطويلة الأجل ذات القدرة الأفضل على تحقيق التوسع الصناعى.