يلتقي أعضاء مجلسي النواب والشيوخ والمجالس الإقليمية غدًا (الخميس 18 أبريل/نيسان) في روما لانتخاب الرئيس الإيطالي الجديد في مرحلة حاسمة لحلحلة الأزمة السياسية التي تتخبط فيها إيطاليا منذ خمسين يوما. وعشية الجولة الأولى من انتخابات بالاقتراع السري بدون مرشحين معلنين يشارك فيه ألف وسبعة "ناخبين كبار" من أعضاء البرلمان والمجالس الإقليمية، يبقى الغموض كاملا حول النتائج. وحتى اللحظة الأخيرة تعرض "جيورجيو نابوليتانو" (87 عامًا) -الذي تنتهي ولايته في 15 مايو/آيار المقبل- إلى ضغوط كي يظل في منصبه على الأقل بضعة أشهر من أجل تسوية المأزق. ذلك لان "السيناريو الكارثي" الذي كان الجميع يخشاه قد حصل في الانتخابات التشريعية في 24 و25 شباط/فبراير عندما فاز وسط اليسار بالاغلبية في مجلس النواب وليس في مجلس الشيوخ المنقسم بين ثلاثة كتل: يسار يتزعمه بيير لويجي برساني وحزب الديمقراطية والحرية لسيلفيو برلوسكوني وحركة الخمسة نجوم للفكاهي السابق بيبي غريلو. وحاول رئيس الدولة الذي توطد نفوذه منذ ادارته حقبة سقوط حكومة برلوسكوني في اوج العاصفة التي هزت اليورو في تشرين الثاني/نوفمبر 2011، التوصل الى توافق بين الاحزاب بمنح برساني تفويضا "اختباريا" لكن بدون التوصل الى نتيجة. كما انه لم يجد نفعا تشكيل مجموعة "حكماء" اقترحت اصلاحات مؤسساتية (القانون الانتخابي) واقتصادية (مساعدة الصناعة) سعيا الى تقريب وجهات النظر. وقال الرئيس الاحد لدى تقديمه حصيلة ولايته في حديث مع صحيفة لاستامبا، انه "بذل كل ما في وسعه". وبحثا عن خلفه، باشرت الاحزاب بمباحثات حثيثة ويتوقع ان يعقد برلوسكوني وبرساني لقاء حاسما الاربعاء. والهدف منه هو تحديد ملامح شخصية قريبة من اليسار تحظى بتاييد اكبر عدد من الناخبين (495 صوتا) ولا تكون مناهضة لبرلوسكوني (76 سنة) المهووس بخطر ادانته قضائيا والذي يأمل في ان يعفو عنه رئيس "صديق". وقد يساعد التوافق حول رئيس على تسوية مشكلة الحكومة اذ ان برساني يأمل فعلا في تسليمه مقاليد حكومة حتى ولو كانت حكومة اقلية، لكن لا يحاربها اليمين جهارا من الجولة الاولى للتصويت على الثقة في البرلمان. غير ان هذه المقاربة تثير توترا شديدا في الحزب الديمقراطي الذي يتزعمه برساني والذي يرى قسم كبير منه ان اي توافق من قريب او بعيد مع برلوسكوني بمثابة معاهدة مع الشيطان. ويرى ستيفانو فولي كاتب الافتتاحيات في صحيفة "سولي 24 اوري" أن من مصلحتهما التوصل إلى اتفاق، لكن يجب الإسراع لأن النظام السياسي متداع ومنهار إلى حد لم يعد قادرا على احتمال ضغط نزاع حول الرئاسة يدوم أياما". وقد ينتخب مرشح توافقي من الجولة الاولى مثلما حصل مع "كارلو ازيليو تشيامبي" في 1999، وإلا فإن الاقتراع سيدوم كثيرا، وحتى اليوم يعتبر "جيوفاني ليوني" الحائز على الرقم القياسي، إذ أنه انتخب في عام 1971 بعد 23 اقتراعا، علما أنه اعتبارا من الجولة الرابعة، يكفي الحصول على الأغلبية البسيطة للفوز بالاقتراع (بدلا من أغلبية الثلثين). وكما يقول "جيوفاني غوزيتا" المتخصص في الدستور في جامعة "تور فيرغاتا" الرومانية إنه يمكن أن تحصل مفاجآت، التاريخ علمنا أنه غالبا ما يكون هناك خلافات في وجهات النظر داخل الأحزاب وأن الاتفاقات بين قادتها لا تحترم دائما. وطرحت عشرة أسماء على الأقل وفي مقدمتها رئيس الوزراء السابق "جيوليانو اماتو" الذي يحظى بتاييد "برلوسكوني" والمفوضة الأوروبية سابقا "ايما بونينو". كذلك ذكر اسم رئيس الموفضية الاوروبية سابقا رومانو برودي، الوحيد الذي فاز مرتين على برلوسكوني لكن الاخير سيعتبر اختياره بمثابة اشهار حرب عليه وسيبذل بعد ذلك قصارى جهوده للدفع الى انتخابات مبكرة اعتبارا من يونيو/حزيران أو يوليو/تموز. وفي الانتظار واصل المحتجون في حركة الخمسة نجوم الذين فازوا ب 25% من الاصوات في الانتخابات التشريعية بجمع اصوات الايطاليين الغاضبين من التقشف، التشويش على اللعبة السياسية باختيارهم عبر الانترنت الصحافية مينيلا غبانيلي المتخصصة في التحقيقات ضد الفساد والاقتصاد والسياسي.