دعا البابا فرنسيس الاحد في اول رسالة في بابويته لمناسبة عيد الفصح الى "السلام" في سوريا، فيما احتفل الكاثوليك في هذا البلد بفصح حزين مع استمرار المواجهات الدامية في مناطق سورية مختلفة. وقال البابا امام مئات الاف المؤمنين المحتشدين في ساحة القديس بطرس في الفاتيكان وجادة ديلا كونشيلياتسيوني متحدثا للمرة الاولى بشأن النزاع السوري، "كم من الدماء سفكت، وكم من العذابات ستفرض بعد قبل التمكن من ايجاد حل سياسي للازمة؟". ودعا الى "السلام لسوريا الحبيبة، من اجل شعبها الجريح بسبب النزاع ومن اجل العديد من اللاجئين الذين ينتظرون المساعدة والتعزية". وعلى وقع كلمات البابا المؤثرة، احتفل الكاثوليك في سوريا الاحد بعيد الفصح وسط اجواء يسودها الحزن، بعضهم في مناطق عمها الخراب بسبب اعمال العنف كما في الغسانية بشمال البلاد، بحسب ما افادت مراسلة لوكالة فرانس برس. فقد تحولت هذه القرية المسيحية الواقعة بين محافظة ادلب (شمال غرب) ومحافظة اللاذقية الساحلية (غرب) الى مدينة اشباح يسكنها نحو 15 شخصا بعد ان كان تعداد سكانها قبل النزاع الدامي يبلغ نحو 10 الاف شخص بينهم ست عائلات مسلمة. وقال جورجيو (88 عاما) وهو من اخر السكان الذين ما زالوا في القرية التي دمرها القصف لوكالة فرانس برس "لم نتمكن حتى من الاحتفال بالجمعة العظيمة... لاننا لم نجروء على الخروج من منازلنا". ولم توفر اجواء الحزن العاصمة دمشق التي تشهد اطرافها معارك وعمليات عسكرية. وقال ناجي (32 عاما) الذي فقد اخاه منذ ثلاثة اشهر "هذا العيد حزين، لا عيد لدينا في العائلة". واوردت فاديا (53 عاما) وهي مترجمة بحسرة "اي عيد في هذه الايام، اني اخجل من كلمة عيد والبلد مجروح". وبث التلفزيون السوري صورا للقداديس التي اقيمت في العاصمة بمناسبة عيد الفصح، حضر بعضها عدد قليل من المصلين. ميدانيا، قتل عشرة اشخاص اغلبهم من النساء والاطفال في مجزرة جديدة في ريف حمص (وسط)، وتبادل النظام ونشطاء المعارضة الاتهامات بتحمل مسؤوليتها. ففي حين اتهمت وكالة الانباء الرسمية (سانا) "ارهابيين" بارتكاب "مجزرة جديدة بحق المواطنين الامنين في مدينة تلكلخ الواقعة في ريف حمص (وسط)"، نقل المرصد السوري لحقوق الانسان عن نشطاء في المنطقة انه تم العثور على "جثامين 11 مواطنا بينهم 8 سيدات وثلاثة رجال اعدموا ميدانيا خلال اقتحام القوات النظامية لحي البرج في مدينة تلكلخ". وقال اهالي المنطقة لوكالة سانا "ان الارهابيين اقتحموا المنازل بالاسلحة وقاموا بأعمال قتل وسلب ونهب وترويع لاهالي الحارة الامنين بسبب رفضهم جرائم الارهابيين وايوائهم في منازلهم". من جهته، حمل مدير المرصد رامي عبد الرحمن الاممالمتحدة مسؤولية استمرار المجازر في سوريا "بسبب عدم احالة ملف اي مجزرة الى محكمة دولية لمحاكمة مرتكبيها وقتلة الشعب السوري". وفي وسط البلاد ايضا، قتل تسعة من مقاتلي المعارضة "اثر كمين نصبته لهم القوات النظامية في محيط بلدة قلعة الحصن" بحسب المرصد. وفي شمال سوريا، فر عدد كبير من العائلات الاحد من احد الاحياء المهمة في حلب بسبب اندلاع معارك بين القوات النظامية ومقاتلين معارضين. وقال عبد الرحمن ان "مئات السيارات تقل عائلات شوهدت وهي تغادر حي الشيخ مقصود وذلك اثر سقوط عشرات القذائف على الحي اسفرت عن سقوط جرحى وتهدم في بعض المنازل". كما افاد عن استمرار اشتباكات عنيفة بين القوات النظامية ومقاتلي المعارضة اغلبها في الجزء الشرقي من الحي الاستراتيجي نظرا لاعتلائه هضبة تشرف على العاصمة الاقتصادية للبلاد. ومنذ الجمعة، قتل 43 شخصا بينهم 15 مدنيا في قصف ومعارك تتركز في الجزء الشرقي من حي الشيخ مقصود، بحسب المرصد. وتحاول القوات النظامية، بحسب عبد الرحمن، اعادة سيطرتها على هذا الجزء الذي يسمح للمعارضة المسلحة "بشن هجوم منه على المناطق التي يسيطر عليها النظام في حلب". وكان مقاتلون سوريون معارضون قتلوا السبت امام مسجد الشيخ مقصود، بحسب المرصد الذي نقل عن مصادر في الحي ان الشيخ "سحل بعد قتله". وفي ريف دمشق، تتواصل العمليات العسكرية حيث "تعرضت مناطق في الغوطة الشرقية وبلدة معضمية الشام لقصف من قبل القوات النظامية مما ادى لسقوط جرحى وتضرر في بعض المنازل"، بحسب المرصد. كما تعرض حي جوبر الدمشقي للقصف. وقتل ثمانية مدنيين بينهم اطفال في قصف تعرضت له بلدة كفربطنا في ريف دمشق. وفي جنوب العاصمة، سقط صاروخ على مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين مخلفا قتلى وجرحى وفق المرصد الذي لم يتمكن من الادلاء بحصيلة دقيقة حتى الان. وفي حصيلة اولية لضحايا اعمال العنف الاحد، احصى المرصد السوري مقتل 140 شخصا هم 56 مدنيا و43 مقاتلا معارضا و41 جنديا نظاميا. وشرقا، أقدمت "مجموعات ارهابية مسلحة" على اضرام النار في ثلاث ابار نفطية في محافظة دير الزور "ما يؤدي الى خسارة يومية تقدر ب4670 برميلا من النفط و52 الف متر مكعب من الغاز" بحسب الوكالة السورية الرسمية. وذكر مصدر مسؤول في وزارة النفط لوكالة سانا ان "المجموعات الارهابية المسلحة تقوم بالتعدي على بعض حقول النفط بدير الزور بهدف سرقة النفط وبيعه حيث قاموا مؤخرا بفتح بعض الابار عشوائيا". واضاف المصدر ان هذه "التعديات تسبب ضررا وأثرا سلبيا على المكامن النفطية تعيق الاستثمار مستقبلا".