النواب يعقب على ملاحظات نقابة الصحفيين بدراسة قانونية يفند فيها كل مقترح من النقابة والرد عليه    «الأروقة» تعيد الحياة العلمية للجامع الأزهر ..الطلاب ينتظرون الشيوخ على الأبواب.. ومشروع للتوثيق المرئى    مراكز لتنظيم الأسرة وافتتاح مدارس وتوزيع مستلزمات الطلاب ودعم التصدير    الدكتورة رشا شرف أمينًا عامًا لصندوق تطوير التعليم بجامعة حلوان    عودة حقل ظهر لمعدلات الإنتاج القياسية يونيو 2025    البرلمان العربي يرحب باعتماد الجمعية العامة قرارًا فلسطينيًا يطالب بإنهاء وجود الاحتلال غير القانوني    استجابة الوزير ودعم الشحات لفتوح ومفاجأة السوبر المصري| نشرة الرياضة ½ اليوم 19-9-2024    مباحث الدقي تكشف حيلة عاطل للاستيلاء على مبلغ مالي من مالك مطعم شهير    ورشة للمخرج علي بدرخان بالدورة ال40 لمهرجان الإسكندرية السينمائي    الرئاسة الفرنسية: ماكرون نقل رسائل إلى حزب الله لتجنب التصعيد فى المنطقة    مرصد الأزهر يحذر من ظاهرة «التغني بالقرآن»: موجة مسيئة    القوات البحرية تنجح في إنقاذ مركب هجرة غير شرعية على متنها 45 فردا    «القاهرة الإخبارية»: بوريل يريد إزالة ما تفعله إسرائيل في المنطقة    زراعة الغربية تبحث الاستعدادات للموسم الشتوى    مهرجان أيام القاهرة الدولي للمونودراما يُكرم «هاني رمزي» في دورته السابعة    مركز الأزهر للفتوى: نحذر من نشر الشذوذ الجنسى بالمحتويات الترفيهية للأطفال    محافظ كفرالشيخ يوجه بالتيسير على المواطنين في إجراءات التصالح على مخلفات البناء    الأزهر للفتوى الإلكترونية يعلن الإدعاء بمعرفة الغيب يؤدى إلى الإلحاد    رسميا.. موعد صرف معاشات أكتوبر 2024 وطريقة الاستعلام    تقرير يُكشف: ارتفاع درجات الحرارة بريء من تفجيرات " البيجر " والعملية مدبرة    استطلاعات رأي تظهر تعادل هاريس وترامب على المستوى الوطني    محافظ بني سويف: إزالة 272 حالة بحملات المرحلة الثالثة من الموجة ال23    بينها التمريض.. الحد الأدنى للقبول بالكليات والمعاهد لشهادة معاهد 2024    "صحة أسوان": لا يوجد بمستشفيات المحافظة حالات تسمم بسبب المياه    فحص 794 مريضًا ضمن قافلة "بداية" بحي الكرامة بالعريش    التغذية السليمة: أساس الصحة والعافية    فيلم عاشق على قمة شباك تذاكر السينما في مصر.. تعرف على إيراداته    برلماني عن ارتفاع أسعار البوتاجاز: الناس هترجع للحطب والنشارة    بنك إنجلترا يبقى على الفائدة عند 5 %    توقعات برج الحمل غدًا الجمعة 20 سبتمبر 2024.. نصيحة لتجنب المشكلات العاطفية    أول ظهور لشيرين عبدالوهاب بعد أنباء عن خضوعها للجراحة    تعاون مصري إماراتي جديد.. الحكومة توافق على اتفاقية نقل المحكوم عليهم بعقوبات سالبة للحرية    أخبار الأهلي: بعد تعاقده مع الأهلي.. شوبير يعلن موعد بداية برنامجه    من هن مرضعات النبي صلى الله عليه وسلم وإِخوته في الرَّضاع وحواضنه؟ الأزهر للفتوى يجيب    فانتازي يلا كورة.. ارتفاع سعر لويس دياز    "الموت قريب ومش عايزين نوصله لرفعت".. حسين الشحات يعلق على أزمتي فتوح والشيبي    "ناجحة على النت وراسبة في ملفات المدرسة".. مأساة "سندس" مع نتيجة الثانوية العامة بسوهاج- فيديو وصور    "خناقة ملعب" وصلت القسم.. بلاغ يتهم ابن محمد رمضان بضرب طفل في النادي    أبرز تصريحات الشاب خالد ف«بيت السعد»    بقيت ترند وبحب الحاجات دي.. أبرز تصريحات صلاح التيجاني بعد أزمته الأخيرة    مرصد الأزهر: اقتحامات مكثفة للمسجد الأقصى مطلع خلال 2024    خبير سياسي: إسرائيل تريد مد خط غاز طبيعي قبالة شواطئ غزة    مركز الأزهر: اجتزاء الكلمات من سياقها لتحويل معناها افتراء وتدليس    لبحث المشروعات الجديدة.. وفد أفريقي يزور ميناء الإسكندرية |صور    "بداية جديدة".. تعاون بين 3 وزارات لتوفير حضانات بقرى «حياة كريمة»    انتشار متحور كورونا الجديد "إكس إي سي" يثير قلقًا عالميًا    جامعة الأزهر تشارك في المبادرة الرئاسية «بداية جديدة لبناء الإنسان»    محافظ الإسكندرية يتابع المخطط الاستراتيجي لشبكة الطرق    إخماد حريق نتيجة انفجار أسطوانة غاز داخل مصنع فى العياط    حزب الله يهاجم تمركزا لمدفعية إسرائيلية في بيت هيلل ويحقق إصابات مباشرة    «لو مش هتلعبهم خرجهم إعارة».. رسالة خاصة من شوبير ل كولر بسبب ثنائي الأهلي    دوري أبطال أوروبا.. برشلونة ضيفا على موناكو وآرسنال يواجه أتالانتا    «الرقابة الصحية»: نجاح 11 منشأة طبية جديدة في الحصول على اعتماد «GAHAR»    ضبط عنصر إجرامى بحوزته أسلحة نارية فى البحيرة    مأساة عروس بحر البقر.. "نورهان" "لبست الكفن ليلة الحنة"    دورتموند يكتسح كلوب بروج بثلاثية في دوري الأبطال    لو عاوز تمشيني أنا موافق.. جلسة حاسمة بين جوميز وصفقة الزمالك الجديدة    هل موت الفجأة من علامات الساعة؟ خالد الجندى يجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



القمص ميخائيل راعى كنيسة «سانت مارك» يكشف ل «الأهرام العربى»: أسرار «البابا شنودة» فى منزله بأمريكا!
نشر في الأهرام العربي يوم 18 - 03 - 2013

سجلت اليوميات فى كليفلاند - أميرة أسعد - هو حكيم فى بساطته. وبسيط فى حكمته . صارم وجاد فى قراراته. وحنون وهادئ فى معاملاته رغم كل ما يحمله جسده من أمراض وألم . شاعر وصحفى مميز. دائرة معارف متحركة فى مختلف المجالات وشخصية كاريزمية لن تتكرر. رمز للوحدة الوطنية. هو قداسة البابا شنودة الذى سيبقى خالدا فى وجدان أبنائه. فكثيرا ما حلمت أن أجرى معه حوارا صحفيا أو حتى أقابله لتحتضن يداه يدىَّ، لكن حلمى لم يتحقق فى مصر، فوجدته على أعتاب أمريكا، حيث التقيته أكثر من مرة.
ولكن للأسف لم يكتمل بإجراء بأجرأ حوار معه، خصوصا بعد أن أصبح الموت حائلا بيننا، ولكنى استطعت أن أحقق ولو شيئا بسيطا من حلمى بالكتابة عنه وعن تفاصيل جديدة لم تنشر من قبل فى كليفلاند التى كان دائما ما يقول انها « بيته الثانى».
البداية كانت مع القمص ميخائيل، راعى كنيسة سانت مارك بكليفلاند، الذى كشف ل «الأهرام العربي» أسرار زيارات البابا شنودة لأمريكا .. وبداية معرفته به والتى بدأت عندما كان أسقفا للتعليم ومدير الكلية الإكليريكية ومسئولا عن المعاهد الدينية والتربية الكنسية، وذلك سنة 1962، فكنت أحضر له محاضرات يلقيها على الشعب كل يوم جمعة.
وقال فى 1968 قررت أن أتتلمذ على يده فى الكلية الإكليريكية، وفى سنة 1972 تخرجت فى الكلية وأرسلنى البابا كشماس مكرس فى كنيسة العذراء بمسرة. وكان مهتما جدا بالمهجر وقتها، فأرسلنى كأول شماس مكرس وهو (مساعد كاهن) فى أمريكا بكنيسة العذراء، والأنبا أنطونيوس لمدة سنة، ثم قال لى من الأفضل أن تخدم ككاهن، ووقتها كان لا يوجد سوى كنيستين. أما الآن فيوجد ما يقرب من 180 كنيسة. وبالفعل فى سنة 1974رسمنى بنفسه كاهنا وكان يود أن يرسلنى إلى كنيسة نيويورك، ولكن الشعب فى كليفلاند طلب منه أن نفتح كنيسة هنا. وبالفعل أرسلنى إلى كليفلاند وفى البداية كنا نصلى فى كنيسة بالإيجار .
وبتوجيهات قداسته فى مارس1977، اشترينا كنيسة صغيرة ودشنها وافتتحها ومكثنا بها 11 سنة حتى قمنا بشراء كنيسة أكبر ودشنها فى سنة 1989. فهو كان يريد أن ينشر ويدعم الكنيسة الشرقية الأرثوذكسية فى الخارج. وكان دائما ما يشجعنى على النجاح والدراسة، ففى سنة 1981، فعندما حصلت على الماجيستير والدكتوراة فى علم الرعاية والإرشاد من إحدى الجامعات الأمريكية أرسل لى كارت تهنئة من دير الأنبا بيشوى، لأن إقامته كانت محددة هناك وقتها. وسنويا كان يطلب منى أن أكتب له تقريرا عن حالة الكنيسة والشعب بالإضافة إلى أنه كان يحضر الاجتماع السنوى لكهنة أمريكا وكندا. ومنذ رحلته فى سنه 1989، وهو يأتى إلى كليفلاند فى كل زيارة لأمريكا، لأنه كان يحب الكنيسة وشعبها هنا، وكان دائما ما يقول: كليفلاند هى بيتى الثانى ومن أقرب الأماكن إلى قلبى. وفى خلال هذه الزيارة طلبنا منه عمل فحصوصات فى كليفلاند كلينيك للاطمئنان على صحته. ومنذ زيارة قداسته فى 1991 وهو ينزل فى بيتى حتى عام 2007 عندما كسرت قدمه وأجريت له عملية هنا وأصبح لا يستطيع صعود السلالم، فلذلك بدأ ينزل فى بيت الكنسة ثم بعد ذلك فى الفندق الملحق بالمستشفى.
طعام البابا
وكان بسيطا فى كل شئ فعندما أسأله تحب تأكل إيه يا سيدنا النهارده يقول: اللى تقدمه وكان أكله بكميات قليلة جدا، وكان دائما ما يردد عبارة (وأى بيت دخلتموا كلوا مما يقدم لكم وليس كل ما يقدم لكم)، وكانت له حجرة بحمام مخصصة فى منزلى، وكان يحب جدا الجلوس معنا فى حديقة المنزل ونتحدث فى أمور الحياة المختلفة وتعلمت منه الكثير والكثير، فهو كان بسيطا وحكيما فى نفس الوقت وكان دائما يقول: كونوا حكماء كالحيات وبسطاء كالحمام، لأنه إن خلت الحكمة من البساطة تصبح مكرا ودهاء وإن خلت البساطة من الحكمة تكون سذاجة وعبط..
وكثيرا ما زاره فى بيتى شخصيات مصرية مهمة مثل الدكتور أسامة الباز، والسفير المصرى والمندوب العسكرى. وكان يوصينى إذا جاءت إحدى الشخصيات الكبيرة مثل عاطف عبيد وزكريا عزمى أو أحد الوزراء أو رؤساء الوزراء للعلاج مثلا فى كليفلاند كلينيك أن أذهب لزيارتهم وأقدم لهم الهدايا باسم قداسة البابا. وكثيرا خلال وجوده هنا كان يتصل به الرئيس السابق حسنى مبارك ومن بعده المشير طنطاوى للاطمئنان على صحته.
وكان خلال اليوم يفضل أن يشرب «نعناع وينسون» أكثر من القهوة والشاى، ولكن إذا كان يكتب مقالا أو يحضر محاضرة يحب يشرب فنجان قهوة تركى. وفى إحدى المرات كان يحضر لمحاضرة عن صورة الله سيلقيها فى إحدى الجامعات الأمريكية، وحضر نحو 43 كارتا مكتوبا فى ثلاثة أيام وكنت أشاهده وبيده الكتاب المقدس كان يقلب فيه من سفر لسفر ومن آية لآية دون أن ينظر للفهرس لأنه حفظه عن ظهر قلب، فقلت له يا سيدنا إنك تقلب فى الكتاب وكأنك تعزف قطعة موسيقية على بيانو دون أن تنظر، فابتسم بهدوء. وكثيرا ما كان يكتب مقالات الأهرام فى كليفلاند، وكان يحب أن يكتبها يوم الخميس لأنها كانت تنشر الأحد . وكثيرا ما كان يكتبها بنفسه، أما إذا كان متعبا جدا فكان يمليها للأنبا أرميا، وفى إحدى المرات أملانى إحدى المقالات. وكان ملتزما كل يوم أحد بأن يقرأ كل التعليقات عن المقال. وفى إحدى المرات طلب منى أن أقرأ له التعليقات أثناء تناوله الطعام، وبالفعل قرأتهم له ماعدا تعليقا واحدا كان به هجوم بشكل غير لائق، فقال لى: هل هذه كل التعليقات، فقلت له يا سيدنا فى تعليق واحد لم أقرأه لأنه.....فقاطعنى أنا عارف بيهاجمنى، فقال لى: اقرأ فهذا لا يزعجنى أو يضايقنى أبدا، وكان هناك الكثير من التعليقات من المسيحيين والمسلمين التى تقدر قداسة البابا وتحترمه، وكان يقدر ويهتم بكل التعليقات وكان يحب ويقدر الجرائد جدا، وأتمنى أن يتم الاتفاق ما بين الكنيسة وإحدى المؤسسات الصحفية على عمل كتاب لتجميع مقالات البابا شنودة فى الأهرام وغيرها من الجرائد، لأنها بها الكثير من الأفكار والموضوعات المهمة التى ستفيد الجمهور.
عمليات جراحية
وخلال زيارته الطويلة لكيفلاند والذى أجرى فيها عمليات كبيرة مثل عملية الغضروف وأخرى كسر فى الفخد، وخلال كل عملية كان يمكث ما يقرب من 4 أشهر، وبأمر من الحكومة المصرية كانت ترسل له السفارة كل الجرائد المصرية والعربية، وكان يحب أن يطلع عليها جميعا فى الصباح . وخلال هذه الزيارات كان ينزل فى الفندق الملحق للمستشفى، وكان له سويت خاص ملحق به ثلاث حجرات، واحدة للأنبا يؤانس والأخرى للأنبا أرميا والثالثة كانت لى لأنى كنت ملازما له طوال رحلاته لخدمته. ومن المواقف التى شعرت بحنيته الشديدة علىَّ عندما كنت أخدمه فى المستشفى، وكان المفروض معى جرس لو احتاجنى يرن الجرس ولم يدقه طوال الليل، ففى الصباح قلت له يا سيدنا خايف يكون قداستك رنيت الجرس، فقال لى: ماحبتش أتعبك فشعرت أنه كان يحتاجنى ولكنه لم يرد أن يزعجنى فى الليل من محبته لى. وكان يحب أن يستيقظ فى السادسة صباحا يأخذ الأدوية ثم الإفطار فى السادسة والنصف، وكان يحب أن يأكل فولا فى الصيام، ولكن كل أكله كان بكميات بسيطة، والساعة 8 صباحا يكون على سرير المستشفى للغسيل الكلوى. وخلال الأربع ساعات للغسيل الكلوى يقوم بكتابة المقالات ويستقبل تليفونات مهمة، وقداسة البابا ليس له تليفون خاص ولكن كان يستقبل التليفونات على تليفونات الأساقفة أو تليفونى الخاص.
ثم بعد ذلك يرتاح فى حجرته ويبدأ مقابلات من العالم كله سواء من الكنائس الأخرى الكاثوليكية مثلا أو من السفراء أو من أبناء الكنيسة للاطمئنان على صحته، وأتذكر مشكلة دير أبو فانا، حضر عضو مجلس الشعب إلى كليفلاند للمشاورة فى كيفية حل المشكلة. وكان ينام ما بين الساعة 12-11 ليلا.
مواقف إنسانية
وأكثر المواقف الإنسانية لسيدنا أنه عندما يعلم بمرض أى شخص من أبناء الكنيسة سواء فى نفس المستشفى الذى يعالج فيه أو أى مكان آخر كان يزوره، فلدينا دكتور فى الكنيسة حدث له شلل رباعى خلال حادث، فزاره مرتين وكان ليس له سابق معرفة به .
وعندما وضعت ابنتى شيرى طفلها ذهب لزيارتها فى المستشفى، وكذلك هو الذى عمد طفلها. وكان دائما يقول (كنت مريضا فزرتمونى) والشخص الذى يزور مريضا كأنه زار المسيح. وسيدنا كان مطيعا جدا للأمن، ففى إحدى المرات فى نيوجيرسى حب شخص أن يدخل الأسانسير معه، فمنعه الابن فبدأ فى الاشتباك مع الأمن فسيدنا قاله يا حبيبى اسمع كلام الأمن، إذا كنت أنا بسمع كلامهم.
وسيدنا كان يتألم لألم الآخرين فيكون سعيدا جدا عندما يرى من حوله سعداء وكان أيضا يحزن لهموم الآخرين وكان دائما يقول لنا: إما أن تتعبوا وتريحوا الناس أو أنكم ترتاحوا والناس تتعب، والأفضل أن تختار التعب لترتاح الناس. فمثلا فى المحاضرة يوم الأربعاء الأخيرة نزل المحاضرة، رغم تحذير الأطباء له، وكان رافضا النزول على كرسى متحرك لأنه كان حريصا على مشاعر الشعب حتى لا يصابون بالقلق والخوف عليه اذا وجدوه على كرسى متحرك، فحتى آخر لحظة كان وجهه بشوشا رغم كل ما يحمله من ألم وأمراض, وكان يحل الأزمات والمشاكل بالنكات، فأتذكر موقفا قصه علينا عندما قال للسادات نكتة الكنيسة وعشرين جامعا تعبيرا عن صعوبة بناء الكنائس فى مصر.
شارك فى الجنازة.
ومن أكثر المواقف التى لن أنساها أبدا ودليلا على تواضعه فى سنه1970 قبل رسامتى كاهنا، كنت مجرد تلميذ فى الكلية الإكليريكية توفى أخى فى الجيش وجاء البابا شنودة وعزانى فى بيتى، وحضر جنازة الأربعين فى الكنيسة . أما العبارة التى لن أنساها، ففى حفلة اليوبيل الفضى لكهنوتى هنا فى الكنيسة قال نصا: بيت أبونا ميخائيل هو بيتى وعائلته هم عائلتى وأبونا ميخائيل هو صديق لى . فعندما سمعت هذه الكلمات كنت فى قمة سعادتى التى لا يمكن وصفها أبدا. وعندما كان أحدهم يحضر له هدايا مثلا أقلام وسبح أو شرابات أو أى نوع من الهدايا كان يوزعها على الأساقفة وأنا معهم بالتساوى. وكان يحضر معه سبحا إسلامية حتى إذا زاره أحد السفراء أو المندوبين يقدمها لهم، حتى إنه عندما قدم لأحمد زويل سبحة قال له: إنه ترك سبحته الخاصة واستخدم هذه السبحة. وكان دائما ما يرسلنى سيدنا مندوبا عنه فى البلاد المختلفة لشراء الأراضى وبناء الكنائس. فسافرت البرازيل وبوليفيا والمكسيك وسانت كيتاس وسان توماس وغيرها من البلاد، وكان دائما ما يتابعنا خطوة بخطوة وكان يسافر بنفسه ليقوم بتدشين وافتتاح الكنائس.
ويضيف القمص ميخائيل، فعندما سأل البابا لماذا لم يضع خليفة له قال ليس أسلوبى، واستشهد بقصة عمر بن الخطاب عندما تحدث عن الخلافة وقال لا أريد أن أتحمل مسئوليتها حيا وميتا .
ويتذكر القمص ميخائيل زيارته الأخيرة وبداخله ألم شديد، فيقول من المفترض إن كان البابا يأتى للعلاج فى آخر فبراير قبل نياحته، ولكن نظرا للتعب الشديد جاء آخر يناير من العام الماضى، ولكن هذه الزيارة كانت مختلفة لأنه كان متعبا جدا وكانت أقل زيارة بها كلام ومقابلات، وكان يأخذ أدوية تقلل من المناعة لديه، فلذلك كنا نقلل من زيارته ورفضنا أن يقابل أى أحد من شعب الكنيسة، ولكن فى آخر يوم تجمع الكثير من الجمهور قبل سفره للاطمئنان على صحته وبالفعل قابلهم ليطمئنهم على صحته.وبعد سفره قررت أن أسافر مصر للاطمئنان عليه، وبالفعل سافرت قبل نياحته بنحو ثلاثة أسابيع وكان متعبا جدا جدا وأتذكر آخر لقاء معه كان فى قلايته وقال لى: أحب أشكرك على تعبك معى كل دقيقة وثانية وساعة وأيام، فقلت له كم مليون شخص يتمنى خدمتك يا سيدنا، وانتهت الزيارة وكنت أنظر إليه بامتنان وكأنى أشعر أنها النظرة الأخيرة إلى صديقى وأبويا ومرشدى الروحى.
وأحب أن أشكر الله على اختياره لقداسة البابا المعظم الانبا تواضروس الثانى فهو عطية السماء لنا وأحب أن أشكره لأنه وافق على طلبى فى تحويل المكان الخاص بقداسة البابا شنودة فى بيت الكنيسة وبه الأغراض الخاصة بقداسته مثل ملابسه وفنجان القهوة الخاصة به وسريره وغيرها من أغراضه إلى متحف صغير بل أرسل لنا من مصر الكثير من متعلقاته كالتاج وعصا الرعاية وطقمين كاملين من الملابس أحدهما الذى كان يستخدمها أثناء القداسات وطقم آخراً وسيتم افتتاح هذا المتحف خلال الأسابيع المقبلة.
مازال موجوداً
ورغم حزنى الشديد الذى لا يمكن وصفه على قداسة البابا الذى أشعر أنه مازال موجودا بروحه معى بالشرائط والكتب والمقالات الخاصة به، وأتذكر كل نصائحه لى. وبدأ القس مرقس غالى، راعى كنيسة سانت مارك بكليفلاند حديثه بأن: قداسة البابا شنودة هو الذى رسمنى كاهنا باسم مرقس على اسم عمى، لأنه كان كاهن ووكيل البطرخانة والقائم بأعمالها. وسيدنا كان يحبه جدا ولكنه تنيح قبل رسامتى، لذلك سيدنا قال لى هانسميك مرقس فى الكهنوت حتى يظل اسم مرقس موجودا. وبدأت علاقتى تتوطد بسيدنا منذ أن انتقلت من كنيسة نيويورك إلى كليفلاند .وتعلمت واستفدت منه الكثيرسواء على المستوى الروحى والإنسانى. وأكثر نصائحه لى عندما كنت أسأله عن أى مشكلة كان يقول لى لا تحكم على الأمور من زاوية واحدة يجب أن ترى المشكلة من كل جوانبها وتحلل الأمور ولا تتسرع وتأخذ قرارا سريعا فى أى مشكلة. فهو كان دائما يقول: إن كليفلاند هى بيتى الثانى وأعتقد أنه كان يشعر بهذا الإحساس بعد أن أجرى عملية الغضروف ومكث نحو 4 أو 5 أشهر، وهو مرتبط بالكنيسة وشعبها وكثيرا ما عقد اجتماعات للشعب وصلى قداسات فى الكنيسة. والبابا شنودة كان محبا جدا للأطفال وكان يحب أطفالى ويسأل ويطمئن عليهم باستمرار ويتحول إلى طفل برىء عندما يلعب معهم، وهم تأثروا وحزنوا جدا عندما عرفوا بوفاته وشعروا وكأن جدهم توفى .ومن أهم سمات سيدنا هى البساطة والذوق فعندما يطلب منى طلبا لابد أن يقول: لو سمحت ويشكرنى بعدها. وكان يقول لازم أن نتعامل مع الناس بلطف واحترام سواء كبيرا أم صغيرا حتى يحترمك الآخرون. وعندما كان يصل إلى كليفلاند أكون سعيدا جدا لأنى أعلم أننى سأتعلم وأستفيد من وجوده، فكنت أنصت إلى كل كلامه وألاحظه بحرص لأتعلم منه . وزيارته الأخيرة قبل نياحته كانت من أصعب الزيارات عليا لأنه كان متعبا ومريضا جدا وكنت أشعر أنها ستكون الزيارة الأخيرة له، وأعتقد أنه كان يشعر بذلك أيضا، فعندما ودعناه فى المطار نظر لى نظرة عميقة وكأنه يودعنى وقال لى ربنا معاك يا ابنى، وحاليا نعمل كتاب لتجميع أقوال سيدنا المأثورة وسيكون من أربعة أجزاء بها 3650 قولا بواقع 10 أقوال يوميا وسنقوم بإصداره من كنيسة كليفلاند باللغتين العربية والإنجليزية . وأشعر الآن بالحزن الممزوج بالفرح. الحزن على فراقه، وأنه شخص لن يعوض فأشعر باليتم لأنه كان أبا لنا بمعنى الكلمة وأباً للكنيسة كلها . أما الفرح لأنه استراح من معاناته وآلامه التى من الصعب أن يتحملها بشر، وأنه وصل للحظة التى كان يتمناها وهى أنه يترك العالم ليحصل على الأبدية .
حالته المرضية
وعندما سألنا الدكتور شريف، الطبيب المعالج لقداسة البابا قبل نياحته قال: لا أستطيع التحدث عن الحالة المرضية لقداسة البابا، خصوصا بعد نياحته، ولكن أحب أن أتحدث عن البابا شنودة الإنسان وهو مريض، فهو مريض واع ملتزم بمواعيد العلاج، وعندما كان يسألنا عن شىء يخص علاجه كنت أشعر بأنه مريض ذو معرفة بحالته، وكان يريد أن يزيد من معرفته بالآثار والأمراض الجانبية مثلاً، وكان ذلك جزءا من شخصيته، ومهما اشتد الألم أو المرض على سيدنا لم أره يخرج عن هدوئه أبداً، ومهما أخبره الأطباء عن شىء خطير يخص مرضه لم أر نظرة حزن واحدة فى عينيه، بالعكس كان دائماً يقابل أى خبر ممكن أن نراه كارثة على أى إنسان بالبشاشة والابتسامة، ويرى أن الابتسامة هى أقرب الطرق لحل المشاكل. ومن المواقف التى لن أنساها أبدا طوال حياتى، أن البابا شنودة زار كل الأطباء المعالجين له فى منازلهم .ولا أستطيع وصف سعادتى وسعادة أسرتى كلها بهذة الزيارة.
ولأول مرة أشعر بهذه المشاعر المؤلمة والحزن لفقدان شخص يعتبر أبا لى، فأنا أحب سيدنا منذ أن كنت فى كلية الطب بمصر، واجتمع معنا فى دير الأنبا بيشوى فانبهرت بذكائه وخفة دمه، ولكن بداية علاقتى المتوطدة به عندما بدأت زيارته المتكررة فى كليفلاند، خصوصاً بعد عملية الانزلاق الغضروفى، لأنى كنت أعمل فى كليفلاند كلينيك، فلذلك كنت أقابله كثيرا ولكن وظيفتى الأساسية لسيدنا ليس الطب ولكن إلقاء النكت ورسم البهجة على وجهه، قبل كل زيارة كنت أحضر وأذاكر النكت وأدخل على الإنترنت وأشترى كتبا للنكت، لأننا أثناء جلستنا لمدة ساعة مثلاً، نصفها أنا أقول نكتة وسيدنا يرد علىَّ بنكته طوال الجلسة مهما كان مريضا أو متألما كان بشوشا، وفى مرة قال لى: يا شريف لازم إنت تعمل كتاب للنكت وأنا أول واحد أشتريه، فقلت له النكت على الإنترنت يا سيدنا فقال لى اعمل شريط فيديو لأنك جيد فى إلقائها وابتسم بهدوء، ومن أكثر النصائح التى كان ينصحنى بها، أن أقول الصراحة مهما كانت النتائج، وفى مرة بعد الثورة كان يقول دائماً للأساقفة ألا يتسرعوا فى إعطاء آرائهم عن أى شىء حتى لا يؤخذ بكلامهم بأى مغزى آخر، خصوصاً أن الصراحة أفضل مهما كانت النتائج ولكن بشرط ألا تجرح أحدا. وكان دائماً يقول لى: لو تحدثت له فى مشكلة أن الرب يفتح ولا أحد يغلق، ويغلق ولا أحد يفتح فلا تقلق فقط صل وربنا موجود، ومن المواقف التى لا أنساها له فى آخر زيارة لسيدنا هنا كان متعبا جداً، ورغم ذلك قبل سفره دخلت امرأة لتسلم عليه وكان معاها طفلان توأمان فأخذهما منها وبدأ يلعب معهما رغم ما يحمله من آلام فتصور معهم. قبل سفره قلت له هاتوحشنا يا سيدنا، فنظر لى نظرة عميقة جداً لا يمكن أن أنساها طوال عمرى وقالى إنتوا اللى هاتوحشونى، وكانت هذه أول مرة يرد علينا بهذه الكلمة منذ سنوات طويلة، ثم صمت لحظة وقال لى بجد هاتوحشونى جداً، والغريب أننى فسرت بعض المواقف بعد انتقاله فعندما وصلناه للمطار وبعد أن سلمنا عليه كلنا ونزلنا من الطائرة منذ ركوبه للطائرة حتى إن طارت وغابت عن وجهنا وهو يشاور لنا، حتى إن الدكتور ثروت باسيلى كان معنا، من استغرابه صورها فيديو وعرضت بالسى تى فى (إحدى القنوات المسيحية) وكأنه كان يريد أن يودعنا أو يقول إنها آخر زيارة، وبعدها كنت تقريباً أحلم به يومياً فطلبت من أبينا ميخائيل أن ننزل نزوره فى مصر، بالفعل سافرنا قبل نياحته بنحو 20 يوما وعندما علم الأساقفة بنزولى طلبوا منى أن احضر معى حقناً مسكنة للألم لأن ألم ظهره كان زائدا جدا فى الفترة الأخيرة، وبالفعل نزلنا 4 أيام وثانى يوم أعطيته الحقنة فى مستشفى السلام، وبعدها سألته الألم خف ياسيدنا فقال لى نشكر ربنا، وبعد كده مش هاشكرك على النكت بس وهاشكرك كمان على تسكين آلامى .وآخر لحظة قبل سفرنا كانت لحظة صعبة جدا لأنه كان مريضا جدا وكنت أشعر أنها آخر مرة سأراه فيها وآخر كلمة قالها لى هاتوحشنى يا دكتور شريف ..وأنا حزين جدا جدا على فراق سيدنا وحاسس إنى مش قادر أستمتع بحياتى حتى زوجتى قالت لى أنا عمرى ماشوفتك حزينا ومتأثرا بشخص لهذه الدرجة ولا حتى عندما توفى أقرب الناس لك. فسيدنا كان بالنسبة لى أبا حنونا وهو أكبر وأهم شخصية تعرفت إليها فى حياتى، وفى كل زيارة كنت أعد الأيام وأنتظر الزيارة التى تليها فأنا أحب كليفلاند لأنها جعلتنى أتعرف إلى سيدنا من قرب. وعزائى الوحيد أنه فى مكان أفضل بكثير ويصلى من أجلنا .
اهتمامه بالمهجر
ويقول بيشوى القمص ميخائيل المحامى، وهو أحد الشباب المقربين من قداسة البابا: عندما تنيح سيدنا شعرت وكأنى جدى هو الذى توفى، وحزنت عليه جدا جدا لأنى كنت قريبا منه . فأنا أتذكر سيدنا منذ أن كنت طفلا وأخذت معه أول صورة وعمرى كان سنه ونصف السنة تقريبا، حتى إنه كل ما يتصور مع طفل يقول لى فاكر الصورة بتاعتك يا بيشوى . وكنت دائما أسافر مع والدى لزيارة سيدنا فى مصر . وكان مهتم جدا جدا بالمهجر، خصوصا الشباب ودائما كان يقول لى كنيسة بدون شباب كنيسة من غير مستقبل، وكنت أرد عليه وأقول وشباب من غير كنيسة شباب من غير مستقبل. وفى سنة 1997 قام بتعيينى مندوب الكنيسة فى مجلس الكنائس الأمريكى وهو مندوب الشباب وممثل من كل طائفة ويجتمعون سنويا للجمعية العمومية، بالإضافة إلى اجتماعات اللجان على مدار السنة ونتحدث فى مواضيع اجتماعية وإنسانية لها علاقة بالكنائس مثل دور الكنائس فى مكافحة الفقر والبطالة . وفى سنة 1998 جعلنى مندوب الكنيسة القبطية فى مجلس الكنائس العالمى ويجتمعون كل 7 أو 8 سنوات وكل اجتماع بيكون فى قارة مختلفة ففى 2006 كان الاجتماع فى البرازيل . وفى سنة 1997 أرسلنى بالنيابة عنه إلى تركيا فى مؤتمر عن دور الكنيسة فى حماية البيئة تحت رعاية البطريرك المسكونى بارسليماوس، رئيس الكنائس البيزنطية (الروم الأرثوذكوس)، وكذلك المؤتمر الثانى . وبعدها كتبت كتابا عن دور الكنيسة فى حماية البيئة وسيدنا كتب لى المقدمة وكذلك البطريرك المسكونى. وفى سنة 2000، عيننى كأول مدير لمكتب العلاقات المسكونية فى أمريكا، ووقتها كنت أعيش فى نيويورك وكنا نجتمع مع كل الطوائف من السوريان والأرمن والأحباش والهنود والأرثوذكس الشرقيين ونقوم بعمل صلاة مشتركة، وبإرشاد سيدنا كنا نصلى صلاة مشتركة فى افتتاحية الأمم المتحدة مع سفراء البلاد المختلفة للبركة، وذلك فى آخر شهر سبتمبر. فمنذ سنة 1991 وسيدنا ينزل فى منزلنا وكنت بكون فى قمة سعادتى وأشعر أن جدى فى المنزل معنا.
لا يأكل الدجاج
فكان بسيطا فى كل شئ فعندما تسأله والدتى تحب تأكل إيه كان دائما يقول لها اللى تطبخيه ولما تقول له مثلا جرب هذا النوع لأن طعمه حلو يقول لها ما هو علشان حلو أنا مش هاكل منه. وكان دائما فى الصيام يميل للفول وفى الإفطار يحب الأسماك أكثر من اللحوم والدجاج، يمكن لم أره يأكل دجاجا إلا فى الأعياد فقط. وكان يحب الجلسة الأسرية فبعد العشاء نتجمع حوله ويحكى لنا حكاوى من زمان أو عن أحد أصحابه أو يلقى لنا شعرا مما كان يكتبه .وكان يحب الجلوس فى حديقة المنزل وكان دائما يلاحظ إذا والدتى زرعت شجرة أو وردا جديدا يقول لها هذا النوع جديد وجميل، فكان يحب الزرع والورد جدا. وبعد الظهر كان يحب يتمشى فى الشارع حول البيت فالشارع هادئ عندنا وملىء بالأشجار وكلنا كنا نتمشى معه. وفى إحدى المرات سافرت مصر لمدة 8 أسابيع وصمم أن يدبر لى مكانا أمكث فيه، وبالفعل سكنت فى بيت تابع لأسقفية مارمرقس للخدمات بمدينة نصر . وكان مهتما بى جدا وكل يوم يسألنى مش محتاج حاجة وخرجت وزرت الأهرامات واتفسحت، فكنت أشعر أنه جدى ويطمئن على. ومن طيبة وحب سيدنا لنا فى إحدى زياراتنا لمصر فى صيف 1991، وكان عيد ميلادى فى هذا اليوم فعندما زرناه فى دير الأنبا بيشوى أحضر تورتة وعمل لى عيد ميلادى فى الدير، وهذا كان من أحلى أعياد ميلادى الذى لم أنسه أبدا. ومن أكثر الأشياء المحتفظ بها من سيدنا عندما أجرى عملية فى فخذه، كنت كثيرا ما أنقله بسيارتى، ففى أول مرة يركب معى السيارة أخرج صليبا فضة وعلقه فى السيارة ومن وقتها لم أنزعه من السيارة لأنه ذكرى من سيدنا .
وكنت الشماس الخاص بسيدنا فى كثير من رحلاته للدول المختلفة مثل البرازيل والمكسيك وغيرها من الدول، وهو الذى رشمنى مساعد الشماس (دياكون)، وهى رتبة أقل من الشماس المتفرغ. وفى آخر زيارة له هنا كان مريضا ومتألما جدا، وعندما ذهبنا لوداعه بالمطار بكيت كثيرا لأنى كنت أشعر أنها آخر زيارة له، ولذلك فكرت فى النزول لمصر قبل وفاته بنحو ثلاثة أسابيع مع والدى، وآخر يوم قبل سفرنا سمح لنا بالدخول إلى قلايته الخاصة بالمقر الباباوى، وهذه أول مره يسمح لنا بالدخول إلى هذا المكان الخاص جدا، وهى حجرة بسيطة جدا وبها سرير فوقه صليب وبها الكثير من الكتب. وقلت له أنا خطبت وهاتجوز يا سيدنا فرد بهدوء ممزوج بالفرحة: أول ما تعرف هاتتجوز إمتى قولى علشان أباركلك. فكنت أتمنى أن يكون موجودا فى زواجى ولكنى أشعر أنه مازال معى بمحبته وكلامه لى فى آخر زيارة . ويضيف بيشوى قائلا: أنا محظوظ أنى كنت أعرف قداسة البابا عن قرب وتعلمت منه الكثير والكثير . وأعتقد أننى مهما عشت لن أقابل شخصية فى طيبة وحنية وذكاء وخفة دم سيدنا، فهو تركيبة فريدة ومختلفة خصوصا عندما تعرفه عن قرب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.