بدأنا كعادتنا فى كلّ عام التجهيز للاحتفال-على طريقتنا- بعيد الشرطة الموافق 25 يناير، واتفقنا فى ائتلاف شباب التغيير على عدّة مطالب وشعارات كان أولها وأهمّها “إقالة حبيب العادلى ومحاكمته-رفض غلاء الأسعار-وقف التعذيب فى أقسام الشرطة-رفض تزوير الانتخابات"، وبدأنا فى الترتيب لآليات التحرّك والتى كان من بينها المسيرات المختلفة التى تصبّ فى مكان واحد"ميدان التحرير" واتفقنا على إعلان عدد من الأماكن الوهميّة لتشتيت جهود الأمن ولفت أنظاره بعيداً عنّا،وكنّا ننزل لنقيس المسافات والوقت المستغرق فى المناطق التى اخترناها لتكون انطلاقة للمسيرات يوم 25 يناير . كنّا نقوم بتوزيع عدد مهول من المنشورات والدعوات للمشاركة فى اليوم بكثافة أكبر فى المناطق التى اتفقنا أن الخروج سيكون منها، وقسّمنا أنفسنا إلى مجموعات وعلى رأس كل مجموعة أحد الكوادر فى الائتلاف “كان يتكون من حركة شباب 6 إبريل- حركة شباب من أجل العدالة والحريّة-حملة دعم البرادعي-شباب حزب الجبهة ...آخرين “، ولم يكن يعرف لا المجموعات ولا قياداتها أماكن التجمع الحقيقيّة، فقط كان يعرفها أعضاء المكتب السياسى للائتلاف وكنّا نحرّك قيادات المجموعات خطوة بخطوة لتشتيت الأمن والمراقبة والاهتمام بعنصر المفاجأة . بعد النجاح فى البداية والاستمرار ووصولنا إلى ميدان التحرير قرّرنا الاعتصام بعد اجتماعنا واستطلاع الآراء فى الميدان إلى أن قرر الأمن فض الاعتصام بالقوّة وظللنا فى الشوارع المحيطة بالتحرير فى حالات كر وفر حتى الصباح حتى سقط أول الشهداء فى السويس وكان هذا كفيلاً باستمرار المعركة وانتصارها فى النهاية . تمّ اعتقالى برفقة ثمانية من قادة شباب الثورة قبل التنحّى بعد خروجنا من اجتماع مع الدكتور البرادعى فى منزله وتم اقتيادنا إلى مقرّ المخابرات الحربيّة بعد وصلة من الاعتداءات والتحقيقات المستمرة تم الإفراج عنّا بعد ضغط محلّى ودولى اضطرّ عمر سليمان وأحمد شفيق للخروج على شاشات التلفاز والوعد بالإفراج عنّا . أُصبتُ فى أحداث الثورة إصابات عديدة كانت أوّلها يوم 25 يناير حيث أُصبت بإصابتين فى القدم اليمنى واليسرى، وفى جمعة الغضب بطلقة نارية فى أعلى القدم اليمنى، وفى موقعة الجمل بإصابات عديدة فى الرأس والكتف والصدر والظهر، وفى أحداث ما بعد الثمانية عشر يوما بإصابات عديدة بالخرطوش والاعتداءات المباشرة من قبل قوّات الأمن والجيش . - أهم مشاهد الثورة: يوم جمعة الغضب كنتُ فى الصف الأول وبجوارى الناشط وليد عبد الرءوف وناشط آخر لا أتذكر اسمه والناشطة علا شهبة، وكان بجوارى شخصٌ لا أعرفه ولا يفعل بأى شىء برغم كونها فى صف المواجهة نحاول التقدّم، كنت أنا ساعتها محتمياً بشجرة كبيرة أمام مبنى جامعة الدول العربيّة أردّ على رصاصات الأمن بالحجارة، وهذا الشاب كان مختبئاً بجوارى، وفجأة عندما اقترب منّا الضابط الذى يطلق الرصاص هو والجنود خرج هذا الشاب من وراء الشجرة متبسما وفرد ذراعيه وصاح بصوت عال موجها حديثه للضابط قائلاً: أنا مش عاوز أؤذيك، أنا مصرى زيك وإحنا إخوات، كل اللى أنا عاوزه أدخل الميدان . خرجت وراءه لأشدّه وأعيده خلف الشجرة، لكن الضابط أطلق عليه الرصاص فجأة، فأصيب فى رأسه فانفجرت دماؤه فى وجهى، وسقط شهيداً !! صاح بى المجند “هاضربك بالنار" فقلت “جسدى أرضى ومش هامشى". *ناشط سياسى