لايبحث كل من يأتي إلى "جولدن ماونتان باجودا" في ميانمار عن الهدوء والصفاء والتنوير. يقوم الكثيرون بالرحلة من أجل غرض أقل روحانية، ألا وهو التهام وجبات من لحوم حيوانات برية تواجه خطر الانقراض في واحد من المطاعم المتخصصة المحيطة بالموقع المقدس، وهو عبارة عن صخرة ضخمة تقف متوازنة على جانب جبل يعلوها معبد بوذي يفترض أنه يحتوي على بعض من شعر بوذا. ويقول شان لاي الذي يدير واحدا من حوالي سبعة مطاعم: "يكلف الطبق الصغير 5 آلاف كيات (6 دولارات) والمتوسط 8 آلاف كيات (10 دولار) والكبير 10 آلاف كيات (12 دولار)". ويوجد على طاولة الجزار أمامه بقايا من حيوان النيص ( أو الشياهم وهي قوارض ذات غطاء من أشواك الحادة أو ريش حاد يقوم بدور الدفاع والتمويه على الحيوانات المفترسة) والغزال النباح والقردة ودب الشمس الاسيوي وأنواع من قطط برية آسيوية وثعلب الماء وثعابين. وأوضح شان لاي إنه "يمكن تقديم هذه اللحوم مقلية أو مسلوقة أو مدخنة أو مطبوخة مع صلصة كاري لذيذة". ولاتعتري هواجس كثيرة معظم زائري معبد كيك هتي يو باجودا بولاية مون ، على بعد 160 كيلومترا شمال شرق يانجون ، بشأن الاستمتاع ببعض أطباق الحياة البرية في موقع ديني ، رغم أن معظم الأنواع المقدمة تعود لحيوانات مهددة بالانقراض وتحميها قوة القانون. ويقول أصحاب المطاعم إن الزبائن الأكثر حرصا على تناول هذه الاطباق هم من الصينيين ومن عرقية الشان الذين يأتون الولاية الشرقية التى تحمل نفس الاسم ، والتي تقع على مسافة بضعة مئات من الكيلومترات شمال ولاية مون على الحدود مع الصين . وقال ما ما، وهو صاحب مطعم آخر بالمنطقة: "اذا جاء الكثير من الصينيين ، ينفذ مخزون اللحوم سريعا.. انهم حتى يطلبون ثعابين حية"، مشيرا إلى أن معظم هذه اللحوم تأتي من أدغال ولاية كارين المجاورة، إلى الشرق من ولاية مون. وأضاف: " نشتري الحيوانات البرية من صيادين محترفين.. ينتمي هؤلاء الصيادون لولاية كارين وهم ماهرون للغاية في صيد الحيوانات البرية، ويصطادون القدر الذي نطلبه". يشار الى أن أبناء الكارين ماهرون أيضا في أنواع أخرى من الصيد، حيث أن اتحاد كارين الوطني يخوض قتالا ضد قوات ميانمار منذ اعلان الحرب على الحكومة المركزية عام 1949 ، مما يجعلها واحدة من أقدم حركات التمرد في العالم. ويسيطر المتمردون على مناطق في منطقة الغابات بالولاية، حيث يتم قطع الأشجار بشكل جائر، والصيد غير المشروع منذ عقود. ويقول نشطاء مكافحة تهريب الحيوانات بوجود سوق محلية كبيرة للحوم الغريبة في ميانمار، حيث ليس هنا مايمنع تناول لحوم الأنواع المهددة بالانقراض، بالاضافة إلى سوق تصدير ضخم لدول مثل الصين ولاوس وتايلاند المجاورة. وداخل البلاد ، لا تعتبر المطاعم حول كيك هتي يو استثناء. وقال وين اونج مالك "وودلاند جروب"، وهي مجموعة تقوم بتصدير خشب الساج، وأحد أنصار الحفاظ على البيئة في ميانمار: "تنتشر مطاعم لحوم الحيوانات البرية في جميع الاماكن القريبة من الغابة أو التي يمكن منها الوصول إلى الغابة". وقال انه يتم صيد المزيد من الحيوانات البرية وبيعها "خاصة عندما يتدهور الحال بالغابة بسبب الإفراط في قطع الأشجار، أو قطعها بشكل غير شرعي مما يؤدى الى تقلص مناطق الغابات لذلك تصبح الحيوانات البرية أكثر عرضة للخطر". وفي العاصمة السابقة يانجون ، تتوافر لحوم الثعابين والقردة وثعابين البحر طويلة الزعانف ، في سوق كاست ايرون قرب الحي الصيني بالمدينة. ولا يعرف أحد بالضبط حجم تجارة الحيوانات البرية في ميانمار، تلك البلاد التي ظلت معزولة عن العالم لنحو عقدين من الزمان بسبب العقوبات الاقتصادية المفروضة ضد النظام العسكري الذي كان يحكم البلاد في السابق. وقال ستيفن جالستر مؤسس مؤسسة فريلاند ومديرها ، والتي تتخذ من بانكوك عاصمة تايلاند مقرا لها، وهي تعمل في مجال مكافحة تهريب الحيوانات والبشر في أنحاء آسيا: "نحن متأخرون في بورما". واضاف جالستر ، الذي يتلقى تمويلا من الحكومة الامريكية ، "أعاقتنا العقوبات.. فعل الأمريكيون ذلك.. وليس أهل بورما". بورما هو الاسم السابق لميانمار. ومنذ عام 1995 وحتى عام 2001 ، أقام جالستر مشروعات صغيرة في ميانمار بتمويل غير أمريكي بعدما دعت وزارة شؤون الغابات في ميانمار إلى تقديم المساعدة من أجل القضاء على تجارة الحيوانات البرية وهي تجارة غير مشروعة تجلب أرباحا وفيرة. وأضاف: "نعمل في منطقة ساجاينج" في أقصى غرب البلاد، حيثد وصلت مجموعات الصيد من عرقية تشين المحلية الى "الحدائق الوطنية والمناطق المحمية وقام بدور فعال في القضاء على النمور". وقبل بضع سنوات ، كانت ميانمار تقول بأن لديها ما لا يقل عن ألف نمر في البرية، ولكن العدد الان بين 50 و 100 نمر بسبب الصيد الجائر. وقال جالستر: "عندما اختفت النمور، انتقلوا إلى صيد أنواع أخرى، مثل الفهد المرقط". وفي الوقت الذي بدأت فيه ميانمار الانفتاح على العالم واجراء اصلاحات جديدة ، تحاول ادارة الرئيس ثين سين القضاء على الصيد الجائر والتجارة الجائرة، على الرغم من أن نطاق المشكلة مروع بالاضافة إلى نقص الموارد. وقال مسؤول في وزارة شؤون الغابات في ميانمار في كانون اول/ديسمبر الماضي ، شريطة عدم ذكر اسمه ، "جرت العام الماضي عمليات تفتيش مفاجئة بشكل عشوائي بخصوص الحيوانات البرية المحمية" شملت المطاعم وحول المحميات. وأضاف أنه في عام 2013، "نعتزم تنفيذ عمليات تفتيش مفاجئة وتسيير دوريات أمنية في الغابات، ووجه الصعوبة الرئيسي هو قلة الموظفين الموظفين وعدم كفاية الميزانية".