سلسلسة من الانهيارات المتتالية أصابت جسد الاقتصاد المصري وسدت شراينه في ظل تدهور المؤشرات الاقتصادية كافة والتي أخذت في الهبوط خلال الشهور الأخيرة إلي أن وصلنا إلي بيان البنك المركزي الذي يحذر فيه الشعب من وصول حجم الاحتياطي النقدي إلي مستوي الخطر، وأن ما تبقي لديه لا يكفي لسد حاجات المصريين من الغذاء والدواء والزيوت لمدة ثلاثة أشهر.. وهو ما يؤكد أن مصر غاصت في بحر الإفلاس.. وربما في انتظار ثورة جياع طاحنة.. وهذا ينفي مزاعم البعض بأن مصر لن تفلس. وربما كان تصريح هشام قنديل، بأن الإفلاس مرتبط بالشركات وليس بالدول.. في محاولة منه لخلق طمأنة زائفة.. استنادا علي المصطلح القانوني لكلمه الإفلاس..والتي تعني إغلاق الشركة المفلسة وشطب اسمها من سجلات سوق المال.. وهذا الأمر لا ينسحب علي الدول بالضرورة.. لأنه من المستبعد أن نلغي اسم مصر ونسرح المصريين علي الدول المجاورة.. لكن رئيس الوزراء نسي أن إفلاس الدول لا يعني فقط عدم قدرتها علي سداد التزاماتها تجاة العالم الخارجي من الديون وأقساط الدين.. بل يتعداه إلي عدم قدرة الدول علي الالتزام تجاة مواطنيها بتوفير المأكل والمشرب والدواء وخلق فرص عمل للمواطنين.. لأن المؤشرات الاقتصادية أصبحت تقاس بمدي سعادة ورضا الشعوب عن أوضاعهم الاقتصادية وليس بمؤشرات النمو فقط. والمتابع للبيانات الاقتصادية الصادرة عن رئيس الوزاء ووزير ماليته ممتاز السعيد، يدرك أن رفضهم لكلمه إفلاس مصر مبنى على الخلط بين المصطلح القانوني للشركات المدرجة في البورصة وبين تدني الوضع الاقتصادي.. وإلا بماذا نفسر إفلاس الأرجنتين والبرازيل منذ سنوات قليلة وإفلاس اليونان حاليا، إضافة إلي المخاطر التي تواجه البرتغال وإسبانيا حيث وصفتا بأنهما علي حافة الإفلاس الاقتصادي.. وبرغم ذلك لم يخرج أحد من مسئولي هاتين الدولتين ليقول إن إفلاس الدول أمر مستبعد.. وإن ما نعاني منه هو مرض اقتصادي مزمن.. كما وصف ممتاز السعيد، الوضع في مصر.. برغم أن كل البيانات والمؤشرات التي كشف عنها وزير المالية ممتاز السعيد، تؤكد أن مصر تجاوزت فكرة الإفلاس بل إنها تعيش الآن في قاع بحر الإفلاس.. وربما كان قوله: إن حجم الدين المصري بلغ 1,5 تريليون جنيه.. برغم أن الناتج المحلي الإجمالي لا يزيد على 1,2 مليار جنيه.. كذلك قوله إن السياحة المصرية التي كانت تدر عائداً يصل الي 13 مليار دولار سنويا توقفت تماما وأن روافد العملة الصعبة للاقتصاد المصرى.. انعدمت من الصناعة والتصدير وتجارة الخدمات.. ولم يتبق سوي إيراد قناة السويس وهو إيراد ريعي معرض للتوقف في أية لحظة لأنه مرتبط بالتجارة العالمية.. إضافة إلي تحويلات العاملين في الخارج. هذا الوضع يأتي في ظل وجود أقل من 12 مليار دولار كاحتياطي نقدي في البنك المركزى.. وليس 15 ملياراً لأن هناك ثلاثة مليارت ودائع لكل من قطر والسعودية وتركيا.. مع العلم أن هناك نحو 75 طن ذهب قيمتها تصل إلي 7 مليارت دولار لا يمكن تسييلها.. وبالتالي فإن ما تبقي من أرصدة لا تزيد على 5 مليارت دولار. وهو مبلغ يمثل الحد الأدني اللازم لمواجهة الكوارث الطبيعية أو الحروب.. مما يعني أن مصر لا تمتلك أرصدة دولارية لسداد التزاماتها الخارجية من الديون وكذلك لا تستطيع أن توفر الغذاء والدواء لشعبها.. ليس هذا فحسب.. والسؤال موجه لحكومة الدكتور قنديل، كيف تسدد الحكومة الدين الداخلي الذي أخذته من ودائع المصريين بالبنوك... وهي لا تمتلك موارد أو رؤية اقتصادية أو حتي هوية اقتصادية تم طرحها في الدستور؟ أم أن فكرة الاستدانة من الخارج وتكرار تجربة يوسف بطرس غالي، لسد عجز الموازنة هي الحل، لكن تحت شعار الصكوك الإسلامية.. هي الحل..؟