قد يحدث التغيير فى الدرجة، النوع، الطريقة، الإبهار، التنافس على الجذب، لكن كل المؤشرات تؤكد أن التوك شو سيبقى من حيث الجوهر والغاية «على قديمه» فلا التليفزيون الرسمى سيغير من المنهج الذى سار عليه منذ إنشائه، ولا القنوات الفضائية الخاصة ستتخلى عن أجنداتها ولا غايات وأهداف مالكها، ولا مقدمو البرامج سيبحثون عن النقد والموضوعية، وإنما سيظلون باحثين عن الأكثر سخونة، والأبقى إثارة، والأشد جدلا. هذا ما يراه فريق من خبراء الإعلام ومقدمى البرامج، ويرى أخر أن توجهات أصحاب القنوات يفرض عليها الثبات والسير وفقا للأجندة الموضوعة لها والتى تحقق لهم أهدافهم، وفيما يرى الفريق الآخر أن مصر تعانى انقساماً فى المجتمع سينتج عنه ظهور نوعين من البرامج، الأول مؤيد لسياسات الإخوان، والثانى معارض وهو ما نعيشه الآن، وقد رصدت الأهرام العربى آراء الفريقين: فى البداية أكدت ريم ماجد مقدمة برنامج بلدنا بالمصرى على شاشة «أون. تى. فى»، أن فورمات برامج التوك شو كانت بحاجة إلى التغيير بعد ثورة يناير مباشرة، لأنها لم تعد تتناسب مع حركة الشارع وتطلعات الناس وأحلامهم التى تستوجب النزول إليها وليس مناقشتها بين أربعة جدران ومع ضيوف ثابتة تحمل نفس الأفكار القديمة، ونظرا لأن ذلك يحتاج إلى نظام إنتاجى خاص حاولت أغلب القنوات تغيير فورمات برامجها، وأضافت: أظن أنه يصعب تغيير البرامج اليومية إلى هذا الشكل الذى لا يتناسب سوى مع التى تعرض مرة واحدة فى الأسبوع، ومن جانبى خصصت فقرتين فى برنامجى بلدنا بالمصرى الأولى باسم “ شورو عليه" قدمت مع تولى الرئيس مرسى مهمته ليطرح من خلالها الناس مشكلاتهم وحله، والثانية “ دروع الناس “ وهى عبارة عن فيلم وثائقى صغير عن شخصيات مختلفة من المجتمع تعرض تجاربها فى المجتمع. أما ريهام السهلى مقدمة برنامج 90 دقيقة، فترى أن التغطية الإعلامية لبرامج التوك ستظل كما هى دون تغيير، لأن الأحداث فى مصر لم تهدأ والمتوقع لها أن تستمر لفترة طويلة، وما أتوقعه هو ظهور وجوه جديدة من المذيعين والضيوف على القنوات الحالية وفى قنوات جديدة. أما الإعلامى حافظ المرازى فاكتفى بالقول: “ لكل مذيع قناعة شخصية بما يقدم وقد تختلف من حدث إلى آخر تبعا للمعلومات التى تتوافر لديه، وأرى أن برامج التوك شو الحالية لا يمكن أن تتغير إلا إذا تغيرت معتقدات وقناعات مقدميها “. فيما أكدت الدكتورة منى الحديدى، أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة أن البرامج الحوارية ستستمر بنفس سخونتها، خصوصا فى الفترة المقبلة لحين استقرار الأوضاع فى مصر وإجراء انتخابات مجلس النواب التى ستشهد أحداثا كثيرة فى ظل الصراع القائم حاليا بين النظام الحاكم والمعارضة، وأضافت: أما بالنسبة لأداء مقدمى البرامج والضيوف التى تظهر فيها فلا أتوقع أن تتغير كثيرا عن الآن لأنها محكومة بأجندات خاصة بأصحاب القنوات وتوجهات بعض المذيعين، وفيما يخص الإعلام الرسمى فأرى أنه وفقا للتصريحات التى تخرج علينا كل يوم وأتمنى أن تتحقق على أرض الواقع سيتحول إلى إعلام دولة وليس “ نظام “ . أما د. عبد العزيز سيد، رئيس قسم الإعلام بجامعة جنوب الوادى، فيقول: إن القالب البرامجى لهذه النوعية من البرامج سيظل كما هو لن يطرأ عليه أى تغيير، وأن ما سيتغير هو سقف الحرية لدى المذيعين والضيوف الذى ارتفع فى العام الماضى، ومن المتوقع أن يزيد بشكل كبير فى العام الجارى ما لم يتم تقييدها بواسطة المجلس القومى للإعلام المزمع إنشاؤه خلال الفترة المقبلة. لكن د. مرفت الطرابيشى، أستاذ الإعلام بجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا فتؤكد أنه سوف يحدث تغيير بسيط فى مضامين بعض برامج التوك شو التى ستحرص على الحفاظ على مكانتها بين المشاهدين، من حيث إدخال فقرات جديدة وتنوع الضيوف بما يتماشى مع الأحداث السياسية التى ستقع، وفى المقابل ستظل البرامج الأخرى كما هى دون تغيير وذلك لارتباطها بأجندات وتوجهات خاصة بها مما سيفقدها مشاهديها، وأضافت: لا أتوقع اختفاء برامج من الموجودة حاليا أو حتى خفض مدتها الزمنية لأنها بالنسبة لرؤساء القنوات والوكالات الإعلانية الحصان الرابح فى تحقيق أعلى نسبة مشاهدة وجلبا للإعلانات. ويرى الدكتور حسن عماد، عميد كلية الإعلام جامعة القاهرة، أن حالة الانقسام الشديدة التى يعيشها المجتمع وكشف عنها بشكل كبير الاستفتاء على الدستور ستنعكس بشكل أساسى على الإعلام وبرامج التوك شو أيضا، حيث سيكون هناك نوعان من البرامج، الأول تتبع القطاع الخاص التى ستستمر فى انتقاد سياسات النظام الحاكم وما يصدر عنه من قرارات مختلفة، وبرامج القنوات الحكومية التى ستعبر بشكل أكبر عن وجهة النظر الرسمية كما كان يحدث قبل ثورة يناير، وستقصى الآراء المعارضة وستركز على تأييد نظام الحكم فقط، والحل الوحيد لتجنب ذلك هو إنشاء هيئة لتنظيم الإعلام تكون مستقلة وتشكل من شخصيات ليست لها انتماءات حزبية أو شخصية. فيما تتوقع د. ماجدة باجنيد، أستاذ الإعلام بجامعة الأهرام الكندية: أن تظل برامج التوك شو كما هى ولن يطرأ عليها أى تغيير سواء من حيث طريقة تناولها للقضايا المطروحة أو الضيوف الذين يظهرون فيها فى حالة استمرار أوضاع البلد السياسية والاقتصادية كما هى الآن، بالإضافة إلى ظهور قوالب جديدة من البرامج التى تتناول القضايا المطروحة على الساحة على غرار برنامج باسم يوسف أو قيام البعض بمحاولة استنساخه.