وسط كل تلك الخلافات التى تهدد عمل الجمعية التأسيسية للدستور، بما تحويه من اتجاهات وأيديولوجيات مختلفة، وعلى خلفية الاتهامات المباشرة بين التيارات الإسلامية والتوجهات الليبرالية، حول محتوى مسودة الدستور، التقينا د. جمال جبريل أستاذ القانون الدستورى ورئيس لجنة نظام الحكم بالجمعية، باعتبار أنه غير محسوب على تيار بعينه، حتى نستجلى منه الحقائق، ونقف على ما يجرى داخل الجمعية بكل دقة . فى بداية عمل الجمعية التأسيسية كان هناك نوع من التوافق بين أعضائها، لكن الصورة تغيرت الآن ودبت الخلافات والمشاكل ووصل الأمر إلى التهديد بالانسحاب منها .. ما السبب من وجهة نظرك ؟ الوضع بالفعل تغير، لكن ذلك أمر طبيعى، ففى بداية عمل الجمعية لم تكن هناك نصوص نهائية والكل كان فى انتظار المسودة الأخيرة للدستور، ولما اقتربنا من وضع هذه المسودة وأوشكنا على الانتهاء منها، كان طبيعيا أن تكون هناك اعتراضات من البعض . لكن البعض لا يرى ذلك شيئا عاديا، ويؤكد أن هناك من يسعى عامدا لإفشال عمل التأسيسية ومحاولة تفجيرها من الداخل ؟ بالتأكيد هناك من يسعى لذلك، بسبب أغراض وأهداف سياسية بعيدة تماما عن الدستور. ما هذه الأهداف ؟ البعض يريد إجراء انتخابات رئاسية بعد إقرار الدستور، وهذا واضح تماما، وكلما وصلنا إلى توافق، نرى البعض يدفع فى اتجاه خلق أزمة، لعرقلة عمل التأسيسية، وكان آخرها أنهم اتهمونا بمحاولة سلق الدستور، وطالبوا بمد فترة المناقشات، هم يبحثون عن أى سبب لتعطيل عمل الجمعية . وهل يمكن أن تنتهى هذه المشكلات لو تم الاتفاق على عدم وضع نص انتقالى يسمح للرئيس بإكمال مدته الرئاسية وإجراء الانتخابات الرئاسية بعد إقرار الدستور ؟ الرئيس انتخب لمدة أربع سنوات، ولا يحتاج لوضع نص انتقالى فى الدستور الجديد يسمح له بإكمال مدته، لكنهم يريدون وضع نص يسمح بإعادة الانتخابات الرئاسية . وهل هناك فعلا عملية تعجل و«سلق» للدستور؟ أين كان الذين يتحدثون عن “سلق" الدستور الآن، هم انضموا لنا منذ فترة وجيزة، بعدما كانوا منسحبين، ولم يشاركونا ونحن نصل الليل بالنهار لإتمام عمل الدستور، وآخرون متخصصون فى السهر داخل استديوهات الفضائيات، ولم يشاركوا فى عمل لجنة واحدة من اللجان، هؤلاء هم من يتهموننا ب"سلق" الدستور . هناك اعتراض على سيطرة الإخوان والسلفيين على أعمال الجمعية التأسيسية وبالتالى خروج دستور غير معبر عن كل المصريين؟ الإخوان والسلفيون لا يسيطرون إطلاقا على أعمال التأسيسية، والدليل أن المواد التى تتحدث عن علاقة الدين بالدولة كان عددها مادتين فى دستور 71، وفى مشروع دستور 2012 أصبحت مادة واحدة. الذى يسيطر على الجمعية التأسيسية ويحاول إملاء وجهة نظره بأى شكل، هم من يهددون دوما بالانسحاب من الجمعية كنوع من الضغط للرضوخ لكل مطالبهم . من يربك عمل الجمعية التأسيسية، الإسلاميون أم التيارات الأخرى ؟ من لديه حسابات سياسية، بعيدة عن الوثيقة الدستورية . ماذا سيكون مصير التأسيسة لو نفذ البعض تهديده وانسحب منها ؟ أتمنى عدم انسحاب أحد، لكن لو أصروا، فهم 13 عضوا وليسوا كلهم من الأساسيين، ولو انسحبوا، فالمصلحة العامة ساعتها ستقتضى إدخال غيرهم من الاحتياطى . هناك تخوف من الحكم بعدم دستورية القانون الذى تعمل بموجبه الجمعية التأسيسية، بعد الاستفتاء على الدستور ؟ لو تم الاستفتاء على الدستور ووافق الشعب عليه، فلن يكون للحكم بعدم الدستورية أى أثر، لأن الذى وضع الدستور فى هذه الحالة هو الشعب وليس الجمعية التأسيسية، لأن الجمعية تضع مسودة للدستور ولا تضع الدستور ذاته . ما أبرز المواد المختلف عليها داخل الجمعية حتى الآن ؟ لم تعد هناك مواد مختلف عليها . ولا المادة الثانية ؟ ولا المادة الثانية، الجمعية انتهت من الاستقرار على كل المواد. ولماذا تم حذف المادة 68، والتى تتحدث عن المساواة بين الرجل والمرأة؟ لأنها لا تجوز بدون وضع قيد للمساواة، بما لا يخالف الشريعة الإسلامية، والبعض أراد المساواة المطلقة بدون التقيد بأحكام الشريعة، ولأن هناك مادة تتحدث عن المساواة بين المواطنين، فضلنا حذف هذه المادة، حتى ننهى الخلاف . عمرو موسى جمع توقيع 30 عضوا بالجمعية وهددوا بالانسحاب فى حال عدم الموافقة على طلباتهم .. ما هذه الطلبات ؟ عدم الاستعجال فى وضع الدستور، وإعادة صياغة حوالى 10 مواد، لم تختلف كثيرا عن صياغة المواد الموجودة، هذه هى كل مطالبهم، ثم إنهم 13 وليسوا 30 . انفصال المادة 221 والتى تفسر كلمة “ مبادىء" عن نص المادة الثانية، يطرح العديد من التساؤلات؟ وجودها فى مكانها، أو وجودها بعد المادة الثانية مباشرة، ليس له أى تأثير، بل إن المادة 221 نفسها ليس لها أى أهمية ووجودها مثل عدمه، لأن هناك سلطة تقديرية للمشرع تتيح له الأخذ من أى من مصادر الشريعة الإسلامية . وضع نص انتقالى فى الدستور الجديد لإنهاء مدة النائب العام الحالى، أثار استياء البعض ؟ تم إلغاء هذه المادة، بعدما فسرها البعض على هذا النحو . لماذا يعترض نادى القضاة على مسودة الدستور؟ وما مطالبهم ؟ هم يطالبون بإلغاء النيابة المدنية، وأن تظل النيابة العامة بنفس اختصاصاتها، والجمعية التأسيسية ترى الفصل بين الادعاء والمحاكمة، والتحقيق يكون من سلطة قاضى التحقيق، والإحالة تكون من سلطة قاضى إحالة، والحقيقة أنه بعد ثورة 52 تم وضع كل هذه السلطات فى يد النيابة العامة، الخاضعة للسلطة الرئاسية للنائب العام، حتى يتحكموا فى كل ما يدور فى مصر . وماذا عن اعتراضات المحكمة الدستورية العليا ؟ هم كانوا يطالبون بأن تتولى المحكمة الدستورية العليا تعيين أعضائها، وكانوا يعترضون على مسألة الرقابة السابقة، وتم حسم هذه الأمور، بأن تتولى المحكمة الدستورية الرقابة السابقة وليس اللاحقة على أربعة قوانين فقط، وهى قوانين مجلس الشعب والشورى والمحليات والرئاسة، وباقى القوانين يكون لها حق الرقابة اللاحقة . وضع المؤسسة العسكرية .. هل سيبقى كما هو أم أن هناك بعض التغيير؟ سيظل وضع المؤسسة العسكرية كما هو فى دستور 71. وماذا بشأن مراقبة ميزانية الجيش؟ ستخضع لرقابة مجلس الأمن القومى، وهو موجود فى دستور 71 لكنه كان غير مفعل . وبالنسبة لمجلس الشورى ونسبة 50% عمال وفلاحين ؟ حتى الآن مجلس الشورى باق، ونسبة العمال والفلاحين تم إلغاؤها، والتصويت النهائى سيحسم كل تلك الأمور . هل ستلجأون للتصويت ولن تعدموا على آلية التوافق ؟ التوافق بنسبة 100% صعب جدا، لذلك رفعنا نسبة الموافقة على المواد إلى 67%، والمادة التى لن يتم الحصول فيها على موافقة 67% من الأعضاء، سيتم إعادة النظر فيها. هل ستتم عرض الدستور الجديد على المحكمة الدستورية العليا قبل طرحه للاستفتاء ؟ لن يتم عرض الدستور الجديد على المحكمة الدستورية، لا قبل طرحه للاستفتاء ولا بعده . هناك من يدعو لمقاطعة الاستفتاء على الدستور الجديد ؟ هذه حرية شخصية. هل أنت مع الحصول على موافقة 70% من عدد الناخبين، لإقرار الدستور؟ أتمنى أن يصدر الرئيس إعلانا دستوريا جديدا يؤكد هذا، وسأدعم هذا التوجه. هناك احتمال برفض الشعب المصرى لهذا الدستور .. ماذا سيكون الموقف حينئذ؟ سيتم تشكيل لجنة جديدة لوضع الدستور، وأقترح أن تكون منتخبة من الشعب، وبغير ذلك سندخل فى نفق مظلم . وهل سيتم تأجيل انتخابات مجلس الشعب ؟ بالتأكيد كل شىء سيؤجل إذا تم رفض الدستور. المستشار أحمد الزند دعا إلى عدم الإشراف القضائى على الاستفتاء على الدستور كنوع من الضغط على التأسيسية للاستجابة إلى طلبات نادى القضاة .. ما موقف الجمعية من هذه الدعوة؟ اختصاصات الموظف العام واجب عليه، والإخلال بالواجب الوظيفى مخالفة تستدعى المحاسبة، وهذا الكلام لا يصح من سدنة القانون فى مصر. رسالة توجهها لمن يقول إن مسودة الدستور الجديد ستكون كارثة على مصر؟ من يقول ذلك هو الكارثة على مصر، لأنه لم يقرأ مسودة الدستور.