اتجهت المؤسسات العالمية بعد الخسائر التى لحقت بها أخيراً بسبب أزمة دول اليورو إلى التخلص من وحداتها الموجودة فى أغلب بلدان العالم ولا سيما فى البلدان العربية ومنها مصر لتقتنص المؤسسات العربية الفرص المتاحة حاليا فى مصر وتستحوذ على هذه الوحدات الناجحة، خصوصاً بعد حالة الترقب التي كانت تشهدها مصر من المستثمرين في الفترة التى أعقبت ثورة 25 يناير والتحول إلى الاستقرار السياسى النسبى حاليا، فضلا عن أن السوق المصري واعد وجاذب للاستثمارات خصوصا أنه أكبر سوق استهلاكى فى المنطقة العربية. شبح “برنامج الخصخصة" ألقى بظلاله علي عمليات الاستحواذ الحالية، خصوصاً أن فترة حكومة رجال الأعمال الذين نهبوا البلاد مازالت في الأذهان ولم يتم الانتهاء من جميع القضايا المتعلقه بهذا الملف، مما أدي إلي مخاوف من تكرار السيناريو نفسه بشكل جديد، فضلا عن وجود مخاوف من دخول الأموال القذرة والتي عليها علامات استفهام كبيرة وخصوصا الخليجية والرأسمال السياسى الذى ظهر بوفرة بعد ثورات الربيع العربى. قطر بدأت حاليا تزحف نحو مصر للاستحواذ علي المؤسسات المالية، بخاصة البنوك بعد أن كان البنك المركزي المصري يرفض إعطاء رخص لإنشاء بنوك قطرية في مصر في الفترة الماضية لتعلن المجموعة المالية هيرميس القابضة أنها اتفقت بشكل نهائي مع بنك “كيو إنفست" القطري لتكوين أحد أكبر بنوك الاستثمار في العالم العربي ومنطقة الشرق الأوسط، موضحة أنها ستسهم بنسبة ٪40 فى الكيان الجديد والمسمى “المجموعة المالية هيرميس قطر المحدودة" بينما ستكون مساهمة الجانب القطري ٪60 ، كما تقدم “بنك قطر الوطني"، بعرض للاستحواذ على 77.17 % من أسهم بنك “سوستيه جنرال - مصر"، والتى تمثل أسهم الأغلبية التى تمتلكها المجموعة الأم سوستيه جنرال الفرنسي فى البنك المصري. الإمارات لم تكن بعيدة عن الاستثمار في مصر حيث بدأت تعزز وجودها في السوق المصري بعد إعلان مجموعة أبراج كابيتال الإماراتية التى تمتلك معامل البرج بمصر اندماجها مع معامل المختبر فى صفقة تقدر بنحو 1.27 مليار جنيه، تحت مسمى جديد “شركة التشخيص المتكاملة القابضة". منظمة الأممالمتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد) كشفت عن أن ثلت الاستحواذات تمت في العالم كانت خلال العام 2006، حيث بلغ حجم الاستحواذات والاندماجات العابرة للحدود قرابة 21.3 مليار دولار أظهر أن السنوات الثلاث التالية شهدت نشاطا مماثلا، حيث بلغ حجم الاستحواذات والاندماجات 15.6 مليار دولار في 2007، و 5.9 مليار دولار في 2008، وقرابة 14.8 مليار دولار في 2009 فيما بلغت 1.8 مليار دولار في 2010 عندما تجاوزت التدفقات الداخلية في الاستحواذ والاندماج على التدفقات الخارجية..ووفقا ل «أونكتاد» فإن الإمارات تصدرت العالم العربي في حجم الاستحواذات العابرة للحدود في 2011، لتقارب 5.7 مليار دولار، ويصل حجم إجمالي استحواذاتها الخارجية إلى 70.9 مليار دولار أي نحو 261 مليار درهم خلال الأعوام السبعة الماضية، وحلت السعودية في المركز الثاني في المنطقة بحجم الاستحواذات والاندماجات بلغت 29.3 مليار دولار وجاءت مصر في المركز الثالث كأكبر مستثمر في قطاع الاستحواذ والاندماج في المنطقة بقيمة 25.6 مليار دولار. تلتها قطر في المركز الرابع ب 21.5 مليار دولار، ثم البحرين في المركز الخامس ب 8.5 مليار دولار. كما شهد نشاط الاندماج والاستحواذ في الوطن العربي خلال الربع الثاني من العام الحالي نشاطاً ملحوظاً مقارنة بالربع الأول من نفس العام، حيث بلغ عدد الصفقات 43 صفقة، منها 10 صفقات مازالت في طور انتظار موافقة الهيئات والجهات المختصة، لتصل القيمة الإجمالية للصفقات التي تم الإعلان عن قيمتها نحو 16.73 مليار دولار، مقابل 1.6 مليار دولار حصيلة صفقات الربع الأول من العام الحالي، والتي كان عددها 34 صفقة، وذلك وفقاً لبيانات مؤسسة كابيتال لينك جلوب، المتخصصة في مجال الاستحواذات والاندماجات. قطاع الخدمات وجاء قطاع “الخدمات المالية" في المرتبة الأولي من حيث عدد الصفقات بواقع 5 صفقات، بينما جاء في المرتبة الثانية قطاع “الخدمات" بعدد 3 صفقات ثم فى المرتبة الثالثة يأتي كل من قطاعات “الصحة" و"السياحة" و"الترفيه" و"الإعلام" بواقع صفقتين لكل منهما، وفي المرتبة الأخيرة تأتي قطاعات “المرافق" و"مواد البناء" و"الطاقة" و"تكنولوجيا المعلومات" بواقع صفقة لكل منهما. السفير جمال بيومي الأمين العام لاتحاد المستثمرين العرب أكد أن زيادة عمليات الاستحواذات العربية في مصر وجذب الاستثمارات أمر صحي ومفيد للاقتصاد المصري، خصوصاً أن الفترة الماضية شهدت خروج استثمارات عربية وأجنبية من مصر بعد ثورة 25 يناير، مشيرا إلي أن فوائض الأموال العربية بدأت في الاتجاه نحو مصر، خصوصاً أن السوق المصري جاذب للاستثمار ويعد أكبر سوق استهلاكي في المنطقة العربية، حيث يصل إلي 91 مليون مستهلك وأفضل سوق يتنتعش فيه تجارة الخدمات من اتصالات ونقل وغيرها لذلك تتم عمليات الاستحواذ في المؤسسات المالية والخدمية، مشددا علي ضرورة إعادة النظر في قوانين الاستثمار في مصر لتشجيع المستثمرين وجذبهم للاستثمار في السوق المصري واستقطاب الأموال الخليجية التي كانت تتجه للأسواق الاوروبية والأمريكية في الوقت الذي تشهد فيه مصر مرحلة تحول ديمقراطي وتحتاج إلي تنمية اقتصادها. ولفت السفير بيومي إلي أن الاستحواذات ستسهم في خلق كيانات مالية كبيرة في مصر والمنطقة العربية تستطيع منافسة الكيانات الأجنبية لأنه لا مجال حاليا للمؤسسات الصغيرة ولذلك يجب أن تتجه المؤسسات المالية الكبري إلي الاستثمار في المشروعات التي تمتص حجماً كبيراً من العمالة لتقليل مشكلة البطالة في مصر والوطن العربي، موضحا أنه لا توجد مخاوف من دخول الأموال العربية في مصر للاستحواذ علي المؤسسات المالية. لأن هناك جهات رقابية تتابع هذه المؤسسات كالبنك المركزي بالنسبة للبنوك وهيئة سوق المال بالنسبة للبورصة. المحلل المالي محمد العوضي، قال: إن هناك توجها كبيرا للمؤسسات العربية للاستحواذ علي المؤسسات والشركات في مصر، خصوصاً المؤسسات المالية ليتغير مؤشر الاستحواذات من الدول الأوروبية والأمريكية إلي مصر والدول العربية، خصوصاً دول الربيع العربي بعد حالة التشبع التي شهدتها الأسواق الأوروبية والأمريكية والفرص الضئيلة للاستثمار حاليا في هذه الأسواق بخلاف السوق المصري والعربي الذي مازال بكرا وفي مرحلة بدء النمو ويحتاج إلي الكثير لتلبية احتياجات السوق فضلا عن أن المناخ الجيد الذي يتمتع به السوق، المصري حاليا بعد الاستقرار النسبي في الأوضاع السياسية والأمنية وتشكيل النظام السياسي في البلاد. وأوضح العوضي أن المؤسسات العالية قامت بدراسة للقطاعات التي يمكن الاستثمار فيها والاستحواذ عليها في مصر ووجدت أن البنوك أفضل القطاعات التي تدر عائدا سريعا للمستثمرين، لذلك قدم بنك قطر الوطني عرضا للاستحواذ علي بنك الأهلي سوستيه جنرال، كما تقدمت شركة كيو انفست القطرية للاستحواذ علي المجموعة المالية هيرمس وتكوين كيان جديد بالإضافة إلي إعلان مجموعة أبراج كابيتال الإماراتية التى تمتلك معامل البرج بمصر اندماجها مع معامل المختبر فى صفقة تقدر بنحو 1.27 مليار جنيه، بالإضافة إلي أن هناك بعض الاستحواذات التي ستتم في الفترة المقبلة بسبب أزمة الدول الأوروبية مما تستغني بعض الدول علي مؤسساتها المالية في مصر والشرق الأوسط ومنها البنوك الفرنسية واليونانية. كيانات عملاقة ولفت إلي أن اندماج هذه المؤسسات سيكون كيانات عملاقة تسهم في تحقيق عائد للدولة المصرية، خصوصاً أنه من المفترض أن تعود خصخصة الشركات بعائد كبير علي الدولة ولكن في السابق كان يستغل النظام البائد هذه العمليات ويتربح منها دون استفادة الدولة بسبب الفساد المالي في هذه المؤسسات، مؤكدا عدم وجود مخاوف من دخول الأموال العربية والأجنبية وزيادة الاستحواذات، خصوصاً من الجانب القطري لأن المال لا يعرف الحدود. فيما يؤكد الدكتور مختار الشريف، الخبير الاقتصادي، أن الاقتصاد المصرى متعطش للمزيد من الاستثمارات العربية أو الأجنبية ولذلك نتوقع زيادة عمليات الاستحواذ والاندماج في الفترة المقبلة، بعد ظهور بوادر استقرار في السوق المصري والانتهاء من المرحلة الانتقالية مشيرا إلي دخول مستثمرين عرب في الفترة الحالية بعد تراجع هذه الاستثمارات يمثل خطوة مهمة لتعزيز الاستثمارات العربية فى مصر، خصوصا في القطاع المصرفى الذى يعد من القطاعات الحيوية فى السوق المصرى. ولفت إلى أهمية توظيف الأموال العربية في السوق المصري من خلال وضع إستراتيجية لتوظيف تلك الاستثمارات فى قطاعات حيوية وأن تنال المشروعات الصغيرة والمتوسطة التى تعد قاطرة التنمية نصيبا من تلك المشروعات، مشددا على أن يكون هناك عائد تجارى من تلك الاستحواذات، وأن تكون بلا قيود أو اشتراطات من شأنها أن تؤثر على الدولة المصرية فيما بعد..ونوه إلي أنه نتيجة لأزمة الديون الأوروبية تتجه العديد من المؤسسات الأوروبية للتخلص من استثماراتها في الخارج ومنها المؤسسات الموجودة فى مصر والمنطقة العربية في الوقت الذي تسعي فيه الدول العربية التي تمتلك فوائض مالية إلي تعزيز استثماراتها داخل مصر والمنطقة العربية والاستحواذ علي هذه المؤسسات وانتهاز الفرص المتاحة في السوق المصري.