يجب تغيير المادة 30 لفك الاشتباك بين الآثار والأوقاف وإنقاذ آثارنا الإسلامية الإنفاق على الترميم يذهب أغلبه للأجور أكثر من الخامات
مليار و300 ألف جنيه، منحة قدمتها الدولة المصرية لترميم ثمانية مواقع أثرية على مستوى الجمهورية هي: متحف الحضارة، المتحف اليونانى الرومانى بالإسكندرية، قصر ألسكان باشا بأسيوط، قصر البارون ، قصر محمد على بشبرا، استراحة الملك فاروق، منطقة الهرم، المعبد اليهودى بالإسكندرية.. وبرغم ضآلة المبلغ إذا ما قورن بالمقايسات الجديدة التى وضعها بعد تعويم الجنيه وارتفاع سعر الدولار. فإنها تمثل بداية وانطلاقة نحو إضفاء الرونق من جديد على آثارنا المصرية التى تنتمى إلى مختلف العصور التاريخية. تفاصيل المشروع والرؤية المستقبلية لأعمال الترميم فى مختلف المواقع الأثرية تعرفنا عليها من المهندس وعد الله أبو العلا، رئيس قطاع مشروعات الآثار المصرية خلال الحوار التالي:
هل تعد تلك المنحة كقبلة حياة للآثار التى تم اختيارها للانتهاء من أعمال تطويرها وترميمها؟
يعتقد البعض أن مبلغ المنحة كبير.. لكن هناك مشروعان كبيران يستنزفان جزء كبيرا من هذه الأموال، أهمها مشروع استكمال متحف الحضارة الذى يحتاج بمفرده إلى نحو 600 مليون جنيه، بينما يتطلب استكمال مشروع منطقة الأهرامات إلى 51 مليون جنيه. كما يحتاج المتحف اليونانى الرومانى إلى 70 مليون جنيه، والمعبد اليهودى 40 مليون جنيه. فهناك أزمة كبيرة فيما يخص تطوير واستكمال تلك المشروعات بعد تعويم الجنيه وتغيير سعر الصرف، مما أدى إلى تغيير المقايسات القديمة التى تم وضعها، فعلى سبيل المثال كان هناك حصر بتكاليف المعبد اليهودى للانتهاء من ترميمه فى مقايسة بدأت بمبلغ 23 مليون فقط، ولكن بعد هذه التغييرات أصبح يحتاج إلى 40 مليون جنيه.
لماذا تبدو هذه المبالغ ضخمة فى نظر غير المتخصصين فى عمليات الترميم؟
ما ينفق على عمليات الترميم يتمثل فى تكلفة أجور أكثر منها خامات. فالمرمم الذى يعمل بالوزارة لا يستطيع العمل بجميع أماكن الجمهورية وبالتالى نستعين بالمرممين التابعين للشركات التى تتولى العمل بالآثار، وهؤلاء أجورهم مرتفعة نسبيا نظرا، لأن عمليات الترميم تستغرق وقتا وجهدا، فهناك حوائط يتم رسمها ونقشها بالكامل تحتاج إلى فترات عمل طويلة. بينما توجد مشروعات ينفذها مرممو وزارة الآثار نظير الحصول على رواتبهم فقط، كما حدث فى أعمال ترميم مسجد محمد على بالقلعة.
هل هناك جهات تشرف وتشترك مع وزارة الآثار فى تنفيذ تلك المشروعات؟
نعم، فهذا الحجم من المشروعات لا تقوم به وزارة الآثار بمفردها، فهناك ثلاث جهات كبرى بالدولة نتعامل معها، هى: الهيئة الهندسية للإنشاءات، وشركة «المقاولون العرب»، بالإضافة إلى الشركات التابعة للقوات المسلحة، وجميعها موضع ثقة فيما يخص آثارنا المصرية وهى مسئولة عن العمل بمعداتها وكفاءاتها البشرية. بينما يتولى قطاع المشروعات مسئولية اعتماد الصرف لتلك الجهات.
متى يتم البدء فى تلك المشروعات؟
لقد بدأنا العمل بمشروع منطقة الهرم، وخلال هذا الشهر سنبدأ فى المعبد اليهودى وقصر البارون.
ما المشاكل الخاصة بقطاع المشروعات والتى قد تعوق ممارسة عمله؟
أهم مشاكل القطاع هى التمويل، وقله عدد الفنيين والمهندسين، فلا يوجد من يشرف على الصيانة بشكل دورى فى ظل عدم وجود تعيينات. كما أن المهندس بالآثار يحصل على راتب ضئيل ، وفى ظل ظروف عمل صعبة، فقد تم سحب جميع السيارات التى كانت تسهل عليهم العمل، فكيف يقوم مهندس بالإشراف وتفقد منطقة مثل الأهرامات على قدميه!
والقطاع ليس له دخل خاص به، فمخصصات الوزارة تذهب إلى قطاع التمويل الذى يتولى الصرف والتوزيع.
متى يتم التعامل السريع لإنقاذ الآثار الإسلامية من الإهمال الشديد؟
وزارة الآثار تتولى رعاية وصيانة الآثار مع وزارة الأوقاف المسئولة عن الإشراف المالى وإدارة هذه المواقع، فعندما نقوم بالإنفاق أو القيام بأعمال الصيانة والترميم يتم التحقيق معنا، وهذا بسبب المادة 30 من القانون، التى يجب أن يتم تغييرها لفك الاشتباك بين وزارة الأوقاف والآثار، فهناك ثلاث هيئات تشرف على الآثار، هيئة الأوقاف الإسلامية، وهيئة الأوقاف القبطية، وهيئة الأوقاف المصرية.
فنحن نتدخل إذا كانت هناك خطورة شديدة، كما حدث أنقذنا أخيرا مئذنة أحمد العريان بباب الشعرية، بعد أن أرسلنا خطابات كثيرة إلى وزارة الأوقاف ورفضها التدخل لإنقاذها.. فنحن نقوم بترميم المبانى المتضررة إلى درجة الخطورة..وهناك جهات تتولى دفع تكاليف الترميم بعد مخاطبتنا مثل العديد من المساجد والأديرة.
كانت هناك طفرة بالوزارة فى عهد د. زاهى حواس، حيث تم افتتاح العديد من المتاحف وترميم الكثير من الآثار.. لماذا توقفت؟
أثناء فتره تولى د. زاهى حواس وزارة الآثار، كان هناك انتعاش مالى كبير سمح بوجود تلك الطفرة.. فقمنا ببناء الاستراحات والكافيتريات ودورات المياه فى العديد من المواقع الأثرية، والاهتمام ببناء متحف بكل محافظة على مستوى الجمهورية.. والعمل على تطوير العديد من المعابد، وكان هناك اهتمام بالآثار الإسلامية فتم ترميم جامع اليوسفى بملوى، فكان العمل منتشرا على مستوى الجمهورية.
تم بالفعل توقيع برتوكول بين وزارة الآثار ومحافظة كفر الشيخ، وتخصيص مبلغ 30 مليون من ميزانية المحافظة لاستكمال أعمال تطوير المتحف، فالوزارة تتحمل بعد ذلك ما يزيد على هذا المبلغ، وهناك تفاوض لإعادة افتتاح متحف طنطا.. وتم إنشاء 40 مخزنا متحفيا على مستوى الجمهورية ففى كل منطقة مخزن أو اثنين.. بينما يوجد فى محافظة الأقصر ستة مخازن.
هل هناك محاولات للحصول على موارد مالية لتطوير الأماكن الأثرية الأخرى؟ نحاول الحصول بالفعل على دفعات أخرى لاستكمال عدد من القصور والمبانى الأثرية على مستوى الجمهورية.
هل قطاع المشروعات بالوزارة هو من تولى ترميم الأزهر الشريف؟
لا.. فهناك منحة مقدمة من المملكة العربية السعودية كلفت بها شركة بن لادن لتتولى العمل والإشراف عليه، ولكن هناك لجنة عليا من الوزارة تشرف على أعمال الترميم، فهناك بعض الأخطاء القديمة بعملية الترميم السابقة التى قمنا بإزالتها، وتغيير الرخام بالكامل ووضع الرخام نفسه المستخدم بالحرم المكى الشريف.