نقلت مقر حكومتها إلى الزمالك عندما دخل النازيون اليونان
رحبت اليونان بالطلب المصرى برعاية المصالح المصرية في قطر، بعد قطع مصر لعلاقاتها مع قطر على خلفية دعم الأخيرة للإرهاب، فلماذا اختارت مصر اليونان دون غيرها لرعاية مصالحها فى قطر؟ وهل هذا يؤشر على علاقة خاصة بين مصر واليونان، وكيف ساعدت اليونان مصر بشكل استثنائى بعد ثورة 30 يونيو مما جعل اليونان تحتل مكانة خاصة فى عقل وقلب كل مصر؟
المهندس خريستو كافاليس رئيس الجالية اليونانية في مصر، يجيب على كل هذه الأسئلة ل«الأهرام العربى» مؤكداً أن مصر واليونان تتمتعان بعلاقات ثنائية طيبة، وتقارب في الرؤى تجاه مختلف القضايا الإقليمية والدولية، وذلك يرجع في جانب منه إلى الروابط التاريخية والجغرافية والثقافية بين البلدين، فضلا عن قدم العلاقات الدبلوماسية بينهما، والتي ترجع إلى عام 1833، إلى جانب وجود جالية يونانية كبيرة في مصر، وأخرى مصرية في اليونان، وأن العلاقات بين مصر واليونان هي من أقدم العلاقات بين بلدين في العالم، إذ يعود تاريخها إلي ما قبل الميلاد بنحو 300 عام، حيث تعود منذ نشأة الإسكندرية من قبل الإسكندر الأكبر، كما أنه توجد في مصر جالية يونانية كبيرة العدد، وبالمثل توجد في اليونان جالية مصرية كبيرة كذلك.
وقال كافاليس: إن وقوف مصر بجانب اليونان أو وقوف اليونان بجانب مصر ليس جديد، وأن مصر رحبت باليونانيين عندما كانت الأوضاع الاقتصادية فى اليونان صعبة في بداية القرن التاسع عشر، وأن اليونانيين كانوا دائما عاملا إيجابياً لبناء واستقرار الدولة المصرية، وأنه عندما قام الرئيس جمال عبد الناصر بتأميم قناة السويس قامت الدول الكبرى مثل بريطانيا وفرنسا بسحب المرشدين الذين يقودون السفن في قناة السويس، وكان هدف بريطانيا وفرنسا إفشال مصر في تسيير العمل بقناة السويس، وهنا جاء دور المرشدين الملاحيين اليونانيين الذين رفضوا مغادرة مصر وقناة السويس، واستمروا مع زملائهم المصريين في قيادة السفن في قناة السويس، ونجح المصريون واليونانيون معاً فى هذا الاختبار مما دفع الرئيس الراحل جمال عبد الناصر بعدم تأميم الممتلكات اليونانية فى مصر، ومنها المستشفى اليونانى بالقاهرة، كما أن الحكومة اليونانية أثناء الحرب العالمية الثانية لم تذهب إلى أى دولة أوروبية بل تحول بيت السفير الحالى فى الزمالك مقراً للحكومة اليونانية، مما يؤكد العلاقات الخاصة بين مصر واليونان.
وحول دعم اليونان لمصر بعد ثورة 30 يونيو قال كافاليس ل«الأهرام العربى» إن اليونان كانت من أكثر الدول التى دعمت ثورة 30 يونيو ، وأعلنت مباشرة بعد الثورة دعمها لإرادة الشعب المصرى، واليونان هي الدولة الأوروبية الوحيدة التى استقبلت الرئيس عدلى منصور ، ولعبت اليونان دورا كبيرا فى تخفيف اللهجة الحادة لبعض الدول الأوروبية تجاه الثورة المصرية، واضطلعت اليونان بدور كبير جداً في توضيح حقيقة الأوضاع فى مصر، مما مهد بعد ذلك لإعادة العلاقات المصرية الأوروبية إلى وضعها الطبيعى، وفى الوقت الحالى يبذل السفير اليونانى بالقاهرة ميشيل خريستوس دياميسس Michael Christos Diamessis كل ما يستطيع من أجل الارتقاء بالعلاقات المصرية اليونانية فى جميع المجالات.
وحول القمم الثلاثية بين مصر واليونان وقبرص، والتى تعقد بالتناوب بين القاهرة وأثينا ونيقوسيا قال كافاليس: إن هذه القمم إحدى آليات التشاور والتنسيق المشترك بين الدول الثلاث فى ظل التحديات الراهنة وفى مقدمتها الحرب على الإرهاب والهجرة غير الشرعية وغيرها ، لأن اليونان تعتبر مصر هى محور الاستقرار فى الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وشرق البحر الأبيض المتوسط، وهناك تفاهم كامل بين الدول الثلاث حول آليات مواجهة التحديات والأخطار الراهنة.
وحول العلاقات الاقتصادية بين اليونان ومصر قال كافاليس: إن الاستثمارات اليونانية في مصر تبلغ 3 مليارات دولار، وهو ما يجعلها تحتل المركز الخامس بين دول الاتحاد الأوروبي التي تستثمر في مصر، ومن المتوقع زيادة حجم الاستثمارات إلي خمسة أضعاف، واليونان تعطي أهمية لتوقيع اتفاقية لمنطقة اقتصادية بين اليونان ومصر، وتعود بالخير علي البلدين وبلغ عدد المشروعات الاستثمارية اليونانية في مصر 104 مشاريع، منها 53 شركة رئيسية، وتتوزع المشروعات الاستثمارية اليونانية في عدد من القطاعات الإنتاجية والخدمية، والتي من أبرزها الصناعات الكيماوية - صناعة النسيج - مواد البناء - صناعة الأغذية - الخدمات التجارية والاستشارية ، ومشروعات النقل والخدمات العامة، وأن مصر أصبحت تاسع شريك تجارى لليونان على مستوى العالم، وذلك يرجع إلى التعاون القائم بين ميناء بيريوس اليونانى وقناة السويس لتنشيط التجارة فى حوض البحر الأبيض المتوسط، وأن هناك إمكانيات كبيرة تعاون بين البلدين في إطار الحوار الأورومتوسطي ومنتدى البحر المتوسط، خصوصا بعد دخول اتفاق المشاركة بين مصر والاتحاد الأوروبي حيز النفاذ في يونيو 2004.
وحول حجم التبادل التجارى بين البلدين قال كافاليس: إنه تخطى 500 مليون دولار، وتعتبر المواد الغذائية مثل البطاطس والبرتقال والأرز، هى أساس التبادل التجارى بين البلدين، لافتا النظر إلى وجود إمكانية للاستفادة من عضوية كل منهما في عدد من التجمعات الاقتصادية الإقليمية، فمصر عضو في الكوميسا واتفاقية أغادير واتفاقية شرق إفريقيا التى يبلغ عدد المستهلكين بهذه الاتفاقيات 600 مليون مستهلك، وبإجمالى إنتاج سنوى يتخطى تريليون و200 مليار دولار ، بينما اليونان عضو في منظمة البحر الأسود للتعاون الاقتصادي، وعملية التعاون بين دول جنوب شرق أوروبا، بالإضافة إلى عضويتها فى الاتحاد الأوروبى الأمر الذي يمكن أن يجعل من مصر بوابة اليونان إلى إفريقيا والعالم العربي، ومن اليونان نافذة لمصر إلى جنوب شرق أوروبا.