الكلية العسكرية الليبية تأسست عام 1957 وعملت على تخريج دفعات وصلت للدفعة 49 ثم توقف عملها عام 2011 ، حتى خرج قرار من رئيس أركان القوات المسلحة الليبية فى أغسطس 2015 بإنشاء الكلية العسكرية فى مدينة طبرق، ومن ثم استمرت حتى أكتوبر 2016 لتنتقل إلى مدينة توكرة شرق مدينة بنغازى وهو المقر الحالى.. «الأهرام العربى» قررت أن تذهب إلى المقر الجديد الذى لم يمر على الانتقال إليه غير خمسة أشهر فقط، لننقل كيف يتم تدريب الطلاب وبناء المبانى فى الوقت نفسه فى سابقة تعتبر غريبة. التقينا العميد هاشم بورقعة الكزة آمر الكلية العسكرية الليبية التى ستتخرج فيها أول دفعة وهى الدفعة "50" فى منتصف مايو المقبل ضباط فى الجيش العربى الليبى...وكان لنا معه الحوار التالى: خمسة أشهر فقط هو عمر الكلية العسكرية فى توكرة، هل كان المبنى مجهزا من قبل عسكريا أم أنه تم إنشاؤه خصيصا ليكون مقر الكلية العسكرية؟ المبنى تم إنشاؤه عام 1972 أسسه المرحوم العقيد غريب شحاتة، وكان يطلق عليه معسكر الآليات، ونظرا لموقعه المتميز بين الجبل والبحر. هل بالكلية دفعة واحدة فقط؟ لدينا دفعتان الدفعة الأولى التى التحقت بالكلية فى طبرق وتكمل تدريباتها هنا وستتخرج فى مايو 2017، واستقبلنا دفعة أخرى . هل الكلية تخرج ضباط حربية فقط أم هناك تخصصات أخرى كقوات جوية وبحرية؟ حاليا نحن نعمل على تخصصات مشاه ودبابات وآليات ومدفعية واستطلاع ومخابرات، ويتم إرسال بعض الخريجين للخارج لدراسة التخصصات الأخرى من جوية وبحرية. هل نستطيع القول إن جميع الطلاب من المنطقة الشرقية فقط أم من كامل ليبيا؟ ولاء القوات المسلحة يكون لله وللوطن فقط، ونحن فى ليبيا عقيدتنا العسكرية أن نكون حما لكل الأراضى الليبية، لذلك نحن لدينا طلاب من كامل تركيبات المدن الليبية شرقا وغربا وجنوبا. ولا يوجد لدينا تميز لأى مدينة، نحن جنود وضباط وطن وليس مدنا. فى ظل حالة الحرب على الإرهاب هل يوجد إقبال على دخول الكلية العسكرية؟ رغبه الشباب فى الالتحاق بالكلية العسكرية أضعاف قدرة استيعاب الكلية، وكثير منهم يلتحق بمحاور القتال كشباب مساند للجيش، وذلك لأننا نقبل أعدادا على حسب استيعاب الكلية فقط. فى ظل الإمكانات المحدودة ، هل تستطيعون إنتاج منتج من الضباط مدرب بشكل كامل؟ نحن لا نبدأ فى بناء القوات المسلحة نحن نستكمل بناء الجيش، هناك جيش يحارب الإرهاب ولدينا عسكريون مميزون، القوات المسلحة العربية الليبية موجودة وتحارب الإرهاب نيابة عن العالم، نحن برغم ضعف الإمكانات وأخص الحظر الممنهج على التسليح، وللأسف فالدول العربية إذا لم تكن حذرة وتدعم الشعب الليبى فسيفعل فيها ما يفعل فى اليمن والعراق وسوريا وليبيا. نحن مستمرون، والقائد العام يقول يد تحارب ويد تبنى وتستكمل، فالضابط الليبى لابد أن تتوفر فيه شروط الربط والحزم والتدريب، ولدينا كوادر للتدريس من ضباط وأساتذة جامعيين فى اللغات والأجهزة الالكترونية والرياضيات والهندسة واللغات، لدينا هيئة تدريس متكاملة. نحن نعانى فقط من عدم إتمام المبانى والبنية التحتية، لكننا نعمل من خلال 12 شركة تعمل على مدار 24 ساعة بثلاث ورديات لإنجاز المبانى واستكمالها، وسترى بنفسك ما تم إنجازه فى 5 أشهر فقط؟ هل هناك تعاون بين الكلية العسكرية الليبية والمصرية فيما يخص التدريب؟ مصر دائما هى دعم للأمة العربية والفضل لله ثم للقوات المسلحة المصرية لكامل الدول العربية، ولا تنسى أن ليبيا عمق إستراتيجى لمصر، وما يحدث فى ليبيا من محاربة للإرهاب هو خط الدفاع الأول عن مصر أيضا، وهناك تعاون مباشر فيما يخص التدريب والكلية العسكرية، ومصر تتلقى طلبة لتلقى الدورات وفى التخصصات العسكرية الأخرى كضباط القوات الجوية والبحرية والهندسة العسكرية، لكن حتى الآن لا يوجد ضمن هيئة التدريس أحد من خارج ليبيا. بعد التخرج فى الكلية العسكرية الليبية يتم اختيار بعض الضباط وإرسالهم لتلقى دورات تخصصية فى الخارج ببعض الدول الشقيقة وعلى رأسها مصر. أثناء إجراء الحوار دعانا العميد هاشم بورقعة الكزة لتفقد الكلية العسكرية الليبية بمدينة توكرة، فوجدنا خلية نحل تعمل فى كل بقعة أرض داخل سور الكلية العسكرية الليبية التى تمتد مساحتها لمرمى البصر وبها مضمار للجرى يبلغ طوله 5 كيلومترات. بدأ العميد هاشم بورقعة الكزة يشرح لنا، أن مقر الكلية كان معسكرا تابعا للكتيبة "153 مشاة" وقد أصدر رئيس أركان الجيش الليبى اللواء عبدالرازق الناظورى تحويله لمقر دائم للكلية العسكرية، وتم الاستفادة من العنابر والمبانى القديمة كفصول تدريس ومقرات إقامة للطلبة، فى حين بدأ العمل من خلال 12 شركة فى مجال البناء من بناء صالات طعام ومبان لإقامة الطلبة، وتم الانتهاء من مضمار للجرى طوله 5 كيلو مترات ومركز تدريب الصاعقة وساحة العرض العسكرى وبناء المبنى الرئيسى، وتعمل الشركات على الانتهاء من مسرح عملاق وتشطيب مبانى الإقامة والرصف والتشجير. فكان السؤال لقائد الكلية العسكرية، هل تم كل ذلك فى 5 أشهر أم إنكم تعملون قبل صدور قرار رئيس الأركان بنقل الكلية العسكرية إلى منطقة توكرة؟ بدأنا العمل بعد صدور القرار مباشرة، وهذا ليس كل شىء مازال قسم المطبخ والمخبز والمخازن لم يتم بعد الانتهاء منهم. وضعنا خطة بالفصل بين تدريب الطلاب والدفعة التى ستتخرج فى مايو المقبل والدفعة الجديدة التى تم قبولها وبين إتمام الإنشاءات والمبانى. وبدأنا نعمل على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع، لننجز مهامنا ولا تنس أننا فى حالة حرب على الإرهاب وعلى الميليشيات التى لديها سلاح ودعم من الخارج. لكن هذا الوضع التى تعتبره غريبا، قررنا أن نستفيد منه فى زيادة حمل التدريب الشاق للطلبة لتخريج ضابط قادر على المواجهات العسكرية المختلفة عن مواجهات الجيوش النظامية، فحرب الجماعات الإرهابية هى فى الأساس حرب عصابات، ولابد من وجود بنية جسدية وتحمل للظروف المناخية كبير عند الضباط والجنود.
عقيدة العمل الجاد اصطحبنا العميد هاشم على مدار أربع ساعات من مكان إلى آخر، لنرى ونتحدث عن الإنجازات، وليس ضعف الإمكانيات كما كنت أظن أن يحدثنا عنه عن عدم إمكانية العمل فى ظل الضغط والوقت ككثير من المسئولين، وتذكرت وقتها كل المشاريع العملاقة والكبرى التى توكل للقوات المسلحة المصرية وكيف يعرضها القائد العسكرى المشرف عليها، بحجم الإنجاز ولا يتحدث عن المعوقات، وكأن كل رجال القوات المسلحة لديهم عقيدة العمل الجاد المنجز بجانب عقيدتهم العسكرية للدفاع عن أوطانهم، فلماذا عندما تكلف القوات المسلحة بإنجاز عمل مدنى وبالإشراف على شركات مدنية يخرج المنتج منضبطا فى الوقت والمعايير ، وكل هذه الأفكار تدور فى رأسى، فوجئت عند دخولى لهيكل المسرح الخرسانى وجود أعداد كبيرة من العمالة المصرية تعمل على بناء هذا المبنى العملاق. فرحت بسواعد مصر التى تسهم فى بناء مؤسسات ليبيا الشقيقة، وتحدثت مع محمد نصار من المنيا عامل مصرى يعمل نجار، مسلحا مع مقاول ليبى، وسألته هل المعاملة مع الليبيين صعبة ، فجاءت إجابته بالعكس أنه يشعر بالأمان والحب ويعيش فى بنغازى كأى مواطن ليبى، ويعمل ويتقاضى راتبه كل أسبوع. وعن طريقة دخوله إلى ليبيا فى ظل قرار عدم سفر المصريين، قال محمد إنه سافر عن طريق السودان وبعد دخوله إلى ليبيا تقدم بطلب للإقامة عن طريق شركة المقاولات التى يعمل بها وحصل عليها، وأضاف أن المنطقة الشرقية من الحدود وحتى بنغازى هى آمنة بالكامل ووجود العمالة المصرية بها مهم فى ظل بدء الإعمار، وطالب أن تنظر الحكومة المصرية لظروف العاملين فى ليبيا فلدينا أصدقاء يتمنون زيارة عائلاتهم فى مصر ويرجعون للعمل، لكن الخوف من قرار عدم السفر أجبرهم على عدم السفر.