علي الرغم من عدم وصول حركة الاحتجاجات في إسرائيل إلي حاجز المليون مشارك كما كان متوقعا, فإنها شهدت أكبر حشد من نوعه في تاريخ الدولة اليهودية. حيث قام مئات الآلاف من الاسرائيليين بمسيرة في20 بلدة ومدينة إسرائيلية تحت راية العدالة الاجتماعية ولتصعيد الضغط علي رئيس الوزراء بنيامين نيتانياهو للقيام بإصلاحات اقتصادية. وفيما وصفت بأم كل المظاهرات, قدرت القناة الثانية للتليفزيون الإسرائيلي والتي استخدمت إشارات الهواتف المحمولة وبيانات أقمار صناعية أخري لتتبع المظاهرات في مختلف أرجاء إسرائيل عدد المتظاهرين ب460 آلاف شخص, وقدرت قنوات تليفزيونية أخري العدد بما يتراوح بين450 ألفا و460 ألف شخص. ورفضت متحدثة باسم الشرطة تحديد رقم بعينه, لكنها اكتفت بالقول إن الأعداد أكثر من300 ألف شخص. ووصف زعماء الاحتجاج ما حدث بأنه لحظة الحقيقة للحركة الشعبية الآخذة في الازدياد منذ يوليو الماضي من مجموعة من الطلاب إلي تعبئة شاملة لكل المنتمين للطبقة الوسطي في اسرائيل. وكتب علي إحدي اللافتات جيل بأكمله يريد مستقبلا, بينما تدفق المتظاهرون علي شوارع تل أبيب وحيفا والقدس المحتلة بأعداد كبيرة وهم يرددون الشعب يريد العدالة الاجتماعية. وقال عمير روكمان-30 عاما- وهو ناشط من حزب الخضر في إسرائيل: الليلة ذروة لحظة احتجاج تاريخي. وقال إسحاق شمولي رئيس اتحاد الطلبة وأحد زعماء الاحتجاج لن تكون إسرائيل كالسابق.. إسرائيل الجديدة تطالب بتغيير حقوقي في أولويات حكومتها. ومن جانبه, أكد نيتانياهو مسئولية الحكومة عن إجراء تغييرات جذرية في المجالات الاجتماعية لتخفيف تكاليف المعيشة وإصلاح الأوضاع الاجتماعية, وأعرب عن اعتقاده بأن الحوار الشعبي, فضلا عن مناقشات اللجنة التي يقودها الاقتصادي مانويل تراختينبيرج, ستتيح له فرصة فريدة لتنفيذ تغييرات حقيقية ومسئولة في هذا المجال. وكان نيتانياهو قد حذر في وقت سابق من أنه لن يتمكن من تنفيذ كل مطالب المحتجين التي تترواح من خفض ضرائب إلي توسيع نطاق التعليم المجاني وتوسيع ميزانيات حكومية أكبر للإسكان. وعلي الجانب الآخر, أشار زعماء الاحتجاج إلي أنهم سيوقفون المظاهرات في الأسابيع المقبلة حتي تقدم اللجنة التي شكلها نيتانياهو لدراسة مطالبهم نتائجها, ولكن شمولي قال خلال التظاهر إن الحركة وجدت لتبقي. وقال روني صوفر وهو متحدث باسم نيتانياهو لراديو اسرائيل يجب تحديد الأولويات فأحدها يأتي علي حساب آخر, مضيفا أن الحكومة لن تخرق قواعد ميزانيتها. ونظمت المظاهرة الرئيسية أمس الأول في تل أبيب, حيث تجمع ما يربو علي200 ألف شخص في ميدان الدولة بالمدينة, وأطلق المتظاهرون علي الميدان اسم ميدان الشعب. واحتج حوالي50 ألف شخص في ميدان باريس بالقدس المحتلة بالقرب من مقر الإقامة الرسمي لرئيس الوزراء الإسرائيلي, كما شارك ما يقدر بنحو30 ألف شخص في احتجاج بمدينة حيفا شمال إسرائيل. وجذبت مسيرات في بلدات ومدن أخري أقل من10 آلاف شخص في كل موقع, وحمل بعض المحتجين لافتات عليها صورة نيتانياهو وأسفلها عبارة أنت مفصول. وكتب علي لافتات أخري عبارات مثل جيل كامل يطالب بمستقبل والشعب يطالب بثورة اجتماعية, وعندما تكون الحكومة ضد الشعب, فإن الشعب يكون ضد الحكومة. وفي غضون ذلك, عاد المئات من الأطباء المتدربين إلي مزاولة عملهم في المستشفيات بعد أن قضت محكمة العمل القطرية بأن استقالتهم التي قدموها غير سارية المفعول قانونيا. وجاء في قرار المحكمة أن إقدام الأطباء المتدربين علي تقديم استقالاتهم بصورة جماعية هي بمثابة اضراب غير شرعي. وفي أعقاب هذا القرار أعلن عدد من الأطباء المتدربين في مستشفي مئير في كفار سابا وغيره من المستشفيات نيتهم تقديم استقالات فردية تدخل حيز التنفيذ بعد ثلاثين يوما. ومن جانبه, تعهد الوزير الإسرائيلي جلعاد اردان بأن تعمل الحكومة الإسرائيلية من أجل تحقيق بعض الاصلاحات. ونقل راديو صوت إسرائيل عن اردان قوله إن رئيس الوزراء طلب وقف الحركة الاحتجاجية, إلا أن الحقيقة هي أنه طلب من الشرطة عدم تفكيك الخيم الاحتجاجية التي أقيمت في أنحاء إسرائيل. وبدورها, قالت النائبة العمالية شيلي يحيموفيتش إنه ما من شك في أن رئيس الوزراء يريد الاستجابة لمطالب المحتجين, غير أنه ليس قادرا علي ذلك لأنه يؤمن بالعقيدة الرأسمالية وبقوي السوق الحرة. وفي نيويورك, شارك مئات المتظاهرين في تظاهرة تضامنا مع حركة الاحتجاجات في إسرائيل رافعين شعارات نيويورك وتل أبيب.. ثورة واحدة والطبقة الوسطي تنهار والشعب يريد دولة الرفاهية.