كان علي السينما التركية أن تنتظر سبعة واربعين عاما حتي تعود بقوة لتزاحم الكبار في عالم الفن السابع, وتقتنص عن جدارة الجائزة الكبري لمهرجان برلين السينمائي. ففي عام1963 ظفرت بالدب الذهبي العنوان الأكبر لذلك المهرجان عن فيلمها البديع بلونيه الابيض والأسود' الصيف الظمآن الذي أخرجه متين اوكسال وقامت ببطولته' هوليا كوكشيد'. التي كانت تخطو خطواتها الأولي علي الشاشة الفضية. منذ ذلك التاريخ, باتت الدورات التالية للمهرجان الذي يعتبر واحد من أهم المهرجانات في المعمورة, ضنينة عصية علي منح الشرائط القادمة من الاناضول أية جائزة, رغم غزوها لمعاقل سينمائية عديدة في مقدمتها العرس الأكبر للسينما في العالم' كان' الفرنسي, وتمكنها من نيل جائزتين كانت اخراهما تلك التي منحت ل' القرود الثلاث' لمخرجه نوري يلماظ بلجين العام قبل الماضي, وعلي أية حال كان هناك بعض التقدير لأتراك عاشوا علي الاراضي الجرمانية, بيد أن' سبيل كيليكلي' التركية, منحها برلين قبل سنوات قليلة جائزة أحسن ممثلة في فيلم كان انتاجه بالكامل المانيا رغم أن موضوعه كان تركيا خالصا. وعلي نحو مفاجئ وغير متوقع بالنسبة لعشاق السينما باسطنبول وأنقرة, أعلن القائمين علي احتفالية برلين مساء الأحد قبل الماضي, منح الدب الذهبي للفيلم التركيBAL وترجمته للعربية تعني' عسل' لمخرجه سميح كوبلان أوغلو, متفوقا علي20 فيلم من أنحاء مختلفة من العالم, صحيح كانت هناك تخمينات نقلتها الميديا المحلية مرئية ومكتوبة ومعها كتابات لنقاد عالميين أثنت علي هذا الشريط المتميز وأنه يستحق الفوز بإحدي الجوائز, إلا أن الانطباع السائد هنا كان متشائما فلجنة التحكيم قد يكون له رأي معاكس وهو غالبا ما يحدث علي ضوء سوابق رشحت أكثر من فيلم تركي ولكن هيهات. من هنا كان وقع المفاجاة زاد من زخمها الظفر بالجائزة الكبري, ووقوف المخرج سميح كوبلان بجانب واحد من أساطين السينما المخرج الأمريكي الكبير رومان بولانسكي, ولم ينس سميح المولود عام1963 خريج الفنون الجميلة, أن يداعب الجمهور قائلا:' أثناء التصوير ظهر أمامنا دب كبير سرعان ما هرب من المنطقة ولكنه الآن عاد الينا وقد اكتسي بلون الذهب لأنه يحب العسل'. لكن اللافت أن حالة الفرحة لم تكن من نصيب الحياة الثقافية والفنية فحسب, فالغبطة طغت لتعم مجتمع شرائح كبيرة منه لا تشعر بسعادة لضغوط حياتية وسياسية هنا وهناك. ومن الكشك( القصر الرئاسي) بضاحية شنكاياي, خرج بيان مذيل بتوقيع رئيس الجمهورية عبد الله جول حملت سطورة تهئنة حارة للإنجاز الرائع, وقبل مغادرته اسطنبول متجها إلي مدريد, هاتف رئيس الحكومة رجب طيب اردوغان, المخرج سميح مهنئا ومتمنيا للسينما في تلك البقعة الجغرافية الفريدة التي تربط الشرق الغرب بالاذهار ودوام المنافسة. وجاءت الصحف جميعها في صباح الاثنين وصفحاتها الاولي تتزين بلون الذهب وفريق العسل مع إشادات الإعلام الاوروبي بالعمل الذي لا ينسي, تري لماذا؟ الاجابة تعود إلي محتواه فبعد أن قدم سميح أول اعماله لكل واحد بيته, قبل تسعة سنوات, ثم الملائكة تحوم, وهما عملان كانت هموم مجتمعه محورهما, هنا أراد ان يتوج تلك المعاناة برؤيته عن الاناضول فيما بعد الحداثة, بثلاثية بدأت بفيلم لبيضة عام2007 واللبن في العام التالي مباشرة, ويأتي عسل ختاما لها