مصدر أمني يكشف حقيقة منشور عبر مواقع التواصل الاجتماعي    الإسكان: لا تصالح على هذه المخالفات ال3.. واستثناء 40% من البدرومات كجراجات    الأردن يحمل إسرائيل مسئولية تبعات العدوان على لبنان    لافروف يرفض الدعوات المنادية بوضع بداية جديدة للعلاقات الدولية    صلاح يضيف الهدف الثاني لليفربول في شباك وولفرهامبتون    حي الطالبية يتابع الغلق التجريبي الجزئي بالطريق الدائري hسفل محور عمرو بن العاص    الرئيس الأمريكي: مقتل نصر الله يدعم حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها    "منصورة روبوتوكس" يحصد المركز الثاني في تصفيات مسابقات المشروعات الخضراء والمستدامة    كيف هزم الزمالك الأهلى وكيف هزم جوميز كولر؟!    عضو غرفة شركات السياحة: طلب متزايد لزيارة سانت كاترين من مسلمي أمريكا قبل أداء العمرة    خبير أمن معلومات يكشف عن السبب الحقيقي لانتشار تطبيقات المراهنات    الدعم العيني والنقدي.. "الحوار الوطني" ينشر قاموسًا يهم المواطنين    "قتلته وسرقت 10 آلاف جنيه وهاتفين".. اعترافات المتهم بقتل ثري عربي في أكتوبر    الكرملين: التصريحات الغربية حول صراع مسلح محتمل مع روسيا بمثابة "موقف رسمي"    المجر تنضم إلى منصة "أصدقاء السلام" بشأن تسوية الأزمة الأوكرانية    رياض محرز عن خسارة أهلى جدة: لم نتلق دعما مثل أندية الدوري السعودي    رئيس الطائفة الإنجيلية: الله منحنا الغفران ونحن مدعوون جميعًا أن نكون رحماء تجاه إخوتنا    وزير التعليم يشدد على استخدام المعامل غير المستغلة وتخصيص حصة داخلها أسبوعيًا    تذكرتي تهنئ الزمالك بلقب السوبر الأفريقى    حسام حسن يخطر اتحاد الكرة بالموافقة على المشاركة فى بطولة العرب حال إقامتها    اختيار باسم كامل أمينا عاما للتحالف الديمقراطي الاجتماعي    الضرائب: تحديث موقع المصلحة الإلكترونى لتيسير سُبل التصفح وتقديم خدمة مميزة    الخريف حاضر بقوة على شواطئ الإسكندرية.. أجواء خريفية رائعة مع إقبال ملحوظ رغم بدء العام الدراسى.. وانخفاض تدريجى فى درجات الحرارة الأسبوع المقبل.. وفرص لهطول أمطار خفيفة.. فيديو وصور    رئيس مياه القناة يعلن خطة استقبال فصل الشتاء بالسويس والإسماعيلية وبورسعيد    وكيل صحة الشرقية: حالات النزلة المعوية بقرية العروس سببها "جبن قريش" منزلى    معرض بورتريه عن الفنان فؤاد المهندس في مئويته ب"الصحفيين" (صور)    محافظ المنيا يزور البقيع الثانى ويوجه بسرعة تطوير البهنسا لتصبح وجهة سياحية عالمية    عصام السقا ينضم لأبطال مسلسل فهد البطل ويجسد شخصية ريكو والتصوير نوفمبر المقبل    ذكرى ميلاد علاء ولى الدين.. سناء منصور: أطيب قلب ووش برىء وضحكة مالهاش حل    إنذار محمد عبد المنعم فى شوط سلبي بين لانس ضد نيس بالدوري الفرنسي    اليوم العالمى للمسنين.. الإفتاء: الإسلام وضع كبار السن بمكانة خاصة وحث على رعايتهم    رئيس التخطيط بمشروع مشتقات البلازما: اعتماد 8 مراكز لمشتقات البلازما دوليا    وزارة الصحة توجة 4 نصائح هامة يجب اتباعها عند الخدش من حيوان مصاب بالسعار    وكيل صحة البحيرة يشدد بتطبيق معايير الجودة ومكافحة العدوى بالوحدات الصحية    نبيل الحلفاوي بعد إخفاق الأهلي: لابد من شد الفريق وضبط وربط صواميله المفككة    الجريدة الرسمية تنشر قرارًا جديدًا لرئيس الوزراء (التفاصيل)    توقعات مواليد برج الميزان.. اعرف حظك وأبشر بانفراجة    وزير الرياضة يفتتح عدة مشروعات استثمارية في ههيا وأولاد صقر    الرئيس السيسي يدعو مجلس الشيوخ للانعقاد الأربعاء المقبل    «الإفتاء»: المشاركة في ترويج الشائعات حرامٌ شرعًا    عضو بالبرلمان السويدي: لا يوجد ديمقراطية كاملة في العالم أجمع    السجن عامين لخادمة بتهمة سرقة شقة بالساحل    ضبط 15 ألف قضية سرقة تيار كهربائى خلال 24 ساعة    محافظ الإسكندرية يتابع مع نائب وزير الصحة معدلات تنفيذ مبادرة ال1000 يوم الذهبية    لاوتارو مارتينيز يقود هجوم إنتر ميلان أمام أودينيزي    رئيس الوزراء يوجه بضغط البرنامج الزمنى لتنفيذ مشروع "التجلي الأعظم" بسانت كاترين    جذب الاستثمارات الأجنبية والعربية على رأس اهتمامات مبادرة «ابدأ»    «الفريق يحتاج ضبط وربط».. رسالة نارية من نبيل الحلفاوي لإدارة الأهلي بعد خسارة السوبر الأفريقي    رئيس هيئة الدواء يكشف سر طوابير المواطنين أمام صيدليات الإسعاف    بعد واقعة النزلات المعوية.. شيخ الأزهر يوجه ب 10 شاحنات محملة بمياه الشرب النقية لأهل أسوان    علي جمعة: سيدنا النبي هو أسوتنا إلى الله وينبغي على المؤمن أن يقوم تجاهه بثلاثة أشياء    تحرير 1341 مخالفات للممتنعين عن تركيب الملصق الإلكتروني    وزير الخارجية والهجرة يلتقي مع وزيرة خارجية جمهورية الكونغو الديموقراطية    الخارجية السورية: جرائم الاحتلال ستؤدي إلى جر المنطقة نحو تصعيد خطير    "لا تقلل من قوته".. لاعب الزمالك الأسبق يحتفل بالتتويج بكأس السوبر الأفريقي    فيديو.. مزايا التصالح على المباني المخالفة والمستندات المطلوبة    مواقف مؤثرة بين إسماعيل فرغلي وزوجته الراحلة.. أبكته على الهواء    سعر الموز والخوخ والفاكهة بالاسواق اليوم السبت 28 سبتمبر 2024    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



انفلات في بلاط صحافة الثورة

الانفلات الصحفي الذي تعاني منه مصر حاليا بعد ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011 يهدد بالخطر دولة الحرية والكرامة والحداثة التي يتطلع إليها كل مصري بعد نجاح تلك الثورة. وبدلا من أداء صحفي رشيد يكون عنوانا للحقيقة والعدالة أصبحنا نرى ممارسات مخالفة بفجاجة للمعايير المهنية، وضاربة عرض الحائط بالقيم ومواثيق الشرف.
وبعد تهاوي المجلس الأعلى للصحافة، وقد كان منوطا به مراقبة هذا الأداء، لم تقم نقابة الصحفيين بدورها المنشود في التصدي لهذا الانفلات.
هذا الانفلات "يمكن أن تُسرق فيه عقول، وتُغتال أفكار، وتُنهب ثقافة"، كما قال الدكتور سعيد إسماعيل علي.
وله مظاهر ثلاثة تمثل تحديات أمام هذه الصحافة أولها العمل ب"فقه الأولويات" ضمانا لترشيد الجهد، واعتماد النظرية الإعلامية التي تنادي بإبراز: "الأكثر أهمية أولا"، على أن تكون لديها قائمة أولويات (Agenda setting) بشكل لحظي، ويومي، ودائم.
لكن على العكس من ذلك، انشغلت تلك الصحافة بمعارك من مثل: الدستور أم الانتخابات أولا، وخلافات الليبراليين والإسلاميين، وأحدث "افتكاسات" وبيانات ائتلافات الثورة.. إلخ؛ مما صرف البلاد والعباد عن التركيز على القضايا المهمة التي تمثل صمام أمان لاستمرار الثورة.
ومن أمثلة تلك القضايا الاهتمام بالمشاريع الكبرى لبناء الوطن، كتحسين مستويات الصحة والتعليم والخدمات، وتحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح، والإنتاج الحربي، وتقديم القدوات الاجتماعية الناجحة.. إلخ.
إن رغيفا يتم توفيره لمواطن خير من هذا الانشغال بأمور ثانوية لا تحسن من مستوى معيشته. وقديما قال إبن المقفع: "لا تتركن مباشرة جسيم أمرك فيعود شأنك صغيراً، ولا تلزمن نفسك مباشرة الصغير فيصير الكبير ضائعاً"، وهي نصيحة سحرية، ومفتاح نجاح لكل صحفي أو مؤسسة إعلامية.
الخلل الثاني هو أن صحافة الثورة تجاهلت - إلا قليلا - تقديم حقائق الأمور، مكتفية بالقشرة الخارجية، و"الشغل من على السطح" فقط، دون بذل الجهد الكافي لاستبصار الخفايا والأسرار.
فقد رأينا معالجات تتعامل مع الأحداث والوقائع دون ولوج للأعماق، وبعيدا عن النزول للميدان، واكتفاء بالعمل من على المكاتب، مما ينذر بطمس الحقائق، وتسطيح الأمور.
هذا النزوع نحو الاستسهال، والسطحية، وعدم تقديم التفاصيل، وما يجري وراء الكواليس، أو ما يُعرف ب "الصحافة المسطحة" ينذر بارتكاب أخطاء مهنية، ليس أقلها التناقض والارتباك في بناء القصص الصحفية ذاتها.
وكمثال: اهتمام الصحافة مؤخرا بالقبض على "خنوقة.. أخطر بلطجى فى القاهرة"، وتوسعها في بسط تاريخه الإجرامي ثم انتحاره، دون أن تأتي على ذكر أن أجهزة الأمن احتجزت زوجته وأمه بقسم الشرطة، ليقوم بتسليم نفسه، وهي معلومة نبه إليها الكاتب الصحفي فهمي هويدي.
وهي خطيرة لأنها تعني أن جهاز الشرطة المصري ما زال على ما كان عليه قبل الثورة، من استخدام أسلوب احتجاز الرهائن، خارج إطار القانون، كأداة لإجبار المشتبه فيهم على تسليم أنفسهم.
و"يعني انتهاك حرمة أى إنسان فى مصر أو إهدار كرامته أن الثورة لم تحقق أهدافها، وأننا يجب أن نُستنفر للدفاع عنها"، بحسب تعليق هويدي.
أما التحدي الثالث أمام صحافة الثورة فهو رغبتها في جذب القارئ لمادتها، وحسم المنافسة الصحفية لصالحها، ما جعلها تجنح إلى الإثارة الزاعقة خاصة في العناوين، بعيدا عن القواعد الموضوعية، والأسس المهنية، لأجل إشباع شبق البحث عن سبق أو انفراد، حتى لو كان على حساب الحقيقة، أو الدقة، أو تم تلوينه أو تسييسه أو ابتساره بشكل مخل.
خطورة ذلك أنه "قد يؤدي الى حدوث تشويش على فكر المواطنين، وإحداث نتائج غير سوية، من الناحية النفسية، لاسيما فيما يتعلق بالأمل"، وفق تصريح للدكتور أحمد عكاشة أستاذ الطب النفسي.
ومثاله مانشرت صحيفة الأهرام في 25 مارس/ آذار الماضي عن تطبيق حد قطع الأذن من قبل بعض السلفيين بحق أحد الأقبط بصعيد مصر، وهو ما ثبت عدم دقته بعد ذلك.
وكذلك ما نشرته صحيفة "المصري اليوم" يوم 14يونيو/حزيران الماضي من أن الضابط الإسرائيلى إيلان تشايم جرابيل المقبوض عليه بتهمة التجسس اتصل بقيادات الإخوان المسلمين.. دون أن يذكر متن الخبر ذلك على الإطلاق.
وحتى في تغطية محاكمة أركان النظام السابق المقدمين للعدالة.. خالفت صحف مصرية مبدأ "المتهم بريء حتي تثبت إدانته"، وكالت الشتائم للمتهمين بشكل غير لائق مهنيا أو أخلاقيا. فعلت ذلك بشكل فج جريدة الأخبار بعددها الصادر 4 أغسطس/آب الماضي.
والخلاصة أن صحافة الثورة باتت مُحتاجة إلى خارطة طريق، ووثيقة مبادئ ومعايير هادية؛ تحكم سلوكها، وتضبط أداءها، وتطبق بمقتضاها ما تنادي به من مُثُل وقيم.
قال تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ". (الصف: 2 و3).
* [email protected]
المزيد من مقالات عبدالرحمن سعد


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.