الشيخ محمد صبيح الساخن.. أحد مشايخ قبيلة المزينة بجنوبسيناء, وبالتحديد مزينة' نويبع', وهم يسكنون قرية الصيادين عند مدخل ميناء نويبع, ويعمل رجالهم في الصيد والرعي من زمن طويل علاوة علي العمل في النشاط السياحي بعد أن ذاع صيت هذه المنطقة عالميا منذ عدة سنوات, كذلك يعمل عدد منهم في أعمال ترتبط بخدمات ميناء نويبع. الشيخ' الساخن' يعطينا صورة أكثر تفصيلا عن القبيلة وأهلها بين الأمس واليوم فيقول: يتواجد أهل المزينة علي شريط يمتد من مدينة الطور وحتي مدينة طابا مرورا بشرم الشيخ ودهب, ويتوزعون علي أربع عائلات تعيش كل واحدة منها في حدود منطقة من هذه المناطق الأربع, وقد حدث هذا منذ زمن بعيد, ربما يمتد إلي فترة الفتح الإسلامي علي مصر, حيث استقرت مجموعة من عشائر قبيلة المزينة بجنوبسيناء, وقبيلة المزينة كما يقول- ترجع في أصولها إلي عرب مزينة من بني حرب, ومن أهم فروعها في سيناء الغوانمة, والعلاونة, والشذاذانة, والغويصات, وأولاد علي, لكنهم جميعا وعلي الرغم من أن لكل عائلة منطقة ولها شيخها في جنوبسيناء لكنهم يجتمعون تحت لواء واحد وشيخ كبير يجمعهم في كل مايتعلق بأمور القبيلة. وقبيلة المزينة تتواجد في واحدة من أهم مناطق سيناءبالجنوب, والتي تطل علي المناطق الأكثر شهرة وثروة والتي شهدت كذلك بعد الثورة جذبا اعلاميا كبيرا حيث بقاء الرئيس السابق بها لفترة في مستشفي شرم الشيخ الدولي, وأيضا لارتباط هذه المدينة السياحية العالمية لوقت ليس بقليل باسم' حسين سالم' الملقب بامبراطور المدينة. والمزينة واحدة من عدد من قبائل الجنوب التي يطلق عليها قبائل الطورة أو بلاد الطور فعلاوة علي قبيلة المزينة هناك قبائل: العليقات, والعوارمة, أولاد سعيد, القرارشة, والجراجرة, ويطلق علي العوارمة وأولاد سعيد والقرارشة اسم( الصوالحة) وقد يطلق اسم الصوالحة علي العوارمة وحدهم. لكن المتابع لقبائل سيناء جميعا, يشهد عبر سنوات بتمايز قبائل الجنوب وسمعتهم الطيبة, وبأن معظم أبناء قبائل الجنوب لايثيرون المشاكل ولايبتدرون بالاعتداء, وهم معروفون بتحضرهم, لدرجة تجعلهم صورة طيبة وعنوان جيد لمصر في استقبال السائحين والوافدين إلي سيناء, والمزينة واحدة منهم وبها هذه المواصقات جميعا. يتحدث الشيخ' الساخن': نحن مصريون, ولولا الثورة لما تأكدت عودة هذه الحقيقة إلي الوجود بعد أن صار كل أهل سيناء يشعرون بأنهم يعاملون كمواطنين من الدرجة الثانية, لقد رفعت الثورة هذه الوصمة عن جلودنا, وصرنا مواطنين كاملين الأهلية, ووأصبح السيناوي مرة أخري يشعر كأي ابن لمصر في القاهرة أو الأسكندرية أو أي إقليم آخر بأن له الحق في أن يشارك ويتفاعل مع هموم وقضايا الوطن دون مطاردة أو تهميش. ويجتمع في مجلس الشيخ الشاخن بقرية الصيادين بنويبع' المقعد' كل يوم عدد غير قليل من أبناء القبيلة والعائلات الأخري في أرجاء المنطقة الممتدة من الطور إلي نويبع وطابا يتحدثون في أمور أبناء القبيلة ومشاكلهم ومحاولة حلها, ولا يتأخر الشيخ مثل غيره من شيوخ القبائل في جنوبسيناء عن التفاعل مع التحولات الجديدة في مصر بعد الثورة فهم كانوا علي موعد سابق مع الحاكم العسكري لمناقشة الأولويات التي تضعها الآن الحكومة المصرية لملف سيناء, واعادة تقييم التوزيع العادل لأراضيها علي أبنائها بما يجعلهم يشعرون بانتمائهم الكامل وعودة الحق الغائب لهم من جديد. يقول الشيخ: لقد أخطأ النظام السابق ورجاله في التعامل مع أبناء القبائل خاصة في موضوع التعامل الأمني, ولم يتفهموا طبيعة وخصوصية العادات والتقاليد الخاصة بأبناء قبائل سيناء, وللأسف قاموا بتجاوزها ولم يحترموا في كثير من الأحيان شيوخ هذه القبائل والعودة اليهم في قضايا الأمن, وهذا جعل كثير من شبابنا لايثق فينا وجعلهم يشعرون بأن الدولة غائبة وسلطاتها الأمنية تتعمد اهانة حرماتهم, وهذا باتلنسبة لنا خط أحمر لانغفر لمن يتجاوزه, وكان رجال الداخلية والنظام يصرون علي وضعنا في موضع المتهم طوال الوقت. الشيخ يكمل كلامه: نحن نريد فقط الشعور بآدميتنا, والتعامل معنا باحترام وصدق, واحترام عاداتنا وتقاليدنا, ومن يراعي ذلك نعطيه أعيننا, ونفديه بأرواحنا ففي الوقت الذي يتكلمون فيه عن تجاوزات أهل بعض القبائل في سيناء, يتناسون ماضحينا وقمنا به من أجل الوطن, وكيف كنا في فترات الاحتلال نمثل خط الدفاع والصد خلف خطوط العدو, والدليل يذكره التاريخ بكل فخر لأبناء سيناء في مؤتمر الحسنة عام1968, عندما جمع الإسرائيليبون شيوخ قبائل سيناء بغرض تدويلها, ومنحهم كل المزايا والاغراءات الكبيرة التي يسيل لها اللعاب, وجاء' موشي ديان لهذا المؤتمر الكبير, لكنهم فوجئوا برد هؤلاء الشيوخ القاطع والحازم بأن سيناء وأهلها جزء لا يتجزء من التراب الوطني المصري, وأن قبائلها لايعترفون سوي بانتمائهم للدولة المصرية, ولا أنسي كيف سجل التاريخ تكريم كبار رجال الجيش المصر لأهلي في قبيلة المزينة, ولقاء المشير أحمد اسماعيل علي بشيوخ القبيلة في أعقاب انتصار أكتوبر73 هنا في جنوبسيناء ودعوتهم إلي القاهرة لتقديرهم علي الدور الوطني الذي قاموا به خلال حرب الاستنزاف, أليس هذا دليلا كافيا علي وطنيتنا, فلماذا ينتقصوا من هذه الوطنية, لكن الآن فنحن كلنا أمل ويقين من هذه السياسة تغيرت وأن الادراة الحالية تعرف جيدا مشاكلنا وستقوم علي حلها بمرور الوقت.