رحل إلي مصر العديد من الرحالة المغاربة الذين كتبوا وأسهبوا في وصفها منهم ابن جبير البلنسي, وابن رشيد السبتي, والعبدري الحيحي, وابن بطوطة الطنجي, والحسن بن عبد الوزان المعروف باسم ليون الإفريقي والذي زار مصر في الوقت الذي استولي عليها فيه السلطان سليم العثماني سنة923 ه/1517 م. كما رحل اليها فقهاء وعلماء منهم العالم الأندلسي أبو بكر الطرطوشي الذي توفي في الاسكندرية عام520 ه/1126 م ومازال له مقام يقع في شارع الباب الأخضر بمنطقة الجمرك, وكذلك الشيخ العارف بالله أبو عبد الله محمد الشاطبي الذي دفن بالاسكندرية في حي الشاطبي وكان معاصرا للسلطان المملوكي الظاهر بيبرس في القرن السابع الهجري, وفي العصر المملوكي زار مصر عدد كبير من العلماء المغاربة منهم شيخ الطريقة الشاذلية الصوفية أبو الحسن الشاذلي, وتلميذه زوج ابنته أبو العباس أحمد المرسي نسبة الي مرسية في شرق الأندلس والذي خلفه في رياسة الطريقة الشاذلية وتوفي في الاسكندرية عام656 ه/1287 م ومقامه معروف هناك.. وكيف لا نذكر العلامة عبد الرحمن بن خلدون الذي انتقل الي القاهرة وشغل فيها منصب قاضي قضاة المالكية عدة مرات وتأثر بمنهجه المؤرخ المصري تقي الذين أحمد المقريزي. لم تكن الجاليات المغربية التي شدت رحالها الي مصر تسكنها بأشخاصها فقط, بل بثقافتها وعلمها وفنها وتجارتها بل كانوا يشاركون في الدفاع عنها.. والشيء بالشيء يذكر فأن أحمد بن طولين في القرن الثالث هجري كان من أوائل الحكام الذي رحبوا بالمغاربة وأسند الي علمائهم مناصب هامة في الدولة, كما فتح لهم أبواب مسجده كمأوي لهم يقيمون فيه ويدرسون, كما حدد لهم مرتبات يعيشون بها, وكان لارتباط الجالية المغربية بجامع ابن طولون هو الذي جعل الفاطميون حينما دخلوا مصر بجيوشهم أن يختاروه لإقامة شعائرهم وذلك قبل بناء الجامع الأزهر, قد يقول قائل: لماذا كان المغاربة أكثر ترددا علي مصر ورحيلا إليها؟ والرد علي ذلك بأن أهل المغرب الأقصي في ذلك الوقت كانوا في حاجة الي التزود من الثقافة الشرقية التي كانت تعوزهم خلال القرون الأولي من حياتهم الإسلامية حتي يقيموا بها كيان مجتمعهم, علي ان الثقافة المغربية لا تلبث ان تشق طريقها الي النضج والاكتمال منذ منتصف القرن الخامس الهجري, بعد ان تمثلت العناصر الوافدة اليها من الشرق عبر مصر من ناحية ومن الشمال من الاندلس من ناحية اخري ويتجلي هذا في عهد المرابطين ثم الموحدين, فأصبح لدي المغرب الاقصي علماؤه في شتي فروع المعرفة, وبالرغم من هذا فقد زادت زياراتهم الي مصر ابتداء من القرن السادس الهجري حيث هاجر عدد من العلماء الراسخين في العلم الي مصر واستقبلهم المصريون بكثير من التقدير والاجلال.