تسييم شماسا جديدا في مطرانية القدس الأنچليكانية الأسقفية    وزير التعليم يتابع انتظام الدراسة خلال جولة ب6 مدارس بحدائق القبة    إنطلاق فعاليات مبادرة «بداية» للأنشطة الطلابية بكليات جامعة الزقازيق    وزير الاستثمار: 7 مليارات يورو استثمارات فرنسية في مصر    وكيل شعبة الكهرباء يحذر: 5 أجهزة في بيتك الأكثر استهلاكا    الدعم النقدي.. موقف الحوار الوطني النهائي وأول تعليق من النواب (خاص)    محافظ قنا: استلام 2 طن لحوم من صكوك الأضاحي    الاثنين 30 سبتمبر 2023.. ارتفاع طفيف للبورصة    أول تعليق من حزب الله بعد اغتيال نصر الله    أعداد الشهداء في ارتفاع مستمر بقطاع غزة.. فيديو    رسميا.. ريال مدريد يعلن حجم إصابة كورتوا    القنوات الناقلة لمباراة النصر والريان في دوري أبطال آسيا 2024-2025 اليوم    إنبي يُطالب الزمالك ب 150 ألف دولار بعد تحقيق لقب السوبر الإفريقي    اضطراب في حركة الملاحة على شواطئ مدن البحر المتوسط    إصابة شخصين في حادث تصادم بالمنيا    غدا.. افتتاح الدورة السابعة لأيام القاهرة الدولي للمونودراما    الثقافة تختتم الملتقى 18 لشباب المحافظات الحدودية بأسوان ضمن مشروع "أهل مصر"    «زوج يساوم زوجته» في أغرب دعوي خلع ترويها طبيبة أمام محكمة الأسرة (تفاصيل)    معهد البحوث: الإكزيما تصيب من 15 إلى 20% من الأطفال عالميا    وكيل فهد المولد يكشف تطورات أزمة اللاعب الصحية    وكيل تعليم دمياط يتفقد سير اليوم الدراسي بعدة مدارس    محافظ بني سويف يشارك في افتتاح معرض منتجات النباتات الطبية والعطرية    ضبط 40 كيلو حشيش بقيمة 3 مليون جنيه في الإسكندرية    النيابة تواجه متهمى واقعة السحر لمؤمن زكريا بالمقاطع المتداولة    ندوات توعوية لطلاب مدارس أسيوط حول ترشيد استهلاك المياه    وزير الإسكان يتفقد سير العمل بمحطة تنقية مياه الشرب بمدينة أسوان الجديدة    ريفر بليت يسقط على أرضه أمام تاليريس كوردوبا    يحتل المركز الأول.. تعرف على إيرادات فيلم "عاشق" لأحمد حاتم أمس في السينمات    جالانت: الجيش سيستخدم كل قدراته العسكرية في مناورة برية وهدفنا إعادة سكان شمال غزة لمنازلهم    جريزمان يلاحق ميسي بإنجاز تاريخي في الليجا    الصحة اللبنانية: ارتفاع حصيلة الاعتداء الإسرائيلي على عين الدلب إلى 45 قتيلا و70 جريحا    السعودية تُسلم فلسطين الدعم المالي الشهري لمعالجة الوضع الإنساني بغزة    المؤتمر: تحويل الدعم العيني لنقدي نقلة نوعية لتخفيف العبء عن المواطن    ضبط 1100 كرتونة تمور منتهية الصلاحية بأسواق البحيرة    شخص يتهم اللاعب أحمد فتحى بالتعدى عليه بسبب ركن سيارة فى التجمع    ضبط شخص متهم بالترويج لممارسة السحر على الفيسبوك بالإسكندرية    فؤاد السنيورة: التصعيد العسكرى فى لبنان ليس حلا وإسرائيل فى مأزق    الاحتلال الإسرائيلى يعتقل 41 فلسطينيا من الضفة الغربية    «وزير التعليم» يتابع انتظام سير العمل ب 6 مدارس في حدائق القبة | صور    انطلاق أولى جلسات دور الانعقاد الخامس لمجلس النواب.. غداً    «المالية»: إطلاق مبادرات لدعم النشاط الاقتصادي وتيسيرات لتحفيز الاستثمار    نبيل علي ماهر ل "الفجر الفني": رفضت عمل عشان كنت هتضرب فيه بالقلم.. وإيمان العاصي تستحق بطولة "برغم القانون"    مدير متحف كهف روميل: المتحف يضم مقتنيات تعود للحرب العالمية الثانية    «بيت الزكاة والصدقات» يبدأ صرف إعانة شهر أكتوبر للمستحقين غدًا    بعد واقعة مؤمن زكريا.. داعية: لا تجعلوا السحر شماعة.. ولا أحد يستطيع معرفة المتسبب فيه    أوكرانيا: تسجيل 153 اشتباكا على طول خط المواجهة مع الجيش الروسي خلال 24 ساعة    مصرع شخص صدمته سيارة أثناء عبوره للطريق بمدينة نصر    أبو ليمون يتابع تطوير كورنيش شبين الكوم والممشى الجديد    أطباء ينصحون المصريين: الحفاظ على مستوى الكولسترول ضرورة لصحة القلب    توقيع الكشف الطبى على 1584 حالة بالمجان خلال قافلة بقرية 8    نائب الأمين العام لحزب الله يعزي المرشد الإيراني برحيل "نصر الله"    السياحة والآثار تنظم عددًا من الأنشطة التوعوية للمواطنين    التحقيق مع المتهمين باختلاق واقعة العثور على أعمال سحر خاصة ب"مؤمن زكريا"    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 30-9-2024 في محافظة قنا    أمين الفتوى: كل قطرة ماء نسرف فيها سنحاسب عليها    بعد خسارة السوبر الأفريقي.. الأهلي يُعيد فتح ملف الصفقات الجديدة قبل غلق باب القيد المحلي    «القاهرة الإخبارية»: أنباء تتردد عن اغتيال أحد قادة الجماعة الإسلامية بلبنان    «الإفتاء» توضح حكم تناول مأكولات أو مشروبات بعد الوضوء.. هل يبطلها؟ (فيديو)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شيخ الاقتصاديين‏:‏ رفضت رئاسة الوزارة والحزب الوطني
نشر في الأهرام اليومي يوم 12 - 08 - 2011

د‏.‏ حسن عباس زكي‏,‏ وزير الاقتصاد الأسبق‏..‏ اسم يحظي بالاحترام والتبجيل في مجال تخصصه‏,‏ فحين يتحدث ينصت الجميع سعيا لروشتة اقتصادية تشفي العلات القديمة التي أضيف إليها أخيرا تحديات قصوي بعد ثورة يناير.. كان وزيرا بارزا للاقتصاد في عهد عبدالناصر, نجح في إلغاء الفائدة علي المزارعين في بنك التسليف وأقنع عبدالناصر بجدوي تقليل الفائدة لكن المشروع وأد بعد خروجه من الوزارة.. وتظل آلية اتخاذ القرار في بلادنا مثار تأمل عبر العهود لأنها كانت عرضة لتدخل غير المتخصصين.
يحظي د.حسن 94 عاما أطال الله في عمره بالمحبة والإجلال بين أوساط الجماهير, وهو نموذج للسياسي الحصيف والعالم المسلم المتصوف الذي تشع نورانيته وسماحته لتضئ كل ما حوله من دراسات وحلول ومساعدة الآخرين.. الصوفي الورع له مذاقات وتجليات في عالم التصوف ومؤلفات إسلامية تؤكد أن الشريعة الإسلامية ليست ضد الحضارة ولكنها صانعة لها.. ويجب ألا تخيفنا المسميات في كل الأحيان لكن الإسلام أيضا لا يعرف فرض الرأي بالقوة.. نفحات عطرة وإشراقات ذهنية من شيخ الاقتصاديين نسعي من وراءها للوصول إلي مقام الرضا في الاقتصاد والدين.
عندما تتحدث معه تكتشف أنك أمام شخصية تجمع بين هدوء الطبع ودماثة الخلق وعمق الثقافة والخبرة الطويلة في الاقتصاد والسياسة.
في الحوار التالي يفتح الدكتور حسن عباس زكي خزانة أسراره وتجاربه وفكره ل الأهرام.
التصوف يغلف سيرتك الذاتية فهل كانت هناك جذور في التنشئة ساهمت في إذكاء تلك النزعة الدينية؟
أنا من مواليد بورسعيد أشرف بالانتساب الي أسرة متدينة يتصل نسبها بآل البيت من ناحية الأم, وكان لارتباطي بالرواد ونشاطي كشاب إزاء جماعات التصوف ورجال الدين أثر واضح في كل حياتي تخرجت في كلية التجارة جامعة فؤاد الأول عام1938 والعالم علي مشارف الحرب العالمية الثانية, فعملت ببنك التسليف وبنك مصر للأقطان, وفي عام1952 عينت سكرتيرا تجاريا لسفارة مصر بواشنطن ثم عضوا بوفد مصر بهيئة الأمم المتحدة عام1957 ثم اختارني الرئيس عبدالناصر وزيرا للاقتصاد.
باعتباركم أحد رواد الاقتصاد في مصر والعالم العربي.. كيف تنظرون إلي أولويات المرحلة التي تمر بها مصر حاليا في المجال الاقتصادي, لتفادي أية أزمات محتملة؟.
علينا أن ندرك طبيعة التحول الذي تمر به مصر حاليا, وينبغي علينا إعادة النظر في معدلات الاستهلاك, وسد حاجة البلاد من السلع الضرورية حتي نتفادي النقص المفاجئ في السلع الأساسية.
وهذا يتطلب إستراتيجية لوضع خطوات الإصلاح الاقتصادي, مع اتخاذ مجموعة من السياسات المتكاملة لإنعاش الاقتصاد المصري, والخروج من أزمة الكساد التي نحن في الطريق إليها.
كما ينبغي تحديد أهداف تلك السياسات والخروج من التضخم والركود الاقتصادي أولا, والسعي لتدبير موارد متوسطة وطويلة الأجل, لتمويل مشروعات التنمية الاقتصادية في مصر.
ومن المعلوم أن لدي البنك المركزي إحصائيات دقيقة للنقد الأجنبي واحتياطي الذهب, وهذا يدل علي أن مصر لديها احتياطات كافية.
هل تعتقدون أن بناء إستراتيجية لوضع خطوات الإصلاح الاقتصادي, واتخاذ مجموعة من السياسات المتكاملة لإنعاش الاقتصاد تكفي للانتقال بمصر إلي مصاف الدول القوية اقتصاديا والمتقدمة تكنولوجيا؟.
نحن نعيش في فترة من أهم مراحل حياتنا, ولابد أن نعالج قضايانا بتفكير سليم وحكمة, فالتقدم والتخلف قضيتان جذورهما فكرية, والتكنولوجيا ليست عملا خارقا علي أي شخص أو شعب إذا أتيح له تربية العقل, إذ أن كثيرا منا لا يعرف كيف يفكر, والتفكير وليد التربية الصحيحة وهو يخلق الإبداع, والفكر يحتاجه العامل.
والأحداث التي نمر بها حاليا تحتاج منا إلي وقفة هادئة مع النفس نراجع فيها تجربتنا الممتدة, ونستلهم الدروس, ونستخلص العبرة من صراعات الماضي والحاضر, لنبحث عن مكاننا في خريطة المصالح العالمية وتيارات الحضارات وصراعاتها.
ولعل حركة الزمن تؤكد أن هناك رؤية هادئة تشدنا إليها بعيدا عن الصراعات الداخلية, وتشدنا إلي مركز القرار ومراجعة الذات وتدفعنا إلي التكاتف والتآزر لنقف صفا واحدا ندافع فيه عن كياننا.
والتربية الصحيحة هي تعليم التفكير وليست تكديس المعلومات, وحينما تستخدم المعادلات للوصول إلي القمر أو بناء سفينة أو آلة فهو أمر يسير ولا إشكال فيه, ولكن حينما نتعامل مع الإنسان لحل مشكلة سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية نجد اختلافات كثيرة في الرأي, لأنه في الحالة الأولي الطريق واضح, ويخضع لقوانين ومعادلات وثوابت, أما الثانية فتحتاج إلي تفكير وتحليل وتتأثر بمتغيرات زمانية ومكانية وتقاليد.
يري البعض أن الدولة خسرت صناعات كثيرة مثل صناعة النسيج, كما خسرت أيضا مكانتها الاقتصادية بين الدول.. في رأيكم من أين نبدأ الطريق لاستعادة ما خسرناه؟.
أول ما ينبغي علينا عمله هو خلق كوادر مدربة, والتوسع في التدريب المتميز, والاتجاه إلي التعليم المهني والتدريب الحرفي.
ينبغي الاتجاه بالتعليم إلي تلبية احتياجات القطاعات الإنتاجية من التخصصات المختلفة, بمعني أن يكون التعليم نابعا من حاجة المشروعات الإنمائية إلي ما ينقصها من تخصصات فنية حتي يمكن سد فجوة البطالة, وزيادة القوة العاملة المدربة تدريبا راقيا علي مختلف المهن.
وعلينا خفض معدلات البطالة نتيجة التوجه السليم إلي المهن والحرف ذات الطلب من القطاعات الإنتاجية, ورفع كفاءة العملية الإنتاجية بتوفير العمالة اللازمة.
إن نجاح سياسة التعليم المهني يعتمد أساسا علي التركيز علي أن تكون المهن التي يتعلمها التلاميذ ذات طلب حقيقي من جانب المشروعات الانتاجية, وان تكون أساسا واقعيا يتماشي مع متطلبات الانتاجية.
كما ينبغي تشجيع الصناعات الصغيرة لأنها تلعب دورا متعدد الأبعاد في مسار التنمية الاقتصادية لأنها تمس الغالبية العظمي من أبناء الشعب الذين اختاروا الصناعة والمشروع الصغير كأساس لنشاطهم الاقتصادي ومجال لرزقهم.
ويجب أن يتم ذلك بالقيام بإعداد دراسات الجدوي لمشروعات الصناعات الصغيرة التي يحتاجها الاقتصاد القومي وعرضها علي المستثمرين المهتمين لإقامتها وتنفيذها في مصر وأن يتم ذلك بأيدي وعقول خبراء مصريين والاستعانة بالخبرة الأجنبية في المجالات غير المتوافرة في مصر, وتجميع الخبرات المختلفة المصرية في الجامعات والمراكز البحثية في بيت استشاري مصري ذي مكانة يمكن من فرص الاستثمار المختلفة ودراستها من كافة الجوانب وتقديمها للمستثمرين سواء كانوا مصريين أو عربا أو أجانب بشكل مستمر ومتجدد.
هناك مشكلة في غاية الصعوبة تتمثل في قصور فهم بعض أجهزة المحليات للدور الاقتصادي للمشروع الصغير وطبيعة احتياجاته وكيفية التعامل معها فمازالت بعض الأجهزة تصر علي عدم منح التراخيص لهذه المشروعات.
هل لنا أن نتعرف منكم علي رؤيتكم لأهم الفوارق المميزة لاقتصاد مصر حاليا عنه في فترة الرئيس عبد الناصر؟.
في ذلك الوقت لم تكن أمريكا تساعدنا, وكانت مساعدات البنك الدولي وصندوق النقد ضئيلة للغاية ولا تكاد تذكر.
ولم تكن لدينا دخول من قناة السويس أو السياحة التي انخفضت نسبتها بعد أحداث ثورة25 يناير إلي19% بدلا من100% والتي تعتمد عليها مصر أو المصريين بالخارج كما هو حادث حاليا, ولم تكن لدينا الأرصدة الموجودة حاليا بالبنوك سواء بالعملة المحلية أو بالنقد الأجنبي.
لم يكن لدينا أي من تلك الدخول ومع ذلك لم نر أية أزمة عنيفة في سلعة من السلع, ولم نشهد وجود بطالة أو إضرابات أو مشاكل. وكنا نتعرف علي حقيقة المشكلة بشجاعة, ونبدأ علاجها بشجاعة أيضا.
يمكن أقول انطباعي بأمانة عن الأداء الاقتصادي الآن بعدة ظواهر يمكن إجمالها في التضخم وفي التوسع في العمالة غير المنتجة والبطالة وزيادة خسائر القطاع العام, والإسراف في الاستهلاك وتغير الهرم الاجتماعي سواء في الريف أو الحضر علاوة علي أن رقم المديونية الخارجية أصبح كبيرا.
وعلينا أن نواجه ذلك ونقترح الحلول التي تحول دون الآثار الخطيرة التي قد تتعرض لها البلاد فيما لو تباطأنا.
وبصراحة هناك خوف من اتخاذ القرار والخوف يزيد المشاكل تعقيدا وحدة ويجعل البلد مثل المستنقع الراكد الذي تتوالد فيه الجراثيم.
لابد من الشجاعة في تحديد المشاكل, والسرعة في العلاج والبعد عن التردد في اتخاذ القرار, والتراجع عنه إذا ثبت فشله.
في رأيكم.. ما هو المطلوب للتغلب علي تلك المشكلات؟.
مطلوب حلول جذرية في أسلوب النهضة, ومن بين هذه الحلول ذات الأهمية القيام بثورة فكرية وخاصة في مجال الإدارة لأنها عنصر فعال تأخرت كثيرا في تحسين أسلوبه, فلابد من تغير نمط الاستهلاك وعدم الإسراف في الاستهلاك والاعتدال في الصرف
إن الأمور تتحول إلي العكس وأصبح فن الدعوة إلي الإسراف في شراء السلع علما نحس به في كل وسائل الإعلام وأصبحنا نعلم الناس وأولادنا كيف يسرفون بأن يشتروا الأطباق التي تستخدم مرة واحدة ويرمي بها في سلة المهملات وتغيير الموديلات من السيارات والملابس وغيرها. وتسعي دائما إلي زيادة الدخل ومقياسها زيادة الناتج القومي بصرف النظر عن طبيعة هذه الزيادة, وتحول المجتمع إلي مجتمع استهلاكي علي أعلي مستوي, ويعلق أحد المفكرين علي ذلك بقوله إن حجم التجارة الخارجية العالمية يزيد قليلا علي ثلاثة آلاف بليون دولار بينما التدفق المالي علي المستوي العالمية يزيد علي تسعين ألف بليون دولار أي أن الناحية المالية وليس الزراعية ولا الصناعية هي التي تقود الاقتصاد العالمي.
ويقدر الخبراء أن كل زيادة قدرها2% في الكفاية الانتاجية في الدول النامية تسهم في زيادة الناتج القومي الكلي بأكثر مما لو صرفنا ما يوازي مائة مليار دولار بالنسبة لرأس المال المستثمر مما يؤكد أن ما تحتاجه الدول النامية ليس فقط التركيز علي المال, ولكن استخدام إستراتيجية جيدة وتنفيذ سليم, وعلي رأس ذلك حسن الإدارة والتنظيم وتحسين التعليم والصحة.
إن البت في الأمور أمر مرغوب فيه لحسم المشكلات واتخاذ الحل المناسب وكثيرا ما يحتار الإنسان ويتشكك ويتردد. ومن الوسائل التي يجب أن يستعين بها الإنسان حينما يشك في أي قرارات تتخذ أن ينظر إلي المصلحة العامة للمؤسسة التي يعمل بها ويتخذ القرار الذي يناسبها من هذه الناحية.
ويجب الابتعاد عن النظرة الضيقة إلي الأمور أو النظرة التي تحكمها الأنانية, كما يجب أن نشجع التمسك الرأسي في كل شركة حتي لا تتفتت إلي وحدات تنتمي إلي نقابات مختلفة, وليس معني هذا تجاهل النقابات ولكن معناه أننا لنا ولاء لنقابة مهنية معينة.
إذا أذنت لي أن نعود بالذاكرة إلي بعض الأيام المؤثرة في تاريخ مصر, خاصة أنني علمت أنك كنت معارضا لقرار الرئيس الأسبق عبد الناصر الخاص بالتأميم.. هل لنا أن نتعرف علي رؤيتكم لهذا القرار وآثاره بعد هذه الفترة؟.
الرئيس عبد الناصر طلب مني الذهاب إليه في الإسكندرية, حيث قابلته في منزله, وأخبرني أن هناك موضوعا مهما يريد التحدث فيه معي, كما يوجد قرار خاص بهذا الموضوع يحتاج إلي التنفيذ. وعندما سألته ما هو القرار؟ قال إنه قرار التأميم.
وكان رأيي أن هذا الموضوع خطير جدا, لأنه يمس ملكية الناس التي هي نتيجة مجهوداتهم, وأن90% من الناس لهم حقوق فيها.
وجاء هذا القرار نتيجة اجتماع الرئيس عبد الناصر مع بعض الوزراء من قيادة الثورة, وقد طلب مني إعطاءه فرصة لمراجعة هؤلاء الوزراء, وفي اليوم التالي كان الاجتماع مع الرئيس عبد الناصر ومجموعة الوزراء, وانتهي النقاش بإصرارهم علي تنفيذ قرار التأميم.
وقد اقترحت عليهم فكرة أخري مفادها أن هناك نسبة2.5% زكاة مال مفروض علي الإنسان أن يدفعها, ومن حق الدولة أن تأخذ جزءا منها, وليكن1.5% وهو رقم يوفر الكثير للدولة والجزء الآخر يترك لصاحب المال, حتي يتصرف فيه بنفسه.
وكنت أعتقد أن هذا الحل سيكون مقبولا, لأنه يقوم علي أساس إسلامي, كما أنه سيؤدي إلي تحقيق الهدف وهو العدل الاجتماعي, ويقضي علي البطالة من خلال إنشاء مصانع وشركات.
وسألني الرئيس عبد الناصر هل تستطيع عمل التشريع اللازم, فقلت له دون تردد سيكون ذلك التشريع جاهزا في صباح اليوم التالي.
وفي اليوم التالي ذهبت إليه وكان معي التشريع مكتوبا وجاهزا, وكان مجتمعا مع المشير عبد الحكيم عامر وأربعة من قيادة الثورة والوزراء, وفهمت أنه تم التأثير علي الرئيس عبد الناصر الذي بادرني قائلا لي أنت الذي سوف تنفذ القرار وفهمت من ذلك انه يمنعني من تقديم استقالتي.
ذكرت أنك فهمت خلال اللقاء أنه تم التأثير علي الرئيس عبد الناصر, وأنه أخذ برأي الوزراء.. فلماذا في رأيك يتهمه البعض بالديكتاتورية؟
هناك من يظلم الرئيس عبد الناصر, ويقول إنه لم يكن يقبل الرأي الآخر, وأنه كان يفرض آراءه, وهذا غير صحيح.
ولا يستطيع أحد أن ينكر زعامة عبد الناصر وذكاءه ودراسته المتأنية للتاريخ والسياسة الاقتصادية, وكان له فكره الخاص وشخصيته الخاصة, ولكن ذلك لم يكن يمنعه من التأثر بآراء الغير إذا لم تكن ضد ما ترسخ في نفسه من آراء.
هل الروشتة الاقتصادية التي استخدمت في الستينيات يمكن أن تصلح الآن أم أن الظروف قد تغيرت تماما, وأصبحنا في حاجة إلي روشتة جديدة نابعة من الظروف المحلية والإقليمية والدولية؟.
حين قامت ثورة يوليو وضعت علي رأس أولوياتها بناء مصر.. فاحتاجت إلي من يساعدها في هذا البناء, وعلينا الآن بعد ثورة25 يناير أن نختار من الذي يساعد مصر لبنائها, ومن هنا لابد من الجمع بين الخبرة والثقة, فالخبرة وحدها لا تكفي, كما أن الثقة وحدها لا تفيد.
وأنا في هذا المجال أدعو إلي تشجيع المستثمرين العرب والمصريين بالخارج لإنشاء صندوق خاص مهمته جمع مبالغ من هؤلاء المصريين.
وهذا الصندوق يوضع تحت رقابة من جهة رقابية مسئولة حتي لا يحدث فيه تلاعب, مع مراجعة حساباته سنويا, وهذا الصندوق يساهم في انتعاش الاقتصاد المصري والبورصة, كما يساهم في تمويل مشروعات صغيرة للشباب ومراجعة هذه المشاريع بصفة مستمرة, وبالتالي يؤدي للخروج من التضخم والركود الاقتصادي.
وأدعو الأشقاء العرب إلي زيادة مشروعاتهم للوقوف بجانب مصر التي دائما لها دور مهم في المنطقة العربية, لأنه بالرغم من الظروف التي تمر بنا في مصر إلا أن المناخ العام في مصر جيد, ويساعد علي الاستثمار.
وأقترح فكرة تفتقر إليها السوق المصرية وهي إنشاء نواة تدرس ما بين كل حين وآخر موضوعات محل مناقشة لتقدم ورقة تبين حقيقة الأمر فيه وتنير الطريق, سواء بشأن رسم سياسة أو اتخاذ قرار لتعاون في تبصير المسئولين بالحقائق.
اقتراح آخر هو إعادة التوسع في إنشاء المجالس العليا التي تعطي النصيحة للهيئة التنفيذية, ومجلس اعلي للشئون الاقتصادية, ومجلس أعلي للإنتاج, وهيئة للاستثمار تتولي إنشاء مؤسسات تتبادل الاستثمار علي نسقTVA في أمريكا.
هل كان لك دور مباشر أو غير مباشر في العمل العام خلال حكم الرئيس السابق حسني مبارك؟.
الحقيقة أن الرئيس السابق مبارك طلب مني أكثر من مرة أن أتولي تشكيل الوزارة ولكني اعتذرت, واتصل بي مرة أخري ليطلب مني أن أتولي رئاسة الحزب فاعتذرت, ثم طلب مني إنشاء حزب جديد وأعطاني كل الصلاحيات في اختيار أعضاء هذا الحزب فاعتذرت أيضا.
لماذا اعتذرت؟
كان في داخلي عدم ارتياح, لكن في نفس الوقت كنت أقدم النصيحة بوجهة النظر السليمة في أي قرار يأخذ رأيي فيه.
وكان يطلب مني استشارات كثيرة في أسماء بعض الوزراء عند تشكيل أي وزارة جديدة, كما كان يأخذ رأيي في كثير مما يدور في الصحف وأجهزة الإعلام, وكنت صريحا جدا لأني أقول الصدق في وجه أي مسئول.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.