الحاضر أكبر عدو للثورة من السهل أن نقف أمام الماضي ونشبع رغبة القصاص والإنتقام منه, وقد حققنا الكثير بالفعل في هذا ال جانب, ولكن الثورة لاتصبح ثورة إذا تجاهلت حاضر ملايينها ومستقبلهم. وقد كان من حسن حظ مصر حسم القوات المسلحة موقفها وإعلانها وقوفها إلي جانب الشعب من أول ساعة نزلت فيها إلي الشوارع. ورغم هذه النعمة التي يحسدنا عليها الآخرون وهم يتصورون ماذا كان يمكن أن يكون الموقف لو أننا سرنا في طريق سوريا أو ليبيا أو اليمن, فحتي اليوم وبعد ثمانية أشهر مازالت ثورة يناير تركز علي الكفاح بتظاهرات المليونية التي زادت عن الحد. ذلك أنه في الوقت الذي يتركز فيه التفكير علي ابتكر أسماء لتظاهرات أيام الجمعة, وتتسابق فيه فئات الشعب لزيادة دخولها وتعويض ماحرمت منه, هناك إقتصاد يتراجع بشكل خطير لدرجة جعلت المسئول الجديد عن المالية د. حازم الببلاوي يعترف بأن النوم طار من عينيه عندما عرضت عليه الأوراق وإكتشف الوضع الذي يواجهه. يزيد علي ذلك مؤامرة الدول الأوروبية لمحاربة الصادرات الزراعية المصرية بحجة الإصابة بميكروب إيكولاي وهو إتهام لوكان صحيحا لكان المصريون أول من أصيبوا به. واحسبوها جيدا: النقص في موارد السياحة والنقص في تحويلات المصريين سواء بسبب الخوف أو تناقص عدد المصريين الذين بدأوا يعودون إلي مصر, والنقص في إنتاج المصانع التي توقفت والمهددة بالتوقف, والنقص في حصيلة الضرائب, والسحب من الاحتياطي النقدي, ثم النقص في موارد تصديري الحاصلات الزراعية. ونحن مشغولون بأسماء المليونيات وتتبع الماضي متجاهلين الحاضر وإحتياجات 90 مليونا. الموقف فعلا, لايتحمل والذين يفكرون في الماضي عليهم أيضا التفكير جديا في إحتياجات الحاضر وهو مالايتحقق بغير العمل والإنتاج. حاكموا الماضي كما تريدون ولكن لتنسوا الحاضر لأنه هو الذي يمكن أن يكون أكبر معين للثورة وداعم لها, وأيضا أكبر عدو ومضاد لها! [email protected] المزيد من أعمدة صلاح منتصر