رئيس الوزراء: نحن على المسار الصحيح في التعليم الأساسي والجامعي    تضحياتهم لن تُنسى.. الداخلية تصطحب أبناء الشهداء إلى مدارسهم فى اليوم الدراسى الأول "فيديو"    انطلاق المؤتمر العالمي DevOpsDays بالقاهرة لتعزيز صناعة البرمجيات المصرية    مبادرة "حياة كريمة".. نموذج رائد للتنمية الشاملة في مصر    سكرتير عام مطروح المساعد للأهالي: التصالح هو ميراثك للأجيال القادمة    الإمارات تُعلن استشهاد 4 من قواتها المسلحة إثر تعرضهم لحادث    استشهاد 23 شخصا وإصابة 95 آخرين في غارات إسرائيلية على جبل لبنان وجنوبه    الكاف يعلن تغيير طاقم حكام مباراة مصر وموريتانيا، اعرف التفاصيل    تأجيل محاكمة عاطل متهم بتزوير شهادة ميلاد في المرج    محافظ أسوان ونائب وزير الإسكان يتفقدان خزان أبو الريش العلوي بسعة 4 آلاف مكعب من محطة جبل شيشة    مهرجان الجونة السينمائي يُكرم النجم محمود حميدة ويمنحه جائزة الإنجاز الإبداعي    شغل ومكافآت وفلوس كتير.. 4 أبراج فلكية محظوظة في بداية أكتوبر    أحمد سعد وإليسا ورامي صبري وبهاء سلطان.. رباعية تاريخية في أرينا بالكويت    الصيادلة: الشركات تعوض الصيدليات عن الأدوية منتهية الصلاحية    الكشف على 267 مواطنا بقافلة بداية الطبية في السكادرة بالشيخ زويد    محافظ الجيزة يكلف باستمرار أعمال رفع كفاءة مستشفى أطفيح المركزي    رئيس الوزراء: أزمة الدواء الخانقة تنتهي خلال أسابيع    محافظ كفرالشيخ يتابع أعمال تطوير «ساحة المسجد الإبراهيمي» بدسوق    تنظيف وتعقيم مسجد وضريح السيد البدوي استعدادًا للمولد (صور)    بيان مهم من الأرصاد بشأن حالة الطقس ودرجات الحرارة غدا الخميس 26 سبتمبر 2024    أول تعليق من أسرة الطفلة «علياء» بعد مقابلة رئيس الوزراء.. ماذا قالت له؟    رئيس هيئة الدواء: سحب كافة الأدوية منتهية الصلاحية وليس نسبة منها    عاجل - رئيس الوزراء: الحكومة تواصل تحسين التعليم    ماكرون يدعو إيران للعب دور إيجابي في تهدئة شاملة بالشرق الأوسط    أيتن عامر عن أزمتها مع طليقها : «الصمت أبلغ رد» (فيديو)    13 مليون جنيه إجمالي إيرادات فيلم عاشق بدور العرض السينمائي    تفاصيل الحلقة ال 8 من «برغم القانون».. إيمان العاصي تعرف حقيقة زوجها    بعد 10 سنوات من رحيل خالد صالح .. سر وصية دفنه يوم الجمعة وصلاة الجنازة ب عمرو بن العاص    الصحة اللبنانية: 15 شهيدًا في غارات إسرائيلية على الجنوب    فى ذكراه ال54، الحزب الناصرى يشكل وفدا لزيارة قبر الزعيم السبت المقبل    مدرب السد القطري: مباراة الغرافة ستكون صعبة للغاية    ميكالي يستقر على إقامة معسكر لمنتخب 2005 في التوقف الدولي المقبل (خاص)    «صحة المنوفية»: إدارة المتوطنة قدمت خدماتها ل20 ألفا و417 مواطنًا في مجالات الفحص والمكافحة    محافظ الوادي الجديد يوجه باتخاذ الإجراءات القانونية ضد الطلاب المتغيبين عن المدارس    وزير الأشغال اللبناني يؤكد استمرار العمل بمطار بيروت    عضو ب«الشيوخ»: جرائم الاحتلال الإسرائيلي في لبنان تشعل فتيل الصراع بالمنطقة    وزارة التموين تحصر أرصدة السكر المتبقية من البقالين    عملت وشم فشلت في إزالته هل صلاتي باطلة؟.. رد حاسم من داعية (فيديو)    بينها تجاوز السرعة واستخدام الهاتف.. تحرير 31 ألف مخالفة مرورية متنوعة خلال 24 ساعة    مع الاحتفاظ بالمصرية.. الداخلية تأذن ل21 مواطنًا التجنس بجنسية أجنبية    تتخطى مليار دولار.. شركة تابعة للسويدي إليكتريك تشارك في إنشاء محطة توليد كهرباء بالسعودية    مدير مركز القاهرة الدولي يقدم استخلاصات النسخة الرابعة من منتدى أسوان بقمة المستقبل    "بعد السوبر".. مصدر ليلا كورة: الزمالك يتفق مع الغيني جيفرسون كوستا    انعقاد الدورة الخامسة للجنة القنصلية المصرية – الإماراتية المشتركة بالقاهرة    حارس ليفربول: 5 أمور تحسنت في مستوى محمد صلاح تحت قيادة آرني سلوت    إمام عاشور يكشف مفاتيح الفوز على الزمالك ودور اللاعبين الكبار في تألقه    مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 25-9-2024 في محافظة البحيرة    تكريم الإنسانية    تعديل المخططات التفصيلية لقريتين في محافظة الدقهلية    القبض على عنصرين إحراميين يديران ورشة لتصنيع الأسلحة النارية بالقليوبية    خالد جلال يناقش خطة عروض البيت الفني للمسرح ل3 شهور مقبلة    ضبط 200 ألف علبة سجائر بقصد حجبها عن التداول بالغربية    خبير سياحي: الدولة تقدم خدمات متكاملة في مشروع «التجلي الأعظم»    كواليس الخلاف بين الولايات المتحدة وإسرائيل بسبب حزب الله    تشكيل ليفربول المتوقع.. 7 تغييرات.. وموقف صلاح أمام وست هام    هل هناك نسخ بالقرآن الكريم؟ أزهري يحسم الأمر    ما حكم قراءة سورة "يس" بنيَّة قضاء الحاجات وتيسير الأمور    تشيلسي يكتسح بارو بخماسية نظيفة ويتأهل لثمن نهائي كأس الرابطة الإنجليزية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصر منورة بالأهرام
نشر في الأهرام اليومي يوم 05 - 08 - 2011

‏‏ إلي الأن لا يستطيع أحد أن يعرف إذا ما كانت نية مؤسسي الاهرام هي البحث عن دور تنويري‏...‏أم أن الفكرة في الاساس لم تكن تتجاوز إنشاء صحيفة لها روح جديدة تعكس رؤية مؤسسيها‏.‏ فقد ولدت جريدة الاهرام في زمن كانت الحياة في بر مصر تتنفس الصبح وكان للحياة مظاهر متقدمة تدعو المجتمع إلي الانسجام مع المفردات المصرية والاحتفاء بها.ولهذا ولد مع الاهرام مجتمع متنور وأصبحا حقا علي الجريدة الوليدة ان تتابع تحركات الأفندية والمثقفين وكبار الشعراء والزجالين. وأما القصص المصري والرواية والمسرح الذي كانت تتيه به مصر في فترة الستينات فقد كان الاهرام حليفا لكل تحركاتهم التنويرية, وأصبحت جريدة الاهرام مع الزمن أشبه بفنجان قهوة معد في منزل مصري الملامح في حين أصبح كتاب الاهرام منذ زمن أحمد شوقي وحتي زمن زكي نجيب محمود ويوسف إدريس ود.بنت الشاطئ ضيوفا علي كل البيوت والمقاهي والشواطئ تماما مثل أغاني أم كلثوم التي كان من المنطقي سماعها في ساعة العصاري.
وإذا كانت هذه الكلمات تبدو لمن يقرأ وكأنها دستور في حركة الصحافة والثقافة المصرية لاجدال فيه, فإن تجربة خاصة خرجت من مطابع الاهرام عام1970 تعد إضافة أخري لكل هذه المعاني.
ففي زمن رئاسة الأستاذ محمد حسنين هيكل أحتفلت الاهرام بمرور ألف عام علي ميلاد مدينة القاهرة عام1969- تأسست القاهرة عام9691 ميلادية-, وهوالاحتفال الذي أعدت له الثقافة المصرية ممثلة في حقيبتها الوزارية العدة. فخرجت الكثير من الاعمال التي نذكر منها مسرحية لاستعراض تاريخ القاهرة كتبها العبقري صلاح جاهين استمتع بها ألاف المصريين الذين شاهدوا هذا العرض المسرحي الذي سجله التليفزيون ومازال يحتفظ به ضمن تسجيلاته النادرة.
أما جريدة الاهرام التي كانت قد انتقلت قبلها بعام واحد وتحديدا في عام1968 إلي مقرها بشارع الجلاء, فقد رأت أنه من المفيد المشاركة في هذه الاحتفالية وقامت بالفعل باستدعاء مجموعة من كبار الآثريين المصريين وعلي رأسهم د.حسن الباشا رئيس قسم الآثار الاسلامية بكلية الاداب جامعة القاهرة ويعاونه مجموعة من كبار الاساتذة ومنهم د. عبد الرحمن فهمي والاساتذة عبد الرءوف علي يوسف وحسين عبد الرحيم عليوة و محمد مصطفي نجيب لكتابة مجموعة من المقالات عن آثار مصر الاسلامية وفنونها, أجتمعت فيما بعد في صورة كتاب يحمل عنوان القاهرة: تاريخها وفنونها وآثارها.
وهذا الكتاب إن كان قد نجح في شئ فبالتأكيد في الرؤية التي ولدت علي صفحاته.
فكما يقول د. حسن الباشا في المقدمة..القاهرة مدينة عريقة ورثت مواقع مدن قديمة, واحتوت مدنا آخري أحدث ثم نمت وتطورت علي مدي الأيام. وقد أهتم كثير من العلماء بدراسة خطط القاهرة ونشأتها ومعالمها مثل ابن دقماق والمقريزي وعلي مبارك الذي أفرد للقاهرة وخططها وآثارها عدة أجزاء من كتابه.
وقد تضمن الكتاب أيضا الذي ضم الكثير من الرؤي والابحاث وصفا حضاريا لمدينة القاهرة و تتبع لتراث الفن والصناعة والعمارة والتجارة وأثر المرآة في فنون القاهرة وهو ما يثبت الدور التنويري لهذه المدينة منذ بدايتها, وحتي الجانب الترفيهي وإحتفالات رمضان وعيدي الفطر والأضحي ووفاء النيل وفتح الخليج والمحمل بكل جوانبها الشعبية والرسمية لم تغب.
أول الكلام:
ويبدأ الكتاب بتفاصيل فتح العرب لمصر ومعني الفسطاط كما جاء في رواية مؤرخين من أمثال ابن الحكم في مؤلفه فتوح مصر وأخبارها وابن دقماق وابن سعيد الاندلسي والقلقشندي والمقريزي والذي كان يعني الخيمة التي يقطنها العسكر بالاضافة إلي علي بهجت وكازنوافا وفريد شافعي لينتهي بتاريخ ضم العسكر للقاهرة وبناء سور يضم القاهرة والفسطاط في زمن صلاح الدين الايوبي.وبعدها يتعرض الكتاب لقصة تأسيس القاهرة كما كتبها كريسوبل مستعرضا تاريخ بناء أسوار القاهرة والقصر الشرقي الكبير في العصر الفاطمي والتخطيط للجامع الأزهر الشريف الذي يعتبر العماد الأكبر لشكل القاهرة الفاطمية منذ نشأتها الاولي.ويبدأ الكتاب في حل الالغاز القاهرية من خلال أحيائها صاحبة التاريخ والحكايات الأسطورية ومنها حي القاهرة القديمة حيث يتتبع حكاية وجود مغارة في مصر القديمة كانت تحمي السيد المسيح عليه السلام عندما لجأت العائلة المقدسة إلي مصر, كما يستعرض الكتاب تاريخ كنيسة أبي سرجة وحصن بابليون وجامع عمرو, ثم يتوقف عند حي الجمالية الشهير الذي ينسب وكما يقول د. عبد الرحمن فهمي إلي بدر الدين الجمالي وزير المستنصر بينما يذهب رأي أخر إلي أن الحي لم يعرف بهذا الاسم الا نسبة للأمير جمال الدين محمود الاستادار. والحي بشكل عام يضم نحو ثمانية عشر شياخة أهمها الجمالية وبرقوق وقصر الشوق والمشهد الحسيني وخان الخليلي والخرنفش وبين الصورين ويحمل الكثير من تاريخ المصريين.
وأما حي الحسينية فهو كما يؤكد عبد الرؤوف يوسف نقلا عن المقريزي لم يعمر الا في الدولة التركية المملوكية بعد هجرة الناس نتيجة لجحافل التتار. وقد بني أهم منشآت حي الحسينية السلطان الظاهر بيبرس, بينما خلدت الأزبكية والعهدة علي حسين عبد الرحيم عليوة اسم الأمير المملوكي أزبك الذي كان قائدا للجيش في زمن السلطان قايتباي.
ويعتبر حي بولاق من الاحياء القاهرية التي أمتد إليها العمران منذ العصر العثماني وخاصة في عصر السلطان المملوكي محمد بن قلاوون الذي شجع القاهريين علي البناء والتعمير.
رحلة إلي القاهرة
و لا يتوقف الكتاب عند حدود تاريخ الاحياء الذي لا يعرفه عدد كبير من المصريين بل يذهب في جزء آخر ليتوقف عند إنطباعات الرحالة المشهوريين إلي القاهرة ومنهم ناصر خسرو الرحالة الفارسي الايراني الذي جاء إلي مصر ليدون مشاهداته في كتابه سفرنامة وقد وصف القاهرة وقصورها وأبوابها وصناعاتها و أهمها الخزف والفخار في العصر الفاطمي. كما توقف عند البيوت والجوامع وهو ما حدث أيضا مع رحالة أخرين جاءوا من الغرب من أمثال أرنولد فون هارف الألماني في القرن السادس عشر الذي دخل إلي القاهرة في زمن السلطان الناصر محمد بن قايتباي ووصف أبواب وأسواق القاهرة و عدد شوارعها بأربعة وعشرين شارع وحارة منها أربع وعشرين شارعا رئيسيا يمتد أحدهما من المطرية ويمر بالقلعة.
ويعد الايطالي دومينيكو تريفيزانو هو الرحالة الثالث الذي يذكره الكتاب ويقال أنه عندما جاء إلي القاهرة كان في الاصل في مهمة رسمية بدليل استقبال السلطان قانصوه الغوري له في القلعة كسفارة سياسية أرسلتها جمهورية البندقية للمفاوضة معه حول بعض المسائل التي تهم البلدين. وقد بقيت الصورة المرسومة التي تمثل استقبال قانصوه الغوري له كأكبر دليل علي هذه الرحلة. وتقدم اللوحة دراسة مباشرة لملامح وأزياء القاهريين في ذلك العصر.
من ابن الدهان إلي سنقر:
و بعدها يوضح الفصل الرابع ملامح بعضا من الشخصيات البارزة من القاهرة ويبدأ بأبي القسم مسلم بن الدهان الذي يعتبر من أشهر خزافي العصر الفاطمي وقد عرف بإنتاج أوان من الخزف اللامع ذي البريق المعدني. وتمتاز زخارفه بالبساطة وحرية الحركة والجرأة في التنفيذ. ومن الرسوم الحيوانية المحببة له رسم الأرنب والغزال ويستخدم لخط الكوفي الجميل ويزخرف أطباقه بأشرطة تملؤها كتابات كوفية.
ويعتبر غيبي بن التوريزي واحدا من أشهر الخزافين في العصر المملوكي وفي عصره تأثر الخزف المصري بأشكال البورسلين الصيني. والثابت في هذا الزمن ان خزافين من إيران والعراق قد هاجروا إلي مصر فرارا من التتار حيث حظوا بتقدير من مصر الحلوة التي استقبلتهم وعاشوا بين أهلها وأصبح ابنائهم مع الزمن مصريين.
وأما بنو المعلم فهم أسرة مصرية كاملة أشتغل ابناؤها بالتصوير في العصر الفاطمي وبرعوا بشكل لم يتصوره أحد في حين أعتبر صانع مثل محمد بن سنقر أشهر صناع المعادن في القاهرة المملوكية.
وهناك تعددية لمنطق العمارة والتشييد عبر العصور الاسلامية ولهذا تختلف التفاصيل قبل وبعد عصر المماليك وفي العصر العثماني. وكما تختلف المآذن والاسواق والبيوت والوكالات والعمائر الحربية تختلف أيضا فنون الخط والتصوير والنحت والخزف والفخار و البلور الصخري والخشب والعاج لينتهي الباب الثالث والأخير بوصف لآثار القاهرة ممثلة في أشهر عمائرها مثل جامع عمرو وجامع ابن طولون والجامع الأزهر ومسجد الصالح طلائع وأسوار القاهرة وأبوابها وقلعة الجبل ومسجد المارداني ومدرسة خاير بك وكلها بنايات تستحق توقفا منفردا وحكيا خاصا وتأريخا مستقلا.
ومؤسس جامع عمرو هو القائد عمرو بن العاص الذي فتح مصر وتولي أمرها في زمن خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه ويعتبر الجامع هو الأقدم في قارة إفريقيا. وقد إختار موقعه علي الضفة الشرقية لنهر النيل في منطقة تبعد نحو مائة متر جنوب حصن بابليون. وهو الان لا يشتمل علي شئ من الجامع الأصلي القديم غير مساحة الأرض التي بني عليها. ويمثل جامع عمرو أقدم الطرز المعمارية لبناء المساجد وهو المشتق من عمارة الحرم النبوي الشريف وهو طراز الجامع الذي يتألف من صحن مربع أو مستطيل يحف به من جوانبه الأربعة أروقة أربعة أعمقها رواق القبلة.
وقد استوحي عمرو في تخطيطه وفي العلاقة بينه وبين داره مسجد الرسول صلي الله عليه وسلم وداره في المدينة المنورة. واشترك في تحديد قبلته ثمانون من الصحابة وقيل ثمانية ومع هذا فان قبلته منحرفة نحو الشرق عن الاتجاه الصحيح الا انه يجوز الابقاء علي هذا الوضع دون تعديل.
ويمكن إعتبار جامع ابن طولون هو ثالث المساجد الجامعة في مصر, وأولها بلا شك هو جامع عمرو وثانيهم هو جامع العسكر الذي بني في موضع بين جامع ابن طولون وضريح الجارحي وقد ظل موجودا إلي عام خمسمائة هجريا, ويقال ان ابن طولون قد انفق علي بناء الجامع من كنز عثر عليه بعد ان ضاق جامع العسكر بالناس.
وقد اختار ابن طولون منطقة جبل يشكر الذي ينسب إلي يشكر بن جزيلة من قبيلة لخم وقد اقام منزله في هذا المكان عند فتح مصر وأعتبر من الأماكن المباركة ويقال فيما يقال ان سيدما موسي عليه السلام قد ناجي ربه في هذا المكان وانه مكان معروف بإجابة الدعاء.
وأما مسجد الصالح طلائع فهو آخر مساجد العصر الفاطمي وبناه أبو الغارات الملقب بالصالح طلائع بن زريك ليدفن فيه رأس الإمام الحسين بن علي رضي الله عنه وأرضاه بعد إزدياد هجمات الفرنجة علي عسقلان الا أنه لم تتحقق له أمنيته ودفن الرأس بأحد القصور الفاطمية أو المشهد الحسيني الآن.وتعتبر القاهرة هي المدينة الاسلامية الوحيدة التي أقيم لها أسوار ثلاثة. وقد بني السورالأول باسم جوهر الصقلي ثم سمي السور الثاني باسم سور بدر الجمالي الذي كان أميرا للجيوش في زمن الخليفة المستنصر الفاطمي ثم سور بهاء الدين قراقوش في زمن الملك الناصر صلاح الدين الأيوبي. وقد كان الغرض الرئيسي الاول هو تأسيس مدينة ملكية محصنة ضد هجمات العباسيين والقرامطة. كما أن هناك غرضا أخرا في زمن التأسيس الأول وهو منع عامة الشعب من الاتصال بالقصور الملكية.ويعلق المؤرخ المقريزي علي إختيار مكان قلعة الجبل ان السبب ان صلاح الدين قد علق اللحم بالقاهرة فتغير الا في موضع القلعة فتعلق بعد يومين. وقد احاط صلاح الدين القلعة بخندق عظيم يفصل به القلعة عن جبل المقطم.
روائع فنية:
وفي ختام الكتاب ألتقط الباحثون عدة نماذج لروائع فنية من القاهرة مثل إبريق مروان بن محمد الشهير المصنوع من البرونز ويعد من أهم تحف المتحف الاسلامي والذي يبدو صنبوره علي هيئة ديك منتفش الريش والذي عثر عليه في مدينة أبوصير.
وباب الحاكم بأمر الله الذي انتقل من الجامع الأزهر الشريف إلي متحف الفن الاسلامي وهو من الخشب التركي ويتألف من مصراعين وعليه كتابات بالخط الكوفي, وشمعدان كتبغا الذي كان في الاصل داهية سياسية في عصر الملك الناصر محمد بن قلاوون وهو الذي اجلسه علي العرش ليتولي نيابة عنه السلطنة. والموجود الان في المتحف الاسلامي هو رقبته فقط.
وأما كرسي الناصر محمد فهو أحد الكراسي التي عرفت حديثا باسم كرسي العشاء وظهر في العصر المملوكي. وهذا الكرسي التحفة يحمل اسم السلطان المملوكي الناصر محمد بن قلاوون وصانعه هو محمدن سنقر البغدادي وهو في الاصل مصنوع لحمل صواني العشاء.
وفي النهاية يختتم الباحثون أوراقهم بتنويعات عن الآثاث والأدوات التي ظهرت في القاهرة ومنها المسكوكات والصنج والاوزان والسجاد والاسطرلاب ومطرقة الباب والمبخرة وكلها أدوات لها تميزها وهو ما أضافه إليها الصانع المصري الذي كان يري ان إتقان الصنعة والحرفة وتجويدها واجب ديني.
وهكذا فالقاهرة التي ولدت في العصور الاسلامية كانت شاهدة علي جزءبسيط من تاريخ بر مصر, وكان هذا الكتاب بكل تفاصيله التي تحاول الا تغفل صغيرة ولا كبيرة في تلك العصور وحتي المسكوكات وذكر تاريخ سيدات شهيرات في المجتمع القاهري والحلي وأدوات الزينة محاولة لرصد تاريخ مدينة امتدت وبلغت عزها في عصر الاسرة المالكة المصرية تحت اسم القاهرة الخديوية أو القاهرة التي حلم بها الخديوي إسماعيل.
وإن كانت تبقي كلمة أن هذا الجهد الكبير الذي حمله هذا الكتاب والذي كان في الأصل مجموعة من الأبحاث اعتبر محاولة خاصة قامت بها مؤسسة الاهرام لتقريب الآثار والحضارة المصرية إلي القارئ دون شطط أو إفتعال.
وقد كانت هذه هي المهمة التي كنا في البداية نسأل عنها ولابد عن نسأل عنها في كل وقت ومقام.. هل أختار الاهرام مهمته التنويرية أم أن حركة التنوير هي التي أختارته. وماذا من المفترض أن يقدم الاهرام إذا اراد متابعة هذه المهمة الجليلة والشاقة في الوقت ذاته؟!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.