د. محمد رضا عوض - مدير مركز الطب الطبيعي والروماتيزم بالعجوزة : هو محمد بن عبد الملك بن محمد بن طفيل القيسي الأندلسي أبو بكر والمعروف باسم(abubacer) وهو تحريف لأبي بكر ولد بمدينة( وادي أش) علي بعد40 ميلا في الشمال الغربي لغرناطه, درس الفلسفة والطب في غرناطه ويعتبر من أعظم فلاسفة الأندلس ورياضيها وأطبائها وشعرائها كما درس علي يد ابن باجه, وقد تقلب ابن طفيل في مناصب عده, فأشتغل في البداية كاتبا في ديوان والي غرناطة ثم في ديوان الأمير أبي سعيد بن عبد المؤمن حاكم طنجه, ثم أصبح وزيرا وطبيبا للسلطان الموحدي أبي يعقوب بن يوسف ويقال إن أبن طفيل كان له تأثير كبير علي الخليفة, وقد أستغل ذلك في جلب العلماء الي البلاط ونذكر منهم بصفة خاصة الفيلسوف والطبيب ابن رشد الذي قدمه ابن طفيل عندما تقدم به السن الي السلطان ليقوم بشرح كتب الفلسفة وليخلفه في عمله كطبيب, وقد ظل ابن طفيل في بلاط السلطان الي أن توفي بمراكش عام1185 عن87 عاما وحضر السلطان جنازته. أما عن إسهاماته في الطب فقد ذكر لسان الدين ابن الخطيب أن ابن طفيل ألف في الطب كتابا في مجلدين كما ذكر أبن أبي أصيبعه أنه كان بين أبن طفيل وأبن رشد مراجعات ومباحث في رسم الدواء جمعها ابن رشد في كتابه الكليات, كما كانت لإبن طفيل أرجوزه في الطب تتألف من7700 بيت وهي الآن توجد في خزانة جامع القرويين بفاس بالمملكة المغربية وله أيضا رسالة في النفس في الفلسفة. أما عن إسهاماته في الفلك فيقول الباحث ليون غوتيه في كتابه عن ابن طفيل أنه أوجد نظاما فلكيا ومباديء لحركاته غير تلك المبادئ التي وضعها بطليموس ويتساءل الباحث الفرنسي عن إحتمال أن تكون فرضيات ابن طفيل تشتمل علي بعض العناصر الأساسية من الإصلاح الفلكي العظيم الذي جاء به كوبر نيك وجاليليو بعد أربعة قرون ولقد ذكر البطروحي عالم الفلك الكبير أنه أخذ عن ابن طفيل قوله في الدوائر الداخلية في حركات الأفلاك. ومن أشهر ما ترك ابن طفيل هي قصة حيي بن يقظان, وقد صور ابن طفيل الإنسان الذي هو رمز العقل في صورة حيي بن يقظان و( يقظان) هو الله تعالي. والقصة باختصار هي أن حيي نشأ في جزيرة معزولة في حضن ظبية قامت علي تربيته وتأمين الغذاء له من لبنها وتدرج في المشي وأخذ يحكي أصوات الظباء ويقلد أصوات الطيور ويهتدي الي مثل أفعال الحيوانات بتقليد غرائزها وتعايش بينها وبينه حتي كبر وترعرع واستطاع بالملاحظة والفكر والتأمل أن يحصل علي غرائزه الإنسانية, واهتدي الي وجود خالق واحد بالفطرة وبالعقل وبدون أي تواصل مع أي أدمي أخر واهتدي الي عدم التشبه بالحيوانات في اهتمامها بالأكل والشرب والتكاثر فقط بل استطاع أن يهتدي الي عالم أخر روحاني يكون هو فيه بحضرة الله منعزلا عن ما حوله من ماديات ويتضح هنا تأثير الصوفية والفلسفة الأشراقية في فكر أبو طفيل. وقد عرفت هذه القصة في الغرب منذ القرن السابع عشر, وترجمت الي عدة لغات منها اللاتينية والعبرية والانجليزية والفرنسية والألمانية والهولندية. وتعرف هذه القصة أيضا باسم أسرار الحكمة الإشراقية