ما بين مئات الائتلافات والحركات السياسية التي ما انزل الله بها من سلطان واحزاب عبثية وشعب مطحون ومجلس عسكري يحاول ان يرضي الجميع تكاد مصر أن تضيع وأكاد أسمعها تصرخ أيا أبنائي ارحموني مما تفعلون بي. فمصر تمر في هذه اللحظة بالذات بأخطر مرحلة في تاريخها القديم والحديث. فلم يذكر التاريخ من قبل ان شعب مصر قد انقسم علي ذاته كما هو حادث اليوم. سبعة آلاف عام هي عمر مصر لم تشهد خلالها حروبا اهلية أو تطاحنا بين افراد الشعب كما هو الحال الآن. فلقد انفرط عقد المصريين إلي ائتلافات واحزاب وحركات.. بل ان الحزب الواحد بل أو أفراد الأسرة الواحدة قد انقسموا علي ذواتهم فأصبح الآباء في واد والأبناء في واد وباتت مصر مشتعلة بنار يؤجج لهيبها اعلام غير مسئول في اغلبه يجري وراء اقتناص اللحظة والخبر, بل ويزايد عليه حتي يصبح اكثر سخونة واثارة طمعا في حجم اكبر من المشاهدات ومن ثم الاعلانات والدولارات. ما هو المصير وما هي النهاية لكل ما يجري سؤال يطرح في كل لحظة علي ألسن كل فرد من افراد الشعب محاولين فك طلاسم اللغز الغامض الذي تدور احداثه علي أرض الكنانة منذ الخامس والعشرون من يناير. وما يجعله لغزا محيرا ان جميع الاطراف المشتركة في الوضع الذي اصبحنا عليه غير واضحة الاهداف والمآرب بل والهوية ايضا وأستثني المجلس العسكري لثقتي الشديدة في خير اجناد الأرض وفي اخلاصهم وعشقهم لتراب مصر الغالي. القوي المتصارعة في المشهد السياسي ما بين الاخوان والسلفيين والليبراليين والمعتدلين من المصريين وأثق انهم الاغلبية تنبيء باحتمالية نشوب حرب اهلية ليست ببعيدة عن مصر ابدا خاصة مع تمسك كل بموقفه في تطرف بالغ الوضوح. المشهد الآن خطير ومحير... كيف سينتهي هذا الحال سؤال يصعب الإجابة عليه حتي من أكثر المحللين السياسيين براعة وخبرة ولكننا سنحاول تصوره معا. في رأيي ان الوضع الذي تعيشه مصرنا الغالية سينتهي باحد سيناريوهات ثلاثة تتأرجح ما بين منتهي التفاؤل الي منتهي التشاؤم. وقبل ان نطرحها دعنا نتأمل عن كثب دراما الحياة السياسية في مصر الآن واطرافها المختلفة. فالحركات السياسية والائتلافات المعتصمة في التحرير تأبي أن تغادره وان تفض الاعتصامات كشباب6 إبريل وكفاية وائتلاف شباب الثورة بل وتتعمد التصعيد والمواجهة مع الجيش والمجلس العسكري بجرأة شديدة تجعلك تتساءل عن ماهية هذه الجرأة واسبابها, يفعلون ذلك ايمانا منهم ان الثبات في الأرض هو الضمان الوحيد لتحقيق مطالبهم ولهم كل الحق في ذلك ماداموا ينالوا بعضا مما يطلبون كلما نظموا مليونية. والمشكلة الحقيقية لهؤلاء اننا لا نعرف بالضبط مطالبهم المحددة فكلما حققنا لهم مطلبا تكون ردة فعلهم في تصريحين لا يتغيران ابدا.. نعود إلي السيناريوهات الثلاث. الأول وهو الأكثر تفاؤلا وان كان للأسف الأبعد ان يحدث, هو ان يمتثل الجميع إلي صوت العقل ويعلوا مصلحة الوطن عن أي شيء آخر. السيناريو الثاني وهو الاسوأ والأكثر تشاؤما اذا ثار الشعب بعضه علي بعضه فتدخل مصر في مطحنة الحرب الأهلية أو حرب العصابات والتي من المؤكد ستؤدي إلي كارثة محققة وتدفع بمصر إلي طريق الضياع والهاوية. السيناريو الثالث هو ان يقوم الجيش بالسيطرة علي البلاد وفرض احكام رادعة علي البلطجة في كل الأحوال علي المصريين ان يعرفوا ان بلادهم هي مطمع للكثيرين الذين لا يريدون لها الخير بل ان هناك من يدفع بأن هناك مخططا فعليا لتقديم مصر إلي4 بلاد وهي الكارثة اذا سارت الأمور في اتجاه الحرب الأهلية لا قدر الله. حفظ الله مصرنا من كل الشرور المحيطة بها داخليا وخارجيا واخرجها لنا من هذه المحنة منصورة أبية.